أي حيثيات وراء تعديل بري لمبادرته واثارة قانون الانتخاب؟
تاريخ النشر: 9th, September 2024 GMT
كتبت سابين عويس في" النهار": في خطابه في ذكرى تغييب الإمام الصدر، بقيت مبادرة الرئيس نبيه بري الحوارية ضمن قواعدها السابقة. وهو وان اعاد احياءها، فقد فعل على قاعدة الحوار أولاً ومن ثم الانتخاب. رمى في حينه الكرة في ملعب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع عندما قال بأن الثنائي الذي يمثله إلى جانب "حزب الله" يملك ٨٦ صوتاً نيابياً يؤمنون النصاب الدستوري للانتخاب، لكنه، اي بري، لن يتجاوز الكتلة المسيحية الأكبر التي يمثلها جعجع.
لكن لفت اخيراً ان تبادل الرسائل هذا جاء على وقع ديبلوماسي خارجي جديد في اتجاه تحريك الملف الرئاسي من خلال لقاء الرياض التي زارها الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان. والجديد في هذا الحراك لم يكن فرنسياً، بل سعودياً بعدما لمس بري تغيراً في الموقف السعودي، وقراراً بالتحرك. وهو ما لمسه ايضاً خلال لقائه السفير السعودي وليد البخاري الذي جاءه زائرا قبل توجهه إلى المملكة.
ولم تمض ايام قليلة على خطابه حتى اعاد بري صياغة مبادرته، مع اصرار على ابقاء الضوء مسلطاً على ما اعتبره خطأ "القوات اللبنانية" بعدم تلقف التعديل المستجد! وهو ذهب ابعد بقوله ان القوات المعترضة على المشاركة في الحوار، لم تتلقف التعديل الطارئ على مبادرته.لم تعد المبادرة قائمة على جلسات بدورات متتالية، بل أصبحت جلسة واحدة بتلك الدورات لا تتوقف حتى انتخاب رئيس. ولم تعد مهلتها أسبوعاً بل أصبحت اقل من خمسة ايام. في رأيه، التعديل مهم جداً وأساسي، ويلاقي مطلب "القوات". حتى جلسة الحوار التي اقترحها قبل الانتخاب انسحب عليها التعديل، اذ اياً تكن نتائجها، تفاهماً على رئيس او لا، سيفتح المجلس لجلسة واحدة لا تنتهي دوراتها إلا بانتخاب رئيس، على غرار ما يحصل في الفاتيكان عند انتخاب البابا!
ويبدو بري مستغرباً عدم تلقف "القوات" الطرح "الجديد" كما يعتبره ، او ترد عليه.
والواقع ان الأوساط القواتية امتنعت عن الرد بعدما رأت ان الموقف الجديد يأتي "نقيضاً فاضحاً وصارخاً لما أعلنه في خطاب الصدر"، متساءلة عما إذا كان الموقف المستجد مسايرة لتحرك اللجنة الخماسية او محاولة لمقايضة الرئاسة بملف الجنوب في ظل مخاوف كبيرة لدى الثنائي مما تعده إسرائيل للبنان. مضيفة ان لا مشكلة لدى "القوات" في تراجع بري عن موقفه،خصوصاً إذا ما كان هذا التراجع يهدف إلى إطلاق المسار الدستوري للانتخاب، داعية رئيس المجلس إلى الاقلاع عن المناورات والتظلل بالدستور والدعوة إلى جلسة الانتخاب، لأن كل ما عدا ذلك يبقى ضمن المسار الانقلابي المعطل للحياة الدستورية والمسار الديموقراطي.
وكما في ملف كذلك في ملف الانتخابات النيابية الذي لمح اليه بري مبكراً ايضاً. ومصادره ترى في ذلك خشية لديه على الانتخابات إذا استمر تعطل انتخاب الرئيس. فقانون الانتخاب لن يكون في رأيه، صالحاً للتطبيق بما ان البند المتصل بنواب الاغتراب لم يبت بعد!
فما الذي يسعى اليه بري من مناوراته الجديدة-القديمة؟
في بعض الأوساط السياسية من يقرأ بطروحات بري الانتخابية تسلية او تقطيع وقت، على قاعدة ان بري، وهو السياسي المخضرم يدرك ان طرح قانون الانتخاب ليس في وقته اليوم، وان الاولوية يجب ان تبدأ من انتخاب الرئيس والالتفات إلى الاولويات الملحة الاخرى في الامن والاقتصاد. اما في أوساطه، فالتفسير ينطلق من ان رئيس المجلس قلق من احتمالات استمرار الشغور الرئاسي لفترة اطول بعد، حيث تصبح البلاد على مسافة اشهر قليلة من موعد الانتخابات النيابية، ولم يتم العمل على اقرار قانون جديد او على الاقل اقرار تشريع حول البند المتصل بانتخاب المغتربين، اي تطبيق المادة 122 من القانون التي عُلق تطبيقها في الدورة الانتخابية الماضية، على ان تكون في صلب تطبيق القانون في الدورة المقبلة والا سيكون على المجلس النيابي اقرار قانون امًا لتعليق المادة مرة جديدة، او تعديلها بعدما تحولت إلى مادة اشكالية في ظل الخلافات والتباينات حول آلية تطبيقها. ذلك ان هذه المادة تقضي توزع المقاعد بالتساوي على القارات الست بين المسيحيين والمسلمين، ويتم الاقتراع في هذه القارات على أساس النظام النسبي ودائرة انتخابية واحدة قبل 15 يوماً من الموعد المحدد للانتخابات في لبنان والإشكاليات المطروحة تتصل بكيفية تحديد المقاعد الستة ما قد يثير انقسامات لدى المغتربين وامام الحكومة في تحديد اي طائفة لأي مقعد، ووفقاً لأي معايير، ومدى تأثير المال والنفوذ السياسي الخارج عن قدرة الداخل على ضبطه او السيطرة عليه. فضلا. عن اشكالية تحديد دور النواب المنتخبين في الخارج في التشريع والتمثيل.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هل يتمكن رئيس وزراء إسبانيا من التغلب على الفضائح التي تهدده؟
هرب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من أزمة الفيضانات، والتزم الصمت بشأن انقطاع الكهرباء، وهو غارق في مزاعم "الحيل القذرة" ومؤامرة تفجير قنبلة وهمية، ويواجه الآن احتجاجات في مدريد، فهل ينجو من كل ذلك؟
بدا لافتا مشهد هروب سانشيز من بلدة دمرتها الفيضانات التي ضربت جنوب شرق إسبانيا أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأودت بحياة أكثر من 220 شخصا، فضلا عن خسائر مادية كبيرة، بعد أن رشقه السكان الغاضبون بالطين والحجارة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رئيس وزراء إسبانيا يطلب من مواطنيه الصفح على خلفية فضيحة فساد جديدةlist 2 of 2توقيف وزير الاقتصاد اللبناني السابق بشبهات فسادend of listلم تُكلل جهود سانشيز أو حزبه (العمال الاشتراكي) بالنجاح في التعامل مع الكارثة. وظل الاتصال برئيس حكومة إقليم فالنسيا عن الحزب، كارلوس مازون، متعذرا لوقت طويل خلال الساعات الأولى الحاسمة من الأزمة التي وُصفت بـ"فيضانات القرن". ويقول خبراء إن أرواحا كثيرة كانت ستُنقذ لو أن السلطات الإسبانية أصدرت تحذيرات في الوقت المناسب.
ولاحقا، تكرر "هروب" سانشيز، بل طال لأكثر من 40 يوما، إذ تغيّب رئيس الوزراء عن البرلمان، متجنبا التدقيق العام بشأن انقطاع الكهرباء الذي شلّ شبه الجزيرة الإيبيرية.
كما تهرب من أسئلة حول فضيحة "الحيل القذرة" المتنامية التي تورط فيها أحد أعضاء الحزب، والذي سعى للحصول على أدلة تدين وحدة الشرطة التي تحقق مع زوجة سانشيز وشقيقه ومساعده الأيمن السابق بتهمة الفساد، وفقا للتقارير.
وفي واقعة أخرى، اتهمت الحكومة "زورا" ضابط شرطة من الوحدة بالتخطيط لوضع قنبلة تحت سيارة سانشيز.
إعلانوفي حين قالت الحكومة الإسبانية إنها تعاني من حرب قانونية وحملة تشويه، فإن سانشيز -الذي تولى السلطة منذ عام 2018- يواجه أسوأ أزمة له حتى الآن، بحسب تقرير موسع نشرته صحيفة التايمز البريطانية.
وتجمع عشرات الآلاف من المتظاهرين -الأحد الماضي- في وسط العاصمة الإسبانية مدريد تحت شعار "المافيا أو الديمقراطية".
ودعا زعيم المعارضة المحافظ ألبرتو نونيز فيغو، سانشيز إلى "الاستسلام للديمقراطية"، وخاطبه قائلا: "ادع إلى انتخابات، نريدها الآن".
أما رئيسة الحكومة المحلية المحافظة في مدريد إيزابيل أيوسو، فخاطبت الحشد: "آخر شيء تحتاجه إسبانيا هو حكومة فاسدة بلا مبادئ أو حب لأمتها.. مع المزيد من الفساد للتغطية على الفساد".
وقدّر حزب الشعب المعارض عدد المشاركين في المظاهرة بـ100 ألف شخص، بينما قدّرت الحكومة العدد بـ50 ألفا. وهتف المتظاهرون "سانشيز، استقل".
وبالتوازي مع ذلك، يطالب حزب "سومار" اليساري -الشريك الرئيسي لسانشيز في ائتلافه الحكومي الهش- بتقديم تفسيرات في ظل ظهور بوادر تمرد في صفوفه. ودعا إميليانو غارسيا بيج، الرئيس الاشتراكي لحكومة منطقة كاستيا-لا مانشا، إلى إجراء انتخابات مبكرة بدلا من تلك المقررة في 2027.
وتحدثت وسائل الإعلام الإسبانية عن صحفية وعضو بارز في الحزب العمال الاشتراكي تُدعى ليري دييز، وتزعم أنها تدير حملة للعثور على "معلومات قذرة" حول وحدة مكافحة الفساد التابعة للشرطة المدنية (يو سي أو). أما هي فأطلقت على هذه الوحدة اسم "السباك" بسبب بحثها في "مجاري" السياسة الإسبانية.
ويدور حديث حول تسجيلات تُظهر دييز وهي تطلب من رجال أعمال مواد لتشويه سمعة أنطونيو بالاس، الضابط المسؤول عن وحدة مكافحة الفساد، وهو المسؤول أيضا عن التحقيقات مع زوجة سانشيز وشقيقه، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بالمدعي العام والساعد الأيمن السابق لرئيس الوزراء، خوسيه لويس أبالوس.
إعلانونفت دييز هذه الاتهامات، مدعية أنها كانت تقوم بـ"صحافة استقصائية". كما نفى الحزب مسؤوليته عن أفعالها، لكنه استغرق قرابة أسبوع لفتح تحقيق داخلي، بعد ضغوط شعبية.
ولاحقا وتحديدا في 29 مايو/أيار، رفع الحزب دعوى قضائية ضدها عقب نشر تسجيل صوتي تكشف فيه معلومات مسيئة للمقدم أنطونيو بالاس، مقابل حصولها على مزايا قانونية لأحد المدعى عليهم.
وفي مؤتمر صحفي عقدته دييز، أدلت ببيان مقتضب، ولم تتلق أي أسئلة، وسادت الفوضى عندما هاجمها أحد المشتبه بهم الرئيسيين في قضية أبالوس لفظيا، وأقسم أنه سيُسقط سانشيز.
قنبلة وهمية وتسجيلات ساونا سريةزاد رد الحكومة على الفضيحة من تشويه سمعتها. واتهم 3 وزراء كبار "زورا" ضابط شرطة بالتخطيط لوضع قنبلة تحت سيارة سانشيز. واستند الاتهام إلى تقرير "أخبار كاذبة" سرعان ما ثبت زيفها. ورفض الوزراء سحب هذا الادعاء رغم أن هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية نشرت تقريرا يعترف بزيفها.
وزعمت التقارير -منذ ذلك الحين- أن التسجيلات أجريت في حمامات البخار المملوكة لوالد زوجة سانشيز على أمل العثور على معلومات تضر بأولئك الذين يحققون مع حاشيته.
ومن المقرر أن يمثل ديفيد سانشيز، شقيق رئيس الوزراء، للمحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة تتعلق بإساءة استخدام الأموال العامة واستغلال النفوذ بسبب مخالفات مزعومة في إنشاء وظيفة حكومية له.
كما تخضع بيغونيا غوميز، زوجة رئيس الوزراء، للتحقيق بتهم الفساد واستغلال النفوذ.
ويخضع وزير النقل السابق خوسيه لويس أبالوس للتحقيق بتهمة قبول رشاوى لعقود شراء أقنعة ومستلزمات طبية أخرى خلال جائحة (كوفيد-19). وينفي جميعهم هذه الاتهامات.
ومما يزيد من معاناة سانشيز أن المحكمة العليا ستُحاكم المدعي العام بتهمة تسريب معلومات سرية في قضية احتيال ضريبي.
إعلانفي الماضي، أثبت سانشيز مراوغته. وهدد بالاستقالة من رئاسة الوزراء عندما أُعلن عن أول تحقيق ضد زوجته العام الماضي، منسحبا من مهامه لمدة 5 أيام. وبعد عودته، صرّح بأنه لن يكتفي بمواصلة عمله، بل سيطلق حملة "تجديد ديمقراطي" تُركّز على قمع وسائل الإعلام التي يقول إنها تنشر أخبارا كاذبة.
ولكن كثيرين قد يقولون إن الديمقراطية في إسبانيا عانت منذ ذلك الحين تراجعا كبيرا، وإن سانشيز -استنادا إلى الأدلة الحالية- أصبح خارج المسار.
ورغم هذه الاتهامات والتحقيقات، يستبعد سانشيز إمكانية إجراء انتخابات عامة مبكرة، وقال إن الانتخابات المقبلة ستجرى كما هو مخطط لها في عام 2027.
لكن سانشيز طلب الصفح من مواطنيه. وقال سانشيز للصحفيين -الخميس الماضي- وقد بدت عليه الصدمة بشكل واضح "أعتذر للمواطنين" معترفا بأن المعلومات الجديدة التي تم الكشف عنها أثارت فيه "غضبا عارما وحزنا عميقا". فهل يصفح الإسبان عن رئيس وزرائهم؟