لجريدة عمان:
2025-05-29@05:10:41 GMT

تحية أخيرة إلى أستاذي

تاريخ النشر: 10th, September 2024 GMT

أسمح لنفسي، هذه المرة، بأن أنقاد إلى الشخصي، والشخصي جدا. ربما كان القارئ المتابع ينتظر مني، كلاما آخر؛ لكنني أرغب، بهذه اللحظة، في أن تتفلت «الأنا» من عقالها لتأخذني إلى كلّ السنوات البعيدة، التي لا تزال حاضرة بكلّ عبقها. ربما لأن الأدب، في واقع الأمر، لم يكن، في يوم من الأيام، سوى هذه «الأنا»، على الرغم من عبارة الكلاسيكيين الشهيرة بأن «الأنا مبغوضة».

كل كتابة، هي ذات، ولولا هذه الذات، لما كان هناك... آخر.

صحيح أنني أكتب الآن عن رحيل شاعر ــ الشاعر اللبناني جورج شكور (الذي غيّبه الموت الأسبوع الماضي) ــ لكنه لم يكن شاعرا عابرا في حياتي، بل هو هذا الشخص الذي لعب دورا كبيرا وحقيقيا في تشكلي الأدبي، منذ أن كنّا على مقاعد الدراسة، بدءا من السنة الأولى من المرحلة الثانوية. عديدون هم الذين تتلمذوا على يديه؛ وعديدون هم الذين نالوا علامات عالية، من مدرستنا، في مادة الأدب العربي في شهادة الثانوية العامة، وعديدون أيضا هم الذين لا يزالون يحملون منه وعنه هذه الذكرى الطيبة. أولى الدروس التي تعلمناها منه، عدم الرجوع إلى كتاب المقرر العام، أي إلى الكتاب الرسمي الذي كان معمولًا به في غالبية مدارس تلك الفترة، إذ كان يراه مليئًا بالحشو الذي لا معنى له. كان «يخترع كتابه» خلال الحصة، ويطلب منّا أن ننسى ما قيل وما كُتب؛ وأن «نحفظ» إذ أردنا ــ إذ كان يفضل أن نبدع بدورنا كتاباتنا وتحليلنا ـــ ما يمليه علينا. وأنا أكتب ذلك الآن، أتذكر الفيلم السينمائي «مجتمع الشعراء الموتى»، حين دخل الأستاذ على طلابه وطلب منهم تمزيق الصفحات الأولى من المقرر، الخاصة بتعريف الشعر، لأن الشعر هو حتما في مكان آخر. بهذا المعنى، كان أستاذنا جورج شكور، يسبق فكرة الفيلم بسنين كثيرة.

كانت تجربة فريدة؛ فنحن الطلاب، نحبذ عادة أن يكون لدينا «درس» جاهز كي نحفظه ونكتبه في الامتحان الرسمي. ربما أحسسنا بصعوبة ما في البداية، لكن مع مرور الوقت، اكتشفنا أن الأدب ليس مجرد كلام مصفوف، نجتره، بل هو هذا الذهاب الأبدي إلى مساءلة دائمة للغة والفكر وكلّ ما توارثناه من أفكار كانت بحاجة إلى خلخلة (على الرغم من أن شكور كان شاعرا كلاسيكيا بامتياز، لم يتخلّ أبدا عن الوزن والقافية، ولم يستسغ يوما «قصيدة النثر»). ربما كان زمن بيروت يتيح لنا ذلك. كانت المدينة تقف على بون واسع ممّا هي عليه اليوم. كان طلاب القسم الأدبي، مشاريع حقيقية لأن يكونوا كتّابا أو على مقربة من فنون أخرى. هل لذلك كان يقيم وينظم (في المدرسة)، مهرجانا للإلقاء الشعري (لمختلف الصفوف الدراسية) في نهاية كل عام دراسي؟ يومها اكتشفنا، بين أعضاء لجنة التحكيم أسماء مثل: محمد الفيتوري، ولميعة عباس عمارة، وعبد الله الأخطل (ابن الأخطل الصغير) وباسمة بطولي وجورج زكي الحاج، وغيرهم من الأسماء التي أخذتنا بالشعر إلى أماكن أخرى، غير تلك الأسماء الواردة في المنهاج الرسمي. كأنه يريد بذلك أن يقول لنا، دائمًا ثمة شعر في أماكن أخرى.

لكن علاقتي معه، الحقيقية، كانت عبر الشعر. كنت قد بدأت ــ مثل قسم كبير ممّن كانوا في عمري ـــ بخط بعض «التهويمات» التي أسميناها شعرا. ذات يوم، طلبت منه أن يقرأ لي «قطعة شعرية» ويعطيني رأيه فيها. رحب بالأمر وقال إنه سيقرأها في «استراحة الساعة العاشرة» (الاستراحة الأولى بين الحصص الدراسية)، إذ لديه «صف في شعبة أخرى». المفاجأة كانت حين نزولي إلى باحة الملعب، خلال هذه الاستراحة، إذ تقدم مني زملاء الشعبة الأخرى يسألونني منذ متى أكتب الشعر. لم أفهم المقصود في البداية، وحين شرحوا لي، فهمت أن أستاذنا، أعجب بــ«قصيدتي» وقرأها على مسامعهم قائلا لهم: «لدينا شاعر جديد في المدرسة». لا أخفي فرحي الكبير بذلك، ولغاية اليوم. جملة، ربما حددت خياراتي فعلا، وجعلتني أذهب إلى دراسة الأدب والفلسفة لاحقا. ربما كانت كلمة تشجيعية منه. لكن تشجيعه هذا فتح لي مسارًا كنت أبحث عنه. ولا زلت أقيم فيه.

من دروسه أيضا، نبذه لكل أشكال الطائفية والمذهبية. كنّا في عز الحرب الأهلية. وقد رفض دائما الانزواء في «منطقته». كانت بيروت مقسومة إلى «مدينتين»، الغربية والشرقية. وبرغم كل الأهوال والمعارك، كان يجتاز كل يوم «المعبر» الفاصل بين «المدينتين، رافضا بذلك منطق «ملوك الطوائف» و«الميلشيات» سادة الحرب. كان «سلاحه» الوحيد الشعر، الذي أراد أن يواجه به، كل منطق الحرب. لذا لا عجب من هذا الشاعر «المسيحي» (وأعتذر على وضعي هذه الصفة، فقط من أجل التوضيح) أن يكتب ثلاث ملاحم شعرية هي «ملحمة الرسول» و«ملحمة الامام علي» و«ملحمة الحسين». كان يعتبر أن كل كاتب يكتب باللغة العربية، لا بدّ أن يشكل القرآن الكريم والدين الإسلامي، الجزء الأساسي من ثقافته، مهما كانت عليه طائفته أو كان عليه مذهبه.

المرة الأولى التي قرأت فيها أمامه، كانت في عام 2009. لم تكن قراءة شعرية. كنت يومها جزءا من فريق عمل «بيروت عاصمة عالمية للكتاب» وقد طلبت مني اللجنة المشرفة (على العاصمة)، أن أمثلها لألقي الكلمة الرسمية بمناسبة صدور موسوعة شعراء بلاد جبيل (المنطقة التي ولد فيها، في قرية شيخان). لم أكن أعرف أنه موجود بين الحضور. وحين صعدت إلى المنبر، رأيته بين الحاضرين. ارتبكت فعلا. شعرت بالخوف فعلا. أمامي الشخص الذي شجعني على هذه الرحلة بأسرها. هل كنت أمامه في «امتحان جديد»؟ ربما ليست الحياة سوى سلسلة متواصلة من الامتحانات. لنصل إلى امتحاننا الأخير: الرحيل. والامتحان الفعلي في هذا الرحيل: ذكرانا في الأرض. يومها كان لا يزال يتذكرني. بعد الحفل، ضمني وعانقني قائلا «لا زلت ذاك الذي أعرفه». هل هي كلمة تشجيعية أخرى؟

في أحيان كثيرة، لا داعي للبحث عن أجوبة. إذ ثمة دائما جواب وحيد: حين تفقد شخصا قريبا منك، وحين يرحل شاعر، لا بدّ أن تفقد الأرض بعض جاذبيتها، وأن تقف عن الدوران لبعض الوقت.

إسكندر حبش كاتب وصحفي من لبنان

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

السرطان: الحب أهم شيء في حياتك.. توقعات الأبراج وحظك اليوم الإثنين 26 مايو 2025

توقعات الأبراج.. يبحث الكثير من الأشخاص محبي الفلك، عن توقعات الأبراج وحظك اليوم الاثنين 26 مايو 2025، تزامنًا مع بداية الساعات الأولى من الصباح.

توقعات الأبراج اليوم

وتوفر «الأسبوع» لمتابعيها معرفة كل ما يخص توقعات الأبراج اليوم وذلك ضمن خدمة مستمرة تقدمها لزوارها في مختلف المجالات ويمكنكم المتابعة من خلال الضغط هنا.

توقعات الأبراج وحظك اليوم توقعات برج الحمل اليوم

توقع بعض الفرص الجيدة التي قد تفاجئك وتحيّرك إزاء الخيارات المتعدّدة. تربكك بعض مواقف الشريك وتضعك في موقف أضعف، تثير معه نقاشات عنيفة، خذ قسطا وافيا من الراحة في العمل، واقض مع العائلة أكبر ممكن من الوقت في الترفيه والتسلية.

توقعات برج الثور اليوم

يمتاز هذا اليوم بانطلاقة سريعة وديناميكية، أنت تنطلق وتبدأ بتفاؤل وعزيمة. تتخلص من القيود المعنوية وتتسم بالانشراح والقوة مصمّما على التخلص من العقبات بشجاعة، قد تضطر إلى الانشغال عن الحبيب بسبب بعض المسؤوليات الشخصية التي تطرأ فجأة، الأمر الذي يثير استيائه وتذمّره منك، فيتهمك باللامبالاة والأنانية.

توقعات برج الجوزاء اليوم

تدخل اليوم مرحلة جديدة فى الحياة العاطفية تساعدك على تحقيق الأهداف التى كنت تسعى إليها فى الفترة الماضية وتتمنى تحقيقها، تواجه اليوم بعض الأحداث والأمور الجديدة فى مجال العمل وتلقى الدعم من أصحاب العمل لما تقدمه من خطط وأفكار جديدة لهم تفيد الصالح العام للشركة.

الأبراج
توقعات برج السرطان اليوم

الحب والرومانسية هما أهم شيء في حياتك اليوم وربما يحتلان المقام الأول. تشعر بالحب والدفء تجاه من حولك، ربما ينجذب إليك الشريك بسبب مشاعرك الرقيقة، الأطفال ربما يكونون أيضا مصدر من مصادر السعادة والرضا.

توقعات برج الأسد اليوم

تراودك الشكوك اليوم في كل من حولك، لا تكن قاسيا في أحكامك، ولا تكن متشددا في بعض الأمور، فالتصلب لا يؤدي إلا إلى تصلب. قد تجد نفسك في مأزق مفاجئ بسبب عدائك تجاه الشريك، وهذا ما يدفعه إلى معالجة الأمور سريعا. إذا شعرت بأوجاع في جسدك اليوم، فمن الأفضل أن ترتاح في المساء.

توقعات برج العذراء اليوم

قد ترى اليوم مجموعة من أصدقاء طفولتك أو من الأصدقاء الجدد، تتطور علاقتك العاطفية اليوم وربما تصبح أكثر تفاهما مع الشريك. هذا التفاهم ربما يحفزكما على اتخاذ خطوة جديدة ويجعل كل منكما يهتم بالطرف الآخر. يوم ممتاز والأجواء الهادئة تساعدك على إنجاز كل أعمالك.

توقعات الأبراج توقعات برج الميزان اليوم

تضطر اليوم للقيام بأكثر من مهمة في وقت واحد، وربما يتعلق معظمها بالأمور المادية، تتميز بمهارتك وقدرتك السريعة على استيعاب أي شيء، ولذلك ستقوم بهذه المهام دون الشعور بالتعب، ستوفر لك بعض الوسائل التكنولوجية الحديثة الوقت والجهد.

توقعات برج العقرب اليوم

من الصعب جدا اليوم التعامل مع أكثر من شخص في آن واحد نظرا لكثرة مسؤولياتك في الفترة الصباحية بالتحديد، لا تتعامل مع كل شيء بجدية فقد يمزح البعض معك، اهتم بأي عمل يتعلق بالتحقيقات أو بالمراجعة والفحص، هناك بعض الأخبار المهمة ستأتيك من مصدر غير متوقع.

توقعات برج القوس اليوم

تتيح لك الظروف اليوم فرصة جديدة للتعمق في بعض الموضوعات، لديك طاقة تجعلك تنتفض على كل من يقف في طريقك، إذا كنت راغباً في الاستقرار، فالشريك الحالي هو الشخص المناسب لهذه الخطوة، فلا تتردد.راع الظروف التي يمر بها أحد المقربين، وحاول التخفيف عنه قدر الإمكان.

توقعات الأبراج توقعات برج الجدي اليوم

التواصل اليوم مع أفراد الأسرة بالتحديد أو مع الحبيب قد يكون له أثر إيجابي على علاقتك بهم، ربما يدعمك أحدهم ويشجعك على المشاركة في بعض الأنشطة، تتمتع اليوم بالهدوء والراحة ولذلك ننصحك بأن تخطط للخروج مع الحبيب في المساء.

توقعات برج الدلو اليوم

لا يبدو أن الأشياء تسير بصورة جيدة اليوم، فلديك أيضا مشكلة في التركيز على المهام اليومية. إذا قدمت أفضل ما لديك، حتما ستحقق النجاح. إلا أنه لا يجب أن تتوقع الكثير في فترة مثل هذه. عندما تستعيد هدوءك وتصبح أكثر ثقة، ستتحسن الأمور.

توقعات برج الحوت اليوم

في لحظات معينة في هذا اليوم، تستطيع أن تحدد مصيرك، ربما تضطر لتغيير بعض الاتجاهات والخطط المستقبلية، ولكن عليك أن تتأكد أن هذا التغيير سيؤثر على جميع جوانب حياتك وعلى جميع من حولك.

اقرأ أيضاًتوقعات الأبراج وحظك اليوم الأبراج السبت 24 مايو 2025: برج العذراء.. خسرت من تحب

توقعات الأبراج وحظك اليوم الأبراج الجمعة 23 مايو 2025: برج السرطان.. حب مفاجئ

توقعات الأبراج وحظك اليوم الإثنين 19 مايو 2025

مقالات مشابهة

  • السيد القائد عبدالملك: الله قدَّم لعباده الهداية الكاملة.. التي إن اتَّبعوها كانت النتيجة فلاحهم
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟
  • الرئيس الشرع: نلتقي اليوم على ثرى حلب الشهباء هذه المدينة التي ما انحنت لريح ولا خضعت لعاصفة بل كانت القلعة وكانت الجدار وكانت الشاهد على الصمود
  • تعليق ساخر من الخارجية الروسية على واقعة «صفعة ماكرون»: ربما كانت يد الكرملين!
  • كل أسبوع.. ورطة «الهلالي» (أخيرة)
  • البليهي يرفض تحية جماهير الهلال ويكتفي بتسريح شعره .. فيديو
  • تحية الشلهوب لجماهير الهلال بعد نهاية الدوري .. فيديو
  • خطيئة أخيرة.. مسلسل عربي يشبه قصصنا بمعايير عالمية
  • مهلة أخيرة لأصحاب البسطات في طرابلس
  • السرطان: الحب أهم شيء في حياتك.. توقعات الأبراج وحظك اليوم الإثنين 26 مايو 2025