لجريدة عمان:
2025-06-20@04:24:29 GMT

الحوار والتفاهم في مواجهة التطرف والتعصب

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

الحوار والتفاهم في مواجهة التطرف والتعصب

عُرفت عُمان عبر التاريخ بقوة مجتمعها وصلابته ورصانة نسيجها الاجتماعي، كما عرفت بقيمها النبيلة ورفضها لكافة أشكال التشدد والتعصب والتحزب. يقول رسول الهدى عليه الصلاة والسلام: «لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك». ومن يعود إلى صفحات التاريخ يجد أن كل هذه القيم وهذه الصفات التي شكلها العمانيون عبر تاريخهم الطويل وعبر تفاعلهم الإيجابي مع الآخر تحولت مع الوقت إلى أحد أهم أسباب قوتهم ومنعتهم؛ فحافظوا عليها وتمثلوها في كل مكان ذهبوا إليه مسافرين أو فاتحين.

. فعرفهم العالم أجمع بهذه الصفات المستمدة من دينهم الإسلامي ومن بيئتهم العربية فأحبوها فيهم؛ بل إن الكثيرين، عبر الزمان والمكان، تأثروا بها أيّما تأثر.

لكنّ العالم يتغير كثيرا عبر دورة الزمن الحتمية، وعبر مصالح القوى الكبرى الغارقة في الماديات، ما جعل الاهتمام بالقيم والمبادئ يتراجع كثيرا على مستوى العالم، بل إن بعض القوى «الحضارية»، مع الأسف الشديد، تحاول تغيير قيم ومبادئ العالم بالقوة: قوة السلاح وقوة الاقتصاد والإعلام من أجل تسويق قيم جديدة لا تنتمي إلى الفطرة الإنسانية ولا على قيمة «الاجتماع» التي شكلتها قرون طويلة من المسيرة الإنسانية.. الأمر الذي أدخل العالم أجمع في أزمة قيم ومبادئ، وقد صاحب ذلك تحولات كبرى أسست للتشدد والتعصب والتحزب وكذلك لخطابات الكراهية والتحريض الذي اجتاح العالم في ظل شعور، شبه عام، بأن النظام العالمي نظام يؤسس للظلم ويغيّب العدل وينتهك حقوق الإنسان.

وإزاء هذا التحول الممنهج المدعوم بالقوى السياسية والاقتصادية والآلة الإعلامية الكبرى في العالم فإن الدول التي تعتمد في أحد مظاهر قوتها على صلابة القيم وثبات المبادئ، وتعتبر ذلك أساسا من أسس عقيدتها كما هو الحال في سلطنة عمان، نجدها اليوم معنية كثيرا بموضوع القيم وأزمتها العالمية، ومهتمة جدا بتفعيل الدور التاريخي للأسرة في بناء المجتمعات القوية وعدم إضعافها تحت أي سبب من الأسباب؛ فرغم التوجه العالمي نحو إعلاء قيم الفردية إلا أن عُمان، قيادة وشعبا، يؤكدون في كل مناسبة على أهمية الأسرة وبالتالي المجتمع، وتراهن عُمان على أن الكثير من المشاكل والتحديات التي يعيشها العالم يكمن جزء أساسي من حلها في تفعيل دور الأسرة واهتمامها بترسيخ القيم الإنسانية التي يشترك فيها وحولها الجميع. وكان تأكيد مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الخميس الماضي على أهمية تحصين المجتمع من كل هذه المتغيرات القيمية التي تحدث في العالم، وتعزيز دور الأسرة لتقوم بتنشئة أبنائها على المبادئ السمحة واجتناب الأفكار الضالة والتأثر بها تأكيد جديد ضمن سياق ممتد في فكر السياسة العمانية، تلك السياسة المعنية بشكل كبير بالبناء الحضاري المتكامل.

إن أهم نقطة لا بدّ أن ينطلق منها العالم اليوم في تهذيب خطابات التطرف هي بناء الصورة الحقيقية «للآخر»؛ فالآخر ليس هو «الشيطان»، ولا هو «الجحيم» بالضرورة كما يقول سارتر في «الأبواب المغلقة»، فالأمم أو حتى المجتمعات تتدمر عندما يتحول أعضاؤها ليكونوا ضد بعضهم البعض كما يقول ابن خلدون؛ وهذا النوع من التفكك الاجتماعي الذي يشير إليه هو بالضبط ما يحدث في المجتمعات عندما تتجذر الأيديولوجيات المتطرفة، وفي العالم الحديث الكثير من النماذج التي لا تخفى على أحد. ولا يمكن أن تبني صورة عن «الآخر» في أمم أخرى وأنت تنظر إلى «الآخر» في مجتمعك بصورة مشوهة على أقل تقدير.

نحتاج في العالم، المؤسسات الثقافية والأكاديمية والنخب المثقفة على أقل تقدير، إلى العودة إلى تبني الحوار الحقيقي، وإلى تبني الاختلاف القائم على الأسس الإنسانية المشتركة وأن يقف الجميع سد منيعا أمام خطابات التطرف والإقصاء وإلى الظلم الحضاري وغياب العدل.

عندما تعمل الأسر والمدارس والجامعات وعلماء الدين، والنخب الثقافية، والحكومات معا يمكن تعزيز ثقافة الحوار والتسامح والتفاهم داخل المجتمعات الواحدة أو بين مختلف الأمم والشعوب في العالم.. وهذا الحوار يفتح آفاقا للتفاهم ويبدد فكرة أن الآخر هو الجحيم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم

إقرأ أيضاً:

«الأزهري» يبحث مع اتحاد الجامعات العربية دعم الأعمال الوقفية ومجابهة التطرف

استعرض الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، جهود الوزارة في نشر الوعي والفكر الوسطي في الأوساط الجامعية، وسُبل التعاون العلمي والفكري مع جامعة نور مبارك بكازاخستان، باعتبارها منارة علمية رائدة في تدريس علوم الشريعة، ونشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل.

جاء ذلك خلال لقاء وزير الأوقاف، الدكتور عمرو عزت سلامة الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق، والدكتورة راندا رزق أمين المجلس العربي للمسئولية المجتمعية باتحاد الجامعات العربية، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك، في دعم المشروعات الوقفية، ومجابهة الفكر المتطرف، من خلال مبادرات وأنشطة منبثقة عن كتاب "الحق المبين في الرد على من تلاعب بالدين"، بما يسهم في ترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال، وفق بيان للوزارة.

وخلال اللقاء- الذي عقد اليوم بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة- طلب وزير الأوقاف إضافة جامعة نور مبارك إلى عضوية اتحاد الجامعات العربية، دعمًا لمسيرتها العلمية ودورها الريادي في التعليم الديني الرشيد.

من جانبه.. أوضح الأستاذ الدكتور عمرو عزت أن اتحاد الجامعات العربية يضم أكثر من 500 جامعة من مختلف أقطار الوطن العربي، ويعمل على تعزيز التعاون الأكاديمي وتبادل الخبرات بين مؤسساته، مشيدًا بجهود وزارة الأوقاف في دعم الفكر المستنير، ونشر ثقافة التسامح والانتماء.

يأتي اللقاء في إطار حرص وزارة الأوقاف على توسيع آفاق التعاون المؤسسي مع الجامعات والهيئات العلمية، بما يخدم قضايا الوطن، ويواجه حملات التشويه والتطرف بالفكر والعلم والعمل المشترك.

مقالات مشابهة

  • «الأزهري» يبحث مع اتحاد الجامعات العربية دعم الأعمال الوقفية ومجابهة التطرف
  • صنعاء تعلن عن مبادرة من طرف واحد لفتح طريق عقبة القنذع وتدعو الطرف الآخر لتأمين عملية إصلاح أضرار الحرب 
  • تعرف على عدد التذاكر التي باعها الفيفا لبطولة كأس العالم للأندية
  • متحدث الأوقاف: المنصة الرقمية الجديدة تعالج التطرف وتقدم الخطاب الوسطي المستنير
  • باكستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي!
  • وقت الحرب
  • شيخ الأزهر: نحرص على أن يكون السلام والتفاهم قاعدة حاكمة للتعايش بين الجميع
  • نقيب المقاولين: خطاب الملك يجسد معاني القيم الإنسانية ويمثل صوت الحق والضمير
  • لجنة شؤون التعليم تناقش بيان الحكومة بشأن "تعزيز القيم والهوية الوطنية"
  • عاجل | الملك : السلام الدائم يبنى على القيم لا القوة