موسى مصطفى موسى يكتب: حقوق الإنسان في مصر ثورة دستورية
تاريخ النشر: 25th, September 2024 GMT
شهدت مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 تحولات كبيرة في مجال حقوق الإنسان، وجاءت الوثيقة الدستورية الأخيرة لتعكس شعارات الثورة وتحويلها إلى نصوص دستورية صريحة، فأعطت نصيب الأسد للحقوق والحريات، وهو اهتمام لم يسبق له مثيل في تاريخ الدساتير المصرية.
أضاف دستور ثورة 30 يونيو حقوقًا جديدة للمواطن المصري لم تكن موجودة من قبل، تضمنت الوثيقة الدستورية حقوقًا مبتكرة تركز على الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية التي تزيد من امتيازات الفرد وحقوقه، ومن أبرز تلك الحقوق: إعطاء الحق للمرأة المصرية في منح الجنسية لأبنائها، حيث إنه ولأول مرة في التاريخ المصري، تُمنح المرأة حقًا مساويًا للرجل في منح الجنسية لأبنائها، فهو حق لم تعهده المرأة من قبل كما أشار الدستور في مادته أيضًا رقم 52 إلى التأكيد على أن التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم.
تعددت امتيازات دستور ثورة 30 يونيو تجاه حقوق الإنسان فنص الدستور على أن مكافحة التمييز والحض على الكراهية جرائم يعاقب عليها القانون، لضمان الحد من آثار التمييز بين الأفراد وزيادة الكراهية بينهم.
الدستور المصري لم يقتصر على ما سبق فقط من حقوق الأفراد بل إنه امتد للحديث عن ضمان حقوق المتهمين مشيراً في مادته رقم (54) إلى أن كل من قُيدت حريته يجب أن يمثل أمام جهات التحقيق خلال 24 ساعة، وله حق التظلم والفصل فيه خلال أسبوع، مع ضمان حقوق المتهمين، وخاصة ذوي الإعاقة، من خلال توفير أماكن احتجاز إنسانية آدمية لائقة، كما أن جميع السجون خاضعة للإشراف القضائي لضمان تطبيق معايير حقوق الإنسان.
الاهتمام الكبير الذي أبداه الدستور بحقوق الإنسان ظهر أيضًا في التزام الدولة بعدد كبير من المواد التي تدعم هذه الحقوق، في الدستور الحالي، نجد أن هناك نحو 62 التزامًا واضحًا للدولة تجاه مواطنيها واللاجئين إليها، مقارنة بـ12 التزامًا فقط في دستور الإخوان السابق.
هذا التوسع في حقوق الإنسان دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تدشين «الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في سبتمبر 2021، بهدف تحويل حقوق الإنسان الدستورية إلى واقع ملموس في القوانين المصرية، والسعى لمواجهة التحديات التي تحول دون تطبيق هذه الحقوق، مثل قضايا الحبس الاحتياطي، وتحقيق العدالة الجنائية، وضمان وصول الدعم لمستحقيه التي كانت نواة جلسات الحوار الوطني التي تضمنت الحديث عن الحبس الاحتياطي وتعديلات الإجراءات الجنائية وهو ما تحققت فيه نتائج ملموسة في الجلسات الماضية، مع التركيز في الجلسات القادمة على وضع آليات أكثر دقة لضمان وصول الدعم لمستحقيه بما يضمن للمواطن الحصول على الحقوق والامتيازات.
وفي إطار الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية، طالب المشاركون في جلسات الحوار بتجاوز التحديات التشريعية والقانونية التي تعيق تنفيذ النصوص الدستورية المتعلقة بحقوق الإنسان، كما جرى تكليف الحكومة بإعداد مقترحات لتعديل التشريعات الضرورية لتعزيز حقوق الإنسان وتفعيل النصوص الدستورية على أرض الواقع وهو ما ظهر جلياً في النقاشات التي طالت قانون الإجراءات الجنائية الذي خرج من إطار جلسات الحوار إلى الطرح وإبداء الآراء بين أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس النواب لمناقشة كل ما يتعلق بالقانون والتعديلات من قريب أو بعيد، راعت فيه اللجنة جميع الآراء والتدخلات للوصول إلى صيغة إيجابية تحظى بالتأييد من كل الأطراف من خلال حوار مجتمعي مثمر، وهو ما أفضى إلى أن مصير التعديلات الآن في انتظار الطرح في جلسة عامة بمجلس النواب في دور الانعقاد القادم مطلع الشهر المقبل، ما يدل على نجاح الحوار الوطني في التوصل إلى حلول لتلك التحديات والمشكلات التي كانت تمثل عائقًا كبيراً في السنوات السالفة، ويؤكد أيضًا على نجاح جهود الدولة المصرية والقيادة السياسية في تعزيز دور حقوق الإنسان والارتقاء بالمواطن المصري على الصُعد كافة.
وهنا يجب أن أتوجه بالشكر والامتنان إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي لاهتمامه البالغ بتفعيل نصوص الدستور المتعلقة بحقوق الإنسان، هذا الاهتمام ظهر من خلال دعمه للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وتكليفه للحكومة والجهات المعنية بإزالة جميع العوائق التي تحول دون تطبيق هذه الحقوق، فقد عكست تلك المبادرات والإجراءات مدى حرص الرئيس السيسي على تعزيز حقوق الإنسان ودعمها، وتحويل النصوص الدستورية إلى واقع قانوني على الأرض.
أود أن أشير في الختام إلى أن الدستور الجديد والتعديلات القانونية المتلاحقة تعكس التزام مصر بحقوق الإنسان في مختلف المجالات، سواء كانت مدنية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وهذا التوجه يؤكد أن الدولة تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز حقوق مواطنيها وتطبيق معايير العدالة الاجتماعية والمساواة.
المهندس موسى مصطفى موسى.. رئيس حزب الغدالمصدر: الوطن
كلمات دلالية: حقوق الإنسان الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان الدستور الحكومة بحقوق الإنسان حقوق الإنسان حقوق ا
إقرأ أيضاً:
في يومها العالمي.. الشباب المصري: حقوق الإنسان تمثل أساسا لاستقرار المجتمع وتقدمه
أصدر مجلس الشباب المصري، بيانًا موسعًا، بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يوافق العاشر من ديسمبر، مؤكدًا أن هذه المناسبة تأتي هذا العام بينما يشهد العالم تحديات معقدة نتيجة التوترات الجيوسياسية، واتساع الفجوات الاقتصادية، وتسارع التحولات التكنولوجية، الأمر الذي يؤثر بصورة مباشرة على قدرة الدول والمجتمعات على حماية حقوق الأفراد وضمان كرامتهم.
وأوضح المجلس، أن هذه المتغيرات تعيد التأكيد على أهمية تعزيز منظومات العدالة، واحترام مبادئ سيادة القانون، وتفعيل آليات الحماية القانونية بما يحفظ الاستقرار ويعزز الثقة المجتمعية.
وأشار المجلس ، إلى أن حقوق الإنسان ليست التزامًا قانونيًا فحسب، بل تمثل أساسًا لاستقرار المجتمع وقدرته على التقدم، وأن المبادئ التي رسخها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ اعتماده لا تزال تشكل مرجعًا أساسيًا للسياسات والتشريعات التي تسعى لحماية الإنسان وصون كرامته.
وأكد المجلس، أن هذه المبادئ ليست دعوات نظرية، وإنما ضمانات عملية تتجسد في السياسات والتشريعات والممارسات التي تمس حياة المواطنين اليومية وتؤثر في فرصهم ومستقبلهم.
وأوضح البيان، أن السنوات الأخيرة شهدت جهودًا مهمة على المستوى الوطني، شملت تطوير الأطر التشريعية والمؤسسية ذات الصلة بحقوق الإنسان، وإطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بما حملته من رؤية شاملة تترجم التزام الدولة بتعزيز الحقوق والحريات، إلى جانب توسيع مساحات الحوار بين الدولة والمجتمع، وفتح مسارات جديدة لدعم المشاركة المجتمعية.
وأكد المجلس، أن هذه التطورات تمثل خطوة نوعية في مسار بناء ثقافة وطنية لحقوق الإنسان ترتبط بمشروع الدولة نحو التحديث والاستجابة لتحديات العصر، مع إدراك أن هذا المسار تراكمي ويحتاج دائمًا إلى مراجعة دقيقة واستمرار في المتابعة وتصحيح المسارات حيثما لزم الأمر.
وأكد الدكتور محمد ممدوح رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصري - خلال تصريح له - أن حقوق الإنسان ليست منفصلة عن حياة الناس اليومية، بل هي الإطار الذي يصون حرية المواطن ويضمن له حياة كريمة وفرصًا عادلة في التعليم والعمل والصحة والسكن.
وقال إن مجلس الشباب المصري يتعامل مع حقوق الإنسان على أنها ممارسة ومسؤولية مشتركة، وليست مجرد شعارات، مشيرًا إلى أن الشباب يشكلون القوة القادرة على دفع ملف الحقوق إلى الأمام من خلال مشاركتهم، وإيمانهم بقيم العدالة والإنصاف، وقدرتهم على قيادة التغيير في المجتمع، مضيفا أن تمكين الشباب وتوسيع فرص مشاركتهم هو الطريق الطبيعي لبناء مجتمع أكثر استقرارًا ووعيًا.
وأكد المجلس في بيانه، أن الحقوق المدنية والسياسية لا تنفصل عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن تحقيق التوازن بين هذه الفئات من الحقوق يعد شرطًا لضمان تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية، بحيث لا يمكن تعزيز الحريات دون تحسين جودة الحياة، ولا يمكن تحسين الظروف الاقتصادية دون ضمان مناخ يحترم الحريات الأساسية.
وأشار المجلس إلى أهمية دعم المؤسسات الوطنية، وتعزيز آليات المحاسبة، وضمان تطبيق التشريعات بما يحقق المساواة وعدم التمييز، إلى جانب تطوير برامج تدريب العاملين في أجهزة إنفاذ القانون بما يتسق مع المعايير الدولية.
وشدد البيان على أن حماية الحقوق والحريات مسؤولية مشتركة تتقاسمها مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والإعلام والجامعات، وأن مجلس الشباب المصري سيواصل دوره في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتقديم المبادرات التي تعزز المشاركة الشبابية، وتدعم الفئات الأكثر هشاشة، وتساعد في ترسيخ فهم أعمق لمعاني الكرامة الإنسانية.
وأكد المجلس، أن الكرامة بكل ما تحملها من معانٍ للحرية والمساواة والاحترام، هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع حديث، وهي الغاية التي يعمل على تعزيزها وحمايتها من خلال برامجه وأنشطته.