محمد المكي إبراهيم .. زاد (الأكتوبريات) وخيار ( الخلاسية)
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
محمد المكي أحمد
أي قلب وعقل ووجدان قد رحل ، وأي خيال خصب فقده السودانيون وعشاق الشعر الثوري برحيل الشاعر المبدع ، المفكر،السفير محمد المكي إبراهيم، في القاهرة (29 سبتمبر 2024).
عدد من السودانيين تداولوا خبر وفاته بألم ودعاء ونشروا شعره الذي سكن قلوب الملايين، لأنه خاطب أشواقهم وأحلامهم وتطلعاتهم إلى وطن الحرية والعدالة.
( الأكتوبريات) ..الملحمة الشعرية الخالدة عن ثورة الشعب السلمية في 21 أكتوبر 1964 ما زالت تسكن القلوب.
رحل لكن نبضه ما زال حيا، يستمد منه بنات وأبناء السودان زادا في هذا الزمن الصعب، كي يتم الخلاص من الليل الكالح.
ثقته في الشعب من دون حدود :
باسمك الأخضر يا اكتوبر الأرض تغني
الحقول اشتعلت قمحا ووعدا وتمني
والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي
باسمك الشعب انتصر
حائط السجن انكسر
والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي
رحل لكنه باق في قلوب وعقول ملايين السودانيين الذين أحبوا شعره وفكره، وستبقى اشعاره مصدر الهام لشعب السودان ، ومصدر طاقة متجددة ، تشعل نيران الغضب الشعبي ضد الطغاة، اليوم أو غدا.
(ود المكي) المولود في العام 1939 مفخرة للسودانيين، ولأهلنا في كردفان، وخصوصا في الأبيض عاصمة إقليم كردفان ، وبارا الخضراء، و( الخيران ) بمزارعها ورمالها النظيفة، وهي قرى ( الطويل والحمرة والبشيري).
من تلك الربوع الخضراء استمد الراحل نضار القلب والوجدان ، فتميز بشعر جميل ،عميق المعاني ، و صاع خياله شعرا أنتج صورا حيوية .
ما أصعب الحديث عنه في سطور عجلى ، لكنني أشير للقاريء العربي أنه درس القانون في جامعة الخرطوم،عمل محاميا لفترة قصيرة، ثم التحق بوزارة الخارجية فصار سفيرا.
اهتم بقضية صراع الهوية في السودان، وهي ما زالت تشكل مصدر أزمات مستمرة، و مزايدات سياسية ، فهل السوداني عربي أم أفريقي؟.
قال في حوار مع ( العربي) "أنني أدخلت الخلاسية في الشعر السوداني" هذه الكلمة ذكرها الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في إحدى قراءاتي له، فاعجبيتني، وأدخلتها في شعري ، فاحتفى بها السودانيون ، خاصة الجنس اللطيف".
النبض السوداني كان حاضرا اذ قال " كنا نسعى لتوطين كل شيء على طريقتنا الخاصة، نأخذ من العربية الفصيحة ونطوعها للبيئة السودانية" أي كان إبن بيئته ومجتمعه ، مع اعتزازه بالانتماء العربي - الإفريقي للسودانيين.
السودانيون أحبوا ( الخلاسية)، إذ قال:
الله يا خلاسية
ياورد بااللون مسقية
بعض الرحيق انا والبرتقالة أنت
يا مملوءة الساق أطفالا خلاسيين
يا بعض زنجية وبعض عربية
وبعض أقوالي أمام الله
هذا النبض أبدع في وصف ( الخلاسية) وهو يقول لنا هكذا يكون الوطن جميلا حينما ندرك جماليات التمازج والتفاعل العربي الإفريقي في وطن قارة، متعدد الأعراق والثقافات .
من صفاته أنه كان أمينا ومنصفا، قال في حوار صحافي إن " الشاعر محمد المهدي المجذوب سبق أبناء جيله وسجل اعترافه باصولنا الخلاسية في العديد من قصائده" .
عن شعره الثوري الأكتوبري قال" عندما تغنى به الفنان الكبير محمد وردي منحنى شهرة واسعة، لذا يرجع له الفضل الكبير في ذلك، كان (وردي) يحب الشعر الثوري".
محمد المكي إبراهيم شخصية متعددة السمات....
أعزي أسرة الفقيد وأهله، أهلنا، وشعب السودان وعشاق شعره ، كما أعزّي زملاءه وأصدقاءه ، وأهلنا في ربوع ( كردفان) .
( إنا لله وإنا إليه راجعون)
لندن- 29 سبتمبر 2024
modalmakki@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
عباس شومان يرد على «إبراهيم عيسى» بعد استنكاره صلاة العيد بالخلاء وطاعة الوالدين
أثار الإعلامي إبراهيم عيسى الجدل مرة أخرى في عيد الأضحى المبارك، بفيديو متداول له بعنوان: "خطبتي في عيد الأضحى.. أعاده الله عليكم بالعقل."
وقال إبراهيم عيسى في الفيديو: "منذ طفولتي وأنا أرى كل عام خطبة عيد الأضحى"، مستنكرًا اتباع المسلمين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء صلاة العيد في الخلاء، مشيرًا إلى أن الجميع لا يعرفون العلة النبوية من الصلاة في الخلاء، والتي كانت بسبب تكدس المسلمين في المساجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
كما استنكر إبراهيم عيسى قصة سيدنا إبراهيم مع سيدنا إسماعيل، مشيرًا إلى أنه لم يجد تفسيرًا يُبيِّن أن هذه القصة تعبر عن طاعة الوالدين.
رد الدكتور عباس شومانورد الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، على الإعلامي إبراهيم عيسى، بمنشور على صفحته على "فيس بوك".
ونشر عباس شومان قوله تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
وعلّق عباس شومان قائلًا: "ماذا عن عقل يرى أنها لا علاقة لها بطاعة الوالدين؟!"
قصة سيدنا إبراهيم مع ولده إسماعيللما بلغ إسماعيل أشدَّه، إذا بابتلاء آخر ينتظره وينتظر أباه؛ إذ رأى إبراهيم في منامه أن الله تعالى يأمره بذبح ولده إسماعيل، قال تعالى:
(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) (الصافات: 102).
وهنا يتجلَّى الأدب الرفيع العالي: أدب إبراهيم مع ربه جل وعلا، وأدب إسماعيل مع أبيه عليهما السلام.
إبراهيم يريد أن ينفذ أمر الله بذبح ابنه الوحيد الذي جاءه بعد شوق طويل! وإسماعيل يضرب أروع الأمثلة في الصبر على البلاء وطاعة الآباء، والتأدب مع والده.
فقال: "يا أبتِ" — ولم يقل "يا أبي" — زيادة في الأدب والتبجيل والتعظيم له. لم يعترض، لم يهرب، لم يتلفظ بكلمة واحدة تُغضب ربه أو أباه، بل سلَّم الأمر كله لمولاه.
ويا ليتنا نتعلم هذه المعاني العظيمة من أخلاق الأنبياء، ومن كتاب الله الخالد الذي صوَّر هذا المشهد البالغ الدقة بقول الله تعالى:
(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ • وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ • قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ • إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ • وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (الصافات: 103–107).
وهكذا، لما امتثل الولدُ والوالدُ لأمر الله؛ كان الجزاء هذا الفداء المهيب الذي لم يأتِ من الأرض، بل نزل من السماء.
ومن أجل ذلك شُرعت الأضحية في الإسلام، وجعل الله ثوابها عظيمًا ونفعها عميمًا.
وفي هذه الأيام، ونحن نتذكر هذه الذكريات، نتذكرها وقلوبنا مملوءة إعظامًا وإكبارًا لسيدنا إبراهيم، وسيدنا إسماعيل، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولرسل الله كافة عليهم السلام، لما بذلوه من جهد وعناء ومشقة وابتلاءات في سبيل الدعوة إلى الله.