في 14 أيلول 1982...هكذا أنقذني من الموت
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
في مثل هذا اليوم قبل أثنين وأربعين سنة أنقذ حياتي. وله يعود الفضل، بعد ربّ العالمين، بأني لا أزال أتنفس حتى الساعة.
لأنني كنت أعتقد أن صداقة غير كل الصداقات كانت تجمعني به، مع ما يصاحبها من احترام ورهبة، كلفتني إدارة "الوكالة اللبنانية للأنباء"، ومنذ اليوم الأول لانتخابه رئيسًا للجمهورية، أن أرافقه في حلّه وترحاله؛ وكانت كثيرة.
ومن بين النواب الذين رفضوا النزول إلى المدرسة الحربية في الحازمية لتأمين نصاب جلسة الانتخاب النائب الدكتور ألبير مخيبر. وبعد انتخابه رئيسًا أصر بشير الجميل على أن تكون أولى زيارات الشكر لمخيبر في منزله في بيت مري. لا أزال أذكر تلك اللهفة وتلك الحفاوة، التي لاقاه بها "الحكيم". وما قاله له في تلك اللحظة لا تزال كلماته تصدح، وقد سبقني إلى تدوينها الوزير والنائب الصديق ملحم الرياشي، وكان من بين أكثر المقربين إلى النائب مخيبر. وعلى رغم أهمية الكلام الذي قاله الدكتور مخيبر للشيخ بشير، وفيه الكثير من الحكمة والفروسية، فإن ما قاله يومها الرئيس المنتخب للنائب المسيحي الوحيد في المنطقة الشرقية، الذي تجرأ ولم ينزل إلى المدرسة الحربية، ولكنه قال للوزير السابق المرحوم ميشال المر ما معناه إذا كان النصاب يحتاج إلى صوتي فأنا على استعداد لتأمينه، ولكني لن انتخب بشيرًا، أذهل جميع الحاضرين وكانوا كثرًا، وأتحفظ على ذكر الأسماء لئلا تخونني الذاكرة وأنسى ذكر من لا يجب أن يُنسى. قال له، وبشيء من الخجل؛ وكانت هذه سمة مميزة لدى بشير الجميل، الذي جمع بين قوة الشخصية وذاك الخجل، الذي جعله قريبًا أكثر من الناس: جيت يا حكيم حتى أشكرك لأنك بعدم تصويتك لي أعطيت صورة جلية عن الديمقراطية الحقيقية، وخليتني أشعر بأنو بعد في رجال بهيدا البلد بتقول رأيها بكل حرية وراحة ضمير من دون ما تحسب حساب لأي شي آخر. هيك عرفناك حكيم وهيك بدنا ياك تضّل. جيت اتشكرك لأنك بعدم تصويتك ألي عطيتني تدرس مش راح انساه طوال حياتي. وعندها قال له الدكتور مخيبر الكلام الذي ورد في كتاب "البير مخيبر" الصادر عن دار المشرق العام 2022.
وبالعودة إلى يوم 14 أيلول من العام 1982، وكالعادة رافقته في جولته؛ وكان له لقاء غداء مع راهبات دير الصليب، ومن بينهن شقيقته الأخت أرزة. بعد الغداء قال لي، وهي آخر كلمات سمعتها منه، "الله يقويك "دده". بكفّيك اليوم. روح ارتاح وبشوفك بكرا. أنا بعد الظهر ما عندي شي ورايح بس على اجتماع حزبي ببيت كتايب الأشرفية". ودعته وانصرفت إلى "تفريغ" كلمته، و"ترجمتها" من اللغة المحكية إلى اللغة العربية ومن ثم توزيعها. عدت إلى البيت على غير عادتي، فتفاجأت بي زوجتي أرليت وسألتني عن سبب عودتي باكرًا، فقلت لها إن ليس لدى الشيخ بشير أي نشاط غير اللقاء في بيت الكتائب. وما أن أسندت رأسي على المخدة، وكانت الساعة الرابعة وعشر دقائق، حتى سمعنا صوت انفجار، وكان منزلنا في حي البرجاوي في الأشرفية، فأفقت مذعورًا، وقلت لزوجتي "راح بشير". أسرعت إلى بيت الكتائب في الأشرفية، فوصلت إليه مشيًا على الأقدام بصعوبة. لم نـتأكد عن حقيقة استشهاده، لأنني رأيت يومها الصديقين عاطف زلاقط وايلي اندريا خارجين من تحت الركام مدممين، وكانا يجلسان بالقرب من بشير في اللقاءات الحزبية. قصدت مبنى جريدة "العمل" في الكرنتينا، حيث كنت أعمل أنا وأرليت. وكانت ساعات ثقيلة قضيناها بين الشك واليقين حتى جاءنا أستاذ جوزف أبو خليل وقال لنا بأنه تم التعرف على جثة "البشير" من محبسه السداسي الأضلع.
كان حلمًا وأنطفأ. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من بین
إقرأ أيضاً:
هل الموت في الحج حُسن خاتمة؟ .. أمين الفتوى يوضح
أجاب الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال مضمونه: هل من توفاه الله فى الحج هذا دليل على حسن الخاتمة؟.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال فتوى له: "من توفاه الله على طاعة فهذا حسن خاتمة، يعني واحد يتوفى وهو بيصلي واحد يتوفى وهو بيحج، وهو بيقرأ القرآن واحد توفى وهو ذاهب إلى المسجد، كل هذه وفاة على طاعة".
وأضاف: "من توفى أثناء الحج، كتب له الحج حج مبرور إن شاء الله ، حتى لو ما كانش أتم المناسك، سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يبعث الناس على نياتهم)، فمجرد النية، ولكن هذا نوى وتلبس بأعمال الحج بالفعل وتوفي وهو يؤدي أعمال الحج فهو إن شاء الله قد أتم الله- سبحانه وتعالى- له حجه، يعني اي حاج توفي قبل ان يتم حجه حتى لو لم يقف بعرفة".
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" ما هي علامات حسن الخاتمة؟ فرجلٌ اعتاد جدُّه -رحمه اللهُ- كثرةَ الدعاءِ، وكان يُكثر مِن التضرع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ بطَلَب حُسن الخاتمة، وقد توفَّاه اللهُ في آخِر جُمُعة مِن رمضان، ويسأل: هل يُعدُّ الموت في الأيام المبارَكات -كالموت في رمضان أو في ليلة الجمعة أو يومها أو في يوم عاشوراء أو في يوم عرفة- مِن علامات حُسن خاتمة الإنسان؟".
لترد دار الإفتاء موضحة: أن مَن مات في الأماكن المقدسة كالمدينة المنورة ومكة المكرمة وغيرهما، أو في أحد الأيام الفاضلة المباركة، كالموت في يوم مِن شهر رمضان، أو في ليلة الجمعة أو يومها، أو في يوم عاشوراء، أو في يوم عرفة -فإنه يُتَفَاءَلُ له بالخير، وفي ذلك دليل على حُسن الخاتمة.
المراد بحسن الخاتمةحُسن الخاتمة يراد به توفيقُ الله سبحانه وتعالى لعبده أن يعمل خيرًا في حياته، وأن ييسر له ويوفقه للدوام على العمل الصالح قبل موته حتى يقبضه عليه، حيث لا يبقى للإنسان بعد وفاته إلا إحسانٌ قَدَّمَه في حياته يرجو ثوابه، أو عصيانٌ اجتَرَحَهُ يخشى عقابه.
التوفيق للعمل الصالح قبل الموت من علامات حسن الخاتمةقد بَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ التوفيق للعمل الصالح علامةٌ مِن علامات حُسن الخاتمة.
فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ»، فَقِيلَ: وَكَيْفَ يَسْتَعْمِلُهُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، والترمذي في "السنن"، والطبراني في "الأوسط"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.
قال العلامة الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (8/ 3310، ط. دار الفكر): [(قال: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ قَبْلَ الْمَوْتِ») أي: حتى يموت على التوبة والعبادة، فيكون له حُسن الخاتمة] اهـ.
وقال الإمام المُنَاوِي في "التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 64، ط. مكتبة الإمام الشافعي): [(«إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ»، قيل) أَي قَالُوا: يَا رَسُول الله (كَيفَ يَسْتَعْمِلهُ؟ قَالَ: «يُوَفِّقُهُ لِعَمَلٍ صَالِحٍ») يَعْمَلُهُ («قَبْلَ الْمَوْتِ، ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ») وهو مُتَلَبِّسٌ بذلك العمل الصَّالح، ومَن مات على شيءٍ بَعَثَهُ اللهُ عليه] اهـ.