هل ستُشارك إيران في الحرب ضدّ الاحتلال؟
تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT
سرايا - تصاعد الهجمات المتبادلة بين المقاومة الإسلامية في لبنان والجانب الإسرائيلي، إثر قرار الأخير الانتقال من التصعيد العسكري مع حزب الله إلى الحرب المفتوحة، تتساءل بعض الأصوات الإقليمية عما إذا كانت إيران سترسل مستشارين عسكريين إلى لبنان، على غرار قرارها بدعم سوريا عام 2011.
ويعتبر القيادي السابق وأحد أبرز مؤسسي الحرس الثوري الجنرال المتقاعد حسين كنعاني مقدم، مواقف المرشد الإيراني الأخيرة أنها تمثل "خارطة طريق حيال العدوان الإسرائيلي المتواصل على لبنان"، مؤكدا أن المشاورات بين بلاده وفصائل "محور المقاومة" متواصلة في الوقت الراهن، بشأن إدارة المعركة ودعم المقاومة اللبنانية، لا سيما في ما يتعلق بـ"وحدة الساحات".
ورأى كنعاني أن القيادة الإيرانية تدعم ردا منسقا ضد الجانب الإسرائيلي "تجعله يندم على الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني في غزة طوال عام، وشنه الحرب التي أراد من خلالها إعادة المستوطنين إلى شمال الأراضي المحتلة وتقويض قدرات حزب الله".
وتابع أنه علاوة على المواقف السياسية والدبلوماسية الإيرانية الداعمة للمقاومة الإسلامية في مقارعة إسرائيل، فإن المؤسسة الدينية أعلنت دعمها الكامل لجبهة المقاومة، وطالبت القوات المسلحة بإنزال عقوبة شديدة ضد إسرائيل.
ويصف العميد منصور حقيقت بور القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني والمساعد السابق للجنرال قاسم سليماني، المواجهة الراهنة بين المقاومة وإسرائيل بأنها "مصيرية، وستنضم لها قوى ثورية وفصائل مقاومة أخرى لنصرة حزب الله والمقاومة الفلسطينية، لتتحول إلى مواجهة شاملة "، على حد تعبيره.
وأشار حقيقت بور إلى أن جغرافيا الصراع بين حزب الله وإسرائيل تختلف عن قطاع غزة المحاصر، وأن "مشاركة الفصائل الأخرى في أي اجتياح بري محتمل وفتح جبهة جديدة في المرحلة الراهنة أمر وارد جدا"، لكنه استدرك أن "الظروف ليست مهيأة للمعركة النهائية الرامية للقضاء على إسرائيل، ولو كانت الظروف الدولية والإقليمية تسمح بذلك لانطلقت المعركة قبل عام".
وبرأي المتحدث، الذي كان على علاقة وطيدة مع فصائل المقاومة بحكم عمله نائبا للقائد السابق لفيلق القدس، أن "العدو أخطأ في حساباته عندما أراد تطبيق نموذج غزة في لبنان"، وأضاف أن حزب الله وفصائل المقاومة تدّخر أوراق قوة عظيمة قد تكشف عنها في المراحل المقبلة، مؤكدا أنها "ستفاجئ العدو الإسرائيلي في الميدان".
وبينما يرجّح حقيقت بور فتح جبهة الجولان السوري لدعم حزب الله خلال الفترة المقبلة، يتوقع كنعاني مقدم أن تتحول المعركة التي بدأتها إسرائيل على لبنان إلى حرب مفتوحة ومتعددة الجبهات، مستدركا أن "العملية البرية قد تتأجل لفترة حسب مستجدات المعركة والتنسيق اللازم"، ومؤكدا "ضرورة قطع الطريق على العدوّ من المبادرة بشن عملية برية على لبنان".
وتعليقا على الإعلام العبري الذي يتحدث عن قدوم نحو 40 ألف مقاتل من سوريا والعراق واليمن إلى الجولان، وأنهم ينتظرون دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للقتال، كشف القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم أنه وفق المعلومات المتوفرة لديه فإن العدد الحقيقي للمقاتلين والمتطوعين في منطقتي القنيطرة والجولان السوريتين أكثر بكثير من الإحصاءات الإسرائيلية.
وبرأي المتحدث نفسه، فإن "فتح جبهة الجولان السوري وارد جدا خلال المرحلة المقبلة"، مؤكدا أنه "لا يستبعد مشاركة القوات الإيرانية في الجبهة السورية لاستعادة هضبات الجولان، نظرا لمواقف المؤسستين السياسية والدينية في الجمهورية الإسلامية حيال ما يحدث في بلاد الشام"، معتبرا أن "شعوب المنطقة تواقة لدحر الاحتلال وأن تحظى بشرف المشاركة في تحرير المسجد الأقصى".
وردا على سؤال حول إمكانية إيفاد مستشارين إيرانيين إلى لبنان لمساعدة حزب الله في مواجهة العدوان الإسرائيلي، قال القيادي السابق بالحرس الثوري إن هذا الخيار وارد في حال طلب الجانب اللبناني ذلك من طهران، على غرار التجربة السورية بعد أحداث 2011.
وعما إذا تطورت المعركة وشاركت فيها الولايات المتحدة الأميركية، أو بعض الدول الغربية لدعم الجانب الإسرائيلي فإن "طهران لن تتريث لحظة في تقديم الدعم الشامل للحليف اللبناني"، وفق كنعاني مقدم، ويضيف "أن الحرب الإقليمية بمشاركة كافة حلقات محور المقاومة ستكون لا بد منها".
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: القیادی السابق حزب الله
إقرأ أيضاً:
المعركة الأهم.. إنهاء هيمنة الحوثي على قطاع الاتصالات ونقل إيراداته إلى عدن
شرعت الحكومة اليمنية في تنفيذ خطة شاملة تهدف إلى تحرير قطاع الاتصالات – أحد أهم الموارد المالية السيادية في البلاد – من هيمنة مليشيا الحوثي، عبر نقل الإيرادات إلى العاصمة عدن وربطها مباشرة بالبنك المركزي. هذه التحركات تأتي في إطار استراتيجية أوسع لمواجهة الحرب الاقتصادية التي تشنها المليشيا على مناطق سيطرة الحكومة، وحرمانها من الموارد التي تمكّنها من تمويل عملياتها العسكرية وتوسيع نفوذها.
ويُعد قطاع الاتصالات في اليمن شريانًا اقتصاديًا حيويًا يدر سنويًا مئات المليارات من الريالات، ويشمل خدمات الهاتف النقال، والاتصالات الدولية، والإنترنت، والبريد، وشبكات الكابلات البحرية. منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء عام 2014، أحكمت المليشيا قبضتها على هذا القطاع بالكامل، من خلال السيطرة على البنية التحتية ومفاصل الإدارة في مؤسسات حيوية مثل “تيليمن” و”يمن نت”. هذه السيطرة مكّنتهم من تحويل الإيرادات إلى خزائنهم بعيدًا عن أجهزة الدولة الشرعية، مع فرض جبايات وإتاوات إضافية على الشركات والمشتركين، ما حوّل القطاع إلى أحد أهم مصادر تمويل الحرب.
خبراء اقتصاديون يؤكدون أن هذه الهيمنة لم تقتصر على الجانب المالي فحسب، بل تحولت الاتصالات إلى أداة رقابية وأمنية بيد المليشيا، إذ تستغلها للتجسس على المعارضين، ومراقبة أنشطة الناشطين والسياسيين، والتحكم في تدفق المعلومات، وهو ما جعل ملف الاتصالات يتجاوز البعد الاقتصادي إلى كونه قضية أمن قومي.
سحب الإيرادات
في سياق هذه التحركات، ترأس وزير التخطيط والتعاون الدولي، القائم بأعمال وزير الاتصالات وتقنية المعلومات الدكتور واعد باذيب، الإثنين في العاصمة عدن، اجتماعًا موسعًا ضم رؤساء المؤسسات والهيئات والشركات التابعة للوزارة، إضافة إلى عدد من الجهات المختصة.
وبحسب وكالة سبأ الرسمية، شدد الوزير باذيب على ضرورة إعداد خطة شاملة وعاجلة لنقل إيرادات جميع مؤسسات الاتصالات إلى عدن، مع إنشاء قاعدة بيانات دقيقة تحصر عدد المشتركين في مختلف الخدمات، بما يعزز الشفافية والرقابة على الموارد. كما دعا إلى رفع السعات الاستيعابية للكابلات البحرية لضمان سرعة وكفاءة خدمة الإنترنت، وفتح المجال أمام المستثمرين الجدد لضخ رؤوس أموال في القطاع، والعمل على تطوير البنية التحتية في المناطق المحررة بما يتماشى مع المعايير الحديثة.
الاجتماع تطرق أيضًا إلى أهمية ضمان استقلالية شركات الهاتف النقال في المناطق المحررة عن التأثير الحوثي، وإعادة تفعيل خدمات البريد التي تعطلت بسبب الحرب، إضافة إلى بحث آليات تحصيل الإيرادات وتوريدها مباشرة إلى البنك المركزي في عدن تحت رقابة صارمة. وتمت مناقشة عدد من المشاريع الفنية والإدارية التي سترفع إلى رئاسة الوزراء لاعتمادها في إطار خطط إصلاح شاملة.
محللون يرون أن هذه الخطوة تمثل ضربة استراتيجية مزدوجة للمليشيا الحوثية، فهي لا تحرمهم فقط من واحد من أكبر مصادر تمويلهم السنوية، بل تقوّض أيضًا سيطرتهم على المعلومات والاتصالات، ما يضعف قدرتهم على إدارة الحرب وتجنيد الموارد. كما أن استعادة الدولة لملف الاتصالات يعيد لها جزءًا مهمًا من السيادة الاقتصادية، ويرسل رسالة سياسية قوية للمجتمع الدولي بأن الحكومة تمضي قدمًا في بناء مؤسساتها وإصلاح اقتصادها رغم التحديات.
خطوة محورية
على الصعيد الداخلي، يتوقع أن يساهم نقل الإيرادات إلى عدن في زيادة قدرة الحكومة على تمويل الخدمات الأساسية وصرف الرواتب، وتعزيز استقلالية قرارها المالي بعيدًا عن الضغوط الحوثية. أما خارجيًا، فإن نجاح هذه الخطة قد يشجع المستثمرين الدوليين على الدخول في شراكات مع القطاع اليمني، خاصة في مشاريع البنية التحتية للاتصالات.
رغم وضوح الأهداف الحكومية، فإن الطريق نحو التنفيذ لن يكون مفروشًا بالورود. البنية التحتية الرئيسية لشبكات الاتصالات، بما في ذلك المقاسم الدولية، ما تزال تحت سيطرة الحوثيين في صنعاء، وهو ما يمنحهم القدرة على تعطيل الشبكات أو شن هجمات سيبرانية على البنى البديلة. كما يتطلب المشروع استثمارات ضخمة لتشييد مراكز بديلة وربطها بشبكات دولية مستقلة، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الفنية والإدارية على أنظمة التشغيل الجديدة.
الحكومة من جانبها تبدو واعية لهذه التحديات، وتسعى لتأمين الدعم الفني والمالي من شركاء دوليين، إضافة إلى بناء شراكات مع شركات اتصالات إقليمية لضمان سرعة الانتقال ونجاح العملية.
تؤكد الحكومة أن معركتها مع الحوثيين لا تنحصر في الجبهات العسكرية، بل تمتد إلى مواجهة الهيمنة الاقتصادية التي تمكّن المليشيا من إطالة أمد الحرب. ونقل إيرادات الاتصالات إلى عدن يمثل – بحسب مراقبين – خطوة محورية على طريق تفكيك شبكات التمويل الحوثية، وإعادة القرار المالي والاقتصادي إلى يد الدولة. نجاح هذه الخطوة سيعني بداية تحول نوعي في مسار الحرب الاقتصادية، ويعزز من قدرة الحكومة على استعادة باقي الموارد السيادية، وصولًا إلى بناء اقتصاد وطني متماسك يخدم الاستقرار والتنمية في اليمن.
المعركة الأهم
وأكد الكاتب الصحفي عمار علي أحمد، عبر صفحته في “فيسبوك”، أهمية معركة استعادة قطاع الاتصالات، معتبرًا أنها “المعركة الأهم حتى من معركة العملة”. وأوضح أن كثيرين يركزون على استنزاف العملة الصعبة عبر توريد الخضروات والفواكه والقات من مناطق الحوثيين إلى المناطق المحررة، بينما يتم تجاهل “الطامة الكبرى” المتمثلة في استمرار اعتماد الأخيرة على شركات الاتصالات الخاضعة لسيطرة الحوثي.
وأشار أحمد إلى أن عائدات تلك الشركات لا تُستنزف فحسب من المناطق المحررة، بل تصب معظمها – إن لم يكن كلها – مباشرة في خزائن المليشيا، لافتًا إلى أن شركة “يمن موبايل” وحدها حققت في 2024 إيرادات تجاوزت 300 مليار ريال بالعملة القديمة (نحو 560 مليون دولار بسعر صرف صنعاء)، دفعت منها 26 مليار ريال كضرائب وزكاة للحوثيين، فيما أظهرت بياناتها أنها تحملت 82 مليار ريال كفوارق صرف، وهو ما يكشف – بحسبه – عن حجم التحويلات المالية المتدفقة من المناطق المحررة إلى صنعاء.
وأضاف أن هذا المثال يتعلق بشركة واحدة فقط من أصل ثلاث شركات اتصال تعمل في المناطق المحررة، فضلًا عن “يمن نت” التي تحتكر خدمة الإنترنت الأرضي، مقدّرًا أن ما يُرسل من أرباح هذه الشركات إلى مناطق الحوثيين قد يصل إلى مليون ريال سعودي يوميًا، حتى في ظل أقل الاحتمالات. مؤكدًا أن مواجهة هيمنة الحوثيين على هذا القطاع تظل “المعركة الأهم بعد معركة العملة”، نظرًا لاستحالة إيجاد بدائل محلية فورية كما هو الحال مع السلع الزراعية.