ستارمر يتعرض لضغوط المعارضة ويتعهد بـ«استبعاد» تدابير التقشف
تاريخ النشر: 22nd, September 2024 GMT
ليفربول «أ.ف.ب»: تعهَّد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بحماية الخدمات العامة واستبعد تدابير التقشف مع انطلاق المؤتمر السنوي لحزب العمال اليوم، وهو الأول له منذ 15 عامًا على رأس الحكومة.
يأتي المؤتمر الذي يستمر أربعة أيام في ليفربول، شمال غرب إنجلترا، بعد ثلاثة أشهر من تحقيق حزب العمال فوزًا كبيرًا في الانتخابات العامة على المحافظين.
وأظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة «أوبينيوم» لصالح صحيفة ذا أوبزيرفر قبل المؤتمر أن نسبة التأييد لستارمر تعاني انخفاضًا كبيرًا منذ انتخابه في يوليو. وانخفضت إلى ما دون نسبة تأييد سلفه ريشي سوناك، حيث أبدى 50% من المشاركين عدم موافقتهم على العمل الذي كان يقوم به - و24% فقط يوافقون عليه.
وسيتعين على ستارمر الذي يواجه ضغوطات على جبهات مختلفة، إيجاد توازن بين الاحتفال بفوز طال انتظاره، والدفاع عن سجله، وعدم التخلي عن «القرارات الصعبة» القادمة.
وقال ستارمر لصحيفة الأوبزرفر اليوم: «إذا نظرت إلى قائمة ما فعلناه في 11 أسبوعًا، فسأزعم بقوة أننا فعلنا أكثر بكثير مما فعلته الحكومة الأخيرة على الأرجح في السنوات الـ 11 الماضية».
وأكد ستارمر لصحيفة صنداي ميرور أنه بينما أعطى الجمهور «تقييمًا خامًا وصادقًا» لحالة البلاد، إلا أنه أراد توضيح الفوائد التي يمكن للناخبين توقعها «الأمل، وبريطانيا المتغيرة».
كما أوضح أنه على الرغم من تخفيف التوقعات قبل الميزانية المستحقة في نهاية أكتوبر، فإن الحكومة لن تسلك «طريق التقشف».
ووعد ستارمر بحماية الخدمات العامة، وقال لصحيفة أوبزرفر إنه «سيتأكد من أن خدماتنا العامة تعمل بشكل صحيح»، وتعهد بحماية العمال من زيادات الضرائب.
وأضاف: «لقد تكبّد الناس الكثير من الزيادات الضريبية، ولم يعد هناك مجال كبير لزيادات الضرائب. لهذا السبب التزمت فيما يتعلق بالعمال».
ويأتي هذا وسط تصاعد الجدل بعدما كشف تحليل بأنه تلقّى هدايا وعروض ضيافة بقيمة أكثر من 100 ألف جنيه إسترليني (132 ألف دولار) منذ ديسمبر 2019، أي أكثر من أي نائب آخر.
يأتي الكشف عن هذه المعلومات، وإن كان صرّح عن الهدايا التي لا تخرق القواعد البرلمانية، في وقت تدعو حكومته البريطانيين إلى القبول بصعوبات مالية قصيرة الأمد «لتحقيق منافع طويلة الأمد».
وفي السياق، تعرض رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر لضغوط اليوم بسبب قراره وضع حد لمدفوعات الوقود المقدمة إلى كبار السن في فصل الشتاء وكذلك قبول تبرعات لشراء الملابس وإقامة حفلات، ليبتعد كثيرًا عن البداية التي كان يأملها في مؤتمر حزب العمال هذا العام.
وكان ستارمر وفريقه يأملون أن يكون المؤتمر السنوي لحزب العمال احتفالًا بعودة الحزب إلى السلطة بعد 14 عامًا من حكم حزب المحافظين، وفرصة ليعرض كيف سيتعامل فريقه مع مشكلات بريطانيا العديدة.
إلا أن ستارمر ووزراءه يتعين عليهم من جديد الدفاع عن قرار تقليص مدفوعات الوقود المقدمة للملايين من المتقاعدين وسبب قبول رئيس الوزراء وآخرين أموالًا من أحد المانحين لشراء ملابس وإقامة حفلات.
ودعت رئيسة إحدى أكبر النقابات العمالية في بريطانيا ستارمر للتراجع عن قراره وضع حد لمدفوعات الوقود، ووصفت التحرك بأنه «قاس»، وذلك في مستهل المؤتمر المقام في مدينة ليفربول شمال البلاد.
من جهتها، انتقدت المعارضة ووسائل الإعلام ستارمر واصفة إياه بالمنافق، بعد دعوته الجمهور إلى قبول الألم المالي قصير الأجل للمساعدة في سد «الثقب الأسود» البالغ 22 مليار جنيه إسترليني في المالية العامة والذي يقول إن المحافظين تركوه وراءهم.
وازداد الاستياء العام بعد خطوة مثيرة للجدل اتخذتها الحكومة بخفض مدفوعات الوقود لـ 10 ملايين متقاعد.
وأدت تداعيات التخفيضات إلى زيادة الضغوط من النقابات، حيث قالت الأمينة العامة لنقابة يونايت شارون غراهام إن المطالبة بتغيير في السياسة ستكون «أولوية» في المؤتمر.
وقالت لشبكة سكاي نيوز اليوم «إنها سياسة قاسية. يجب عليه عكسها. وأود منه أن يقول إنه ارتكب خطأ وأن يعكس هذه السياسة».
كما كشفت يونايت عن سلسلة من اللوحات الإعلانية في جميع أنحاء ليفربول تدعو إلى «الدفاع عن مدفوعات الوقود في الشتاء».
كما يوجد احتمال تخفيضات مماثلة أخرى قادمة. وقال ستارمر لصحيفة أوبزرفر عن الميزانية المستحقة في نهاية أكتوبر «سيكون الأمر صعبًا».
ويتجمع نواب حزب العمال بعد يوم واحد من استضافة حزب الإصلاح اليميني المتشدد -الذي فاز بنسبة 14 في المائة من الأصوات في البلاد لأول مرة- مؤتمرًا احتفاليًّا في برمنجهام.
كما سيعقد المحافظون اجتماعهم الأسبوع المقبل وسط خلافات داخلية حول القيادة واتجاه الحزب.
في هذه الأثناء، صادرت الشرطة البريطانية طائرات دون طيار (درون)، بعد أن حلَّقت في انتهاك لقيود المجال الجوي، خلال انعقاد المؤتمر، ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) اليوم، عن شرطة ميرسيسايد القول، إنها صادرت ثلاث طائرات دون طيار، بعد أن تم فرض قيود مؤقتة على المجال الجوي، تغطي جزءًا كبيرا من وسط مدينة ليفربول.
وتعني القيود أن تحليق أي طائرة دون طيار على ارتفاع أقل من 2000 قدم فوق مستوى سطح البحر في المنطقة المحددة خلال الفترة بين الساعة العاشرة من مساء الجمعة الموافق 20 من سبتمبر حتى الخامسة من صباح يوم الخميس المقبل 26 من الشهر نفسه، من دون إذن صريح من شرطة ميرسيسايد، يعد مخالفا للقانون.
وقالت الشرطة إن مستخدمي الطائرات دون طيار، الذين يحلقون داخل المجال الجوي المحظور دون الحصول على إذن، قد يتعرضون للمقاضاة، فضلا عن مصادرة معداتهم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حزب العمال دون طیار
إقرأ أيضاً:
المعارضة العراقية والتطورات الإقليميّة الجديدة!
التطوّرات الحاليّة في المنطقة، وبالذات بعد الهجوم "الإسرائيليّ" فجر يوم 13 حزيران/ يونيو 2025 والذي استهدف شخصيّات كبيرة ومؤسّسات حيويّة إيرانيّة، يُعيد إلى الأذهان احتماليّة حدوث تغيير ما في العراق، ومؤكّد أنّ هذه الفرضية ستُعيد للميادين السياسيّة جماعات وكيانات المعارضة العراقيّة.
والمعارضة يُقصد بها المعارضة السياسيّة، وليس المعاني الأخرى من المعارضة في الشريعة والقانون وغيرها! والمعارضة، ببساطة، هي الاختلاف، والرأي المغاير والرافض للرأي والطرف الآخر.
والمعارضة لم يَسْلم منها الرسل والأنبياء والأولياء والحكماء والفلاسفة ورجال الدولة من المدنيّين والعسكريّين!
والمعارضة السياسيّة تتمثّل بالسعي عبر أحزاب مُنَظّمة أو شخصيّات مستقلّة لتغيير حكومة ما أو تغيير الحزب الحاكم، والتصدّي لهما وإظهار نقاط خللهما للرأي العامّ!
الرضوخ الأمريكيّ استفادت منه الطبقة الحاكمة وثبتت أقدامها في أروقة القصور الفخمة، وملأت جيوبها بالأموال ونفائس الممتلكات، بينما كان "حصاد" رجال المقاومة بعيدا عن موقفهم المشرّف؛ الضياع بين المقابر ودهاليز السجون وظلمات المهاجر!
والمعارضة السياسيّة تنقسم لعدّة أنواع، وهي قد تكون داخليّة ومنظّمة وفقا للدستور، وتمارس دورها في ظلّ أنظمة رصينة عَرَفت كيف تستوعب النقمة الشعبيّة بالحكمة، وفتح أبواب النقد البنّاء والعمل المشترك لبناء الدولة والإنسان، وهذا يكون في الأنظمة الحكيمة التي تَحترم الإنسان، بعيدا عن المسمّيات التي قد تدخل في باب العدل الاجتماعيّ أو الديمقراطيّة أو الدستوريّة الملكيّة وغيرها من المفاهيم، وهذه أفضل أنواع الحكم والمعارضة.
والنوع الثاني وهو على النقيض من الأوّل، وهي المعارضة العبثيّة في ظلّ أنظمة دكتاتوريّة، وهنا يكون الخراب من كلا الطرفين، ونكون حينها أمام معتقلات مليئة بالموت، والظلم، وخطابات معارضة مليئة بالغوغائيّة والتخريب!
والثالث، وهو الأصعب، وهي المعارضة الراشدة العاملة مع الأنظمة الظالمة، وهذه المعارضة ستدفع ثمن حكمتها بالتهجير والاعتقالات وغيرها من أنواع الظلم، وهذه من أنقى المعارضات، وتمتلك شعبيّة داخليّة رغم الرعب الدكتاتوريّ!
والنوع الرابع، والنادر، والذي هو على خلاف الثالث، ويكون مع وجود حكومة رشيدة، ومعارضة همجيّة لا تعرف كيف تستفيد من الحكمة الرسميّة والعدل القانونيّ، وهذه "المعارضة" لا تَمتلك أيّ حضور شعبيّ!
والتاريخ السياسيّ العراقيّ مليء بالنظم المعارضة، وهكذا كانت المعارضة للحكم الملكيّ منذ عشرينيّات القرن الماضي ولغاية مجزرة العائلة المالكة يوم 14 تموز/ يوليو 1958. وتواصلت المعارضة مع النظم الجمهوريّة المتعاقبة منذ منتصف العام 1958 ولغاية الاحتلال الأمريكيّ بداية العام 2003!
وبعد الاحتلال توالت المعارضة للعمليّة السياسيّة على اعتبار أنّها جزء من المشروع الأمريكيّ وثمرة من ثماره الفاسدة، وهي مستمرّة حتّى اليوم!
ونحاول التركيز على المعارضة العراقيّة السياسيّة والسلميّة بعد العام 2003، ولن نتطرّق للتاريخ المشرّف والمشرق للمقاومة التي أجبرت المحتل الأمريكيّ على الرضوخ وتوقيع اتّفاقية الانسحاب "غير التامّ" نهاية العام 2011. والرضوخ الأمريكيّ استفادت منه الطبقة الحاكمة وثبتت أقدامها في أروقة القصور الفخمة، وملأت جيوبها بالأموال ونفائس الممتلكات، بينما كان "حصاد" رجال المقاومة بعيدا عن موقفهم المشرّف؛ الضياع بين المقابر ودهاليز السجون وظلمات المهاجر!
والمعارضة الحالية، بعيدا عن عناوينها وشخوصها، تختلف من حيث منابعها الفكريّة، فمنها العلمانيّة، والإسلاميّة، والعشائريّة، والقوميّة، وغيرها، وهي قد تكون حزبيّة ومؤسّساتيّة شبه منظّمة، أو شخصيّة منفردة!
وتتنوّع غايات المعارضة السياسيّة، فمنها مَن يحلم باستعادة أمجاد شخصيّة سُلِبَت، وهناك مَن يأمل بالمناصب الكبرى، وغيرها من الطموحات والأحلام، ولكنّ بعض قوى المعارضة تعمل لعراق مليء بالعدل والسلام والمحبّة والتعايش!
ومن أبشع صور المعارضة المرفوضة هي المعارضة الأنانيّة، أو الحزبيّة الرافضة لطروحات الآخر إلا إذا توافقت مع طروحاتها تماما وتسير وفقا لرأيها!
المطلوب الآن هو توحيد صفوف المعارضة وتنقيتها من الوصوليّين وأصحاب الخطابات الفوضويّة الذين يفبركون الخطابات والبيانات والأحداث، وخصوصا بواسطة الذكاء الاصطناعيّ، وهؤلاء يطعنون المعارضة في مَقْتَل ويحرقون أوراقها، ويَدمّرون مصداقيّتها وينهون جمهورها
والمعارضة ليست جميعها إيجابيّة وصافية، ومن أخطرها المعارضة القائمة على الخطابات المسمومة التي ظاهرها العداء وباطنها الطعنّ بالمعارضة، وبالذات تلك التي تُعادي بعض المشاركين في العمليّة السياسيّة وتوالي آخرين منهم، وهؤلاء ضمن الخطّة (ب) التابعة لبعض القوى الحاكمة الآن، حيث يُراد منهم أن يتصدّروا المشهد فيما لو حدث أيّ تغيير مستقبليّ!
والخطابات العبثيّة جزء من المؤامرة على المعارضة، وربّما هي مدعومة من أطراف مالكة للمال والسلطة، وعليه ينبغي ترشيد الخطابات المعارضة ومن يَصرّ -دون أيّ مُبَرّر حقيقيّ ومقنع- على الخطابات العبثيّة ينبغي التحذير منه لأنّه يُساهم في طعن الخطاب المعارض السليم والنبيل!
وفي المقابل، هنالك المعارضة الرصينة القائمة على أسس سليمة ومشروع نهضويّ وطنيّ جامع بعيد عن الانتقام، وقائم على تقديم القتلة والمجرمين والمخرّبين للقضاء العادل!
المطلوب الآن هو توحيد صفوف المعارضة وتنقيتها من الوصوليّين وأصحاب الخطابات الفوضويّة الذين يفبركون الخطابات والبيانات والأحداث، وخصوصا بواسطة الذكاء الاصطناعيّ، وهؤلاء يطعنون المعارضة في مَقْتَل ويحرقون أوراقها، ويَدمّرون مصداقيّتها وينهون جمهورها!
وهكذا فإنّ الخطاب المعارض الرصين، البعيد عن السبّ والشتم والطعن بالأعراض، يمتلك القدرة على أن يُقنع الجماهير، عبر كافّة المنابر الإعلاميّة، ومَن لا يقدر على إقناع الجماهير فلا أدري كيف يمكنه أن يؤدّي الدور المطلوب منه، وكأنّه يتكلّم مع نفسه في صحراء السماوة العراقيّة!
المعارضة ينبغي أن تكون رصينة وأمينة وعادلة ونقيّة وساعيّة للبناء والعدل والخدمة، وليست هزيلة وخائنة وظالمة وفاسدة وساعية للتخريب والفوضى!
اعملوا للعراق بقلوب صافية، وأيادٍ نقية، وصفوف متراصّة وإلا فلا يمكن للمعارضة المتناحرة، والفاسدة، والمتنافرة أن تحقّق أهدافها لأنّها ليست أهلا للنصر والقيادة والتصدّر!
x.com/dr_jasemj67