مع تواصل تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية وبرامج التحول الوطني التي تستهدف تسريع تحقيق مستهدفات رؤية "عمان 2040" حققت سلطنة عمان خلال الفترة الماضية تحسنا كبيرا في مكانتها في عدد من المؤشرات الدولية المرتبطة بالابتكار والتحول الرقمي، حيث تقدمت خلال الأسبوع الماضي 9 مراكز في التصنيف العالمي لمؤشر الحكومة الإلكترونية لتحل في المرتبة 41 عالميا من بين 193 دولة، وذلك في مسح الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية لعام 2024، كما سبق ذلك ارتفاع تصنيف سلطنة عمان في مؤشر الابتكار العالمي حيث تقدمت 10 مراتب في تقرير مؤشر الابتكار العالمي لعام 2023 الذي تصدره المنظمة العالمية للملكية الفكرية، لتحصد المرتبة 69 عالميًّا من بين 132 دولة، وحلت سلطنة عمان أيضا في القائمة الأولى عالميًا للدول الأكثر جاهزية في الأمن السيبراني ضمن نسخة عام 2024 للمؤشر العالمي للأمن السيبراني الذي أعلنه الاتحاد الدولي للاتصالات، وحصلت سلطنة عمان على 97.

02 نقطة هذا العام مقارنة مع 96 نقطة في مؤشر عام 2020.

ويعكس هذا التحسن في المؤشرات الدولية التقدم المتواصل في التحول الرقمي في سلطنة عمان التي تعزز خطواتها نحو الحكومة الذكية المتكاملة والمجتمع الرقمي الشامل وإيجاد البيئة الداعمة للابتكار، للوصول إلى جهاز حكومي يتمتع بالكفاءة والمرونة في التعامل مع متطلبات التنمية في الحاضر والمستقبل.

ويحقق التحول الرقمي انعكاسات إيجابية عديدة على كفاءة الخدمات الحكومية ورفع تنافسية الاقتصاد الوطني، حيث توسعت سلطنة عمان بشكل كبير في تبسيط الإجراءات الحكومية ودمج التكنولوجيا المتقدمة في الخدمات الحكومية من خلال المنصات الإلكترونية التي يتم من خلالها إنجاز التراخيص والخدمات الإسكانية والبيئية واللوجستية والمالية وغيرها من الخدمات التي يستفيد منها المواطن والمستثمر، كما يمتد التوسع في المنصات الإلكترونية إلى قطاعات ذات أهمية كبيرة في تحقيق المستهدفات الاجتماعية والتنموية مثل سوق العمل حيث تم مؤخرا تدشين منصة توطين ونظام طلبات التوظيف بهدف التنفيذ الفعال للاستراتيجية الوطنية للتشغيل في مختلف القطاعات الاقتصادية، وإيجاد بيئة عمل رقمية متقدمة ومحفزة لجميع الجهات ذات العلاقة بالتشغيل.

ومهدت سلطنة عمان الطريق للتحول الرقمي الشامل بتنفيذ برنامج التحول الرقمي الحكومي 2021- 2025 "تحول" وما صاحبه من مبادرات تعزز تسهيل وتبسيط كافة الخدمات للمستفيدين وإجراءات الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية والمناطق الاقتصادية الخاصة والحرة والمدن الصناعية والحرة مما ينعكس إيجابا على تنافسية سلطنة عمان وقدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية.

ويعد برنامج "تحول" من أهم البرامج الوطنية الداعمة لتحقيق مستهدفات رؤية "عمان 2040" حيث يدعم مستهدفات برنامج الاقتصاد الرقمي، ويسهم في بناء مجتمع رقمي شامل ومستدام وتعزيز الابتكار في تقديم الخدمات الرقمية، وترويج الخدمات الرقمية الحكومية ليتم تداولها على نطاق واسع، وبنهاية سبتمبر من العام الماضي بلغ معدل الأداء العام لبرنامج "تحول" 53 بالمائة، ويعزز البرنامج تقدمه نحو تحقيق مستهدفاته بحلول نهاية العام المقبل من خلال التوسع في رقمنة الخدمات وتسهيل الوصول إليها، وتسريع التحول الرقمي في القطاعات الحكومية وفق المخطط، ومن خلال تنفيذ "تحول" تم تبسيط إجراءات 2199 خدمة ورقمنة 61 بالمائة من الخدمات الأساسية خلال الفترة من 2021 - 2023.

وفي الوقت ذاته شهدت المعاملات عبر المنصات الإلكترونية الحكومية زيادة ضخمة في عدد المعاملات وتوسعا في نطاق الخدمات المقدمة، حيث تم إنجاز 487 ألف معاملة عبر منصة "عُمان للأعمال" التابعة لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار خلال النصف الأول من عام 2024، ومنذ تدشينها في عام 2020 تم إنجاز أكثر من 429 ألف معاملة عبر منصة "نقل" وأسهمت المنصة في إيجاد 14 تطبيقا إلكترونيا لتسهيل الخدمات اللوجستية في مجالات النقل بالحافلات وسيارات الأجرة ونقل البضائع، كما شهدت منصة التراخيص البيئية توسعا في رقمنة خدماتها، حيث أعلنت هيئة البيئة مؤخرا أن 100 بالمائة من خدماتها في التراخيص والتصاريح البيئية إلكترونية، بعد أن انتهت من أتمتة 7 خدمات ورقية جديدة وتحولت إلى خدمات إلكترونية يتم تقديمها عبر منصة "سهل"، كما يأتي إطلاق بوابة الخدمات الإلكترونية من قبل بلدية مسقط كتقدم جديد في التحول الرقمي وتنفيذ التوجه نحو اللامركزية وتمكين المستفيدين من إنجاز معاملاتهم دون الحاجة إلى زيارة مكاتب البلدية.

ولتعزيز البيئة المواتية للابتكار في سلطنة عمان، تنطلق يوم الأحد المقبل عيادة البحث العلمي والابتكار "تمكين" والتي تستهدف تعزيز التكامل بين القطاع الحكومي والمؤسسات المنتجة للمعرفة والقطاعات الإنتاجية، وإقامة الشراكات الفاعلة والمحفزة لدعم تنفيذ المبادرات الاستراتيجية لدعم منظومة الابتكار الوطنية، كما تتوسع سلطنة عمان في إتاحة المعلومات والبيانات وتعزيز شفافية الأداء الحكومي، حيث تم إصدار سياسة البيانات المفتوحة في عام 2020 والتي تحدد المعايير الأساسية للبيانات المفتوحة وقد قام عدد متزايد من الجهات الحكومية بنشر البيانات المفتوحة عبر المواقع الالكترونية خلال السنوات الماضية، وتعمل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات حاليا على مشروع إنشاء منصة البيانات المفتوحة، ومن المتوقع إطلاقها تجريبيا نهاية هذا العام، وتوفر هذه المنصة كما هائلا من البيانات المفتوحة في مختلف المجالات والقطاعات وستكون منصة موحدة لإتاحة ونشر البيانات المفتوحة التي يتم إنتاجها وجمعها في وحدات الجهاز الإداري للدولة، حيث أصبحت جميعها ملزمة بإتاحة بياناتها للاستخدام العام للأغراض البحثية والتجارية. وتعد البيانات المفتوحة من الأدوات الرقمية المهمة التي تدعم اتخاذ القرار وتظهر قدرة الجهاز الحكومي على مواكبة التطور التقني، كما تعد مصدرا غنيا لرفد الدراسات والبحوث بالإحصائيات والبيانات والمعلومات المحدثة والموثوقة فضلا عما تقدمه من دعم لشركات القطاع الخاص من خلال تمكينها من الاطلاع على مختلف التطورات الاقتصادية وتحديد توجهاتها الاستثمارية واتخاذ قرارات مناسبة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: البیانات المفتوحة التحول الرقمی سلطنة عمان من خلال

إقرأ أيضاً:

"قمة البنوك والتكنولوجيا" تستعرض دور التحول الرقمي في دفع عجلة الابتكار المستدام

 

 

 

 

مسقط- الرؤية

اختُتمت، الثلاثاء، أعمال "قمة البنوك والتكنولوجيا 2025"، والتي نظَّمتها "ذا أريبيان ستورز" وسط حضور نوعي ضم ممثلين عن الجهات المصرفية والتنظيمية والتقنية والأمنية من داخل وخارج سلطنة عمان؛ حيث شكَّلت القمة مساحة فكرية عميقة لنقاش التحديات المستقبلية التي تُواجه القطاع المالي في ظل الطفرة الرقمية المتسارعة.

وقال نيشاد بديارات مؤسس "ذا أربيان ستورز" رئيس اللجنة المنظمة للقمة، خلال الكلمة الافتتاحية: "تأتي قمة البنوك والتكنولوجيا 2025 في لحظة مفصلية من تاريخ التحوُّل الرقمي في المنطقة؛ حيث باتت البنوك والمؤسسات المالية أمام تحدٍّ مزدوج: التكيُّف السريع مع الابتكارات التقنية المتسارعة، وضمان الاستدامة والسيادة الرقمية في آنٍ واحد، ولقد حرصنا على أن تكون أعمال هذه القمة بمثابة منصةً فاعلة تجمع تحت مظلتها صنّاع القرار، وروّاد التكنولوجيا، وخبراء الأمن السيبراني، لتبادل الرؤى، وتشكيل ملامح المستقبل المالي لعُمان والمنطقة".

وقدَّم الدكتور محمد فخري سوالمة المدير الأول للاستثمار الوقفي في بنك نزوى، الكلمة الرئيسية للقمة؛ مُستعرضًا فيها الرؤى الإستراتيجية حول التحول الرقمي والاستثمار الوقفي المستدام.

وقال سوالمة: "إنَّ التحول الرقمي لم يعد خيارًا مؤجَّلًا أو ترفًا مؤسسيًّا، بل ضرورة وجودية لتحديث البنى الاقتصادية، وتعزيز كفاءة الأنظمة المصرفية، بما يكفل لها البقاء والازدهار في عالمٍ بالغِ التغير، ولقد بات من الضروري إعادة تشكيل أدواتنا الوقفية بما يُواكب العصر الرقمي، دون المساس بجوهر المقاصد الشرعية؛ وذلك عبر تبني نماذج استثمارية ذكية، مستندة إلى معايير الحوكمة، ومرتكزة على التقنية والابتكار، ومؤطَّرة برؤية واضحة للتنمية المستدامة، وإنّ من شأن هذه الرؤية المتجددة أن تفتح آفاقًا جديدة للتمكين الاقتصادي والاجتماعي، في بيئة مصرفية آمنة، مرنة، ومتصلة بالإنسان واحتياجاته".

وانطلق أولى جلسات القمة بكلمة لفيكتور لاريونوف الشريك الإداري الأول في مجموعة  (Introduct)، وهو من أبرز الخبراء العالميين في مجالات التحول الرقمي وتطوير البرمجيات، موضحا: "ما تطرحه قمة البنوك والتكنولوجيا 2025 من محاور يُعزّز قناعتي بأن القطاع المالي الذي لا يُعيد هندسة بنيته الرقمية اليوم، سيتحول غدًا إلى هامش المنظومة الاقتصادية، والمستقبل المصرفي يُصنع الآن عبر قرارات جريئة، واستثمارات ذكية في الذكاء الاصطناعي، والسحابة، والحماية السيبرانية، ومن موقعنا كشركة قادت تحولات في أسواق عالمية، نؤمن بأن التحول الرقمي ليس رحلة تقنية فقط، بل تغييرٌ جذري في نمط التفكير، والثقافة المؤسسية، وتجربة العميل".

وتحت عنوان "الاستدامة والمصارف"، انطلقت الجلسة الثانية من القمة، والتي أدارها بول جورج، بمشاركة نخبة من المتخصصين من ممثلي القطاع المصرفي في سلطنة عُمان؛ هم: عمار عسكري رئيس قسم تجربة الزبائن في بنك ظفار، وسلمان كباني رئيس إدارة المخاطر المؤسسية في بنك نزوى، وحمزة اللواتي الرئيس التنفيذي لشركة "وديعة"، إلى جانب ممثل عن بنك عُمان العربي.

وناقشت الجلسة جملة إشكاليات عميقة التي تواجه البنوك في ظل تحوُّل بيئتها الرقمية بوتيرة متسارعة؛ وسُبل دمج مبادئ الاستدامة في صلب العمليات المصرفية، واستكشاف آفاق التمويل الأخضر، وأدوات الاستثمار المستدام، وآليات التكيّف مع المتطلبات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) في ظل تغيرات الأسواق العالمية.

كما بحثت الجلسة دور التحول الرقمي في دفع عجلة الابتكار المستدام، وإعادة تشكيل العلاقة مع العملاء وفق مفاهيم الشفافية، والتمكين المالي، والشمول الاقتصادي. وتناول المشاركون أيضًا التحديات التي تواجه البنوك في التوفيق بين أهداف الربحية ومتطلبات المسؤولية المجتمعية، إلى جانب استعراض ممارسات رائدة من القطاع المصرفي العُماني، تُجسِّد الانتقال نحو منظومات مصرفية أكثر وعيًا واستدامةً، ضمن التوجُّهات الاستراتيجية لرؤية "عُمان 2040".

وسلطت الجلسة الثالثة والختامية الضوء على التحولات العميقة في مشهد الأمن السيبراني المصرفي؛  وأدارها جيفر المعمري رئيس الأمن السيبراني في شركة فودافون عُمان، بمشاركة نخبة من خبراء الأمن الرقمي؛ هم: المقدم محمد الخروصي مدير الخدمات الرقمية بشرطة عمان السلطانية، الدكتور ناصر العزواني رئيس قسم تقنية المعلومات في بنك العز الإسلامي، وسعيد المصلحي رئيس أمن المعلومات في شركة أوريدو عُمان، وفيصل التوبي المحاضر في أكاديمية الأمن الإلكتروني المتقدم، ووائل الكلباني مهندس المعايير الفنية بهيئة تنظيم الاتصالات.

وأكدت الجلسة على أهمية العنصر البشري بوصفه الحلقة الأهم في بناء ثقافة مؤسسية واعية سيبرانيًا والدعوة إلى برامج تدريب نوعية مستمرة تسهم في سد الفجوة بين الأدوات التقنية والوعي البشري، إلى جانب طرح فكرة تأسيس غرفة عمليات وطنية موحدة تُعنى بالأمن السيبراني المالي وتُسهم في تعزيز التكامل بين شرطة عمان السلطانية والبنوك والجهات التنظيمية وشركات الاتصالات.

مقالات مشابهة

  • المتاحف الروسية تفتح نافذة على التاريخ: معرض “روسيا والشرق” يصل إلى سلطنة عمان
  • خبير تكنولوجيا: التحول الرقمي أصبح ضرورة إستراتيجية
  • معاناة المواطن مع الوثائق..لماذا تعجز الإدارة المغربية عن التحول الرقمي؟
  • اتصالات الشيوخ: التوسع في فتح المحافظ الإليكترونية يساعد في بناء الاقتصاد الرقمي
  • تقدم في مفاوضات صندوق النقد.. وخبير: ذات انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري
  • مبادرة «الرواد الرقميون».. خطوة نحو تمكين الشباب المصري في عصر التحول الرقمي
  • رئيس جامعة قناة السويس: جاهزون لامتحانات نهاية العام وتفعيل التحول الرقمي
  • احمد كوجك: توافر منظومة كاملة للأمن السيبراني في ضوء التحول الرقمي الراهن..ضروري
  • "قمة البنوك والتكنولوجيا" تستعرض دور التحول الرقمي في دفع عجلة الابتكار المستدام
  • تأهل 5 مشروعات عُمانية للتنافس في "منتدى لندن الدولي للعلماء الشباب"