الغرب بين الدبلوماسية والتردد.. لماذا يخشى مواجهة جذور الأزمة في الشرق الأوسط؟
تاريخ النشر: 24th, June 2025 GMT
يواجه الوسط السياسي الغربي أزمة واضحة في التعامل مع تطورات الأزمة في الشرق الأوسط رغم دعوات قادته إلى الدبلوماسية وضبط النفس، تظل مواقفهم مترددة، وغالبًا ما يتجنبون الاعتراف بالأسباب الحقيقية للصراع.
ونشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتبة نسرين مالك، قالت فيه إنه منذ بدء الحرب على غزة، اتسمت الديناميكية المحددة بغضب وذعر وقلق غير مسبوقين من الجمهور، يدور حول وسط سياسي هادئ بشكل مخيف، وإن رد الفعل الضعيف من الأحزاب الليبرالية السائدة لا ينسجم تماما مع خطورة اللحظة.
وأضافت مالك أنه مع انضمام الولايات المتحدة إلى "إسرائيل" في مهاجمة إيران، وتوجه الشرق الأوسط نحو تفكك كارثي، فإن جمودهم أصبح أكثر إرباكا من أي وقت مضى، وإنهم مجرد ركاب في حرب تل أبيب، إما مستسلمون للعواقب أو غير راغبين في جوهرهم حتى في التشكيك في حكمتها.
وتابعت الكاتبة أنه بينما يصرخ الواقع في وجه السياسيين في جميع أنحاء الغرب، فإنهم يخلطون الأوراق ويعيدون تسخين الخطاب القديم، كل ذلك في حين يذعنون لـ"إسرائيل" والبيت الأبيض اللذين فقدا صوابهما منذ فترة طويلة.
وأشارت إلى أنه في وقت يشهد مخاطر جيوسياسية شديدة، يقدم الوسط نفسه على أنه الطرف الحكيم في هذه المشاجرة، ويدعو إلى الهدوء والدبلوماسية، لكنه عاجز تماما عن معالجة السبب الجذري أو تحديه، ويخشى البعض حتى تسميته.
وأضافت أن "إسرائيل" اختفت من المشهد، ولم يتبق سوى أزمة مؤسفة وإيران تهدد، حيث دعا رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى خفض التصعيد، ولكنه أشار إلى التصعيد نفسه الذي يرغب في تجنبه - أي تدخل الولايات المتحدة - باعتباره تخفيفا لـ"التهديد الخطير" الذي تشكله إيران، في الوقت الذي يعزز فيه القوات البريطانية في الشرق الأوسط.
قالت مالك إن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أكدت على أهمية الدبلوماسية مع الحرص على التأكيد على أن إيران هي "المصدر الرئيسي" لعدم الاستقرار في المنطقة، كما بدا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وكأنه يعيش في عالم الواقع، محذرا من الفوضى الحتمية التي قد تنجم عن تغيير النظام في إيران وتكرار أخطاء الماضي.
وتابعت قائلة "لكن بحلول يوم الأحد، انضمت فرنسا إلى الجوقة الداعية إلى خفض التصعيد وضبط النفس بعبارات عامة غامضة، وأكدت المعارضة الحازمة للبرنامج النووي الإيراني".
وأكملت كاتبة المقال أن الحرب مع إيران خبر سيئ للغاية، وتُقدم عددا من السيناريوهات المُزعزعة للاستقرار بشكل كبير: تغيير النظام دون خطة لليوم التالي، مما يترك كادرا كبيرا من القوات العسكرية والأمنية المسلحة في وضع حرج، وحشد القوات العسكرية الغربية في المنطقة التي قد تصبح أهدافا ونقاط اشتعال، أو ببساطة حرب استنزاف طويلة الأمد من شأنها أن تُسيطر على المنطقة وتفتح جرحا كبيرا مُتقيحا من الغضب والعسكرة. إنها أيضا - وهذا أمر اعتدنا عليه في هجمات إسرائيل - تقتل مئات الأبرياء ناهيك عن كونها، قبل كل شيء، غير قانونية، نظرا لمخاطرها القائمة.
وأضافت أن معظم القادة الغربيين ما زالوا يتعاملون معها على أنها مجرد فصل آخر من فصول حقائق العالم المؤسفة، ولكنها ثابتة في نهاية المطاف، ويجب التعامل معها. وهنا تكمن الحفرة العميقة في قلب الاستجابة لإسرائيل على مدار العام والنصف الماضيين - وسط شاغر. ترامب هو ترامب. لا أحد يتوقع منه ردا متماسكا وشجاعا ومستقرا تجاه إسرائيل، ولكن المشكلة تسبقه: مؤسسة سياسية من حماة الاستقرار، الذين يبدون ليبراليين وموثوقين، يفتقرون إلى بوصلة أخلاقية، ولا يكترثون للمعايير التي يدّعون باستمرار التمسك بها، تحت إدارتها، انتُهك القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان مرارا وتكرارا في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والآن إيران. كان ردها هو الابتعاد عن طريق إسرائيل في أحسن الأحوال، وتسليحها وتوفير غطاء دبلوماسي لها في أسوأ الأحوال.
وتابعت أن إدارة جو بايدن حددت النبرة، وتبعتها الحكومات الأوروبية. وتمسكت مجتمعة بالوضع الراهن المتمثل في الدعم غير المشروط لإسرائيل، وبذلك، حطمت الأعراف القانونية والأخلاقية التي منحتها أي قدر من النزاهة أو السلطة.
ومع ذلك، ما زالوا يواصلون عملهم وسط الحطام، تبدو تصريحاتهم حول أهمية الدبلوماسية وكأنها أصداء من حقبة مضت منذ زمن طويل - حقبة سبقت إبادة جماعية بثت مباشرة هدمت أي مظهر من مظاهر نظام متماسك للقانون الدولي، وما كشفته اللحظة الراهنة هو مجموعة من الأنظمة غير مؤهلة أساسا للأزمات، صالحة فقط للإدارة؛ مجموعة من السياسيين الذين لا يتمثل دورهم في إعادة التفكير في الطريقة التي تسير بها الأمور أو تحديها، بل ببساطة في توجيه الحركة الجيوسياسية.
وأضافت الكاتبة "مهمتهم هي في الواقع تحقيق الاستقرار، ولكن فقط بمعنى تثبيت نظام عالمي من الافتراضات والتسلسلات الهرمية الفاشلة. ليس الأمر جعل العالم مكانا أفضل، بل إضفاء غطاء من المصداقية على سبب ضرورة أن نعيش في هذا العالم الأسوأ".
وتابعت أنه لا ينبغي الخلط بين هذا وبين "البراغماتية". البراغماتية تعني انعدام الموقف أو المصلحة الشخصية. ما يُخفيه خطاب الانخراط المُتردد هو أنه مُستند إلى معتقدات لا تُحددها القيم، بل التفوق القَبلي. إيران دولة، في نظر المؤسسة الليبرالية، لا تتمتع بسيادة كاملة أبدا لأنها انحرفت عن المصالح الغربية، وليس لها حق الرد عند تعرضها للهجوم (بل في الواقع، يجب عليها التحلي بضبط النفس عند التعرض له). ليس لشعبها الحق في توقع دراسة متأنية لمستقبلها، أو حتى لمستقبل المنطقة بأكملها. أما إسرائيل، من ناحية أخرى، فهي دولة ذات سيادة عظمى، وليست مُذنبة أبدا.
واعتبرت أن "هذا الموقف الافتراضي عارٍ تماما في نفاقه، جاهل ومحدود الأفق في نظرته للعالم، واضح في استخفافه بالحياة البشرية، لدرجة أنه يُمثل تآكلا هائلا في تعقيد الخطاب السياسي، وانحدارا جديدا في ازدراء الجمهور. لا يمكن الدفاع عن دعم إسرائيل إلا بإشارات سطحية ومخالفة للمنطق إلى حقها في الدفاع عن نفسها حتى لو كانت المعتدي، وإلى "تهديد إيران للعالم الحر".
واردفت لكن هل هذا هو العالم الحر نفسه الذي دعم الهجمات الأحادية على أربع مناطق في الشرق الأوسط من قِبل إسرائيل، الدولة التي زعيمها مطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية؟ في هذه المرحلة، يُمثل العالم الحر نفسه التهديد الأكبر، الذي سيضحي بكل شيء لضمان عدم السماح بمرور أي تحد لسلطته.
واختتمت مالك قائلة إن النتيجة النهائية هي أن هؤلاء القادة ليسوا متخلّين عن مسؤولياتهم فحسب، بل إنهم غير ممثلين، وغير قادرين وغير راغبين حتى في صنع الموافقة بعد الآن. لقد ترسخت العدمية المتسارعة. تتلاشى التفويضات مع ابتعاد الحكومات والأحزاب السياسية الوسطية أكثر فأكثر عن الجمهور، الذي يُعلن في أوروبا عن مستوى دعم منخفض تاريخيا لإسرائيل. في الولايات المتحدة (بما في ذلك مؤيدو ترامب)، تُعارض الأغلبية التورط في حرب مع إيران. وهكذا تتسع الفجوة بين السياسة المنفصلة والواقع الدموي أكثر فأكثر. إن مديري الهيمنة الغربية يندفعون نحو الفراغ، ويأخذوننا جميعا معهم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية الشرق الأوسط نسرين مالك الشرق الأوسط دول الغرب نسرين مالك صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
من سايكس-بيكو إلى ترامب-نتنياهو: تقسيم المقسّم في مشروع الشرق الأوسط الجديد
بقلم د.أيمن عمر- أكاديمي وباحث اقتصادي وسياسي منذ اتفاقية سايكس-بيكو عام 1916، تشكّل المجال العربي على وقع خرائط مرسومة خارجيًا، قائمة على تفكيك الكيانات وتفجير التناقضات الداخلية.
واستُخدمت الطائفية والإثنيات كأداة لخلق كيانات مُقسَّمة في سوريا ولبنان. ورُسمت حدود لم تكن بريئة أو محايدة، بل أخذت بعين الاعتبار البنية الطائفية لتفكيك المجتمعات وخلق كيانات متنافسة. ومع صعود ما بات يُعرف بمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، كما نظّر له الأميركيون منذ غزو العراق عام 2003، وفعّله الثنائي ترامب– نتنياهو لاحقًا ضمن ما يُسمى "صفقة القرن"، ثم جاءت الحرب الإسرائيلية على غزة ثم على إيران لتقصّ شريط خريطة هذا الشرق الأوسط الجديد. وبات واضحًا أن إعادة تشكيل المنطقة لا تتم فقط عبر الاحتلال، بل أيضًا عبر تقسيم المجتمعات من الداخل على أسس طائفية وإثنية،ويتضمن رسم خريطة جيوسياسية جديدة عبر تقسيم المجتمعات على أسس مذهبية وعرقية، مع استبعاد واضح لفلسطين من الخريطة. لبنان وسوريا تحوّلتا إلى ساحات مركزية في هذا المشروع، حيث تُستخدم الطائفية كأداة لإعادة هندسة الدول، وتحويلها إلى كيانات ضعيفة موزعة بين المحاور الإقليمية. منذ اتفاقية سايكس-بيكو لم يكن التقسيم الجغرافي للعالم العربي مجرد حدود مرسومة على ورق، بل كان مشروعًا أعمق يقوم على إعادة تشكيل المنطقة بناءً على خطوط طائفية وإثنية تخدم مصالح القوى الكبرى. وفي قلب هذا المشروع، شكّلت سوريا ولبنان مختبرًا مثاليًا لتطبيق هذا النموذج، بفضل تركيبتهما السكانية المعقدة.
التأسيس الطائفي للجغرافيامثّلت الحرب الأهلية اللبنانية في ثمانينيات القرن الماضي نموذجًا عمليًا لتفكيك الدولة عبر طوائف وميليشيات، بما يتقاطع مع نموذج "الشرق الأوسط الجديد" القائم على كيانات طائفية وليست دولًا قوية، فكانت أول نموذج عملي لمشروع تقسيم المجتمع على أسس دينية ومذهبية. تقاسم مناطق النفوذ، وظهور الميليشيات، وانهيار الدولة المركزية، كلّها كانت مقدمات لما جرى لاحقًا في سوريا والعراق واليمن. مع اتفاق الطائف، لم تنته الطائفية بل تم تثبيتها بنيويًا. كل طائفة أُعطيت حصة دستورية ومؤسساتية، وبدأ الاقتصاد يُدار بمنطق الكانتونات، وهو ما يتقاطع تمامًا مع منطق الشرق الأوسط الجديد الذي لا يقوم على دول قوية، بل على مجتمعات ضعيفة مفككة.
تقسيم المقسم: إلغاء كيانات
نتنياهو في خطابه بالأمم المتحدة عام 2023 عرض خريطة منسوبة لمفهوم "الشرق الأوسط الجديد" تستثني فلسطين تمامًا، حيث ضمت دول التطبيع فقط (الإمارات، السعودية، مصر، البحرين) مع "إسرائيل" ضمن قوس أخضر تربطها بدول أوروبا الجنوبية عبر خط بري، بينما غابت الضفة وغزة وسوريا ولبنان والعراق بالكامل من الخريطة في هذا السياق، يعمل المشروع على تفكيك المجتمعات نفسها، ليس فقط رسم خرائط سياسية، بل إعادة هندسة المشرق العربي. وفق هذا التصوّر، لا مكان لدول قوية، ولا لجيوش موحّدة. المطلوب هو شرق أوسط مكوّن من دويلات مذهبية (سنية، شيعية، درزية، علوية...) وكيانات عرقية (كردية، تركمانية، أمازيغية...)، ونظم اقتصادية تابعة لإسرائيل والخليج والغرب. نتنياهو أراد تطبيعًا مع الدول العربية مقابل تجزئة وتقسيم المنطقة، وتثبيت "إسرائيل" كقوة فوق قومية. ترامب رأى في تفكك سوريا والعراق ولبنان فرصة استراتيجية لإنهاء المسألة الفلسطينية، وإغلاق ملف الدولة القومية العربية.
خرائط التقسيم ومقوماتها الاقتصادية
الخريطة الفعلية لسوريا ولبنان اليوم تشبه فعليًا تقسيمًا جغرافيًا–هوياتياً قسريًا يُدار على أساس الكانتونات، حيث تُحدَّد الولاءات والتحالفات تبعًا للمذهب والعرق، وتُبنى المصالح الاقتصادية والاستراتيجية على ذلك الأساس، وليس على أساس الدولة الوطنية الواحدة. الخريطة الفعلية لسوريا ولبنان اليوم تكشف عن تفكك فعلي للدولة المركزية، وتبلور كيانات طائفية–عرقية تدار بوظائف سياسية وأمنية واقتصادية محددة، ضمن خارطة إقليمية أوسع يُعاد رسمها تحت غطاء "السلام الإقليمي" أو ما بات يُعرف بـ"الشرق الأوسط الجديد". 1- سوريا: كانتونات أمر واقع ووظائف استراتيجية
- الشمال الشرقي (كردي): تُسيطر "قوات سوريا الديمقراطية" بدعم أمريكي مباشر على هذه المنطقة الغنية بالنفط والغاز والقمح. فهي تمثل الخزان النفطي الأكبر لسوريا، ما يمنحها مقومات اقتصادية للاستقلال شبه التام. الولايات المتحدة تحتفظ بقواعد عسكرية لحماية هذا الكانتون، وتوظف هذه الورقة للضغط على دمشق وأنقرة في آن واحد. استراتيجيًا، يشكل نقطة ارتكاز ضمن ما يُعرف بمشروع "كردستان الكبرى"، ويُمكن ربطه جغرافيًا بمسارات طاقة وممرات أمنية من كردستان العراق إلى المتوسط.
- الشمال الغربي (سني – تركي): منطقة نفوذ تركي مباشر، تضم إدلب وأجزاء من ريف حلب. تُدار عبر فصائل موالية لأنقرة، وتُستخدم كورقة أمنية وتجارية ضد كل من دمشق وقسد. قاعدة تركية وظيفية تندمج في استراتيجية تركيا التوسعية "ممر زانغزور" و"العمق السني" شمال سوريا. المنطقة ترتبط تجاريًا وأمنيًا بتركيا، وتشكل معبرًا محتملًا لممرات برية نحو الخليج وشرق المتوسط، كجزء من توازن مع ممر داوود.
- الساحل (علوي – شيعي): الحاضنة التاريخية للنظام السوري البائد، وتحوي قواعد بحرية روسية في طرطوس واللاذقية. رغم احتوائها على بعض المنافذ الاقتصادية البحرية، إلا أن هذا الكانتون يُعتبر أكثر عسكرية من كونه اقتصاديًا، معزول جزئيًا عن مشاريع الربط الإقليمي، ويُستخدم كخط دفاع أخير للنفوذ الروسي في المشرق.
- الجنوب (درزي وسني): هنا تتقاطع الجغرافيا مع الجيوسياسة بشكل حاد، تتمتع بعض المناطق بدرجة من الحكم الذاتي غير الرسمي، خاصة في السويداء التي تحولت إلى كانتون درزي شبه مستقل مدعوم ضمنيًا من إسرائيل تحت غطاء "حماية الأقليات"، ما يمنحه بعدًا استراتيجيًا كمخلب إسرائيلي في خاصرة دمشق. أكثر المناطق حساسية، لارتباطها المباشر بالجولان المحتل وبمشروع "ممر داوود"،منطقة السويداء تحديدًا تُظهر ميلًا نحو "حكم ذاتي" درزي برعاية غير معلنة من إسرائيل، ما يجعلها نقطة ارتكاز استراتيجية للمراقبة والتحكم في جنوب سوريا، وربما ممرًا مستقبليًا نحو الأردن، ضمن البنية التحتية للممر الإسرائيلي–الخليجي.
2- لبنان: فسيفساء الطوائف تتحول إلى مناطق نفوذ
- الكانتون الشيعي (الجنوب والبقاع): تُهيمن عليه قوى المقاومة المدعومة من إيران، ويشكل الامتداد البري الوحيد بين إيران وسوريا ولبنان. مع امتلاكه لمنفذ بري مع سوريا نحو البوكمال ودير الزور، يتحكم حزب الله فعليًا بأحد المحاور المضادة لممر داوود، أي "الممر الإيراني – المتوسط"، ما يجعله في قلب الصراع الجيواستراتيجي.
- الكانتون السني (طرابلس وعكار وبيروت): يعاني من الضعف الاقتصادي والانقسام السياسي. مع ذلك، يُنظر إليه من بعض القوى الإقليمية كممر تجاري مستقبلي نحو سوريا في حال نجاح مشاريع فصل الشمال السوري عن دمشق، أي ربط محتمل لمرفأ طرابلس بمناطق إدلب أو ريف حلب سيسهم في تكريس هذا الدور.
- الكانتون المسيحي (جبل لبنان والساحل): رغم تراجعه الديموغرافي، يحافظ على صلة اقتصادية بالغرب، ويمثل قاعدة مالية وخدماتية. لا يرتبط بشكل مباشر بأي ممر استراتيجي، لكنه يلعب دور المنطقة المحايدة نسبيًا، التي يمكن توظيفها في أي تسوية شاملة.
الكانتون الدرزي (جبل لبنان – الشوف): جغرافيًا، يلامس الجنوب اللبناني والسويداء السورية، ما يجعله طرفًا طبيعيًا في أي مشروع ربط بين الجليل والجنوب السوري، وخاصة في ظل احتمالات توسع ممر داوود، أو تشكيل منطقة عازلة متاخمة لإسرائيل ذات طابع درزي خفيف التسلح وغير معادٍ.
أحداث السويداء: نموذج الكانتون الوظيفي
أحداث السويداء الأخيرة كشفت بوضوح عن تحوّل المنطقة إلى كانتون فعلي، له هويته الداخلية، وآلياته المحلية في الحكم، وحياده تجاه الدولة المركزية. تدخلات إسرائيل في محيطها، والدعم السياسي غير المباشر، رسّخ منطق "الحماية الخارجية"، ما يعكس جوهر مشروع الشرق الأوسط الجديد. أحداثها الأخيرة كشفت عن تحولها إلى كانتون فعليّ بغطاء درزي داخلي ورعاية خارجية صامتة. إسرائيل، من خلال شبكات غير رسمية، تسعى إلى خلق منطقة مستقرة على حدودها الشرقية، قد تُدمج لاحقًا في ممر داوود أو تحيّد لصالحه، لتأمين المسار الذي يربط حيفا بالمرافئ الخليجية عبر الأراضي الأردنية والعراقية، دون المرور بأراضي معادية أو غير مضمونة.
من سايكس-بيكو إلى ترامب ونتنياهو، تسير المنطقة وفق منطق خارجي ثابت: تفتيت المقسم، وتحويل الدول إلى كيانات مذهبية ضعيفة. الشرق الأوسط الجديد، كما يُراد له، هو شرق أوسط بلا عرب، بلا هوية، بلا مركز. والمواجهة الحقيقية تبدأ من الوعي بهذه المعادلة. ويبدو أن الخطر الأكبر على المنطقة لم يعد في رسم خرائط جديدة، بل في تذويب الهويات الجامعة وتحويل المجتمعات إلى كيانات مشتتة متنازعة. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة نتنياهو: قرار ترامب الحازم بالتحرك معنا ضد الساعين لتدمير إسرائيل أحدث تغييرا ملحوظا في الشرق الأوسط Lebanon 24 نتنياهو: قرار ترامب الحازم بالتحرك معنا ضد الساعين لتدمير إسرائيل أحدث تغييرا ملحوظا في الشرق الأوسط 10/08/2025 15:06:41 10/08/2025 15:06:41 Lebanon 24 Lebanon 24 ترامب: الأمور تتحسن في الشرق الأوسط وتتجه لمستقبل جديد ويجب أن أقنع إسرائيل بأن تهدئ الأمور Lebanon 24 ترامب: الأمور تتحسن في الشرق الأوسط وتتجه لمستقبل جديد ويجب أن أقنع إسرائيل بأن تهدئ الأمور 10/08/2025 15:06:41 10/08/2025 15:06:41 Lebanon 24 Lebanon 24 سموتريتش: واثق أن نتنياهو وترامب سيحرران الشرق الأوسط من ارتهانه للقضية الفلسطينية Lebanon 24 سموتريتش: واثق أن نتنياهو وترامب سيحرران الشرق الأوسط من ارتهانه للقضية الفلسطينية 10/08/2025 15:06:41 10/08/2025 15:06:41 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان جديد من طيران الشرق الأوسط يتعلّق بتعديل رحلات Lebanon 24 بيان جديد من طيران الشرق الأوسط يتعلّق بتعديل رحلات 10/08/2025 15:06:41 10/08/2025 15:06:41 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص عربي-دولي ضيوف لبنان 24 قد يعجبك أيضاً بلدة جنوبية تبدأ حملة لتنظيف شوارعها بعد آثار العدوان الأخير Lebanon 24 بلدة جنوبية تبدأ حملة لتنظيف شوارعها بعد آثار العدوان الأخير 14:39 | 2025-08-10 10/08/2025 02:39:13 Lebanon 24 Lebanon 24 عز الدين: سلاح المقاومة هو حق للبنان Lebanon 24 عز الدين: سلاح المقاومة هو حق للبنان 14:34 | 2025-08-10 10/08/2025 02:34:48 Lebanon 24 Lebanon 24 في طرابلس... لا كهرباء ولا مياه! Lebanon 24 في طرابلس... لا كهرباء ولا مياه! 14:22 | 2025-08-10 10/08/2025 02:22:41 Lebanon 24 Lebanon 24 لم تصبها... غارة من مسيّرة على سيارة في ميفدون Lebanon 24 لم تصبها... غارة من مسيّرة على سيارة في ميفدون 14:19 | 2025-08-10 10/08/2025 02:19:02 Lebanon 24 Lebanon 24 بهية الحريري: كل التضامن مع المؤسسة العسكرية وأسر الشهداء Lebanon 24 بهية الحريري: كل التضامن مع المؤسسة العسكرية وأسر الشهداء 14:14 | 2025-08-10 10/08/2025 02:14:23 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة "معلومات أولية" عن حادثة "مخزن مجدلزون".. ماذا تقول الروايات؟ Lebanon 24 "معلومات أولية" عن حادثة "مخزن مجدلزون".. ماذا تقول الروايات؟ 21:49 | 2025-08-09 09/08/2025 09:49:51 Lebanon 24 Lebanon 24 نقلة نوعية في قطاع النقل العام.. قريباً في شوارع بيروت تاكسي بـ 50 ألف ليرة فقط! (فيديو) Lebanon 24 نقلة نوعية في قطاع النقل العام.. قريباً في شوارع بيروت تاكسي بـ 50 ألف ليرة فقط! (فيديو) 16:30 | 2025-08-09 09/08/2025 04:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 "لا كهرباء".. معمل في لبنان "خارج الخدمة" Lebanon 24 "لا كهرباء".. معمل في لبنان "خارج الخدمة" 10:20 | 2025-08-10 10/08/2025 10:20:28 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو: عمّال غادروا لبنان… وورش توقفت Lebanon 24 بالفيديو: عمّال غادروا لبنان… وورش توقفت 22:00 | 2025-08-09 09/08/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 صورٌ ونبذة عنهم.. هؤلاء هم شهداء الجيش إثر حادثة زبقين Lebanon 24 صورٌ ونبذة عنهم.. هؤلاء هم شهداء الجيش إثر حادثة زبقين 18:46 | 2025-08-09 09/08/2025 06:46:58 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 14:39 | 2025-08-10 بلدة جنوبية تبدأ حملة لتنظيف شوارعها بعد آثار العدوان الأخير 14:34 | 2025-08-10 عز الدين: سلاح المقاومة هو حق للبنان 14:22 | 2025-08-10 في طرابلس... لا كهرباء ولا مياه! 14:19 | 2025-08-10 لم تصبها... غارة من مسيّرة على سيارة في ميفدون 14:14 | 2025-08-10 بهية الحريري: كل التضامن مع المؤسسة العسكرية وأسر الشهداء 14:03 | 2025-08-10 بلدية صيدا شاركت في حملة تنظيف الشاطئ والبحر فيديو مشهد مروع.. طفلة علقت على حافة شرفة منزلها في الطابق الـ 11 وهذا ما حلّ بها (فيديو) Lebanon 24 مشهد مروع.. طفلة علقت على حافة شرفة منزلها في الطابق الـ 11 وهذا ما حلّ بها (فيديو) 11:00 | 2025-08-09 10/08/2025 15:06:41 Lebanon 24 Lebanon 24 بهوية مزيفة امرأة عالجت آلاف المرضى.. شاهدوا لحظة إلقاء القبض عليها Lebanon 24 بهوية مزيفة امرأة عالجت آلاف المرضى.. شاهدوا لحظة إلقاء القبض عليها 06:43 | 2025-08-08 10/08/2025 15:06:41 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو: فضيحة الأدوية المزوّرة والمهربة.. هكذا خدعت صيدليات كبيرة اللبنانيين Lebanon 24 بالفيديو: فضيحة الأدوية المزوّرة والمهربة.. هكذا خدعت صيدليات كبيرة اللبنانيين 17:17 | 2025-08-07 10/08/2025 15:06:41 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24