أنس الشريف:رحيل الصوت وخلود الصدى
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
#أنس_الشريف:رحيل الصوت وخلود الصدى
#شبلي_العجارمة
من قال أن اللسان ليس بندقية !، وأن الكلام لا يشبه الرصاص ؟ ، من قال أن الصورةُ ليست وثيقة ! وأن المشاهد ليست أوراقًا وقيودًا للتحقيق ؟، هكذا هي تكاملية الشعوب التي ترسم خطط النضال الطويل ، وتكتب بدماء أبنائها سطر النصر الأخير ، وتلون الفجر في آخر النفق الذي امتد إلى قرنٍ حالكٍ من الزمن .
على بوابة معراج روحه الأبدي ، وهو يختم بصوته على وثائق الوحشية ، وينقل بكاميرته رجعية العالم الكاذب، كانت وصيته في الجيب المجاور لقلبه الذي كان أصلب من فولاذ الميركافا، وصوته الذي ذاب في أثيره أزيز أسراب طائرات كفير والF16، لقد رتب لروحه كيف تحيا بين فجائع الموت الغزي بألوانه وأشكاله وآخر طرائزه الجوع ، كما إحب أن يجرب مذاق الموت والشهادة كي يكتمل الخبر بأبعاده الأربع ، ليكون بذرة حقيقة لا مجرد فقاعة صوت وصورة وديكورٍ مزيف الأبعاد .
أنس الشريف الذي كان يضع في أبصارنا وأسماعنا مشهد الوجع في غزة وصوت الألم لشعب غزة المرابط على حدود سلسلة الموت ، هو ذاته لم تسعفه البلاغة إلا أن يوقع التقرير الآخير بأرجوان دمه الطهور ، وصوت أنفاسه وهي تحاول الخروج بين غبار المعركة ودم الكلمات التي فضلت أن ترافقه إلى خلود كرامته الأخيرة .
سيرحل البقية وكل أشباه أنس الشريف ، ونحن لا زلنا في جدلية شرعنة المقاومة أو بطلانها لشعبٍ تساوى عنده مذاق الموت والحياة ، فالحياة في ظلال المحتل الغجري هي ذلٌ آخر غير بقية تفاصيل الإذلال والتجويع ، لكن الموت في ثقافة المقاوم للصوص الأرض والتاريخ والحضارة والإنسان ؛ هي الثقافة التي ستكتب النصر بكل صفحات الصبر والمعاناة ،وسترويه بكل فصوله عندما تضع الحرب أوزارها ، وحينما يندحر الظالم بظلمه وينتصر المظلوم بصبره المكابر على كل جروحه الغائرة .
في كل نبأ من غزة ؛ درس في الصمود والعزيمة ، وفي كل خبر موت من أرض النضال هو سطر حياة أبدي ، غزة التي تخلت عن لهجة العتب واختارت شتى دروب الموت والتعب ، غزة التي صارت من بلادة قلوبنا مجرد تكتكيات نتدوالها مثل نكهة علكةٍ من الحزن، أو مارثون سباقٍ لمن ينقل خيرًا أقسى أو مشهدٍ أكثر ترويعًا .
في رحيل الصوت خلود للصدى ، وفي موت الشاهد تحيا الجريمة لتأخذ بعدًا آخر من الحياة، في موت الحناجر الحرة هو موت الحضارة العالمية المزعومة وفصل حياةٍ جديد للرجعية الجديدة! مقالات ذات صلة مهارات المبيعات، والحر الشديد 2025/08/10
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: أنس الشریف
إقرأ أيضاً:
وجوه قديمة بثوب جديد… هل تعيد الانتخابات إنتاج الفشل؟
بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
مع اقتراب موعد الانتخابات في العراق، يزداد النقاش الشعبي حول جدوى المشاركة في عملية سياسية فقدت بريقها لدى شريحة واسعة من المواطنين. العزوف الانتخابي لم يعد مجرد حالة فردية أو موقف احتجاجي عابر، بل أصبح ظاهرة اجتماعية تعكس انعدام الثقة بين الناخبين والمنظومة السياسية بأكملها. السبب الرئيس لهذا العزوف هو القناعة المتنامية لدى المواطن بأن الانتخابات، في صورتها الحالية، لا تؤدي إلى التغيير المنشود، بل تعيد تدوير نفس الوجوه والأفكار التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه.
من بين أسباب هذا الإحباط، بروز نماذج سيئة من المرشحين، خصوصًا بعض المرشحات اللاتي يمتلكن تاريخًا سياسيًا أو اجتماعيًا مثقلًا بالسلوكيات المثيرة للجدل أو المواقف المعادية لمصلحة الدولة والشعب. في الوقت الذي يفترض فيه أن تكون المرأة المرشحة رمزًا للنزاهة والكفاءة، شهدت الساحة السياسية بروز أسماء ارتبطت بفضائح تتعلق بتزوير الشهادات والألقاب العلمية أو الاستفادة من مواقعهن السابقة لخدمة مصالح ضيقة. هذه النماذج لم تكتفِ بالإضرار بسمعة العملية الانتخابية، بل أضرت أيضًا بفرص النساء الكفوءات والصادقات اللواتي يطمحن لخدمة بلدهن.
المفارقة أن بعض هذه الشخصيات، التي كانت ضد العملية السياسية برمتها في مراحل سابقة، عادت إلى الساحة بمسميات جديدة وقوالب أكثر بريقًا، مستفيدة من ضعف الذاكرة الجمعية لدى بعض الناخبين أو من محاولات الأحزاب استغلال الشعبية اللحظية أو النفوذ الاجتماعي لتحقيق مكاسب انتخابية. هذه العودة تطرح سؤالًا كبيرًا بمصلحة من يتم تلميع وإعادة إنتاج هذه الوجوه؟
هنا تقع المسؤولية على عاتق طرفين أساسيين الأحزاب السياسية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات. الأحزاب مطالبة بمراجعة قوائم مرشحيها بجدية، وعدم التضحية بالمصداقية من أجل مكاسب انتخابية مؤقتة. أما المفوضية، فهي أمام امتحان تاريخي في تطبيق القانون بحزم واستبعاد كل من يثبت تورطه في التزوير أو الإساءة إلى الدولة، بغض النظر عن انتمائه أو شعبيته. فالتهاون في هذا الأمر لا يهدد نزاهة الانتخابات فحسب، بل يعمّق الهوة بين الناخبين والعملية السياسية.
إعادة الثقة تبدأ من تنظيف القوائم الانتخابية من كل من لوثوا العمل العام، وتقديم وجوه جديدة تملك الكفاءة والنزاهة والرؤية الحقيقية لخدمة الوطن. استمرار سياسة غضّ الطرف عن المرشحين والمرشحات ذوي التاريخ الأسود، هو بمثابة رسالة سلبية للناخب أن صوتك لن يغيّر شيئًا، وأن اللعبة مغلقة على دائرة المصالح.
إن عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات ليس ترفًا، بل رد فعل طبيعي على شعورهم بأن أصواتهم تُختطف قبل أن توضع في الصناديق. إذا لم يتم التعامل مع هذه الظاهرة بجدية، فإن العملية السياسية برمتها ستفقد آخر ما تبقى لها من شرعية شعبية، وتتحول الانتخابات إلى مجرد طقس شكلي يكرس الفشل ويؤجل الانفجار الاجتماعي.
ختاما الوقت الآن ليس للتجميل الإعلامي أو تسويق الوجوه القديمة بأسماء جديدة، بل لإحداث فرز حقيقي بين من خدم العراق ومن أساء إليه، وإرسال رسالة واضحة للناخبين بأن الانتخابات القادمة لن تكون مجرد إعادة تدوير للفشل، بل خطوة نحو التغيير الفعلي.