جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-30@11:00:14 GMT

ثقافة التسول

تاريخ النشر: 28th, September 2024 GMT

ثقافة التسول

 

سالم بن نجيم البادي

حضر إلى مكتبي أحد الرجال الذين أعرفهم معرفة وثيقة وأعرف ظروفه المالية وأحوال أسرته وبعد التحية المعتادة بادرني بالقول وبدون مقدمات: "خبر ربعك وسوولنا جمعية"، ويقصد أنه يريد منَّا أن نجمع لهم المال.

وقد ذكر لي أنه يريد علاج زوجته في مؤسسة صحية خاصة وأن هاتف أحد أولاده خربان ويريد إصلاحه، كما ذكر بعض الأشياء الكمالية التي يمكن الاستغناء عنها، وهي غير ضرورية وكان يمكن أن يعالج زوجته في المستشفيات الحكومية، والعلاج فيها متاح لمثل مرض زوجته وهو من الأمراض المزمنة.

كما يمكن تأجيل إصلاح هاتف ولده الصغير الذي لا يزال على مقاعد الدراسة.

وقبل سنة من الآن دخل مواطن إلى مكتبي، تظهر عليه سيماء النعمة والمظهر الحسن والهندام الجميل، ولم أكن أعرفه وقد جاء من محافظة بعيدة

وطلب مني وبطريقة غير مهذبة أن نجمع له المال، فاعتذرت له بلطف، وخرج غاضباً وناقماً.

وأخبرني أحد المعلمين أن بعض الطلبة يأتون قبيل وقت الاستراحة ويطلبون المال من المعلمين، بذلٍ وانكسارٍ، ويقول أحدهم "أستاذ أنا اليوم نسيت أجيب فلوس"، ويقول آخر "أهلي ما يعطوني فلوس"، وقد يدعي بعضهم أن فلوسه سرقت في المدرسة.

ومن المؤسف أن تستمع إلى أحد الطلبة الصغار وهو يقول: "أستاذ عطني 100 بيسة تسدني".

ولا ينبغي منح هؤلاء الطلبة المال قبل دراسة أحوالهم، والتأكد من أنهم بحاجة فعلا إلى المال حتى لا نشجعهم على التسول. وإن كانوا يكذبون من أجل الحصول على المال، فإنهم يحتاجون إلى النصح والإرشاد وإبلاغ ذويهم وتوعية المجتمع بخطورة التسول، وإنها لا تتفق مع الكرامة الإنسانية وعزة النفس والمروءة والشهامة والأخلاق الفاضلة .

ويُعتقد أن بعض الذين نراهم في الطرقات وعلى جوانب الشوارع وهم يبيعون المأكولات وخاصة الذين يحضرون أطفالهم معهم، أنهم يمارسون نوعًا من أنواع التسول وقد تم اكتشاف بعض الحالات التي تمارس هذا النوع من "التسول المُقنَّع".

والفرق الخيرية تواجه حالات من التسول، حين يأتي إليهم من يدعي الحاجة ويتضح أنه غير محتاج للمساعدة.  وكذلك بعض الذين يظهرون على وسائل التواصل الاجتماعي وهم يتحدثون عن سوء أوضاعهم المالية اتضح أن أحوالهم ليست بذلك السوء أو أنهم يبالغون بغرض لفت الانتباه إليهم.

وتحدث حالات من التسول وفي أماكن مختلفة وأتكلم هنا عن المواطنين الذين يتسولون ويخشى أن تنتشر ثقافة التسول لاسمح الله في المجتمع. إذا لم يتعاون الجميع في محاربة ظاهرة التسول.

ولذا علينا عدم الانسياق وراء العواطف والحذر من حيل وخداع المتسول وكلامه العاطفي الذي يستجدي به الرحمة والشفقة والعزف على وتر الدين والإنسانية.

وقد سمعت بعض الناس يستشهدون بالآية التاسعة من سورة الضحى "وأما السائل فلا تنهر"، حينما يمنحون المال للمتسول. ونقول لهم طيب لا تنهره ولكن تأكد أولاً هل هو حقاً يحتاج إلى المال!

وسبق الحديث عن ظاهرة تسول بعض الوافدين وفي هذه الأيام عانيت شخصياً من هذه الظاهرة وما فيها من الإحراج والإزعاج؛ فأحدهم تهدم بيت ابنته- كما يقول- بفعل السيول، ويريدني أن أتبرع لإعادة بنائه. والآخر يريدني أن أعطيه 60 ريالًا لشراء طعام لعائلته في بلده. والآخر قال إنَّ ابنته الكبرى سوف تتزوج ويحتاج إلى مساعدة. وامرأة وافدة تعرض تقارير طبية تدل على أن زوجها أقعده المرض ولا معيل لها هي وطفلها.

ومع كل ما ذكر لا نريد أن نهول من قضية التسول؛ فهي لاتزال محدودة بين المواطنين، لكن وحتى لا تصبح ثقافة التسول منتشرة فإنَّ مسؤولية مكافحة التسول تقع على عاتق الأسرة ومؤسسات التعليم والمساجد والجهات المختصة وكل الناس في المجتمع.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عدسة الجارديان تسلط الضوء على أضرار المدنيين باليمن الذين تحملوا وطأة الضربات الجوية الأمريكية (ترجمة خاصة)

سلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على الأضرار التي لحقت بالمدنيين جراء الضربات الجوية الأمريكية والإسرائيلية على اليمن تحت مزاعم تدمير القدرات العسكرية لجماعة الحوثي المدعومة من إيران.

 

وقالت الصحيفة في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن الغارات الجوية فشلت فشلا ذريعا في إضعاف الحوثيين ولم تؤدي إلا إلى دفع البلاد إلى حافة المجاعة.

 

ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم "بالنسبة للناس في جميع أنحاء اليمن، تُعدّ الغارات الجوية إضافةً قاتلةً إلى أزمةٍ إنسانيةٍ اجتاحت البلاد لأكثر من عقدٍ من الزمان".

 

وقالت "لقد نجا المدنيون في جميع أنحاء البلاد من حربٍ أهليةٍ داميةٍ حيثُ خاض المتمردون الحوثيون معاركَ وتغلبوا في النهاية على القوات الحكومية في العاصمة، تلتها حملةٌ جويةٌ استمرت عقدًا من الزمان وحصارٌ بحريٌّ من تحالفٍ عسكريٍّ بقيادة المملكة العربية السعودية".

 

وفي الشهر الماضي، تقول الصحيفة لقد دمرت غارة جوية يشتبه أنها أمريكية أربعة منازل على أطراف العاصمة اليمنية صنعاء، مما أسفر عن مقتل 11 شخصاً على الأقل. ويظهر مقطع فيديو نشره أحد شهود العيان رجلا خائفا يحمل طفلا صغيرا على ظهره ويجريان في الظلام ويحذران الناس من الابتعاد، قبل هدير طائرة ووميض أبيض للانفجار.

 

وذكرت "سرعان ما وزع السكان المحليون إخطارات جنازات العديد من القتلى في الغارة الجوية على حي ثقبان النائي، مع إدراج قائمة بالعائلات بأكملها التي ماتت في لحظة".

 

وقال شون بارنيل، كبير المتحدثين باسم البنتاغون، في أواخر أبريل/نيسان، إن الحملة العقابية من الضربات الجوية الأمريكية التي بدأت في منتصف مارس/آذار "أصابت أكثر من 1000 هدف، مما أسفر عن مقتل مقاتلين وقادة حوثيين... وإضعاف قدراتهم".

 

وبينما تدعي الولايات المتحدة أنها استهدفت الحوثيين، فإن الموجة المكثفة من الغارات الجوية على المدن والمواقع الرئيسية في جميع أنحاء اليمن أودت أيضًا بحياة العشرات من المدنيين، وفقًا لجماعات حقوق الإنسان ومنظمة المراقبة AirWars ومقرها لندن، والتي أدرجت قتلى من ثلاث عائلات في الهجوم على منطقة ثقبان.

 

وقالت أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 27 عاماً، والتي قالت إن والديها وأخواتها قتلوا في الغارة الجوية: “لا يوجد شيء في هذا العالم، مهما كان ثميناً، يمكن أن يحل محل عائلتي”. "أشعر وكأنني أموت مائة مرة في اليوم من الحزن."

 

وقال أحد المشيعين في موكب الجنازة: "لقد قمنا بدفن ثمانية أشخاص من عائلة واحدة، من منزل واحد". "ليس هناك ما يشير إلى أن هذا كان هدفاً عسكرياً. نحن جيرانهم... لقد رأينا ما حدث".

 

وطبقا لتقرير الجارديان فإن منظمة Airwars تستشهد بالعديد من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي نشرت مزاعم بأن المتمردين الحوثيين في اليمن استخدموا حي "ثقبان"، بما في ذلك ناشط يمني نشر على موقع X أن أحد المنازل هناك يحتوي على منصة إطلاق صواريخ. تم حذف جميع المنشورات في وقت لاحق، وأشار المراقبون إلى أن القوات الأمريكية استخدمت التغريدات للحصول على معلومات حول مكان الاستهداف.

 

ورفض مسؤول في القيادة المركزية الأمريكية (Centcom)، التي تشرف على العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن، التعليق على الغارة الجوية على ثقبان، لكنه قال إنهم "على علم بمزاعم سقوط ضحايا مدنيين مرتبطة بالضربات الأمريكية في اليمن، ونحن نأخذ هذه المزاعم على محمل الجد. ونقوم حاليًا بإجراء تقييم لأضرار المعركة والتحقيق في تلك المزاعم".

 

وفي بيان صدر الشهر الماضي، أصدرت القيادة المركزية أيضًا أرقامًا مختلفة عن أرقام بارنيل، قائلة إن القوات الأمريكية ضربت أكثر من 800 هدف، مما أسفر عن مقتل "المئات من المقاتلين الحوثيين والعديد من قادة الحوثيين"، بما في ذلك كبار عملاء الطائرات بدون طيار والصواريخ، بينما دمرت أيضًا مساحات واسعة من منشآت الجماعة والدفاعات الجوية ومنشآت تصنيع الأسلحة والصواريخ.

 

وأضافت: "تم تنفيذ هذه العمليات باستخدام معلومات استخباراتية مفصلة وشاملة تضمن آثارًا قاتلة ضد الحوثيين مع تقليل المخاطر على المدنيين".

 

بينما كانت موجات الغارات الجوية الأمريكية تقصف العاصمة اليمنية، شاهد محمد الذيباني جدران منزله تهتز. وقال إن القنابل التي ضربت مواقع على مشارف المدينة، غالبًا ما أصابت مواقع قامت الولايات المتحدة، وقبلها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية المجاورة، بقصفها مرارًا وتكرارًا خلال حملتها العسكرية التي استمرت عقدًا من الزمن.

 

وتساءل قائلًا: "الناس هنا في اليمن وُلدوا بلا شيء، والحكومة لا تملك شيئًا - فلماذا يُقصفون؟ لم يتبقَّ شيء ليُقصف. الصواريخ أغلى من المباني التي يُقصفونها".

 

بالنسبة للمواطن الأمريكي المتجنس البالغ من العمر 72 عامًا، كانت الغارات الجوية بمثابة تذكير قاتم بأن البلد الذي عاش فيه لأربعة عقود يعتبر حياة المدنيين في وطنه أمرًا لا قيمة له.

 

ثم في مطلع هذا الشهر، استهدفت موجة جديدة من الغارات الإسرائيلية المطار ومحطة كهرباء في صنعاء، مستهدفةً البنية التحتية المدنية والمناطق السكنية.

 

"لقد مات الكثيرون - ولماذا؟ لا يوجد ما نضربه هنا، سوى أناس يحاولون العيش ويبحثون عن الطعام.

 

"ليس لدينا شيء. زعموا قصف محطة الكهرباء، لكنها لم تكن تعمل على أي حال. قال الثيباني: "نعتمد بالفعل على المولدات الكهربائية".

 

أظهرت صورٌ من أواخر أبريل/نيسان حطام سيارةٍ مُدمّرة وتجمع الناس حول حفرةٍ كبيرة في سوق فروة بصنعاء بعد غارةٍ جويةٍ واحدةٍ فقط، والتي زعم الحوثيون أنها أسفرت عن مقتل 12 شخصًا وإصابة 34 آخرين.

 

يقول التقرير "بالنسبة للناس في جميع أنحاء اليمن، تُعدّ الغارات الجوية إضافةً قاتلةً إلى أزمةٍ إنسانيةٍ اجتاحت البلاد لأكثر من عقدٍ من الزمان. لقد نجا المدنيون في جميع أنحاء البلاد من حربٍ أهليةٍ داميةٍ حيثُ خاض المتمردون الحوثيون معاركَ وتغلبوا في النهاية على القوات الحكومية في العاصمة، تلتها حملةٌ جويةٌ استمرت عقدًا من الزمان وحصارٌ بحريٌّ من تحالفٍ عسكريٍّ بقيادة المملكة العربية السعودية".

 

تشرّد ما لا يقل عن 4.5 مليون شخصٍ في اليمن بسبب القتال، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، بينما يحتاج 17 مليون شخصٍ بشدةٍ إلى الغذاء، منهم 5 ملايين يعيشون على شفا المجاعة. وقد أثار قرار إدارة ترامب بخفض مساهمة الولايات المتحدة في المساعدات، وخاصةً في الأمم المتحدة، مخاوفَ العاملين في المجال الإنساني من أن تؤدي هذه التخفيضات إلى مزيدٍ من... يُعرّض أرواح المدنيين في اليمن للخطر.

 

يصف الذيباني كيف يُحاصره الناس اليائسون في كل مرة يغادر فيها منزله، ومعظمهم غير قادر على شراء الطعام في الأسواق المحلية، حيث أصبحت حتى السلع الأساسية باهظة الثمن بشكل متزايد.

 

قال: "إذا اشتريتُ حليبًا مستوردًا، فقد يكلفني ذلك 6-7 دولارات (5 جنيهات إسترلينية)؛ كثيرون لا يستطيعون تحمّل ذلك. لا يستطيع شراء هذه الأشياء إلا من يملك المال؛ أما الآخرون فيحاولون العيش على الخبز فقط".

 

كانت الغارة على سوق فروة هي التي دفعت الذيباني إلى التفكير في مغادرة صنعاء والعودة إلى منزله في نيويورك، بعد أشهر من ضغوط عائلته عليه للنجاة من القصف. ورغم إعادة فتح المطار هذا الأسبوع بعد الغارة الإسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر، إلا أنه يخشى أن يصبح هدفًا بسهولة مرة أخرى.

 

قال: "كنا نقول لبعضنا البعض: إذا أحبك الله، فسيرسلك إلى أمريكا"، معبرًا عن حبه العميق للمكان الذي اتخذه موطنًا له، وأنشأ فيه أعمالًا تجارية وكوّن أسرة، ولكنه شهد مؤخرًا أعنف حملة قصف على اليمن منذ سنوات.

 

وتابع: "أشعر بالأسف لأنهم قصفوا بلدي، لكن أمريكا بلدي أيضًا".

 

كانت غارة أمريكية أخرى على محطة رأس عيسى النفطية على ساحل البحر الأحمر في منتصف أبريل/نيسان إحدى أعنف الهجمات منذ أن صعّدت واشنطن حملتها الجوية في اليمن بشكل كبير بعد أسابيع من تولي دونالد ترامب منصبه. وقالت عائلة سائق شاحنة، نبيل يحيى، البالغ من العمر 48 عامًا، إنه قُتل عندما اشتعلت النيران في ناقلة الوقود التي كان يقودها بعد الغارة الجوية على الميناء.

 

قال سلطان يحيى، شقيق نبيل الأصغر: "كانت تلك الشاحنة كل ما يملك. كانت مصدر دخله الوحيد".

 

وأضاف الذيباني أن المدنيين ما زالوا عالقين بين وطأة حملة القصف الإسرائيلي المستمرة، والعقوبات الأمريكية، والحوثيين، ومعظمهم لا يملك خيارًا سوى الاحتماء بمنازلهم عند سماع دوي القصف.

 

وقال: "كان بإمكانهم استهداف الحوثيين لو أرادوا، لكن لماذا يقصفون المدن إذا كانوا لا يريدون قتل المدنيين؟". "لقد قصفوا جميع أنحاء المدينة، وكان الناس يخشون الفرار خشية قصف تلك المناطق. قرروا الموت في منازلهم. لا شيء يمكنهم فعله".

 

 


مقالات مشابهة

  • عملية المسباح.. ضبط عصابة عربية تضم 41 متسولاً في فندق بدبي
  • شرطة دبي تضبط تشكيلاً عصابياً يضم 41 مُتسولاً يقطنون في فندق
  • ترددت كثيراً قبل أن أكتب عن واحد من ضباطي الذين شاركوا معي في الحركة التصحيحية
  • «علي جمعة»: الذين ينكرون السنة لا يفهمون صحيح البخاري
  • المؤبد لشقيقين لاتهامهما بحيازة مواد مخدرة وحيازة أسلحة نارية بالقليوبية
  • محمد البقمي: إنشاء موقعين لإيواء الحجاج الذين لا يحملون تصاريحاً.. فيديو
  • 550 طفلا جديدا ينضمون إلى رحلة الشفاء في أورام الأقصر خلال عام
  • عن الذين خاطروا بأنفسهم وأموالهم فلم يرجعوا من ذلك بشيء
  • عدسة الجارديان تسلط الضوء على أضرار المدنيين باليمن الذين تحملوا وطأة الضربات الجوية الأمريكية (ترجمة خاصة)
  • أكاديمية ليبية: التسول أصبح وسيلة بقاء لعدد من الأسر الليبية