موقع 24:
2025-05-11@11:24:48 GMT

إفريقيا.. الثروة والدم

تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT

إفريقيا.. الثروة والدم

أوروبا عليها أن تعلم أن رعاية مصالحها لا يجب أن تتم على حساب مصالح المواطنين الأفارقة




غينيا، وبوركينا فاسو وإفريقيا الوسطى ومالي والسودان وأخيراً وليس آخراً النيجر، انقلابات عسكرية يقودها شباب من الضباط العسكريين، يشتركون في عدائهم للغرب عموماً، ولفرنسا على وجه الخصوص، ويعلنون تحالفات استراتيجية جديدة مع عدو الغرب الأول؛ وهو روسيا.

فهل هي مجرّد حركات معزولة أم أنها إعلان عن تحولات جديدة في قارّة تتنازعها صراعات الثروة والدم؟


هذه الانقلابات تعيد القارة الغنية إلى زمن الانقلابات العسكرية والصراعات الدموية في عقود السبعينات والثمانينات من القرن الماضي والتي كانت تعبر عن ثورات، وثورات مضادة تقودها المخابرات الغربية من أجل تنصيب حكام يرعون مصالحها، ويحافظون على تدفق المواد الثمينة من مناجم إفريقيا الغنية إلى خزائن الدول الأوروبية والشركات العابرة للقارات. وقد نجحت الدول الغربية في فرض نوع جديد من الاستعمار غير المباشر الذي ضمن لها استدامة مصالحها على مدى عقود من الزمان، مقابل فُتات اقتصادي، تتحكم فيها منظومة اقتصادية ومالية، فرضتها فرنسا خاصة على مستعمراتها القديمة. غير أن هذا الوضع لم يعد مسموحاً به، فهناك شباب متعلم ومتحكم في التكنولوجيا، ويؤمن بقدرات إفريقيا على الخروج من موقع القارة المستضعفة، وهذه الرؤية قديمة نسبياً، لكنها لم تنجح في تحقيق الاستقلال الإفريقي التام. وهنا نذكر محاولات الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر وقادة أفارقة من أجل التحرر التام من نير الاستعمار، واستثمار موارد القارة من طرف أبنائها. ولقد نجح عبد الناصر في الإسهام في حركة التحرر الإفريقي، وإذا كان عدد الدول المحررة قبل قيام ثورة 23 يوليو/ تموز هو 4 دول فقط، فإنه بفضل الجهود المصرية، أصبحت 30 دولة في عام 1963، شكلت نواة منظمة الوحدة الإفريقية التي اتخذت من أديس أبابا مقراً لها. هذا النفس التحرري يعود اليوم وبقوة في بعض الدول الإفريقية التي تعلن صراحة عدم رغبتها في استمرار سياسة الوصاية الفرنسية والأوروبية على القارة السمراء. فقبل أسابيع قليلة وقعت مشادة بين رئيس الكونغو والرئيس الفرنسي ماكرون خلال مؤتمر صحفي؛ حيث قال موجهاً خطابه لماكرون: «يجب أن تتغير طريقة التعاون بين فرنسا وأوروبا عامة والكونغو الديمقراطية.. انظروا إلينا بطريقة أخرى باحترام كشريك حقيقي، وليس بنظرة أبوية وإملاءات».
 ولا يختلف موقف رئيس حكومة مالي عن هذا الرأي حينما قال: إنه «يميز بوضوح بين الشعب الفرنسي والسلطات الفرنسية الحالية التي لها حنين إلى الظلامية، والعودة إلى الممارسات الاستعمارية، المتعالية والأبوية الانتقامية». والحقيقة أن نبرة التمرد على الوصاية الأوروبية تجد رواجاً لها لدى الشعوب الإفريقية التي باتت أكثر تعلماً وانفتاحاً ودفاعاً عن موارد القارة الغنية. وعلى هذا الأساس، تجد هذه الانقلابات العسكرية قبولاً شعبياً، خاصة عندما يقع الإعلان عن طرد بعثة أوروبية. غير أن هذا الوضع ينبئ بأن الصراع على القارة الغنية، بلغ مرحلة شديدة الخطورة؛ فإعلان التمرد على الوصاية الاستعمارية لن يُقبل في دوائر القرار الغربية، وسيتم العمل على خلق نزاعات دموية، لأن الثروات الكبرى في إفريقيا، تستوجب صراعاً بحجم أهميتها، هذا أولاً، وثانياً لأن التمرد على الغرب يتزامن مع ميل إفريقي لمحور روسيا- الصين، الجاذب للشعوب الإفريقية تقليدياً وواقعياً من خلال مساعدات ضخمة مالية وعسكرية وغذائية ومن خلال استثمارات تحقق نسب نمو قوية. ومن الطبيعي ألا يترك أصحاب المصالح القديمة مواقعهم لحلفاء إفريقيا الجدد هكذا وبصفة مجانية. إن الانقلابات، والانقلابات المضادة، ستكون عنوان مرحلة جديدة في إفريقيا، وستؤذي هذه الصراعات الملايين من الأشخاص الذين سيجنحون للنزوح والهجرة، بحثاً عن مواقع أكثر أمناً.

أوروبا عليها أن تعلم أن رعاية مصالحها في إفريقيا لا يجب أن تتم على حساب مصالح المواطنين الأفارقة، وكفى الأوروبيين ذلك العهد من الوصاية، ونهب خيرات إفريقيا. صور تمزيق العلم الفرنسي وحرقه ليست إلا جزءاً صغيراً من إرث كريه تركه الأوروبيون في إفريقيا. غير أن القارة عليها أن تنتبه أيضاً إلى أن الاستقلال التام والتحرر الشامل، يجب أن يضمن أيضاً سيادة القارة، وعدم ارتمائها في أحضان وصاية جديدة، لأن ذلك سيعني إعادة إنتاج الصراعات الدموية على الثروة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي ثريدز وتويتر محاكمة ترامب أحداث السودان مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة انقلاب النيجر فی إفریقیا یجب أن

إقرأ أيضاً:

زيارة إقليم داغستان لعُمان تمهّد تعاونا موسعا في الثروة الحيوانية والزراعة

تشهد سلطنة عُمان وروسيا حراكاً متزايداً في بناء الشراكات الاقتصادية مؤخراً، ويعد منتدى الأعمال العُماني–الروسي أحد المحطات الاستراتيجية لاستكشاف فرص التعاون التجاري والاستثماري، لاسيما مع جمهورية داغستان التي تُعد من أكثر الأقاليم الروسية نموًا في القطاعات الزراعية والثروة الحيوانية، وكان المنتدى منصة عملية جمعت رجال الأعمال والمسؤولين من الجانبين لاستعراض الإمكانات، وتوقيع مذكرات تفاهم، وبحث سبل تحويل الفرص النظرية إلى شراكات واقعية.

وأكّد سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان أن هناك العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين، لافتا أن المنتدى كان إحدى المحطات التي تسهم في تعزيز التبادل التجاري وتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين الجانبين، مشيرا إلى وجود شراكات قائمة بالفعل بين شركات عُمانية وأخرى روسية، بعضها يمتلك فروعًا في جمهورية داغستان، وهو ما يُعد أساسًا متينًا لتوسيع التعاون الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة، لافتا أن هناك قطاعات ذات أولوية في التعاون منها السياحة، والأمن الغذائي، والصناعات التحويلية.

من جهته قال حمد بن علي الحجري عضو مجلس إدارة فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة شمال الشرقية إن وفد جمهورية داغستان زار محافظة شمال الشرقية، واطّلع على عدد من الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالات السياحة، والزراعة، والثروة الحيوانية، وأكد أن الوفد لديه الرغبة في الاستثمار بهذه القطاعات، لافتا أن سلطنة عمان أول دولة خليجية يزورها الوفد الداغستاني.

كما أوضح الحجري أن قرار رفع التأشيرات عن لمواطني البلدين ساهم بشكل ملموس في تسهيل حركة التبادل بين البلدين، مشيرا إلى عدد من الاستثمارات الروسية في سلطنة عمان بينها مشروع لإنشاء 8 فلل في صلالة عبر شركة محلية، وهذا ليدل على توجه متصاعد من المستثمرين الروس نحو السوق العُمانية، كما أكد أن زيارة الوفد إلى سلطنة عمان فتحت مجالات واعدة للاستثمار خاصة في قطاع الثروة الحيوانية، حيث أجرى الوفد لقاءات مباشرة مع عدد من تجار المواشي وبحث إمكانيات الشراكة والتعاون، كما أبدى الجانب الداغستاني اهتمامًا خاصًا بالاستثمار في زراعة محاصيل معينة، لاسيما الخضروات والفواكه، نظرًا للطلب المتزايد على هذه المنتجات.

من جهته أكّد إسرافيل حاجموراد رئيس وكالة ريادة الأعمال والاستثمار في جمهورية داغستان أن بلاده ترى فرصًا حقيقية للتعاون الاقتصادي مع سلطنة عُمان، خصوصًا في قطاعي الزراعة والسياحة، مشيرًا إلى أن داغستان تمتلك إمكانات كبيرة في هذين المجالين، وقال حاجموراد إن جمهورية داغستان تُعد من أبرز المناطق الزراعية في روسيا، حيث تنتج أكثر من 35% من اللحوم الروسية، ويتم تصدير جزء كبير منها إلى دول مثل إيران وأذربيجان والإمارات، مشيرًا إلى أن هذا الإنتاج يمكن أن يُوجه أيضًا لتلبية احتياجات السوق العُمانية، خاصة في مجالي اللحوم والخضروات.

وأضاف حاجموراد أن قطاع السياحة في داغستان يشهد نموًا ملحوظًا، حيث استقبلت الجمهورية أكثر من مليوني سائح خلال العام الماضي، من بينهم زوار من سلطنة عُمان، وهو ما يعكس الاهتمام المتزايد بداغستان كوجهة سياحية، مؤكدا أن داغستان تتمتع بطبيعة متنوعة تشمل الشواطئ والجبال والمناطق الخلابة، ولدينا رغبة حقيقية في تطوير هذا القطاع من خلال شراكات استثمارية دولية.

وفيما يتعلق بفرص الاستثمار بين البلدين، أشار حاجموراد إلى إمكانية التعاون في مجال إنشاء وتطوير الفنادق والبنية التحتية السياحية، مؤكدًا استعداد داغستان لتوفير الأراضي والمواقع المناسبة للمستثمرين العُمانيين، مع إمكانية التوسع في قطاعات صناعية أخرى في المستقبل، حيث تزخر داغستان بالعديد من المواد الصناعية الخام والتي من الممكن أن تفتح آفاقاً للتبادل التجاري بين البلدين بما يسهم في تطور القطاع الصناعي لديهما.

كما أشاد أحد ممثلي القطاع الخاص الروسي بعمق العلاقات الاقتصادية المتنامية بين سلطنة عُمان وروسيا الاتحادية، مؤكدًا أن جمهورية داغستان تُعد من أبرز الأقاليم الروسية الواعدة للاستثمار، خاصة في قطاع الثروة الحيوانية، الذي يشهد نموًا متسارعًا ويُعد من ركائز الاقتصاد المحلي، وأوضح أن داغستان سجلت في عام 2024 أرقامًا لافتة في الإنتاج الزراعي والحيواني، حيث تجاوز إنتاج اللحوم والدواجن 270 ألف طن، فيما بلغ إنتاج الحليب نحو 952 ألف طن، إلى جانب 254 مليون من إنتاج البيض، وهو ما يعكس تطور البنية التحتية لهذا القطاع وتوافر فرص تصديرية واعدة.

وأشار إلى أن صادرات داغستان من الأغنام قد تضاعفت مؤخرًا لتتجاوز 120 ألف رأس، يُصدَّر معظمها إلى دول مجاورة مثل أذربيجان وجورجيا وإيران، في حين يُنظر إلى السوق العُمانية باعتبارها وجهة جديدة واعدة لهذه المنتجات، لا سيما في ظل تنامي الطلب على اللحوم عالية الجودة في منطقة الخليج.

وأكد المتحدث أن اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات بين سلطنة عُمان وروسيا أسهمت في تسهيل حركة رجال الأعمال والمستثمرين، إذ تتيح الإقامة لمدة 30 يومًا لكل زيارة وبحد أقصى 90 يومًا سنويًا، وأضاف أن هذه الخطوة ساهمت في تحفيز المستثمرين من داغستان على زيارة السلطنة واستكشاف فرص التعاون في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية، مشيرًا إلى وجود توجه حقيقي للاستفادة من الإمكانات التي توفرها السوق العُمانية، في ظل بيئة استثمارية جاذبة واستقرار اقتصادي وتشريعي.

مقالات مشابهة

  • رئيس اتحاد الدراجات: مصر جاهزة لاستضافة البطولة الإفريقية للمضمار
  • البطولة الإفريقية للفرق لكرة المضرب (أقل من 14 سنة) بالقاهرة .. المنتخب المغربي يحرز الرتبة الثالثة في فئتي الذكور والإناث
  • معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر: العقود ستصل إلى 44 مليار دولار
  • تعرف على موازين القوى والتسليح بشبه القارة الهندية
  • زيارة إقليم داغستان لعُمان تمهّد تعاونا موسعا في الثروة الحيوانية والزراعة
  • قناة "أون سبورت" تحصل على حقوق نقل بطولتي السوبر الإفريقي وكأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد
  • أردوغان ينتقد صمت الاتحاد الأوروبي تجاه غزة
  • عُمان تستضيف الأحد جولة مفاوضات جديدة بين أميركا وإيران
  • الزراعة تحتفل بتخريج 31 مبعوثا من 10 دول أفريقية في برنامج تحليل وإدارة المشروعات
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان