لجريدة عمان:
2025-08-12@18:58:15 GMT

الحوار والتفاهم في مواجهة التطرف والتعصب

تاريخ النشر: 21st, September 2024 GMT

الحوار والتفاهم في مواجهة التطرف والتعصب

عُرفت عُمان عبر التاريخ بقوة مجتمعها وصلابته ورصانة نسيجها الاجتماعي، كما عرفت بقيمها النبيلة ورفضها لكافة أشكال التشدد والتعصب والتحزب. يقول رسول الهدى عليه الصلاة والسلام: «لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك». ومن يعود إلى صفحات التاريخ يجد أن كل هذه القيم وهذه الصفات التي شكلها العمانيون عبر تاريخهم الطويل وعبر تفاعلهم الإيجابي مع الآخر تحولت مع الوقت إلى أحد أهم أسباب قوتهم ومنعتهم؛ فحافظوا عليها وتمثلوها في كل مكان ذهبوا إليه مسافرين أو فاتحين.

. فعرفهم العالم أجمع بهذه الصفات المستمدة من دينهم الإسلامي ومن بيئتهم العربية فأحبوها فيهم؛ بل إن الكثيرين، عبر الزمان والمكان، تأثروا بها أيّما تأثر.

لكنّ العالم يتغير كثيرا عبر دورة الزمن الحتمية، وعبر مصالح القوى الكبرى الغارقة في الماديات، ما جعل الاهتمام بالقيم والمبادئ يتراجع كثيرا على مستوى العالم، بل إن بعض القوى «الحضارية»، مع الأسف الشديد، تحاول تغيير قيم ومبادئ العالم بالقوة: قوة السلاح وقوة الاقتصاد والإعلام من أجل تسويق قيم جديدة لا تنتمي إلى الفطرة الإنسانية ولا على قيمة «الاجتماع» التي شكلتها قرون طويلة من المسيرة الإنسانية.. الأمر الذي أدخل العالم أجمع في أزمة قيم ومبادئ، وقد صاحب ذلك تحولات كبرى أسست للتشدد والتعصب والتحزب وكذلك لخطابات الكراهية والتحريض الذي اجتاح العالم في ظل شعور، شبه عام، بأن النظام العالمي نظام يؤسس للظلم ويغيّب العدل وينتهك حقوق الإنسان.

وإزاء هذا التحول الممنهج المدعوم بالقوى السياسية والاقتصادية والآلة الإعلامية الكبرى في العالم فإن الدول التي تعتمد في أحد مظاهر قوتها على صلابة القيم وثبات المبادئ، وتعتبر ذلك أساسا من أسس عقيدتها كما هو الحال في سلطنة عمان، نجدها اليوم معنية كثيرا بموضوع القيم وأزمتها العالمية، ومهتمة جدا بتفعيل الدور التاريخي للأسرة في بناء المجتمعات القوية وعدم إضعافها تحت أي سبب من الأسباب؛ فرغم التوجه العالمي نحو إعلاء قيم الفردية إلا أن عُمان، قيادة وشعبا، يؤكدون في كل مناسبة على أهمية الأسرة وبالتالي المجتمع، وتراهن عُمان على أن الكثير من المشاكل والتحديات التي يعيشها العالم يكمن جزء أساسي من حلها في تفعيل دور الأسرة واهتمامها بترسيخ القيم الإنسانية التي يشترك فيها وحولها الجميع. وكان تأكيد مجلس الوزراء في اجتماعه يوم الخميس الماضي على أهمية تحصين المجتمع من كل هذه المتغيرات القيمية التي تحدث في العالم، وتعزيز دور الأسرة لتقوم بتنشئة أبنائها على المبادئ السمحة واجتناب الأفكار الضالة والتأثر بها تأكيد جديد ضمن سياق ممتد في فكر السياسة العمانية، تلك السياسة المعنية بشكل كبير بالبناء الحضاري المتكامل.

إن أهم نقطة لا بدّ أن ينطلق منها العالم اليوم في تهذيب خطابات التطرف هي بناء الصورة الحقيقية «للآخر»؛ فالآخر ليس هو «الشيطان»، ولا هو «الجحيم» بالضرورة كما يقول سارتر في «الأبواب المغلقة»، فالأمم أو حتى المجتمعات تتدمر عندما يتحول أعضاؤها ليكونوا ضد بعضهم البعض كما يقول ابن خلدون؛ وهذا النوع من التفكك الاجتماعي الذي يشير إليه هو بالضبط ما يحدث في المجتمعات عندما تتجذر الأيديولوجيات المتطرفة، وفي العالم الحديث الكثير من النماذج التي لا تخفى على أحد. ولا يمكن أن تبني صورة عن «الآخر» في أمم أخرى وأنت تنظر إلى «الآخر» في مجتمعك بصورة مشوهة على أقل تقدير.

نحتاج في العالم، المؤسسات الثقافية والأكاديمية والنخب المثقفة على أقل تقدير، إلى العودة إلى تبني الحوار الحقيقي، وإلى تبني الاختلاف القائم على الأسس الإنسانية المشتركة وأن يقف الجميع سد منيعا أمام خطابات التطرف والإقصاء وإلى الظلم الحضاري وغياب العدل.

عندما تعمل الأسر والمدارس والجامعات وعلماء الدين، والنخب الثقافية، والحكومات معا يمكن تعزيز ثقافة الحوار والتسامح والتفاهم داخل المجتمعات الواحدة أو بين مختلف الأمم والشعوب في العالم.. وهذا الحوار يفتح آفاقا للتفاهم ويبدد فكرة أن الآخر هو الجحيم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی العالم

إقرأ أيضاً:

“الدين والمجتمع”.. حوار مفتوح لتعزيز القيم الأخلاقية في الإعلام ” صور وفيديو “

صراحة نيوز – بيرفا فاروقة

احتضن فندق روتانا في العاصمة الأردنية عمّان، الجلسة الحوارية التاسعة بعنوان “الدين والمجتمع”، ضمن سلسلة فعاليات تسلّط الضوء على التحديات الإعلامية المعاصرة. شارك في الجلسة الأب رفعت بدر والدكتورة ليلى الجرار، بحضور نخبة من طلبة الإعلام من جامعة الشرق الأوسط، وألمانيا، والجامعة التطبيقية.

استهلّت الجلسة بمداخلات تمهيدية تناولت القضايا الراهنة في العلاقة بين الدين، والإعلام، والمجتمع. وأكدت الدكتورة الجرار أهمية التمييز بين المحتوى الإعلامي البنّاء والهادف، محذّرة من أن المحتوى السطحي قد يضعف الدور التنويري والاجتماعي للدين. فيما طرح الأب بدر رؤى تؤكد ضرورة الاستخدام الأخلاقي للقيم الدينية في مواجهة التحديات الإعلامية، خاصة في ظل تأثير المنصات الرقمية على عمق الحوار المجتمعي.

وتناول النقاش محاور عدة، أبرزها: تأثير الإعلام على الهوية الدينية، واستشراف السلوك الإعلامي لدى الشباب، وأهمية التربية الإعلامية في فهم المحتوى، إضافة إلى أساليب مواجهة الأخبار الزائفة وخطاب العنف باسم الدين. وأسهمت مداخلات الطلاب في إثراء النقاش، معبرين عن مخاوفهم من طبيعة المحتوى المتداول وأثره على الفضاءين العام والخاص.

وفي ختام الجلسة، خرج المشاركون بعدد من التوصيات، من أبرزها:

إدماج التربية الإعلامية في المناهج التعليمية لتعزيز الوعي النقدي لدى الشباب.

تشجيع التنوع في المشهد الإعلامي الديني من خلال إنتاج محتوى رقمي محلي يحترم التعدد.

إطلاق منصات تفاعلية تجمع المختصين والجمهور لتعزيز الحوار البنّاء بعيدًا عن التحيز أو تصفية الحسابات.

 

"الدين والمجتمع".. حوار مفتوح لتعزيز القيم الأخلاقية في الإعلام pic.twitter.com/83u3pUYObD

— صراحة نيوز (@Saraha_News) August 11, 2025

مقالات مشابهة

  • ممثل تحالف الحضارات بالأمم المتحدة: تمكين القيادات الدينية ضرورة لمواجهة التطرف
  • خالد غطاس: المجتمع بحاجة ماسة لإعادة إحياء القيم الإنسانية وفهم أعمق للعلاقات
  • “الدين والمجتمع”.. حوار مفتوح لتعزيز القيم الأخلاقية في الإعلام ” صور وفيديو “
  • قرعة كأس العالم للأندية لكرة اليد تضع الأهلي والزمالك في مواجهات نارية
  • الأزهر والجزائر يعززان التعاون العلمي والدعوي لتعزيز القيم الإسلامية المشتركة
  • رغم كونها الدولة الأكثر زيارة في العالم.. كيف نجت فرنسا من الاحتجاجات ضد السياحة التي عصفت بجيرانها؟
  • احذروا حملات هدم القيم
  • الرئيس الإيراني: الحوار والمباحثة لا يعنيان هزيمة أو استسلام
  • عن الحوار بين الحكومة والحزب.. هذا ما كُشف
  • كاكا يتفوق على رونالدو في مواجهة استعراضية بكأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025