افتتحت مديرية أوقاف الفيوم أربعة مساجد اليوم الجمعة،  بعد الإحلال والتجديد، وذلك بتوجيهات من وزير الأوقاف الدكتور أسامة السبد الأزهري، وهي كالتالي: مسجد مصطفى اللحامي، الشواشنة، مسجد المصطفى، بقرية طبهار، العجميين، مسجد الرحمة، قرية الجعافرة، مركز إطسا،مسجد أبو بكر الصديق -حلفا- إطسا، جاء ذلك بحضور الدكتور محمود الشيمي، وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم، والشيخ يحى محمد مدير الدعوة، ومديري الإدارات الفرعية؛ ليتحدثوا جميعا بصوت واحد تحت عنوان: "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا".


وخلال خطبة الجمعة أكد العلماء أنَّنَا إِذَا تَأَمَّلْنَا تَمْجِيدَ القُرْآنِ الكَرِيمِ لِلْيَوْمِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ عَدَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَجَدْنَا عَجَبًا، حَيْثُ قَالَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ فِي شَأْنِ سَيِّدِنَا يَحْيَى عَلَيْهِ السَّلَامُ،{يَا يَحْيَى خُذِ الكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَينَاهُ الحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِن لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}، فَكَانَ يَوْمُ مَوْلِدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِيلَادًا جَدِيدًا لِلْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالحُكْمِ الرَّشِيدِ، وَالحَنَانِ اللَّدُنيِّ، وَتَأْسِيسًا لِمَعَانِي الطُّهْرِ وَالتُّقَى وَالبِرِّ وَالسَّلَامِ وَالأَمَانِ،وكذلك يَوْمُ مَوْلِدِ سَيِّدِنَا عِيسَى (عَلَيْهِ السَّلَامُ) كان مِيلَادًا جَدِيدًا لِلْعِلْمِ وَبَرَكَتِهِ، وَدَعْوَةً كَرِيمَةً لِلْعِبَادَةِ وَالبِرِّ وَالتَّوَاضُعِ وَالسَّلَامِ، حَيْثُ يَقُولُ سُبْحَانَهُ فِي شَأْنِه عَلَيْهِ السَّلَامُ: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا  وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُ وَيَوْمَ أمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}.
 

كما أوضح العلماء أن ذَلِكَ اليَوْمُ العَظِيمُ الَّذِي امْتَنَّ اللهُ تَعَالَى فِيهِ عَلَى الدُّنْيَا بِمَوْلِدِ الجَنَابِ النَّبَوِيِّ مُحَمَّدٍ (صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ)، فَبَرزَتْ إِلَى الدُّنْيَا عَيْنُ الفُيُوضَاتِ، وَمَعْدِنُ التَّجَلِّيَاتِ، وَيَنْبُوعُ الفَضَائِلِ، وَمَوْرِدُ المَنَاهِلِ، فَقَدْ كَانَ يَوْمًا وُلِدَتْ فِيهِ كُلُّ الفَضَائِلِ وَالشَّمَائِلِ وَالمَكَارِمِ وَالكَمَالِ البَشَرِيِّ وَالجَمَالِ المُصْطَفَوِيِّ، مِيلَادًا لِلْأَمَانِ وَالرَّحْمَةِ وَالإِنْسَانِيَّةِ الكَامِلَةِ، وَإِحْيَاءِ الأَنْفُسِ وَتَزْكِيَتِهَا، وَتَطْهِيرِهَا مِنَ الكَرَاهِيةِ وَالأَحْقَادِ، وَالفَسَادِ وَالإِفْسَادِ، كَانَ مَوْلِدُهُ (صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ) مِيلَادَ رَحْمَةٍ وَنُورٍ وَعِلْمٍ وَأَخْلَاقٍ وَقِيَمٍ وَإِحْيَاءٍ، وَتَعْظِيمًا لِشَأْنِ الوَطَنِ وَبِرِّهِ.
 

وأضاف العلماء أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كَانَ يُخَصِّصُ ذِكْرَى يَوْمِ مَوْلِدِه الشَّرِيفِ يَوْم الاثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ بِالصِّيَامِ فِيهِ؛ تَعَبُّدًا لِرَبِّ العَالَمِينَ وَشُكْرًا لَهُ عَلَى نِعْمَةِ الإِيجَادِ وَالإِمْدَادِ، فَلَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدتُ فِيهِ»، فَنَحْنُ أَحَقُ أَنْ نَشْكُرَ اللهَ تَعَالَى عَلَى تِلْكَ الِمنَّةِ العَظِيمَةِ وَالنِّعْمَةِ الجَسِيمَةِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ تُمْسِ بِنَا نِعْمَةٌ ظَهَرَتْ وَلَا بَطَنَتْ، نِلْنَا بِهَا حَظًّا عَظِيمًا فِي دِينٍ وَدُنْيَا، أَوْ دُفِعَ بِهَا عَنَّا مَكْرُوهٌ فِيهِمَا إِلَّا وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَبُهَا، القَائِدُ إِلَى خَيْرِها، وَالهَادِي إِلَى رُشْدِهَا،فاجْعَلُوا احْتِفَالَنَا بِالمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ رِسَالَةَ سَلَامٍ وَأَمَانٍ وَطُمَأْنِينَةٍ لِلدُّنْيَا بِأَسْرِهَا، لِيَكُنْ هَمُّنَا 

وَشُغْلُنَا إِيْصَالَ رَحْمَةِ اللهِ إِلَى العَالَمِينَ.
وقد شملت الافتتاحات فعاليات البرنامج الصيفي للأطفال،ومقارئ للجمهور،ومقارئ للأئمة. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وكيل أوقاف الفيوم يفتتح مسجد الرحمة بقرية شرف الدين IMG-20240920-WA0066 IMG-20240920-WA0067 IMG-20240920-WA0064 IMG-20240920-WA0065 IMG-20240920-WA0062 IMG-20240920-WA0063 IMG-20240920-WA0060 IMG-20240920-WA0061 IMG-20240920-WA0059 IMG-20240920-WA0058 IMG-20240920-WA0057 IMG-20240920-WA0055 IMG-20240920-WA0056 IMG-20240920-WA0054

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الفيوم أوقاف الفيوم الإحلال والتجديد

إقرأ أيضاً:

«أيَّامُ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ».. موضوع خطبة الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك

حددت وزارة الأوقاف موضوع خطبة الجمعة القادمة بعنوان «أيَّامُ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ»، والهدف من هذه الخطبة هو توعية الجمهور بفضائل ومنزلة يوم عيد الأضحى وأيام التشريق، علمًا بأن الخطبة الثانية تتناول تعزيز قيم التسامح والرفق بالإنسان والحيوان.

موضوع خطبة الجمعة القادمة

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، بَدِيعِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ، وَنُورِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهَادِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، سُبْحَانَهُ، مِنْهُ العَطَاءُ وَالإِمْدَادُ، وَبيَدِهِ الإِشْقَاءُ وَالإِسْعَادُ، لَا تَطِيبُ الأَلْسِنَةُ إِلَّا بِذِكْرِهِ، وَلَا تَعْمُرُ القُلُوبُ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، ونَشْهَدُ أنْ لَا إلهَ إِلا اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، ونَشْهدُ أنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ وَخَلِيلُهُ، صَاحِبُ الخُلُقِ العَظِيمِ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَومِ الدِّينِ، وَبَعْدُ:

فَلَا تَزَالُ نَسَمَاتُ يَوْمِ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ تُدْخِلُ السُّرُورَ عَلَى قُلُوبِنَا، وَأَيَّامٌ عَظِيمَةٌ تَنْتَظِرُنَا أَلَا وَهِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ المُبَارَكَةِ، أَيَّامُ خَيْرٍ وَبَرَكَةٍ، وَرَحْمَةٍ وَمَغْفِرَةٍ، وَفِي فَضْلِها يَقُولُ صَاحِبُ الجَنَابِ الأَنْوَرِ صَلَوَاتُ رَبّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ الله تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يَوْمُ القَرِّ»، وَيَوْمُ القَرِّ هُوَ اليَوْمُ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ أَوَّلُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةِ، وَسُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الحَجِيجَ يَسْتَقِرُّونَ فِيهِ بِمِنًى.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، إِنَّهَا أَيَّامُ اللهِ فَاغْتَنِمُوهَا، أَيَّامٌ عَظِيمَةٌ فِي مَعْنَاهَا، عَمِيقَةٌ فِي مَغْزَاهَا، أَيَّامُ ذِكْرٍ للهِ تَعَالَى وَشُكْرٍ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى نِعَمِهِ وَآلَائِهِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ عَنْهَا: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}، وَوَصَفَها النَّبِيُّ الأَكْرَمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، بِأَنَّهَا «أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ»، وَهَذَا الوَصْفُ الأَنْوَرُ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ دَلَالَاتٍ عَظِيمَةً، فَإِنَّ الأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ مَقْرُونٌ بِالذِّكْرِ، نِعْمَةٌ مَقْرُونَةٌ بِشُكْرٍ، حَيْثُ يَجْتَمِعُ فِيهَا لِلْمُؤْمِنِينَ مُتْعَةُ الأَبْدَانِ بِالأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَنَعِيمُ القُلُوبِ بِالذِّكْرِ وَالشُّكْرِ، وَصَدَقَ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}.

عِبَادَ اللهِ، اعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الأَيَّامَ الُمبَارَكَةَ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِتَجْدِيدِ عَهْدِنَا مَعَ اللهِ، وَلِلْعَوْدَةِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِقُلُوبٍ خَاشِعَةٍ وَنُفُوسٍ تَائِبَةٍ، فَإِنَّ اللهَ يَتَجَلَّى عَلَيْنَا بِرَحْمَتِهِ الوَاسِعَةِ، وَيَفْتَحُ لَنَا أَبْوَابَ مَغْفِرَتِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى، إِنَّ رَحْمَةَ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ تَتَّسِعُ الجَمِيعَ، وَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ، إِنَّ هَذِهِ الأَيَّامَ دَعْوَةٌ لِلرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ، وَالتَّرَاحُمِ وَالتَّسَامُحِ وَجَبْرِ الخَوَاطِرِ، وَمَدِّ يَدِ العَوْنِ لِلْفُقَرَاءِ وَالمُحْتَاجِينَ.

أَيُّهَا الْـمُكَرَّمُونَ، إِنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ هِيَ بِحَقٍّ أَيَّامُ الرَّحْمَةِ والمَغْفِرَةِ، فَبَعْدَ أَنْ ذَبَحْنَا الأَضَاحِي تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَبَعْدَ أَنْ وَقَفَ حُجَّاجُ بَيْتِ اللهِ الحَرامِ بِعَرَفَةَ، وَطَافُوا بِالبَيْتِ، وَرَمَوا الجَمَرَاتِ، وَأَجْزَلَ اللهُ لهُمُ المِنَحَ، وفَتَحَ لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ وَمَغْفِرَتِهِ، فَإِنَّ عَطَاءَهُ سُبْحَانَهُ لَا يَنْفَدُ، وَمَدَدَهُ مُتَتَابِعٌ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَهِيَ فُرْصَةٌ ذَهَبِيَّةٌ لِغَسْلِ الذُّنُوبِ، وَتَطْهِيرِ النُّفُوسِ، وَإِصْلَاحِ القُلُوبِ.

أَيُّهَا الكِرَامُ، انْظُرُوا إِلَى اجْتِمَاعِ الحُجَّاجِ فِي مِنًى، كَيْفَ يَتَآلَفُونَ وَيَتَرَاحَمُونَ، عَلَى اخْتِلَافِ أَلْسِنَتِهِمْ وَأَلْوَانِهِمْ، جَمَعَتْهُمْ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ، وَأَظَلَّهُمْ هَدَفٌ وَاحِدٌ هُوَ رِضَى اللهِ تَعَالَى، فَلْنَقْتَدِ بِهِمْ فِي حَيَاتِنَا، وَلْنَجْعَلْ مِنْ مُجْتَمَعَاتِنَا لَوْحَةً جَمِيلَةً مِنَ التَّآخِي والتَّحَابُبِ، تُزْهِرُ فِيهَا المَوَدَّةُ، وَتُثْمِرُ فِيهَا الأَخْلَاقُ الفَاضِلَةُ، وَالقيَمُ السَّامِيَةُ.

أَيُّهَا النُّبَلَاءُ، اقْدُرُوا لِتِلْكَ الأَيَّامِ قَدْرَهَا، فَهِيَ فُرْصَةٌ ذَهَبِيَّةٌ لِصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَزِيَارَةِ الأَقَارِبِ، وَالسُّؤَالِ عَنِ الجِيرَانِ، وَتَفَقُّدِ أَحْوَالِ الفُقَرَاَء ِوالمسَاكِينِ وَالأَيْتَامِ وَالأَرَامِلِ، فَالسَّعَادَةُ الحَقِيقِيَّةُ فِي البَذْلِ وَالعَطَاءِ، وَإِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَى القُلُوبِ، وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ فِي الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «حقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَحقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ، وَحقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ»، وَقَوْلَ الجَنَابِ المُقَدَّسِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا».

الخطبة الثانية

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والصَّلَاةُ والسلامُ على خَاتَمِ الأنْبِياءِ والمُرْسَلينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّىَ الله عليهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمَعِينَ، وبَعْدُ:

فَمَا أَجْمَلَ أَنْ نُحَوِّلَ هَذِهِ الأَيَّامَ إِلَى مَلْحَمَةٍ لِلتَّسَامُحِ وَالرِّفْقِ، بَيْنَ أَفْرَادِ العَائِلَةِ الوَاحِدةِ، فَهِيَ أَيَّامُ الوَحْدَةِ والتَّرَاحُمِ، وجَلَسَاتِ المُصَارَحَةِ بَيْنَ الآبَاءِ والأَبْنَاءَ، فِيِ إِطَارٍ مِنَ الحُبِّ، فَالتَّسَامُحُ وَالرِّفْقُ كَلِمَتَانِ خَفِيْفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، لَكِنَّهُمَا تَحْمِلَانِ فِي طَيَّاتِهِمَا مَعَانِيَ وَاسِعَةً، وَآثَارًا عَمِيْقَةً فِي الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ، فَالتَّسَامُحُ صِفَةٌ نَبِيْلَةٌ تَسْمُو بِهَا النُّفُوسُ، وَيُتَجَاوَزُ بِهَا عَنْ الزَّلَّاتِ وَالْهَفَوَاتِ، وَتُزْرَعُ مِنْ خِلَالِهَا بُذُورُ الْمَحَبَّةِ وَالْوِئَامِ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَيُقْضَي بِهَا عَلَى جُذُورِ الْبَغْضَاءِ وَالشِّقَاقِ، فَهِيَ الْبَلْسَمُ الشَّافِي لِلْجُرُوحِ، وَالْمُطْفِئُ لِنِيْرَانِ الْفِتَنِ، وعُنْوَانُ التَّسَامُحِ: الْعَفْوُ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ، وَالصَّفْحُ الْجَمِيْلُ عِنْدَ الْإِسَاءَةِ، فالتَّسَامُحُ لَيْسَ ضَعْفًا بَلْ هُو قُوْةٌ كَامِنَةٌ، يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ مِنْ خِلَالِهَا أَنْ يَنَالَ حَقَّهُ بِشَرْطِ تَقْدِيمِ حِكْمَتِهِ، فِالكَمَالُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَكُلُّ ابنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، فَلَا بُدَّ مَعَ هَذَا القُصُورِ الْبَشَرِيِّ مِنْ قَبَولِ المُخَالِفِ مَهْمَا كَانَتْ دَرَجَةُ الاخْتِلَافِ مِنْ حَيْثُ الشَّكْلِ أَوْ الدِّينِ أو الفِكْرِ، فَهَذَا القَبُولُ هُوَ الذِي يَفْتَحُ البَابَ أَمَامَ عَلاقَاتٍ طَيِّبَةٍ، فَكَمْ مِنْ نِزَاعَاتٍ انْتَهَتْ بِالتَّسَامُحِ، وَكَمْ مِنْ خُصُوْمَاتٍ تَحَوْلَتْ إِلَى صَدَاقَاتٍ بِفَضْلِ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ، وَتَأَمَّلُوا مَعِي قَوْلَ الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ واللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.

أَيُّهَا النَّاسُ، اعْلَمُوا أَنَّ الرِّفْقَ أَخُو التَّسَامُحِ، وَالرِّفْقُ لَيْسَ مُجَرَّدَ كَلِمَةٍ عَابِرَةٍ، أَوْ صِفَةٍ هَامِشِيْةٍ، بَلْ هُوَ جَوْهَرُ الدِّيْنِ، وَرُوحُ الْإِنْسَانِيْةِ، أَلَيْسَ هُوَ تِلْكَ الْيَدُ الدَّافِئْةُ الَّتِي تَمْتَدُّ لِانْتِشَالِ الْعَاثِرِ؟! أَلَيْسَ هُوَ تِلْكَ الْكَلِمَةُ الطَّيْبَةُ الَّتِي تُبَلْسِمُ الْجِرَاحَ؟ فهَل اسْتَشْعَرْنَا يَوْمًا حَلَاوَةَ الرِّفْقِ فِي مُعَامَلَاتِنَا الْيَوْمِيْةِ؟! أَلَمْ يُوْصِنَا الْجَنَابُ الْمُعَظَّمُ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِالرِّفْقِ فِي كُلِّ شَأْنٍ مِنْ شُؤُونِ حَيَاتِنَا؟! فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ رَفِيْقٌ، يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ».

أَيُّهَا الْمُكَرَّمُونَ، تَأَسَّوْا بِخَيْرِ الخَلْقِ وَحَبِيبِ الحَقِّ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ كَانَ أَرْفَقُ الْخَلْقِ بِالْخَلْقِ، لَيِّنًا فِي دَعْوَتِهِ، رَحِيمًا بِالضُّعَفَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، رَفِيقًا حَتَّى مَعَ الْحَيَوَانَاتِ، وتَذَكَّرُوا مَعِيَ قِصَّةَ الْمِرْأَةِ الَّتِي دَخَلَتْ النَّارَ فِي هِرْةٍ حَبَسَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَتَرُكْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الْأَرْضِ، وَخَبَرَ الرَّجُلِ الَّذِي سَقَى كَلْبًا يَلْهَثُ مِنَ الْعَطَشِ، فَغَفَرَ اللهُ لَهُ بِذَلِكَ، وَتَذَوَّقُوا رَوْعَةَ الْبَيَانِ الْمُحَمَّدِيِّ: «مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ».

اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الرِّفْقِ وَالعَفْوِ وَالمَغْفِرَةِ

وَاهْدِنَا وَبِلَادَنَا مِصْرَ سُبُلَ السَّلامِ وَالأَمَانِ وَالإِكْرَامِ

اقرأ أيضاً«القرآن الكريم ومنهجه في عمارة الكون».. موضوع خطبة الجمعة الثانية من شهر رجب

موضوع خطبة الجمعة.. فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

«كيف نواجه الشبهات الفكرية بالقرآن؟».. نص خطبة الجمعة اليوم 9 مايو 2025

مقالات مشابهة

  • تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى المبارك في مساجد أسوان
  • «أيَّامُ الرَّحْمَةِ وَالمَغْفِرَةِ».. موضوع خطبة الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك
  • الشرطة الفرنسية تعتقل شخصًا أحرق المصحف داخل مسجد في ليون
  • انطلاق حملة النظافة الموسعة بمساجد الغربية استعدادا لعيد الأضحى المبارك
  • أوقاف البحر الأحمر تجهز 212 مسجدًا وساحة لصلاة عيد الأضحى المبارك
  • أوقاف البحر الأحمر تخصص 212 مسجدا وساحة لأداء صلاة عيد الأضحى
  • إدارة أوقاف النزهة: أطفال مسجد مصر يشاركون مرضى 57357 محاكاة مناسك الحج
  • أطفال مسجد مصر يشاركون أطفال 57357 محاكاة مناسك الحج
  • أوقاف أسيوط تطلق أكبر حملة نظافة مساجد استعدادًا لعيد الأضحى
  • إسلامية الشارقة تفتتح أربعة مساجد جديدة في الشارقة تتسع لـ4000 مصلٍّ