لماذا فجّرت إسرائيل أجهزة” البيجر”؟ وماهو القادم ؟
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
19 سبتمبر، 2024
بغداد/المسلة:
سمير عبيد
يقال ان الحرب خدعة ، ويقال عسكريا ان كانت لديك قوة خفية لتخيف بها العدو .واياك واستعمالها إلا عند ساعة الصفر ونفاذ جميع الحلول “فقسماً منها لوّح بها ،والقسم الآخر عليك ان تخفيه” لكي يتمادى عدوك ويقترب نحوك وحينها تحدث المباغتة لصالحك.فالكل يسأل كيف تم أجتياح بيئة حزب الله المحصنة ” استخباريا وامنيا ولوجستيا في جنوب لبنان”؟ وكانت بدايتها باغتيال قائد حركة حماس ” صالح العاروري ورفاقه”ثم توالت الاغتيالات والتفجيرات بمربعات لم تخطر على بال قيادة حزب الله انها مخترقة.
حتى جاءت ساعة الصفر واذا بالجاسوس ينام ويشرب ويركب السيارات مع قيادات حزب الله وصولا للقاعدة وهو جهاز ( البيجر) المتوزع بين القيادات والقواعد وحتى عند طواقم السفارة الإيرانية وخلايا الحرس الثوري في لبنان وسوريا والعراق وغيرها.
أين الخدعة ومتى بدأت؟
مورست الخدعة من خلال البارجة الحربية الاميركية العملاقة التي وقفت لأسابيع قبالة وبمحاذاة الشواطىء اللبنانية قبل اشهر وعندما أحتقن الوضع حينها وكادت ان تحصل الحرب . هي هذه البارجة التي مارست ” الخدعة” لانها قامت طواقمها الفنية والحربية والتكنولوجية وعبر الأقمار الاصطناعية الحديثة بمسح كامل لبيئة وتضاريس جنوب لبنان ولجغرافية ومكامن ومقرات ومؤسسات حزب الله فوق الارض وتحت الارض.ومسح وتصوير الحارات والأزقة والبيوت وأرقامها واهميتها .وحتى التجسس على تحركات طواقم وموظفي وعملاء السفارة الإيرانية في لبنان وصولا لمسح كامل لمطار بيروت ومراقبة تحركاته وادارته طيلة فترة مكوث البارجة الاميركية. وكتبت حينها تحليلا ونشرته ،وحذرت من الدور الخطير والذي كانت تمارسه ومارسته تلك البارجة التي نجحت بتأسيس قاعدة بيانات نادرة وغاية في الدقة والسرية / اي كشفت ظهر حزب الله وخطوط تحرك ايران في لبنان والمنطقة .وبالفعل صدق حدسي عندما بدات حرب الاستنزاف بين حزب الله واسرائيل التي بدأت في ٨ اكتوبر ٢٠٢٣ والتي احتدمت جدا قبل شهرين وحتى يومنا هذا وكانت آخر اوراقها تفجيرات البيجر التي لا تخطر على بال أحد !
لماذا تم تفجير ( البيجر )؟
١-كانت اسرائيل وطيلة حرب الاستنزاف التي شنها حزب الله ضدها لمساندة حركة حماس في غزة والتي وضع حزب الله شرطاً لايقافها وهو ايقاف الحرب في غزة. كان حزب الله يمارس حرب الاستنزاف والأرض المحروقة وكانت من هناك إسرائيل تجمع المعلومات السرية والحساسة عن قيادات و تحركات واجتماعات وخطط حزب الله عبر اجهزة ( البيجر ) .فكانت هذه الأجهزة المنتشرة في تضاريس قيادات حزب الله وقواعدها وصولا للقيادات المتحالفة معها من الفلسطينيين وصولا للسفارة الإيرانية وخلايا الحرس الثوري كانت تزود إسرائيل بالمعلومات الحساسة ( والتي سهلت استمكان اهداف سرية جدا داخل لبنان وداخل سوريا ومنها على سبيل المثال البيت السري الذي قصفته إسرائيل بجوار القنصلية الإيرانية وقتلت سبعة من قيادات الحرب الثوري وتلتها عمليات نوعية اخرى ) بحيث اتهم الإيرانيون ضباطاً ومسؤولين سوريين بتسريب تلك الاسرار إلى إسرائيل. بحيث ذهب حزب الله فوضع خطة استهداف الابراج الاستخبارية الاسرائيلية المتقدمة ظنا منه انها وراء الاستمكان والاستهداف . فردت اسرائيل على حزب الله باغتيالات نوعية جدا بين قيادات حزب الله حتى وصل الاغتيال إلى أهم شخصية عسكرية وقيادية بعد السيد حسين نصر الله وهو القائد العسكري الكبير فؤاد شكر ( الحاج محسن )والذي لا يعرف تحركاته إلا نصر الله وعدد قليل جدا جدا ( ولكن حال دخوله العمارة السكنية التي يسكنها تم تفجيره ) بحيث كانت ضربة شديدة الالم على حزب الله والسيد نصر الله وعلى عمل المقاومة ضد إسرائيل .لاسيما وان فؤاد شكر كان مكلف ان يفتح جبهة ( الجولان) قريبا ضد اسرائيل. فرد حزب الله انتقاما فضرب القاعدة الاستخبارية السرية والحساسة والعملاقة في المنطقة كلها وهي قاعدة 8200 ظنا منه انها وراء استمكان واغتيال الحاج محسن ورفاقه !
٢-وعندما يأس حزب الله من ايجاد الجاسوس او الجواسيس وضع خطة وهي ( فحص جميع اجهزة الاتصال ) داخل بيئة حزب الله وداخل جغرافية القيادات والقواعد ( وبالفعل ظهر السيد نصر الله بخطاب متلفز وحذر من استعمال الهواتف والمسجات وغيرها ) هنا شعرت اسرائيل بالخطر وانها سوف تفقد ( جاسوسها السوبر وهو البيجر ) فقررت تفجيره قبل ان يصل اليه الفنيون من حزب الله. وهنا ضحت اسرائيل بأخطر وأكبر شبكة تجسس كانت تعمل لصالحها من خلال اجهزة ( البيجر ) ووفرت لإسرائيل قاعدة بيانات كبيرة وخطيرة .فقررت جعلها سلاح حرب ففجرتها في حواصر وأحزمة وسيارات ومقرات ومكاتب الذين كانوا يعتمدون عليها في الاتصال والتواصل في لبنان. (( ولكن فقدت بذلك إسرائيل اعظم قاعدة بيانات، وعندها سوف يتحرر حزب الله من هذا العبء الخطير الذي كلفه الكثير وهو جهاز البيجر ))!
إسرائيل مضطرة لشن الحرب !
هنا أصبحت إسرائيل بين خيارين بطعم العلقم . ١-فأما تبقى صامدة بحرب الاستنزاف وخطوات الارض المحروقة وتتحمل ألمها وهي طبعا لصالح حزب الله ” بحيث سوف يضطر الحزب لاستعمال اسلحة اخرى من جهة وسيوسع اهدافه داخل اسرائيل من جهة اخرى ”
٢- او تقوم اسرائيل بشن الحرب العسكرية ضد حزب الله وجنوب لبنان بهدف ابعاد حزب الله إلى ماوراء نهر الليطاني وتحقيق منطقة آمنة عبر تسوية دولية استنادا إلى القرار الأممي رقم 1701،( ونحن نتوقع ذلك) .لان إسرائيل وبعد ان فقدت قاعدة البيانات التجسسية التي كان يوفرها لها جهاز ” البيجر” فسوف تبادر بالحرب من اجل اخذ زمام المبادرة وقبل ان يلملم حزب الله اوراقه وجراحه بعد تفجيرات ( البيجر)وبنفس الوقت لتستغل الوقت الحرج التي تمر به ادارة بايدن والولايات المتحدة والمتمثل بالانتخابات الاميركية لتجر امريكا معها نحو هذه الحرب.
والمؤشرات تشير ان الحرب الشاملة قادمة . ولكن لغة الميدان سوف تكون بيد حزب الله ومحور المقاومة على ما أعتقد ” والله اعلم ” .ونسأل الله ان لا تقع اي الحرب !
إلى اللقاء في مقال لاحق عن الموقف الايراني !
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: قیادات حزب الله حرب الاستنزاف فی لبنان نصر الله
إقرأ أيضاً:
لماذا أُثيرت قضية “خور عبدالله” ومن يقف وراءها
آخر تحديث: 2 غشت 2025 - 9:47 صبقلم: سمير عادل المأساة ليست في مَن يبيع الأوهام، إنما في مَن يشتريها دون أن يدرك أنه وقع في كمين سياسة التضليل. وعند إدراك الحقيقة، لا يمكن حتى إعادتها إلى صاحبها أو إعادة بيعها للتخفيف من وجع السقوط فيها.السيادة، بالمفهوم البرجوازي للدولة القومية، غير موجودة في العراق. فهناك أكثر من خمسين نقطة وقاعدة وموقع عسكري تركي في كردستان العراق، فلا ذكر لها في الإعلام حتى من باب تسجيل موقف. أما الميليشيات المنضوية في “الحشد الشعبي”، التي أُقرت شرعيتها بقانون صادق عليه مجلس النواب عام 2016، فيعلن رئيس أركانها “أبوفدك” أنه ينتظر أوامر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، للرد على إسرائيل إثر اغتيالها لرئيس المكتب السياسي لحماس في طهران قبل أشهر. ولا حديث ولا حتى عتابا بين “الأحبة” – حكومة السوداني ووزرائها – على هذا التصريح. وهناك مجموعات أخرى تصرّح بأن نزع سلاحها على يد الحكومة مجرّد “وهم”، بل تقوم بتهديد الحكومة العراقية إذا ما أقدمت عليه. وبين هذا وذاك موسِم المسيّرات في ضرب الحقول النفطية في دهوك والسليمانية ومطار كركوك، في بلدٍ ليس لمسؤوليه شغلٌ ولا شاغلٌ سوى العويل والبكاء على حصر السلاح بيد الدولة وقدسية السيادة. من جهة أخرى، حوّلت إيران وإسرائيل السماء العراقية خلال 12 يومًا من القتال إلى ساحة للعبة كرة المنضدة، حيث يضرب كل منهما الآخر من خلالها. كما أن إيران بين الحين والآخر تقصف مدينة أربيل بحجة استهداف “أوكار الجواسيس الإسرائيليين،” في حين أن أكبر وكر للتجسس على إيران والمنطقة بأكملها هو السفارة الأميركية في بغداد، التي تُعدّ واحدةً من أكبر سفاراتها في العالم ويبلغ عدد موظفيها أكثر من 5000 شخص، ومع ذلك فهي محروسة من قبل “الحرس الثوري” وميليشياته الولائية في العراق. ورغم كل هذا، ترتفع سخونة الاحتجاجات والمطالبات حول “خور عبدالله” والبكاء على سيادة العراق!
لماذا هذه الضجة الآن حول “خور عبدالله”، ومن يقف وراءها؟
اتفاقية “خور عبدالله” هي حصاد هزيمة العراق في احتلاله للكويت، وصادقت عليها حكومة المالكي الثانية في 29 أبريل 2012، ووقعها وزير النقل هادي العامري. وتحولت إلى قانون مرقّم 42 عام 2013، بعد مصادقة البرلمان ثم توقيع الرئاسة عليها، ونُشرت في جريدة “الوقائع العراقية” العدد 4299 الصادر في 25 نوفمبر 2013، وأُودعت في صندوق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية. ثلاثة مشاهد ساخرة في “الصحوة الوطنية” التي اجتاحت اليوم عقول وصدور عدد من السياسيين في الأحزاب والميليشيات الإسلامية “الولائية”: المشهد الأول، عددٌ ممن يرفعون اليوم لواء الوطنية والسيادة ويتباكون بحرقة على “خور عبدالله”، وكانوا جزءًا من حكومة نوري المالكي التي وقّعت على الاتفاقية عام 2012. أما المشهد الثاني، فهو إلغاء الاتفاقية أو إبطال قانون التصديق عليها بعد عشر سنوات من المصادقة عليها، وتحديدًا في 4 سبتمبر 2023، وهو ما يطرح تساؤلات جدّية حول التوقيت والدوافع. والمشهد الأخير، أن القاضي فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى، كان شاهدًا على قرار المحكمة الاتحادية بإبطال القانون، وهي محكمة تُعدّ جزءًا من مجلس القضاء الأعلى الذي يتحكم به زيدان نفسه. لكنه اليوم، وبعد سنتين من القرار، يفاجئنا بمقالٍ في صحيفة “الشرق الأوسط” (الصادرة في 25 يوليو) يقول فيه إن إلغاء قانون الاتفاقية غير قانوني! ما كان يقف خلف إبطال الاتفاقية في 2023، هو ببساطة نفوذ إيران في العراق والمنطقة. فعندما تصاعد الخلاف بينها وبين الكويت بشأن حقل الدرة النفطي والغازي الواقع في منطقة “خور عبدالله”، حركت طهران أذرعها في العراق للضغط على الكويت من خلال إبطال الاتفاقية. فما الذي تغيّر اليوم في المشهد السياسي، حتى ينقسم أهل “الإطار التنسيقي” من نواب وبرلمانيين وسلطة تنفيذية وقضائية إلى “خونة” و”وطنيين”، وإلى من يبكي بحرقة أشد من حرّ صيف العراق على السيادة و”خور عبدالله”، ومن يُتّهم ببيع العراق بـ”رخص التراب”؟ الجواب ببساطة، إنه الشرق الأوسط الجديد؛ التحولات الكبرى عصفت بالمنطقة، وفي القلب منها تراجع النفوذ الإيراني.هذه الرياح دفعت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إلى “الاستيقاظ من الغفوة الوطنية” – إن صح التعبير – ومحاولة اللحاق بالركب الجديد الذي تتجه سفنه نحو الغرب. إنَّ السوداني، الذي غرق مدة سنتين في “الصحوة الوطنية” الإيرانية، يحاول اليوم الانسحاب من موقف إلغاء الاتفاقية بهدف تحسين موقعه السياسي أمام الكويت، بوصفها بوابة الخليج وبالتالي المحيط العربي، بما يمنحه فرصة لتعزيز فرص تجديد ولايته بعد انتخابات نوفمبر المقبلة، وإعادة التموضع سياسيًا بعد تراجع مكانة الجمهورية الإسلامية، من خلال خلق مسافة بينه وبين طهران، في محاولة لكسب رضا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وإظهار عدم خضوعه للنفوذ الإيراني – على الأقل في هذه المرحلة – بعد فشله في كبح جماح الميليشيات ومحاولة تقويض خصومه السياسيين من حلفاء إيران داخل العراق، عبر تقديم نفسه كلاعب مستقل ومتوازن. في المقابل، يحاول خصوم السوداني استخدام ورقة “خور عبدالله” للظهور بمظهر المدافع عن السيادة، ووصمه بالخيانة، واتهامه بعدم الأهلية لحماية مقدرات العراق، بهدف النيل منه انتخابيًا.
معضلة “خور عبدالله” لا تكمن في مَن باعها أو مَن اشتراها، ولا في التنازع بين التخوين والوطنية، ولا حتى في ما إذا كان التنازل عنها قانونيًا أم غير قانوني. فجميع الأطراف التي صادقت على الاتفاقية من مختلف الأطراف والأطياف في حكومة المالكي والبرلمان، بمختلف انتماءاتها، سبق أن قدمت ثروات العراق وجماهيره على طبق من ذهب للغزاة الأميركيين مقابل تنصيبهم في السلطة. المعضلة الحقيقية تكمن في غياب الحصانة السياسية لدى الجماهير، ما يجعل من السهل اللعب على عواطفها وجرّها إلى أتون الصراع السياسي، مع التعمية على ما وراء هذا الصراع من ضحك على الذقون، في موسم بات معروفًا بـ”الاصطياد في المياه العكرة.” الإعلام المأجور والمشبوه، المملوك للأحزاب والميليشيات، ومعه جوقة السياسيين، لم يفتحوا أفواههم يومًا، ولم يثيروا أيّ ضجة حول حقيقة أن الحكومات العراقية المتعاقبة دفعت أكثر من 52 مليار دولار إلى صندوق التعويضات للكويت. إن التغيير الجذري في العملية السياسية وإنهاء عمر هذه السلطة هو الطريق الوحيد لحماية مقدّرات الجماهير وثرواتها وضمان توزيعها بشكل عادل. وذلك لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حكومة غير قومية وغير دينية، أي علمانية، تقرّ دستورًا وقانونًا مدنيًا ضامنًا للمساواة المطلقة بين جميع المواطنين، دون أي تمييز على أساس القومية أو الدين أو الطائفة أو الجنس.