لجريدة عمان:
2025-08-02@13:10:28 GMT

القاتلُ الذي يتجاهله الكثيرون

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

ترجمة: بدر بن خميس الظفري

بعض المواضيع الكبرى التي يواجهها العالم تحظى بقدر كبير من الاهتمام. فقضايا تغير المناخ والحروب والهجرة تتصدر عناوين الأخبار باستمرار، وتتلقى تمويلاً ضخماً من الدول والأفراد.

أما المشاكل الكبرى الأخرى مثل السل ونصف التغذية فتحظى بقدر أقل من الاهتمام، ولا يدرك الناس أهمية هذه المشاكل، ولكنها تشكل أولوية عالمية كبرى، وتحظى بمخصصات تمويليّة.

حتى الأمراض الاستوائية المهملة التي أطلق عليها اسم «داء الكلب»، والعمى النهري، والجذام، والتي تودي بحياة نحو 200 ألف شخص كل عام فـي البلدان الأقل نمواً، لها برامجها الخاصة فـي منظمة الصحة العالمية.

ولكن هناك تحدياً لا نسمع عنه إلا القليل، ولكنه يؤثر على أكثر من مليار إنسان فـي مختلف أنحاء العالم، ومن الممكن معالجته بكفاءة عالية يمكننا أن نطلق عليه اسم «المرض الهائل المهمل».

لقد حقق العالم تقدماً كبيراً فـي التعامل مع الأمراض المعدية. فقبل قرنين من الزمان، كانت هذه الأمراض تتسبب بشكل روتيني فيما يقرب من نصف الوفيات، ولكنها اليوم تقتل أقل من 15%. وبدلاً من ذلك، فإن نصف الوفيات ناجمة عن اثنين من أكثر الأمراض القاتلة، أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان. يتسبب السرطان فـي حوالي 18% من جميع الوفيات، ولكن من الصعب والمكلف التعامل معه مع معدلات نجاح متواضعة فقط.

إن القاتل الأكبر على الإطلاق، والذي يُطلق عليه من الناحية الفنية مرض القلب والأوعية الدموية ولكنه يتألف فـي الغالب من النوبات القلبية والسكتات الدماغية، مسؤول عن أكثر من 18 مليون حالة وفاة كل عام، وهو ما يشكل ثلث جميع الوفيات فـي العالم. وتشكل الأنظمة الغذائية غير الصحية، وقلة النشاط البدني، واستهلاك التبغ والكحول، جزءًا كبيرًا من المشكلة، وهي الأسباب التي تؤدي إلى السمنة وارتفاع ضغط الدم.

ينصحك الأطباء بالتوقف عن التدخين، والحد من تناول الكحول والملح، وممارسة المزيد من التمارين الرياضية، واستهلاك عدد أقل من السعرات الحرارية، وتناول المزيد من الفواكه والخضروات، إلا أنّه من الواضح أن اتباع هذه النصيحة ليس بالأمر السهل. يمكن أن يساعد تنظيم التبغ والكحول فـي تسهيل هذه المهمة، إلى جانب تقليل مستويات الملح فـي الوجبات الجاهزة.

ولكن التركيز على ارتفاع ضغط الدم يشكل مفتاحاً لكبح جماح هذا «المرض الهائل المهمل». ومن المدهش أن مؤشر ارتفاع ضغط الدم يشكل أكبر خطر وفاة على مستوى العالم، حيث يؤدي إلى وفاة نحو 11 مليون شخص سنوياً، وهو ما يمثل 19% من إجمالي الوفيات فـي العالم.

مع تقدم سكان العالم فـي السن، أصبح عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم يتزايد باستمرار ـ فقد تضاعف عدد المصابين خلال الثلاثين عاماً الماضية إلى نحو 1.3 مليار شخص. ولأن المرض لا يسبب أعراضاً واضحة، فإن نصف المصابين به لا يدركون ذلك، وأربعة من كل خمسة مصابين لا يتلقون العلاج المناسب.

إن هذا المزيج يجعل ارتفاع ضغط الدم مؤثرا بشكل هائل، ومهملا بشكل مدهش.

والخبر السار هو أن علاج ارتفاع ضغط الدم رخيص وفعال بشكل لا يصدق مع وجود حبة واحدة أو أكثر غير محمية ببراءات الاختراع ولا تكلف شيئا تقريباً. ويتم ذلك بشكل جيد إلى حد ما فـي البلدان الغنية، ولكن ينبغي لنا أن نفعل ذلك فـي جميع أنحاء العالم.

إن تكاليف فحوصات ارتفاع ضغط الدم لا تتجاوز دولاراً واحداً للفرد، وتكلف وصفة أدوية ارتفاع ضغط الدم عادة ما بين 3 إلى 11 دولاراً سنوياً. وتُظهِر الأبحاث أن السيطرة على ارتفاع ضغط الدم فـي البلدان الأقل نمواً تكلف نحو 3.5 مليار دولار سنوياً لكنها قد تنقذ ما يقرب من مليون حياة كل عام. وإذا وضعنا هذه التكاليف فـي الحسبان من الناحية الاقتصادية، فإن كل دولار ينفق من شأنه أن يحقق عائداً على المجتمع يبلغ 16 دولاراً، وهو ما يجعلها واحدة من أكثر السياسات كفاءة على مستوى العالم.

وعلى الرغم من أن الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية أصبحت قاتلة أكثر من الأمراض المعدية حتى فـي الدول النامية، فإنها لا تتلقى سوى القليل من التمويل.

ويمثل التمويل الخارجي ما يقرب من 30% من الإنفاق الصحي فـي البلدان المنخفضة الدخل، ولكن 5% فقط من كل هذا التمويل يذهب إلى علاج الأمراض المزمنة. على سبيل المثال، فـي نيجيريا، حيث أصبحت أمراض القلب مسؤولة الآن عن وفاة واحدة من كل 10 أشخاص، أطلق قسم الأمراض غير المعدية التابع لوزارة الصحة الفيدرالية برنامجاً جديداً للسيطرة على ارتفاع ضغط الدم. وهذه بداية ممتازة، ولكن من المهم أن يزيد المانحون من دعمهم للبرامج التي تزيد من فرص الحصول على خدمات الوقاية والعلاج الشاملة عالية الجودة وبأسعار معقولة لارتفاع ضغط الدم، ليس فقط فـي مختلف أنحاء أفريقيا بل وفي جميع البلدان النامية.

إن ارتفاع ضغط الدم هو الخطر القاتل الأول على مستوى العالم، ومع ذلك فإنه لا يحظى إلا بقدر ضئيل من الاهتمام والتمويل. وبمبلغ 3.5 مليار دولار فقط فـي العام، يمكننا تنفيذ أحد أفضل الحلول للعالم، وإنقاذ ملايين الأرواح.

بيورن لومبور هو رئيس مركز إجماع كوبنهاجن وزائر مؤقت فـي مؤسسة هوفر بجامعة ستانفورد.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ارتفاع ضغط الدم فـی البلدان

إقرأ أيضاً:

رئيس وزراء فرنسي سابق: علينا أن نواجه الجنون القاتل في غزة

قالت صحيفة لوموند إن الصمت أمام فظاعة الوضع في قطاع غزة لم يعد ممكنا لرئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومينيك دو فيلبان، لأنه يراه تواطؤا مع إسرائيل.

وقال دو فيلبان في مقال بالصحيفة إن على الجميع واجب التصرف وكشف الجريمة الجارية، مشيدا بمواجهة جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكب هناك، وبتزايد الأصوات التي تتحدث علنا عن ذلك، كأصوات المؤرخين والجمعيات الإسرائيلية التي وصفها بالشجاعة.

وفي ذكرى مجزرة سربرنيتسا، قال الدبلوماسي الفرنسي إنه بات مُدركا الآن كيف يمكن تحقيق ما بدا مستحيلا بالأمس، مؤكدا أن الصمت والتغاضي المتعمد والشلل الأخلاقي هي الظروف التي تؤدي أكثر بكثير من الضعف البشري إلى إمكانية وقوع إبادة جماعية.

فلسطينيون يعودون بطرود غذائية من نقطة توزيع مؤسسة غزة الإنسانية بعد أن نجوا من الرصاص الإسرائيلي (الفرنسية)

وذكر دو فيلبان أن الصمت تواطؤ وإطلاق الأسماء على الأشياء فعل، ومن ثم يجب أن نسمي الأشياء بأسمائها، مؤكدا أن إبادة جماعية حقيقية تتكشف أمام أعيننا في غزة، حيث تتراكم أشكال الموت؛ موت من آثار القصف المتواصل، وموت من التجويع المنظم، وموت بالرصاص يلاحق من حاول الحصول على بضعة غرامات من الدقيق، وموت نتيجة التخلي التام عن شعب محروم من الماء والكهرباء والدواء، ثم موت نتيجة إذلال المحرومين من الكرامة ومن كل أمل.

وليست نية هذه الإبادة ضمنية، بل هي معلنة ومطالب بها من قبل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والعديد من القادة السياسيين الإسرائيليين الذين يتبنون الآن علنا، بتواطؤ الإدارة الأميركية وسلبية الدول الأوروبية، مشروع إبادة شعب بأكمله.

ويقول الدبلوماسي الفرنسي: "أود أن أخاطب اليوم الضمائر والشعوب والدول، حتى ينكسر الصمت والتقاعس، حتى يتمكن الجميع، من مثقفين وفنانين ومواطنين أينما كانوا من اتخاذ موقف واضح وحازم وفوري، حتى ينتهي هذا التواطؤ السلبي الذي يجعل أسوأ المآسي الإنسانية ممكنة".

دو فيلبان: لأننا نعلم ونرى ونفهم، فعلينا واجب أخلاقي مطلق بالتحرك والتحدث علنا، ومعارضة هذا الجنون القاتل الذي يتكشف أمامنا

دولنا لديها القدرة

ولأنه لن يتمكن أحد غدا من القول إنه لم يكن يعلم، ولأننا نحن نعلم ونرى ونفهم، فعلينا واجب أخلاقي مطلق بالتحرك والتحدث علنا، ومعارضة هذا الجنون القاتل الذي يتكشف أمامنا، حسب دوفيلبان الذي صرح أيضا "آن لفرنسا ودول العالم أن تعيد اكتشاف كلمة الشرف المفقودة، تلك التي ترفض الإبادة الجماعية، تلك التي ترفض اللاإنسانية".

إعلان

وأضاف "نعلم أن دولنا قادرة على تقديم ردود فعل ملموسة من خلال إصدار مرسوم بتعليق اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل فورا ما دامت انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة، ومن خلال الدعم النشط للملاحقة القضائية الفعالة للمسؤولين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية وتنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عنها".

ودولنا -كما يقول دو فيلبان- قادرة على تنظيم إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة عبر تدخل مسلح مشروع، بدافع واجب حماية المدنيين، وقادرة على فتح أبواب غزة أمام الصحفيين من جميع أنحاء العالم، وكذلك على تكثيف التعبئة الدولية للاعتراف بدولة فلسطينية قابلة للحياة، قادرة على حماية مواطنيها والعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • العراق خارج قائمة أكثر دول العالم حرارة(جدول)
  • ما العلاقة بين ضغط الدم والسكري: لماذا يرتفع كلاهما معا؟
  • إسرائيل انتصرت.. ولكن على شرعيتها!
  • حين يصبح الصمت جريمة.. غزة تنزف والضمير العالمي في غيبوبة
  • في 6 أشهر.. ارتفاع المسافرين جوًا في المملكة إلى أكثر من 66 مليونا
  • بديل طبيعي للإقلاع عن التدخين يتجاهله الجميع رغم فعاليته.. لماذا؟
  • رئيس وزراء فرنسي سابق: علينا أن نواجه الجنون القاتل في غزة
  • 6 علامات خطيرة في العين قد تكشف عن نوبة قلبية وشيكة | تفاصيل
  • عفاف شعيب تعلن مفاجأة إنسانية عن لطفي لبيب لا يعلمها الكثيرون.. فيديو
  • ماذا يركب الناس؟.. أكثر 10 سيارات شعبية ومبيعا في العالم