جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-30@23:15:07 GMT

اليوم العالمي لمحو الأمية

تاريخ النشر: 7th, September 2024 GMT

اليوم العالمي لمحو الأمية

 

د. حامد بن عبدالله البلوشي

[email protected]

لا ريبَ أنَّ العلم هو النور الذي يضيء العقول، ويبيد ظلام الجهل، وهو الدواء لسموم الخرافات، وكما قال الأولون؛ فإنَّ كل عز لم يُؤيد بالعلم فإلى الذل يصير، إنه الحبل المتين الذي نتمسك به فنخرج من بئر الأمية إلى فضاءات المعرفة، وهو السلاح الذي يُقاوم الظلم والتهميش، وهو المعول الذي نُحطم به سجن الجهل الذي يُعيق الإنسان عن رؤية جمال الحياة وعظمتها، وهو الخريطة التي نرسم عليها آمال مستقبل مشرق لأجيال تستحق.

وقد اهتم ديننا الحنيف بالعلم والتعليم أيما اهتمام، ولم يكن عجيبًا أن تكون أوَّل آية نزلت على رسولنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- تدعو إلى العلم والقراءة، فقال سبحانه وتعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، فهي رحلة مُمتدة في حياة المُسلم، لا تعرف حدودًا، ولا يوقفها زمان أو مكان، ولا تعرف فرقًا بين صغير وكبير، أو بين رجل وامرأة، فقال صلى الله عليه وسلم: "طلبُ العِلمِ فريضةٌ على كلِّ مُسلمٍ". وإذا كانت مُهمة المسلم الأولى في هذه الحياة هي عبادة الله وحده، ودعوة النَّاس إلى توحيده سبحانه وتعالى، فإن ذلك لا يكون عن طريق الجهل، بل إنِّه يتم على بصيرة وعلم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، وإذا كان الإسلام قد نزل على قوم يتفاخرون باللغة والشعر، ويحتفون بالشعراء والأدباء، فإنَّ الإسلام قد اهتم ببناء المجتمع المعرفي منذ بزوغ فجره، فحرص على انتشار القراءة والكتابة، ومحو الأمية، وليس أدلَّ على ذلك من جعل فداء بعض أسرى بدر من المُشركين هو تعليم 10 من الصحابة أو أبناء الصحابة القراءة والكتابة. وقد شهدت الحضارة الإسلامية على امتداد رقعتها شرقاً وغرباً نهضة علمية كبرى، ومسيرة معرفية ضخمة، فأنشئت المراكز العلمية، والمؤسسات البحثية، والمكتبات الثقافية، وقد عرفت الحضارة الإسلامية أنواعًا متعددة من المكتبات، فانتشرت في جميع أرجاء الدولة الإسلامية، وكان منها مكتبات قصور الخلفاء، ومكتبات المدارس، والكتاتيب، والجوامع، وعواصم الإمارات، فرأينا مكتبة بغداد (بيت الحكمة) شرقًا، ومكتبة القاهرة (دار الحكمة) في قلب العالم الإسلامي، ومكتبة قرطبة غربًا، والتي شهدت تدفق الباحثين والمتعلمين من شتى بقاع العالم، لينهلوا من ذلك المَعين الذي لا ينضب.

وقد اعتنت سلطنة عُمان بالعلم والعلماء على مر العصور، وحملت مسؤوليتها في مكافحة الأمية والجهل، ونشر العلم والمعرفة في كل شبر من أرضها الطيبة، ورحم الله السُّلطان قابوس حين جعل من العلمِ أول لبنة لبناء عُمان الحديثة، وجعل من العلمِ مشكاةً تضيء طريق عُمان المتطورة؛ ففي أوَّل خطاباته -رحمه الله- كان يحث على أهمية العلم والتعلم. وقد بدأت رحلة السلطنة الحديثة نحو القضاء على الأمية والجهل مع بدايات سبعينيات القرن الماضي، وتوالت الإنجازات على مدى 54 عامًا من مسيرة النهضة الحديثة، وحتى عهدها المُتجدد الذي نعيش في ظلاله اليوم.

ولقد أدرك العالم أهمية الاصطفاف من أجل القضاء على الأمية، ومواجهة التحدي الكبير نحو عالم أفضل، فتبنت الأمم المُتحدة منذ عام 1966م الجهود الرامية إلى التخلص من الأمية، فخصصت الثامن من شهر سبتمبر سنويًّا؛ يومًا عالمياً للقضاء على الأمية، كتذكير للشعوب بأهمية مُكافحة الأمية كواحدة من قضايا الكرامة وحقوق الإنسان، ونشر الوعي والمعرفة، ومساعدة الأفراد للحصول على فرص عمل، وتحسين وضعهم المعيشي، وتمكين الأفراد والمجتمعات للوصول إلى التنمية المستدامة.

إنَّ الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية يأتي هذا العام ليكون تجسيدًا لجهود السلطنة في القضاء على الأمية بكل أنواعها، سواء كانت أمية تقليدية، أو أمية معلوماتية ومعرفية، ونشر العلم، وليشهد ذلك الجهد، وتلك الحملة المباركة؛ مشاركة مجتمعية رائعة من كل فئات المجتمع، فالمواطن العماني هو الشريك الأصيل في تلك المسيرة التعليمية المباركة.

وتبذل وزارة التربية والتعليم جهودا جبارة للقضاء على الأمية، وذلك بالشراكة بين المؤسّسات الحكومية ومؤسّسات وشركات القطاع الخاص والمُجتمع المدني، مع تواصل الجهود للانتقال بالمفهوم الضيِّق لمحو الأمية من مجرد المعرفة بالقراءة والكتابة؛ إلى مفهوم أوسع وأشمل وهو التعليم المستمر، والتعلم مدى الحياة، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، والمساهمة في بناء الوطن ورقيه وازدهاره، لتحقيق رؤية عمان 2040، كما تسعى الوزارة إلى الالتزام بتنفيذ بنود وتوصيات العقد العربي لمحو الأمية (2015/ 2024)، والذي أقرته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بأن تصبح الدول الأعضاء في هذا العقد خالية من الأمية عام 2024.

ختامًا.. ندعو الله أن يبارك تلك الجهود الحثيثة من كل المكونات العمانية؛ قيادة وشعبًا، لتخطي حاجز الأمية، وتحطيم ذلك العائق؛ استنادًا إلى رؤية ثاقبة، وسلوك قويم، وعمل دؤوب، ومشاركة فاعلة، وتعاون مثمر، وتكاتف بنّاء، لتوفير التعليم للجميع، في طريق مستقبل مشرق.

** مدير عام شبكة الباحثين العرب في مجال المسؤولية الاجتماعية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مكة المكرمة.. تفعيل اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص

فعّل تجمع مكة المكرمة الصحي اليوم فعاليات اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، تحت شعار: “معًا لمكافحة الاتجار بالأشخاص”، وذلك بحضور نخبة من الرؤساء التنفيذيين وممثلي الجهات العدلية والأمنية والحكومية والأهلية، في تأكيد على التزامه الراسخ بحماية كرامة الإنسان، والتصدي لجميع أشكال الاستغلال والانتهاك.
وأكد التجمع أن مفهوم “الصحة الشاملة” لا يقتصر على توفير الخدمات الطبية، بل يمتد ليشمل تعزيز السلامة النفسية والاجتماعية، معتبرًا المناسبة محطة محورية لتعزيز الشراكات العابرة للقطاعات، والعمل على خلق بيئة صحية وآمنة، خالية من أي ممارسات تنتهك حقوق الإنسان أو تمس كرامته.
أخبار متعلقة خادم الحرمين وولي العهد يتلقيان رسالتين خطيتين من رئيس أذربيجاندون تأثيرات.. زلزال بقوة 4.68 درجة جنوب البحر الأحمر غرب جازانوشهدت الفعالية حضورًا وتفاعلًا واسعًا من الجهات الشريكة، بما يجسد المسار الوطني المتكامل نحو رفع الوعي المجتمعي، وتمكين الكوادر في القطاعين الصحي والاجتماعي، وتعزيز قدرات الوقاية والتدخل والحماية، ضمن إطار مؤسسي يرتكز على التشاركية والمسؤولية الجماعية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } تفعيل اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص في مكة مكافحة الاتجار بالأشخاصوشارك في الفعالية عدد من الجهات الوطنية الفاعلة، شملت هيئة حقوق الإنسان، النيابة العامة (دائرة مكافحة الاتجار بالأشخاص)، شرطة العاصمة المقدسة، وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، الإدارة العامة للتعليم بمنطقة مكة المكرمة، جمعية يسر الأسرية، جمعية مودة، وجمعية عبور إنسان لمكافحة الاتجار بالأشخاص، في مشهد يعكس تناغم الجهود وتكامل الأدوار بين القطاعات الرسمية والمجتمعية.
وجدد تجمع مكة المكرمة الصحي التزامه الكامل بدعم الجهود الوطنية في مكافحة جريمة الاتجار بالأشخاص، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان ضمن منظومة الرعاية الصحية، بما ينسجم مع الخطة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، ويتوافق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تضع الإنسان في قلب التنمية، وتؤكد أن كرامته “خط أحمر لا يُمس”.

مقالات مشابهة

  • في حضرة الصمت العالمي: جريمة سعودية جديدة على الحدود… والشاهد جثة متفحمة
  • اليمن يُحيي اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر
  • بعد زلزال روسيا والتسونامي الذي ضرب عدداً من البلدان... هذا ما كشفه خبير جيولوجي عن لبنان
  • في اليوم العالمي للصداقة.. كيف تختار صديقا وفيا؟ فيديو
  • أستاذ بالأزهر: محاولات تحويل الغضب العالمي من إسرائيل إلى مصر وقاحة غير مسبوقة
  • الصيام المتقطع… بين العلم والتجربة
  • مكة المكرمة.. تفعيل اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص
  • اليوم العالمي لأحمر الشفاه
  • الحمد لله الذي جعلنا يمنيين
  • ما معنى قهر الرجال الذي استعاذ منه النبي؟.. الإفتاء تجيب