د.مرتضى الغالي

لكل أجل كتاب.. ونحن مؤمنون بالقدر وبأن البقاء لله وحده جلّ وعلا..! لكن يشاء بعض بني البشر أن يقفوا في صف الحق والخير.. يرحلون وتبقى ذكراهم حيّة متجددة.. حيث إنهم اختاروا جانب مكافحة الباطل والانتصار لبني وطنهم ضد كل صور القهر والفساد والتنكر للقيم وللإنسانية؛ وفي المقابل هناك من اختاروا أن يعيشوا كما تعيش السوائم وحشرات الليل بأفئدة شحيحة ونفوس دنيئة لا تجد راحتها إلا حيث الضعة والمهانة وموت الهمّة واضمحلال الضمير.

.!

هؤلاء لا يرون في الحياة، غير أنها وسيلة للمغنم وملء البطن ومعاقرة السحت.. والنجاح كل النجاح عندهم في تنشيط (غدد الفهلوة) من أجل الأعطيات الذليلة ولهط المال الحرام.. وهذا الصنف من البشر يماثل (الزواحف والقشريات طويلة الأعمار).. وهم في غيّهم لا يعلمون أن المشيئة تستدرجهم إلى سوء المنقلب وهم في باطلهم يعمهون..! فهم من الذين يقول عنهم التعبير الشعبي أنهم جمعوا (بين الشقاء وطول العمر) والعياذ بالله، وأكرم الله السامعين والمشاهدين..!! إنهم الجثث التي تتنفّس بالذفر.. فهم الأحياء الموتى.. فالناس صنفان موتى في حياتهم.. (وآخرون ببطن الأرض أحياء)..!!

في هذه الأيام العصيبة رحل فارسان في مضمار الحق والحقيقة؛ أبلاهما الداء ولم تلن لهما قناة، ولم تفتر بهم عزيمة؛ محمد سليمان عبدالرحيم الذي كان يتحرّك بالهم الوطني العام من مشفى إلى مشفى، وقد أرهقه المرض، وأضناه العلاج وتكاثفت عليه العلل، إلا أن الإعياء لم يتسلل إلى روحه السمحة الوثابة الرحبة.. وهو يقدم المبادرات تلو المبادرات، ويسافر متنقلاً بها من بلد إلى بلد من أجل وقف الحرب وإنقاذ الوطن وتضميد الجراح وفتح دروب التعافي وتحصين بنيان الديمقراطية والحكم المدني على أساس من العدالة ورتق الصفوف.. وبالرغم؛ مما تعرّض له من سجون وتعذيب وتشريد لم ينطو فؤاده على غل أو شهوة في الانتقام.. إنما كان يتحدث عن احتضان كل مَنْ لم تتلوث يده بدماء الناس، أو اللذين لم يدمغهم القضاء العادل بالفساد.. حتى ولو كانوا من مشايعي الفلول المجرمين..!

الأخ والصديق “الفاتح جبرا” كان من حرّاس مشارع الضمير والحقيقة.. وما كان أجمل حياته من ساخر لطيف..! لقد كان من مراصد كشف باطل الفلول وفسادهم، كما كان حبيباً لمن حوله.. نزوره في منفاه بأقصى القاهرة على سفح الأهرامات، فنجد حول الصحاب، وتطل ربة المنزل بكرمها الفياض و(حليفتها) و(لقيماتها) وقِرى الضيف المتتابع تأكيداً على سماحة النسج السوداني الباهي الذي يحاول الكيزان عبثاً هلهلته وتقطيع لحمته وسديه وهيهات..! وترميزاً للتساكن والتنوع السوداني (موطأ الأكناف) الذي يمثل التجسيد الحي لمجتمعنا وللسماحة التي لا يطمسها اختلاف المعتقد واللغة أو اللون أو الجهة أو القبيلة.. قطع الله دابر الكيزان، وأفشل تدبيرهم (أينما ثقفوا) وهَبَر شِراكهم الخبيثة حيثما نصبوها من أجل زعزعة حياة السودانيين وتسويد عيشتهم، ووضع العصي بين دواليب التعافي لتعطيل إشراقة المستقبل وفجر الحياة الحرّة الكريمة..!

لن يهنأ سارقي (خط هيثرو) فقد ترك الرجل من خلفه (واووووات) لا بد من استيفاء إجاباتها..! سيحمل مشعل كشف الفساد الشباب والكهول الذين كانوا يطالعون مقالاته التي تقض مضاجع اللصوص الذين هربوا بموارد الوطن وثرواته.. وسنجد من يتكفّل بإحياء قضية (شفشفة) وسمسرة عقارات لندن ومرافق السكة حديد والنقل النهري والخطوط البحرية والنقل الميكانيكي كناف أبو نعامة.. والخمسة مليون دولار التي لهفها عبدالحي يوسف.. إلى ذلك أن مناصرة الحق أمانة ودمغ الباطل عبادة.. والانتصار للنزاهة وقيم الحق والخير والعدالة هي وصية ثورة ديسمبر وشهدائها..!

هذا هو الواجب الذي تركه الراحلان، ولا نامت أعين اللصوص الكبار و(أصحاب الكبائر) سارقي مستقبل الوطن وعافيته والحرامية الصغار (لاقطي الفتات).. الله لا كسّبكم..!

murtadamore@yahoo.com

الوسومد. مرتضى الغالي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: د مرتضى الغالي

إقرأ أيضاً:

كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرة البول للصلاة؟..الإفتاء تجيب

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: كيف يتطهَّر المريضُ الذي يركّب قسطرةَ البول، وما حكم صلاته؟

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة:هذا المريض له حالتان: إما أَنْ يخرج مِنه البول بدون تَحَكُّم منه أو لا.

فإن خرج منه البول دون تَحَكُّم منه فهذا ما يعرف عند الفقهاء بـ«السَّلَس»؛ فيُعفَى عنه حينئذٍ، وحكمه في هذه الحالة: وجوب غسل محل النجاسة، ثم الربط على عضو التبول، ثم الوضوء، ويصلِّي مَنْ هذا حالُه بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات، وينتقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها.

حكم الكلام في الحمام أثناء قضاء الحاجة.. الإفتاء تجيبما حكم الزكاة في الذهب الذي تتزين به المرأة؟.. دار الإفتاء تجيبما حكم الإنفاق من أموال الزكاة على ذوي الهمم لتعليمهم؟.. الإفتاء تجيبسبب دخول والد البنات الجنة .. الإفتاء توضح

أما إذا خرج منه البول في الكيس المعلَّق خارج جسده بتَحَكُّمٍ منه: فإنه يجب عليه الطهارة للعبادات التي تحتاجها؛ فيتوضأ للصلاة بخروج شيء من البول، ويُصَلِّي عقب وضوئه.

وبخصوص صحة الصلاة؛ فإذا استطاع إزالة هذا الكيس أثناء الصلاة فلا تصح الصلاة في هذه الحالة إلا بعد إزالة هذا الكيس، وإن لم يستطع إزالة الكيس الذي به البول أثناء الصلاة للمشقة البالغة في ذلك فهذا من المعفو عنه؛ لأَنَّ الشريعة مبناها على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين.

المقصود بـ"قسطرة البول" وبيان نواقض الوضوء

وأوضحت ان «قسطرة البول»: هو كيس خارج البدن يوجد به بعض الأنابيب ليخرج منها البول المحتبس في جسم المريض.

وهذا البول الخارج من الجسد الأصل فيه شرعًا أَنَّه من نواقض الوضوء، فمن النواقض: خروج شيء من السبيلين -القُبُل والدُّبُر-، ويشمل ذلك البول والغائط وغيرهما؛ لقوله تعالى: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ [النساء: 43].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»، رواه مسلم.

وعن صفوان بن عسّالٍ المُرادِي رضي الله عنه قال: "أَمَرنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا كُنّا سَفْرًا ألَّا نَنْزعَ خِفَافَنا ثلاثةَ أيامٍ بِليَالِيهنَّ، إلا من جنابة، ولكن من بولٍ، أو غائطٍ، أو نومٍ" رواه الترمذي.

فدلّ هذا الحديث على أن النقض بالبول، والغائط، والنوم.

وروى الإمام عبد الرزاق في "المصنف" عَنْ عبد اللهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: "إِنَّمَا الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ، وَلَيْسَ مِمَّا دَخَلَ، وَالْفِطْرُ فِي الصَّوْمِ مِمَّا دَخَلَ، وَلَيْسَ مِمَّا خَرَجَ".

ومعنى انتقاضِ الوضوء في كلام الفقهاء: أنَّه لا يصح فعل أي شيء من العبادات التي اشترط الشرع الشريف لها الطهارة.

كيفية طهارة مريض القسطرة وحكم صلاته والأدلة على ذلك

لكن هذا المريض والحالة السابقة له حالتان في العبادات المشترطة للطهارة؛ كالصلاة، والطواف؛ إما أَنْ يخرج مِنه البول بدون تَحَكُّم منه أو لا.

فإن خرج منه البول دون تَحَكُّم منه فهذا من الأحوال التي وَضَّح الفقهاء أنه يُعذَر فيها الشخص من اشتراط الطهارة، وهو ما يعرف عند الفقهاء بـ«السَّلَس»؛ فيُعفَى عنه حينئذٍ، سواء في كل الطهارة أو في بعضها؛ ومعنى السَّلَس: استدامة انفلات الحدث من القُبُل أو الدُّبر مع العجز عن التحكم في منعه، ولو في فتراتٍ متقطعة، فيكون حكمه في هذه الحالة حكمَ المرأة المستحاضة التي يسيل منها الدمُ مرضًا ونزيفًا لا حيضًا، وهو: وجوب غسل محل النجاسة، ثم الربط على عضو التبول، ثم الوضوء، ويصلِّي مَنْ هذا حالُه بهذا الوضوء ما يشاء من الصلوات، وينتقض وضوؤه بانتهاء وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها، ويتوضأ لفرض آخر بدخول وقته.

أما إذا كان الشخص يخرج منه البول في الكيس المعلَّق خارج جسده بتَحَكُّمٍ منه: فإنه يجب عليه الطهارة للعبادات -كالصلاة مثلًا- المحتاجة إليها بخروج شيء من البول، ويُصَلِّي عقب وضوئه.

لكن يُفَرَّق بين حالين في صحة الصلاة؛ حال كون الكيس المحمول الذي في البول -سواء تَحَكَّم الشخص في الخارج منه أو لا- على الشخص، فقد يَقْدِر الشخص على إزالة هذا الكيس أثناء الصلاة أو لًا؛ فإن قَدَر على إزالة هذا الكيس فلا تصح الصلاة في هذه الحالة؛ وذلك لأن مِن شروط صحة الصلاة طهارة الثوب والبدن من النجاسة.

أما إذا لم يَقْدِر الشخص على إزالة الكيس الذي به البول أثناء الصلاة للمشقة البالغة في ذلك فهذا من المعفو عنه؛ ذلك أَنَّ الشريعة مبناها على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، وقد دَلَّ على ذلك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والقواعد الفقهية:

1- فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقوله: ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28].

2- ومن السنة المطهرة: عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ» رواه أحمد.

3- ومن القواعد: قاعدة "المشقة تجلب التيسير" وغيرها.

وفي ذلك دليل على رفع الحرج والمشقة الزائدة عن المكلفين.

طباعة شارك كيفية طهارة مريض القسطرة وحكم صلاته مريض القسطرة طهارة مريض القسطرة كيفية طهارة مريض القسطرة الطهارة المقصود بـقسطرة البول نواقض الوضوء

مقالات مشابهة

  • إبراهيم رضا: من لم يشكر القيادة التي حفظت الوطن لم يشكر الله
  • أحمد عاطف آدم يكتب: صور غزة بين الذهاب والعودة
  • مدى نجاسة بول القطة وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به
  • محافظ سوهاج يُشارك كلية الدراسات الإسلامية للبنات ذكرى انتصارات أكتوبر
  • في ذكرى معركة المنصورة.. يوم سطر فيه نسور الجو المصريون ملحمة النصر في سماء الوطن
  • رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (2 من 3)
  • اتحاد الصحافيين في ذكرى الشهداء: الحق لا يموت ما دام وراءه مطالب
  • الجعفراوي قبل استشهاده: أنا الآن في الجنة مع رفاقي الذين سبقوني
  • بيان للمرة الثانية من أبناء وبنات المرحوم الحاج أحمد عبد الله سعيد الشيباني بشأن تجاوزات ومغالطات عبد الكريم أحمد عبد الله الشيباني
  • كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرة البول للصلاة؟..الإفتاء تجيب