شركات الذكاء الاصطناعي في خطر.. والسبب الاستثمارات الكبيرة
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
تحول الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة إلى الصيحة الأهم في قطاع التقنية، وهذا بفضل الاهتمام العالمي به، سواء كان من الشركات التي تسعى لدمجه وسط تقنياتها أو تطوير تقنيات جديدة تعتمد عليه بالكامل أو من المستخدمين الذين اتجهوا إليه بكثرة، مما جعل منصة "شات جي بي تي" الأسرع نموا في العقد الأخير من ناحية عدد المستخدمين، إذ تمكنت من الوصول إلى أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا في سبتمبر/أيلول الجاري.
كان هذا النجاح جاذبا للعديد من الكيانات الاستثمارية من أجل ضخ الأموال في هذه التقنية طمعا في النجاح والعائد الذي يليه عند تحقيق الأهداف المرجوة.
وكانت تلك اللحظة بمثابة لحظة بدء عصر الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، إذ ركضت كافة الشركات إلى ضخ أموالها فيها، بدءا من "مايكروسوفت" التي وضعت رهانها على "شات جي بي تي"، وحتى الصناديق الاستثمارية، وهو الأمر الذي كان جاذبا لرواد الأعمال من أجل تقديم نماذج وشركات الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم.
وبعد أن هدأت هذه الموجة قليلا خرج بنك "باركليز" في تصريح مفاجئ يؤكد عبره أن الذكاء الاصطناعي ليس الاستثمار الأذكى في عام 2024.
تكاليف تآكل مرتفعةأصدر بنك "باركليز" بيانا بشأن توقعاته لشركات الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب، أي خلال العامين القادمين.
ومن خلال هذا البيان أشار البنك إلى نسبة التآكل أو الاستهلاك في معدات الذكاء الاصطناعي مرتفعة أكثر من اللازم، وهو الأمر الذي يجعل أرباح الشركة تتآكل بشكل أسرع من المعتاد خافضة في النهاية صافي الأرباح المتوقعة من استثمارات الذكاء الاصطناعي.
واعتمد "باركليز" في تحليله لمستقبل هذه الشركات على زاوية بعينها، وهي أن تكلفة الحصول على شرائح الذكاء الاصطناعي وبناء خوادم للذكاء الاصطناعي في الوضع الحالي مرتفعة للغاية، وبالتالي يصبح ضروريا توزيع هذه التكلفة على فترة الاستخدام المتوقعة لمعدات وشرائح الذكاء الاصطناعي، وهو الإجراء المتبع بكثرة في كافة المعدات والتكاليف التي تمتلكها أي شركة في أي قطاع بالعالم.
لكن أزمة معدات الذكاء الاصطناعي تكمن في أن دورة حياتها أقصر من بقية معدات الشركات، وهذا يعني أن قيمة الاستثمار وبناء خوادم الذكاء الاصطناعي مهما كانت كبيرة فإنها يجب أن تقسم على فترة زمنية أقصر قد تصل إلى عام أو عامين، وذلك قبل أن تحتاج الشركة إلى الاستحواذ على شرائح جديدة لتشغيل تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ويرجح روس ساندلر محلل شركات الإنترنت في "باركليز" أن بعض شركات الذكاء الاصطناعي تحاول مد فترة الاستفادة من خوادمها بشكل كبير إلى 5 أو 6 سنوات، وذلك من أجل خفض نسبة التآكل قدر الإمكان، مما يساهم في زيادة معدل الأرباح، لكن هذا قد لا يكون سهلا مع آلية طرح الشرائح والمنتجات الجديدة التي تتبعها "نفيديا" رائدة شرائح الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي.
ويقول تيد مورتنسون المدير التنفيذي والمخطط التقني لشركة "بيرد" المتخصصة في إدارة صناديق الاستثمار والأسواق المالية إن دورة تطوير الشرائح الجديدة الشرسة في "نفيديا" تجعل من محاولة خفض قيم التآكل محاولة صعبة.
ووصف مورتنسون جهود الشركة بأنها رياح معاكسة ضد محاولة رفع أرباح الشركات المستثمرة في هذه التقنية.
ويبدو أن "نفيديا" تنوي اتباع آلية طرح بطاقات الذكاء الاصطناعي بالشكل ذاته المستخدم في البطاقات الرسومية، إذ تنوي الشركة طرح بطاقة جديدة كل عام، وهذا يعني أن كل بطاقة جديدة تطرحها الشركة تملك مزايا أكثر قوة من الجيل السابق، وبالتالي يصبح هناك معيار جديد للأداء يجبر الشركات على الترقية إلى بطاقات الجيل الجديد.
ويستمر "باركليز" في توقعات نسبة التآكل المتزايدة، ويشير إلى شركة مثل "ألفابت" المالكة لمحرك البحث "غوغل" تبلغ قيمة تآكل الموارد الخاصة بها في الوقت الحالي 22.6 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 28 مليار دولار بحلول عام 2026 مسجلة ارتفاعا بقيمة 24%.
وكذلك الأمر مع "ميتا" الذي يتوقع أن تصل مبالغ التآكل لديها إلى 30.8 مليار دولار مقارنة بـ21 مليارا في الوقت الحالي، مسجلة ارتفاعا بنسبة 47%.
ويؤكد ساندلر أن هذا الوضع مستمر على جميع الشركات التقنية المنخرطة في تقنيات الذكاء الاصطناعي مهما كان حجمها.
أين العائد على الاستثمار؟لكن مورتنسون يرى أن السؤال الحقيقي الذي على الشركات الإجابة عنه ليس في تكاليف تقنيات الذكاء الاصطناعي أو بنائها، بل بشأن العائد على الاستثمار في هذه الشركات، إذ يطرح تساؤلا عن مصير استثمارات "وول ستريت" التي تجاوزت 200 مليار دولار في هذا القطاع والعائد على الاستثمار المتوقع لهذه الاستثمارات.
وأكد أن الوقت ما زال باكرا على جني أي أرباح من تقنيات الذكاء الاصطناعي، متوقعا أن تبدأ هذه الأرباح بالظهور في 2026 كحد أقصى، فهل تستطيع الشركات النجاة حتى ذلك الوقت؟
وفي حال كون العائد على الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي مرتفع فإن كل المخاوف المتعلقة بتكلفة الاستثمارات وتكلفة التآكل المرتفعة ستختفي بشكل كلي، وسيصبح الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي استثمارا في محله.
وهناك جانب آخر يجب النظر إليه، وهو علاقة شركات التقنية العملاقة مع "نفيديا" وشرائحها، إذ تخرج "نفيديا" رابحة عبر زيادة تكاليف الشركات الأخرى، وكلما قدمت جيلا جديدا أكثر قوة من الجيل السابق فإن هذا يجبر الشركات على الترقية إلى الجيل الجديد ودفع تكاليفه منذ البداية.
ورغم أن الشركة تتبع هذا الأسلوب مع بطاقات اللاعبين والمستخدمين المعتادين فإن سلوكا مثل هذا قد يثير حفيظة الشركات الكبيرة، فضلا عن بعض الجهات القانونية، فهل تستمر "نفيديا" في هذه العلاقة السامة؟ أم تبتكر آلية جديدة تجيب مخاوف الشركات وتخفض خسائرها؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تقنیات الذکاء الاصطناعی شرکات الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی على الاستثمار الاستثمار فی ملیار دولار فی هذه
إقرأ أيضاً:
وضع الذكاء الاصطناعي يصل إلى الشاشة الرئيسية في هواتف أندرويد
تشهد خدمة بحث Google تحولًا جذريًا في الفترة الأخيرة، والمحرك الرئيسي لهذا التغيير ليس سوى الذكاء الاصطناعي.
فعملاق البحث يعمل على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل جوانب تجربة المستخدم، بدءًا من كيفية عرض النتائج ووصولًا إلى طريقة التفاعل معها.
والآن، تأتي خطوة جديدة لتعزيز هذه التجربة، إضافة اختصار مباشر لوضع الذكاء الاصطناعي على الشاشة الرئيسية لهواتف أندرويد.
اختصار جديد لبدء البحث الذكي بضغطة واحدةأطلقت Google اختصارًا دائري الشكل يظهر ضمن أداة البحث (Search Widget) على الشاشة الرئيسية، إلى جانب أيقونتي الميكروفون وGoogle Lens، ويتيح هذا الاختصار فتح واجهة بحث بملء الشاشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في تجربة أقرب لما يشبه الدردشة التفاعلية الذكية.
ظهر هذا الاختصار لأول مرة في أبريل لبعض مستخدمي النسخة التجريبية، ثم اختفى لفترة، قبل أن يعود مجددًا ويبدو أنه سيبقى رسميًا هذه المرة.
ويمكن تفعيله بسهولة من خلال الضغط المطول على أداة البحث، ثم اختيار "تخصيص" ومن ثم التوجه إلى قسم "الاختصارات" لتفعيل "AI Mode" الذي أصبح الخيار الثاني في القائمة.
الاختصار متوفر الآن لمستخدمي النسخة التجريبية والمستقرة من تطبيق Google (الإصدار 16.28) على نظام أندرويد. ويعتبر هذا الاختصار أسرع وسيلة للوصول إلى وضع الذكاء الاصطناعي، خاصة لمستخدمي الهواتف غير التابعة لعائلة Pixel.
لكن يجدر بالذكر أنه إذا لم يكن المستخدم مشتركًا في برنامج "Search Labs"، فقد تبدو الواجهة كما كانت سابقًا. ففي هذه الحالة، سيظهر الاختصار على شكل شريط صغير أسفل شريط البحث، ولن يتمتع بتصميم واجهة المستخدم الجديدة المتكامل مع خلاصة Discover أو ميزة "Search Live".
مزايا جديدة ضمن تجربة البحث الذكييتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي في بحث Google بشكل ملحوظ. فقد تم إطلاق ميزة AI Overview، التي تتيح تعميق نتائج البحث باستخدام ثلاثة أزرار تكميلية تفاعلية.
كما أصبح بإمكان Google إجراء مكالمات هاتفية نيابة عن المستخدم للأنشطة التجارية، بالإضافة إلى التعامل مع مهام بحثية معقدة.
إلى جانب ذلك، يجري حاليًا طرح ميزة Search Live، التي تسمح للمستخدم بالتحدث بطريقة طبيعية والحصول على إجابات فورية.
كما أن وضع الذكاء الاصطناعي AI Mode يتم توسيعه ليشمل خاصية "الدائرة للبحث Circle to Search"، مع دعم أفضل للألعاب وتحسينات في العرض البصري.
تطور مستمر... ولكن ليس دون تحفظاترغم أن هذه التحديثات تسعى لتوفير الوقت وتحسين كفاءة البحث، إلا أن هناك بعض المخاوف.
إذ يرى البعض أن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في تقديم نتائج "متوقعة" قد يُضعف روح الاستكشاف، ويقلل من فرص العثور على محتوى جديد لم يكن المستخدم يبحث عنه أساسًا.
هكذا تدخل Google عصرًا جديدًا من البحث الذكي، لكن يبقى السؤال مطروحًا: هل ستجعلنا هذه الأدوات أكثر ذكاءً أم فقط أكثر كفاءة؟ الإجابة لا تزال غير محسومة.