الجزيرة:
2025-06-11@05:12:00 GMT

إلياس خوري روائي لبناني جمع بين هم الأدب ووجع فلسطين

تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT

إلياس خوري روائي لبناني جمع بين هم الأدب ووجع فلسطين

إلياس خوري كاتب روائي ومفكر لبناني ولد عام 1948 في العاصمة اللبنانية بيروت، لعائلة مسيحية أرثوذكسية. أظهر تأثره بالقضية الفلسطينية منذ شبابه، وزار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن عام 1967، وانضم إلى حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).

تميزت رواياته بأصالة الأسلوب وعمق السرد، ومن أشهرها "باب الشمس" الصادرة عام 1998 وتناولت معاناة اللاجئين الفلسطينيين، وحُولت لاحقا إلى فيلم سينمائي.

شارك في تحرير عدة مجلات وصحف، منها "الدراسات الفلسطينية" و"النهار" و"القدس العربي". وترجمت أعماله إلى لغات عدة وحصل على جوائز عديدة مثل جائزة فلسطين الكبرى وجائزة الثقافة العربية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونسكو).

توفي في 15 سبتمبر/أيلول 2024 بعد معاناة طويلة مع المرض، واعتبر الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين أن وفاته "خسارة كبيرة للمشهد الثقافي العربي".

مولد ونشأة إلياس خوري

ولد إلياس خوري في 12 يوليو/تموز 1948، بمنطقة الأشرفية بالعاصمة اللبنانية بيروت، لعائلة مسيحية أرثوذكسية من الطبقة المتوسطة، وتزوج وله أبناء.

بدأ اهتمامه بالقراءة منذ صغره، متأثرا بأعمال الروائي اللبناني جرجي زيدان، وروايات من الأدب العربي والروسي الكلاسيكي.

إلياس خوري أثناء تقديم الترجمة الإسبانية لروايته "باب الشمس" في مدريد عام 2009 (الألمانية) الدراسة والتكوين العلمي

أكمل إلياس خوري دراسته الثانوية عام 1966 في بيروت، ثم درس التاريخ في الجامعة اللبنانية وتخرج منها عام 1971، كما حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ الاجتماعي من جامعة باريس بفرنسا.

التجربة السياسية والأدبية لإلياس خوري

عرف عن إلياس خوري أنه أحد أبرز الأدباء المناصرين للقضية الفلسطينية، إذ زار عقب دراسته الثانوية مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن عام 1967، وانضم في العام ذاته إلى حركة فتح إحدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية.

غادر الأردن بعد أحداث "أيلول الأسود" عام 1970، وسافر إلى باريس، قبل أن يعود إلى لبنان. شارك في الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت عام 1975 وأصيب بجروح خطيرة.

منذ عام 1972 عمل خوري في مجلات وصحف عدة، منها مجلة "مواقف"، و"شؤون فلسطينية"، و"الكرمل"، و"السفير"، و"الدراسات الفلسطينية"، وصحيفة "النهار"، و"القدس العربي". كما شغل منصب المدير الفني لمسرح بيروت، وكان مديرا مشاركا لمهرجان سبتمبر للفنون المعاصرة.

تميزت رواياته بأصالة الأسلوب وسلاسة السرد وعمق تصوير المشاعر الإنسانية، ومن أبرزها "عن علاقات الدائرة"، و"أبواب المدينة"، و"رحلة غاندي الصغير"، و"مملكة الغرباء"، و"رائحة الصابون"، و"أولاد الغيتو".

كما اشتهر بتأليف رواية "باب الشمس" عام 1998، والتي تناولت سردا مؤثرا لتجربة اللاجئين الفلسطينيين وتاريخهم، وحُولت إلى فلم سينمائي من إخراج المصري يسري نصر الله.

ترجمت رواياته إلى لغات عدة، منها الإنجليزية والفرنسية والهولندية والألمانية والعبرية وغيرها، كما ألف 3 مسرحيات وكتب مقالات وكتبا نقدية.

إلياس خوري في إحدى الفعاليات الثقافية بنيويورك عام 2010 (غيتي)

وإلى جانب عمله كاتبا روائيا، درّس في جامعات محلية ودولية من بينها جامعة نيويورك وشيكاغو وجورج تاون وبواتييه (في فرنسا) وجامعة لندن وجامعة برلين والجامعة الأميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الأميركية والجامعة اللبنانية.

وبشأن القضية الفلسطينية قال إلياس خوري في تصريحات إنه يعتبرها "قضية إنسانية، بل هي أكبر قضية إنسانية في الزمن الحالي".

ووصف تجربته السياسية بأنها كانت "حماس شاب يشارك من خلال الحس الإنساني، والتماهي مع المهمشين والمقهورين لأنه واحد منهم".

وفي مقال خطّه من سريره في المستشفى في يوليو/تموز 2024 بعنوان "عام من الألم"، استذكر معاناته من "وجع لا سابق له"، وكتب "غزة وفلسطين تُضربان بشكل وحشي منذ ما يقارب العام، وهما صامدتان لا تتزحزحان. إنهما النموذج الذي أتعلم منه كل يوم حبّ الحياة".

الوظائف والمسؤوليات عضو في حركة فتح. كاتب في مجلات وصحف عدة. المدير الفني لمسرح بيروت. مدير مشارك لمهرجان سبتمبر للفنون المعاصرة. أستاذ في جامعات محلية ودولية. رواية باب الشمس أشهر مؤلفات إلياس خوري (الجزيرة) المؤلفات والإنجازات

ألف إلياس خوري خلال مسيرته مجموعة من الروايات زادت عن 10، وترجمت إلى لغات عدة، من أبرزها:

عن علاقات الدائرة 1975. باب الشمس 1998. أبواب المدينة 1981. رحلة غاندي الصغير 1989. مملكة الغرباء 1993. رائحة الصابون 2000. إنها نائمة 2007. سينالكول 2012. أولاد الغيتو 2016.

كما حاز جوائز وأوسمة عدة منها:

جائزة فلسطين الكبرى عن روايته "باب الشمس". جائزة الثقافة العربية من منظمة يونسكو عام 2011. وسام جوقة الشرف الإسباني 2011. جائزة كتارا للرواية العربية عام 2016. إلياس خوري نال أوسمة وجوائز عدة وكتب مؤلفات متنوعة (غيتي) الوفاة

توفي إلياس خوري يوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول 2024، عن عمر ناهز 76 عاما، بعد معاناة مع مرض استدعى مُكثه في المستشفى أشهرا طويلة.

ونعاه أدباء وكتاب وفنانون من مختلف الدول العربية، منهم المؤرخ اللبناني فواز طرابلسي، والروائي الفلسطيني أحمد حرب، ورسام الكاريكاتير السوري سعد حاجو، والشاعر المصري زين العابدين فؤاد.

ونعته حركة فتح معبرة عن "فخرها واعتزازها بهذه القامة الروائية وبما جسدته من إرث سيكون وثيقة لكل الأجيال السابقة واللاحقة ولسان حق فلسطيني بلغات الإنسانية المؤمنة بنضال شعبنا الفلسطيني وصولا للحرية والخلاص".

واعتبر الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين وفاته "خسارة كبيرة للمشهد الثقافي العربي"، مؤكدا أن "إرثه سيبقى أمانة للأجيال المتعاقبة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اللاجئین الفلسطینیین إلیاس خوری باب الشمس خوری فی

إقرأ أيضاً:

منال الشرقاوي تكتب: سينما نجيب محفوظ.. حين صافح الأدب الشاشة الفضية

هل صفع نجيب محفوظ الجمهور على وجهه؟
نعم، لكنها لم تكن صفعة إهانة، وإنما صدمة فكرية. تلك الضربة التي لا تترك خدك يؤلمك، بقدر ما تجعل عقلك يصحو من سباته. صفعة تُوقظك من وهم الراحة، وتدفعك إلى مواجهة مرآة الواقع كما هي: متعرجة، خشنة، بلا مساحيق ولا تبرير. 

منذ بداياتها الأولى، نسجت السينما العربية خيوطا رفيعة من التلاقي مع الأدب، غير أن هذا التلاقي بلغ ذروته الباهرة مع عالم نجيب محفوظ (1911-2006). كان محفوظ روائيًا تتحول كلماته إلى مشاهد، وحاضرًا في كل تفصيلة بين الكتابة والتصوير، يعرف كيف تُروى القصة على الورق، وكيف تُحكى على الشاشة.

يكتب السيناريو كما ينسج الحكاية، ويمنح للحارة المصرية صوتًا وصورة. وصفه الناقد إبراهيم العريس بأنه "أديب السينمائيين وسينمائي الأدباء"، وهو توصيف لا يجافي الحقيقة، فهو يلخص عبقرية رجل جعل من شوارع القاهرة وحاراتها أبطالًا لا يقلون شأنًا عن أبطاله البشر.

ومع كل اقتباس سينمائي، تحررت الحروف من سطورها لتخاطب جمهورًا أوسع، وتحولت أعماله من تجارب فردية في القراءة إلى ذاكرة جماعية في التلقي والمشاهدة.

بدأت علاقة نجيب محفوظ بالسينما منذ نعومة أظافره. في سن الخامسة، دخل سينما "الكلوب المصري" قرب مسجد الحسين، حيث شاهد أفلامًا صامتة تركت أثرًا عميقًا في خياله، -رغم غياب الصوت-. تلك التجربة الأولى كانت كافية لتفتح أمامه عالماً ظل يسكنه لسنوات.

لاحقًا، التقى بالمخرج صلاح أبو سيف في الأربعينيات. شكل هذا اللقاء منعطفًا مهمًا في مسيرته، بعدما رأى أبو سيف في كتاباته ملامح أسلوب بصري واضح، وشجعه على كتابة السيناريو. ومن هنا بدأت رحلته مع السينما بتوقيع صلاح أبو سيف، فكانت باكورة أعمالهما معًا فيلم المنتقم وفيلم مغامرات عنتر وعبلة.  في هذين العملين انطلقت تجربة محفوظ في المزج بين الحكاية الأدبية واللغة البصرية، مؤسسًا لمسار إبداعي جمع فيه بين عمق الرواية وثراء الصورة السينمائية.

انطلق نجيب محفوظ من آتون سينما صلاح أبو سيف، مخرج الواقعية، لكنه لم يكتف بالسير في الطريق الممهد. فقد صنع لنفسه طريقًا جانبيًا، مليئًا بالمطبات والحواري الضيقة، تمامًا مثل أبطاله. الواقع عنده كان البطل الحقيقي في معظم الحكايات. القاهرة لم تكن ديكورًا؛ فقد كانت تتنفس. خان الخليلي، الحسينية، زقاق المدق... أماكن تُروى ولا تُصوَّر فقط. تشم فيها رائحة الطين، وتسمع صدى الخطى القديمة.

أما شخصياته، فستجدها إن خرجت من بيتك الآن. المعلم، الفتوة، ابن البلد... وجوه أعرفها وتعرفها. لم يكن مهتمًا بالمثقفين ولا برجال الأعمال، ولكن بالذين لا تلتفت إليهم الكاميرا عادةً، وراح يمنحهم البطولة دون أن يطالبهم بتغيير ملابسهم أو تعديل لهجتهم.

وكان صادقًا إلى حد القسوة. لم يضع مساحيق على وجه الواقع، ولم يغلق الكاميرا عند مشهد الفقر أو القهر. الواقع عنده لا يُجمل ولا يُبرر، وإنما يُروى كما هو.  فتتركك أفلامه بعد المشاهدة كمن تلقى صفعة مفاجئة.

ولم يكن ذلك بدافع الإثارة، فقد كان محفوظ يؤمن بأن السينما الحقيقية تطرح الأسئلة وتدفع المتفرج للتفكير، لا أن تكتفي بسرد الحكايات. 

جاءت واقعيته مختلفة، فهي لا تشرح العالم من الخارج، بالعكس، هي تنقلك أنت إلى داخله لتشعر بكل ما فيه. وكانت صورته السينمائية صادقة إلى الحد الذي يجعلها مرآة تقف أمامك، تدعوك للتأمل دون أن تفرض عليك النظر.

بدأت علاقة نجيب محفوظ بالسينما عبر باب الكتابة المباشرة. في نهاية الأربعينيات، جلس إلى الورق لا ليروي رواية كما كان يفعل، وإنما ليكتب مشهدًا، ويصف حركة أشخاص، فيمنح الشخصية صوتًا يُرى لا يُقرأ. أفلام مثل ريا وسكينة وجعلوني مجرمًا لم تكن مجرّد تجارب سينمائية، وإنما تمارين على الصياغة البصرية التي تتكئ على نبض الحارة وقسوة الشارع. كان محفوظ، في تلك المرحلة، شريكًا كاملًا في صناعة الفيلم، يكتب ما سيُقال ويُصور، ويتدخل في التفاصيل كمن يكتب رواية على هيئة ضوء.

ثم تغير شكل العلاقة. توقف عن كتابة السيناريو بنفسه، وبدأت رواياته تنتقل من الورق إلى الشاشة عبر أيادٍ أخرى. (بداية ونهاية) فتحت الباب، وبعدها جاءت الثلاثية والحرافيش، فأصبحت الرواية هي المصدر، والسينما هي المتكفلة بترجمتها. لم تكن الترجمة دائمًا أمينة، ولم تكن خائنة تمامًا أيضًا، وإنما مساحة من الاجتهاد المفتوح بين الروائي والمخرج.

بعد نوبل، خفت صوت محفوظ قليلًا على الورق، لكن السينما لم تنسه. استمرت في اقتباس أعماله، كما في أصدقاء الشيطان للمخرج أشرف فهمي، والمأخوذ عن قصة (الشيطان يعظ).  بدا الأمر كأن السينما صارت تفتش في مكتبته كلما أرادت أن تتذكر ما كانت عليه في زمن الصدق.

وإذا كان تحويل الرواية إلى فيلم مهمة جذابة، فهي في الوقت نفسه معقدة وشائكة. لا يمكن أخذ الرواية كما هي، ووضعها كما هي. هناك زمن يجب اختصاره، وأحداث لا تحتملها الشاشة، وشخصيات تحتاج إلى إعادة رسم. في الثلاثية مثلًا، تحول عمل أدبي ضخم إلى ثلاثة أفلام فقط. لم يكن ذلك تقليصًا للنص بقدر ما كان محاولة للعثور على لُبه. وفي بعض الأحيان، تُضاف مشاهد أو يُعاد ترتيب الوقائع لتقريب المعنى أو ملء الفراغات التي يخلفها الاختزال. شخصيات ثانوية قد تُمنح مساحة أكبر، وربما تتغير بعض النهايات.

وفي مواضع أخرى، يُعاد بناء الحكاية من جديد. فيلم (اللص والكلاب) سار إلى حد كبير خلف الرواية، بينما اتخذ (فتوات بولاق) طريقًا آخر مختلفًا، حتى بدا بعيدًا تمامًا عن عالم الشيطان يعظ. هي ليست خيانة للأصل، ولا أمانة مطلقة. هي تجربة. وكل تجربة تحمل بعض المجازفة، وبعض الحنين، وكثيرًا من التأويل.

ولأن لكل حكاية نهاية، فلنختم بما يشبه اعترافاً:
"لا أحد اقترب من قلب القاهرة كما فعل محفوظ... لقد جعلها تتنفس على الشاشة."
حين تتصفح تاريخ السينما العربية، لا يمكنك تفادي ظلال نجيب محفوظ وهي تتمدد في كل مشهد وزاوية. هذا ليس كاتباً تُقتبس عنه الأفلام، لكنه صانع عوالم تتحول على الشاشة إلى كائنات حية. كتب نجيب محفوظ ما يزيد على 26 سيناريو سينمائياً أصيلاً، كما تحولت نحو 19 من رواياته إلى ما يقارب 27 فيلماً، بعضها أُعيد إنتاجه بلغات أجنبية.

تتقافز أعماله بين الواقعية الاجتماعية التي تُشبه لكمة في المعدة (كما في زقاق المدق وبين القصرين)، والملاحم الشعبية التي تضج بصيحات الفتوات والمطاريد (الحرافيش)، والأفلام الوطنية التي تحمل رائحة البارود ومذاق النضال (جميلة بو حريد، الناصر صلاح الدين). 

وبينما كانت الأفلام تُنتج، كانت فلسفة محفوظ تنسج خيوطها. فهو يعرض المكان ويؤنسنه، فيجعل من الحارة ذاكرة حية، ومن الشخوص وجوه تعرفها من طابور العيش ومحطة الأتوبيس. الواقعية لديه جارحة، تفضح أكثر مما تواسي. وحين يصمت الجميع، يتكلم محفوظ عن السلطة، القهر، الفساد – بصوت منخفض لكنه يصل... ومثلما التهمت أفلامه شباك التذاكر، التهمت ذاكرة الجمهور أيضاً.

طباعة شارك نجيب محفوظ السينما العربية الكلوب المصري

مقالات مشابهة

  • رحلة سول بيلو من مونتريال إلى نوبل.. سيرة نجاح مهاجر
  • منال الشرقاوي تكتب: سينما نجيب محفوظ.. حين صافح الأدب الشاشة الفضية
  • في ألمانيا.. هكذا فقد مغترب لبناني حياته
  • في مواجهة الأدب العالمي .. جديد المركز القومي للترجمة
  • نصية: ستيفاني خوري تجاهلت مبادرتنا لمعالجة الوضع الراهن
  • في ذكرى ميلاده.. أحمد خالد توفيق العرّاب الذي غيّر وجه الأدب العربي
  • "توقفت قدماي وبكيت".. حاج لبناني يصف لحظة رؤيته للكعبة بعد طول انتظار
  • شَظَفُ الطَّبْع
  • توجّه إلى مكة المكرمة لاداء فريضة الحج... أزمة قلبيّة أنهت حياة لبنانيّ في السعوديّة
  • ستيفاني خوري في بنغازي.. وتأكيد على اللامركزية ودعم الخدمات