العريف حسن إغديرلي آخر حارس عثماني للمسجد الأقصى
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
آخر حراس المسجد الأقصى من العثمانيين، كان على رأس السرية الخلفية التي تركها الجيش العثماني عند انسحابه من القدس عام 1917، وبقي منذ ذلك الوقت في الخدمة الطوعية حارسا ملازما للمسجد الأقصى مدة 65 عاما حتى وفاته عام 1982.
تولى رئاسة مجموعة رشاش في الجيش العثماني، وحارب الإنجليز وحلفاءهم أثناء الحرب العالمية الأولى، وشارك في المعارك على جبهات عديدة أظهر خلالها شجاعة وإقداما، وأصبح رمزا للبطولة والتضحية في بلاده.
ولد حسن إغديرلي في مدينة إغدير بأقصى شرق تركيا، ولا يعرف تاريخ ميلاده على وجه التحديد، ولكن مولده يقدّر -وفقا لمجريات الأحداث- في نهاية القرن الـ19.
وقد عاش إغديرلي يتيما منذ سن مبكرة، ونشأ في ظل ظروف صعبة، ولا سيما أن مدينته كانت تحت الحكم الروسي في تلك الآونة، وعند اندلاع الثورة البلشفية في روسيا عام 1917 انسحب الجيش الروسي تاركا إغدير في أيدي الأرمن.
وشهدت المنطقة -بحسب المصادر التركية- عملية اضطهاد وإبادة جماعية للمسلمين الأتراك من قبل الأرمن، فشكّل أهالي إغدير مليشيات مسلحة وانضموا إلى الجيش العثماني متطوعين للدفاع عن أرضهم، ومن الممكن أن يكون إغديرلي أحد الذين انضموا إلى الجيش في تلك الفترة.
المسار العسكريالتحق إغديرلي بالجيش العثماني في سن مبكرة، وحاز رتبة عريف، ثم تولى رئاسة مجموعة الرشاش الـ11 من الكتيبة الثامنة للطابور الـ36 من الفرقة الـ20، وشارك في حروب الدولة العثمانية ضد الحلفاء على العديد من الجبهات خلال الحرب العالمية الأولى وأظهر بطولة كبيرة.
وكانت كتيبته ضمن الحملات التي قام بها الجيش العثماني على قناة السويس في العامين 1915 و1916، ولكن تمركز الإنجليز خلف القناة ودفاعاتهم القوية ألحقت بالأتراك هزيمة ثقيلة، فتراجع الجيش العثماني إلى فلسطين.
وعلى جبهة فلسطين لعب إغديرلي دورا حاسما في القتال، وجذب الانتباه بشجاعته وحسن قيادته، وحافظت بطولته على معنويات الجنود العثمانيين عالية، وصار رمزا للمقاومة.
وكانت مدينة القدس نقطة دفاعية مركزية للعثمانيين لأهميتها الدينية والإستراتيجية، ولكن قائد الفيلق الـ20 في الجيش العثماني علي فؤاد رأى استحالة الدفاع عنها أمام بريطانيا، فقرر إخلاءها حتى لا تتعرض مقدساتها للتدمير، وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 1917 سلم رئيس بلدية القدس حسين الحسيني وثيقة التسليم إلى قائد الفرقة البريطانية العاشرة.
وحفاظا على أمن القدس وسلامة المقيمين فيها حتى دخول البريطانيين وتفاديا لعمليات النهب ترك العثمانيون سرية حراسة خلفية بقيادة النقيب مصطفى توكاتلي، وكانت الكتيبة تضم 53 جنديا، بينهم حسن إغديرلي.
وبعد هدنة مودروس عام 1918 تم تسريح الجيش العثماني، وطُلب من توكاتلي العودة إلى إسطنبول، فاضطر للعودة خوفا من مخالفة الأوامر العليا، ولكنه قبل عودته أعلم أفراد كتيبته بقرار التسريح، ونصحهم بأن يبقوا مرابطين في القدس متطوعين صيانة لشرف الإسلام ومجد الإمبراطورية العثمانية.
في حراسة الأقصىبقي إغديرلي في الخدمة، حيث تركه القائد عام 1917، وواصل وظيفته في حراسة المسجد الأقصى دون انقطاع مدة 65 عاما مات خلالها جميع أفراد السرية واحدا تلو الآخر، وكان هو الأخير المتبقي منهم.
وكان كل يوم يحضر صباحا من شمال الحرم الشريف باتجاه قبة الصخرة ولا يغادر حتى المساء منتظرا في المكان نفسه، وكان يرتدي زيا عسكريا قديما جدا مرقّعا من كل مكان، وكان يبدو متحفظا، يحمل بندقيته بيده، ولا يخاطب أحدا.
وصيتهفي عام 1972 صادف الصحفي التركي إلهان بارداكجي الجندي العثماني إغديرلي في القدس، واغتنم تلك الفرصة ليوصي الصحفي بالذهاب إلى توكات حيث القائد مصطفى، ويبلغه أن العريف حسن إغديرلي -الذي تركه على الحراسة- ما زال في الخدمة منذ ذلك اليوم.
لكن بارداكجي لم يتمكن من تنفيذ الوصية عندما عاد إلى تركيا، إذ كان القائد مصطفى قد توفي منذ وقت بعيد.
وفاتهتوفي إغديرلي عام 1982 وفقا لبرقية وصلت إلى الصحفي بارداكجي من القدس تقول "توفي اليوم الحارس العثماني الأخير للمسجد الأقصى"، ولكن مكان دفنه بقي مجهولا وإن كان يُعتقد أنه في القدس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجیش العثمانی
إقرأ أيضاً:
محافظة القدس تحذر: الأحد المقبل أخطر أيام المسجد الأقصى.. ماذا سيحدث ؟
أصدت محافظة القدس اليوم الخميس تحذيرا خطيرا بشأن عزم منظمات إسرائيلية تنفيذ اقتحام واسع للمسجد الأقصى الأحد المقبل بالتزامن مع ما يُسمى في الرواية التوراتية بـ "ذكرى خراب الهيكل".
وقالت محافظة القدس في بيان لها أن "هذه الدعوات ليست مجرد تحرك ديني معزول، بل هي جزء من مشروع استيطاني استعماري مدروس يهدف إلى تقويض الوضع القانوني والتاريخي للمسجد الأقصى، وفرض السيادة الاحتلالية عليه بالقوة، في انتهاك سافر للمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة التي تؤكد على قدسية المسجد كمكان عبادة خالص للمسلمين".
وأضافت المحافظة في بيانها أن جماعات "الهيكل" المتطرفة تصرّ سنويًا على تنفيذ اقتحاماتها داخل المسجد الأقصى المبارك، في تحدٍ مباشر لقدسية المكان.
وأشارت إلى أن الأعوام السابقة شهدت إدخال لفائف "الرثاء" وقراءتها داخل المسجد الأقصى، وارتكاب انتهاكات شملت رفع علم الاحتلال، وأداء طقس "السجود الملحمي" الجماعي (الانبطاح الكامل على الأرض)، والرقص والغناء داخل الساحات، كما شارك في هذه الاقتحامات أعضاء كنيست والوزير المتطرف إيتمار بن غفير نفسه، ما يعكس تورط أعلى المستويات السياسية في انتهاك حرمة المسجد.
وأوضحت محافظة القدس أن هذا التصعيد يترافق هذا العام مع بيئة تحريضية غير مسبوقة، حيث يحلّ الحدث بعد أسابيع فقط من إصدار الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير تعليماته لضباط شرطة الاحتلال بالسماح للمستعمرين بالرقص والغناء داخل المسجد الأقصى، في خطوة تعد تمهيدًا لفرض "وقائع جديدة" بالقوة، خصوصًا بعد تصريحه العلني خلال اقتحامه للمسجد في مايو الماضي أن "الصلاة والسجود أصبحت ممكنة في جبل الهيكل"، في مخالفة واضحة وخطيرة للوضع القائم.
وأشارت إلى أن ذكرى هذا العالم تعد من أخطر أيام المسجد الأقصى إذ تخطط جماعات "الهيكل" لجعل يوم الثالث من أغسطس هو "يوم الاقتحام الأكبر"، في محاولة نوعية لكسر الخطوط الحمراء الدينية والقانونية، مستفيدة من الاصطفاف الحكومي الكامل خلف أجندتها المتطرفة.
وأضافت أن هذا المخطط لا يقتصر على دعوات إلكترونية أو دينية، بل يترافق مع تحركات ميدانية منظّمة، كان أبرزها عقد مؤتمر تحريضي بعنوان "الحنين إلى الهيكل وجبل الهيكل"، نظمته المنظمات المتطرفة في "قاعة سليمان" غربي القدس، بمشاركة مئات الحاخامات ونشطاء اليمين الديني المتطرف، وبرعاية مباشرة من بلدية الاحتلال وبحضور نائب رئيسها المتطرف آرييه كينغ، حيث أُعلن خلاله عن نية "استعادة جبل الهيكل" وتنفيذ طقوس دينية تشمل الذبيحة والتطهير بالبقرة الحمراء.