موقع 24:
2025-07-05@13:55:27 GMT

مقتل نصر الله وتناقض المثقفين

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

مقتل نصر الله وتناقض المثقفين

بعد مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، مؤخراً على يد الجيش الإسرائيلي، أثارت ردود الفعل في العالم العربي حول مقتله جدلاً واسعًا. الكثير من العرب، ممن عانوا من جرائمه في سوريا ولبنان، احتفلوا بمقتله باعتباره عقابًا إلهياً على ما ارتكبه من فظائع في حق شعوب المنطقة، فقد رأوا في نصر الله شخصية إجرامية لا تختلف عن أي زعيم ميليشيا أخرى، ولا يعكس إلا جانباً مظلماً من الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، جاء موقف بعض المثقفين العرب ليعبّروا عن استنكارهم لتلك الفرحة، مبررين ذلك بأن نصر الله كان مدافعًا عن القضية الفلسطينية، ونصيراً للمقاومة. هذا التناقض في الموقف يثير تساؤلات حول ماهية الثقافة والوعي، ودور المثقفين في تفسير الأحداث المعقّدة في السياقات السياسية والاجتماعية.
إن هذا التباين بين الفرح بمقتل نصر الله ورفضه من قبل بعض المثقفين يعكس بوضوح مفهوم "ازدواجية المعايير"، حيث يتم تقييم الأفراد أو الأحداث بناءً على معايير متناقضة حسب السياق الذي يخدم مصالح معينة. فالمثقف الذي يبرر أفعال نصر الله الإجرامية بحجة دعمه للقضية الفلسطينية، يتجاهل بشكل سافر ومتعمّد تورطه في نزاعات إقليمية وجرائم بحق الشعبين السوري واللبناني، ناهيك عن تورّطه في دعم وتدريب الحوثيين في حربهم ضد المملكة العربية السعودية. هذا النوع من التفكير يُظهر كيف أن الأيديولوجيات السياسية قد تغلب على الحكم الأخلاقي، مما يؤدي إلى تبني مواقف غير متّسقة.
من الأسباب التي قد تدفع بعض المثقفين إلى هذا التناقض، الانتماء الأيديولوجي الذي يُعمي الأفراد عن رؤية الحقائق بشكل كامل. فعندما يكون المثقف ملتزمًا بأيديولوجية معينة، سواء كانت قومية أو دينية، فإنه يميل إلى الدفاع عن شخصيات تنتمي إلى تلك الأيديولوجية، حتى وإن كانت تصرفاتها تتعارض مع المبادئ الأساسية للعدالة وحقوق الإنسان، وهو ما يجعل المثقف يتجاهل، أو يتعامى عن الجوانب السلبية لتلك الشخصيات ويدافع عنها بشكل غير متوازن.
كما أن هناك تعقيدًا عاطفيًا يُحيط بالقضية الفلسطينية يجعل بعض المثقفين غير قادرين على فصل الشخصيات التي تدّعي دعم هذه القضية عن أفعالها الأخرى. القضية الفلسطينية لها أهمية خاصة في الوعي العربي والإسلامي، بعد تاريخ طويل من النضال من أجل الاستقلال. ولكن هذا التعقيد العاطفي لا يجب أن يكون سبباً لتبرير الجرائم التي تُرتكب باسم المقاومة. كما قال الفيلسوف برتراند راسل: "إن أكثر ما يخيفني هو أن المثقفين يتحدثون بلهجة لا تنبع من عقلانية ناضجة، بل من عواطف جماعية مضطربة". هذا القول يعكس بوضوح كيف يمكن أن تؤثر العواطف الجماعية على قدرة المثقفين على التفكير النقدي والتحليلي.
كما أنّ الضغط الاجتماعي والسياسي يلعب دورًا أيضًا في تشكيل مواقف بعض المثقفين الذين يعيشون في مجتمعات لديها توقعات معينة، وغالبًا ما يجدون أنفسهم مضطرين لتبني مواقف تتماشى مع الرأي العام أو مع التيار السياسي السائد. انتقاد شخصية مثل نصر الله، الذي يعتبره البعض رمزًا للمقاومة، قد يُعرّض المثقف لهجوم واسع من الجمهور أو الجهات السياسية المؤيدة له. وبالتالي، قد يلجأ هذا المثقف إلى تبني مواقف وسطية أو متناقضة لتجنب الوقوع في صدام مع المجتمع.
الفرق بين المثقف والإنسان الواعي يظهر بوضوح في مثل هذه المواقف. المثقف هو الذي يمتلك المعرفة والمعلومات، ولكنه قد يكون أسيرًا للأيديولوجيات أو المصالح الشخصية التي تجعله غير قادر على رؤية الصورة الكاملة. بينما الإنسان الواعي هو الذي يمتلك القدرة على التحليل النقدي، والتفكير المتوازن، والتفاعل مع الأحداث بشكل يتجاوز الأيديولوجيات الضيقة. الإنسان الواعي لا يسمح للعواطف أو الضغوط الخارجية بأن تُملي عليه مواقفه، بل يتبنى مواقف أخلاقية مبنية على المبادئ الأساسية للعدالة والإنصاف. ومن هنا، يتضح أن الوعي الحقيقي يتجاوز مجرد الثقافة أو المعرفة، فهو يتطلب الحكمة والقدرة على التمييز بين الحق والباطل، بغض النظر عن الأيديولوجيات أو الضغوط الاجتماعية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية حسن نصر الله نصر الله إسرائيل وحزب الله حسن نصرالله تفجيرات البيجر في لبنان بعض المثقفین نصر الله الذی ی

إقرأ أيضاً:

رئيس إيران: دول المنطقة اتخذت مواقف مسؤولة خلال الحرب مع إسرائيل

أطل الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، اليوم الجمعة، في باكو عاصمة أذربيجان، في إطار القمة الـ17 لمنظمة “إيكو” ليوجه رسالة واضحة إلى دول المنطقة. 

في كلمته الأكاديمية والسياسية، أشاد بزشكيان بما وصفه بـ«المواقف المسؤولة» التي تبنّتها دول الجوار إزاء التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، وقال إن هذه الردود تُعدّ “جديرة بالثناء” 

تطرق الرئيس الإيراني إلى سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت الأراضي الإيرانية، مؤكداً أن إيران ردّت دفاعًا شرعيًا بناءً على المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. 

إيران تفتح مجالها الجوي لاستقبال الرحلات المدنيةمكالمة ساخنة بين بوتين وترامب.. موسكو تلوّح بالتفاوض في أوكرانيا وتهاجم واشنطن بسبب إيران

ولفت إلى أن هذه الردود جاءت رداً على هجمات “غير قانونية”، شملت المدنيين والأكاديميين والبُنى التحتية، دعا فيها إلى وحدة الصف الإقليمي .

وأوضح بزشكيان أن الرد العسكري الإيراني على إسرائيل كان “مشروعًا”، مبرّرًا استنادًا إلى نصوص القانون الدولي، معتبراً أن إيران التزمت ضِمنياً بوقف إطلاق النار شرط عدم مواصلة الهجمات الإسرائيلية – وهو موقف أظهر فهمًا لاستراتيجية ضبط النفس المدفوعة بالقانون الدولي .

وأضاف الرئيس أن “دول المنطقة لم تخذلنا”، معتبرًا أن الأصوات الإقليمية المنسقة لعبت دورًا فعّالًا في الحد من التصعيد، وأدانت الهجمات ما أسهم في تفادي توسيع الصراع. كما نوه بزشكيان إلى دعم الخليج والدول العربية الأخرى، سواء عبر البيانات الرسمية أو التحركات الدبلوماسية، بما يظهر مدى إدراكهم لحساسية الوضع وأهمية ضبط التوتر في هذه المرحلة الحرجة 

في المقابل، لم يغفل الرئيس الإشارة إلى أن إيران لا تسعى إلى الهجوم أو بدأ العنف، بل إنها دافعت عن نفسها ضد عدوان يتجاوز القوانين الدولية. وأكد أن بلاده لا تنوي توسيع نطاق المواجهة، لكنها سترد بحزم إذا استمر التصعيد .

وفي الجزء الأخير من كلمته، شدد بزشكيان على أن الوقت قد حان لتعزيز التعاون الإقليمي، لاسيما في ظل التحديات الأمنية التي تجتاح المنطقة. وحثّ الجميع على الاستفادة من المؤسسات الاقتصادية والسياسية مثل منظمة “إيكو” ومجلس التعاون الخليجي وبناء إطار تعاون جماعي شامل ينطلق من الثوابت القانونية والسياسية المشتركة .

وشكّل خطاب بزشكيان إدانةً واضحة للهجوم الإسرائيلي على إيران، مع تنويه بدور جيرانها والحلفاء في تأييد الحراك الدبلوماسي لمنع تصعيد أوسع. وقد عبّر عن امتنان إيراني صريح لمساعي ضبط النفس والتنسيق الإقليمي، مشدّداً أن الرد الإيراني كان دفاعياً، وأن المستقبل يتطلب تكاملًا إقليميًا يعزز الأمن والاستقرار.

طباعة شارك مسعود بزشكيان الرئيس الإيراني باكو أذربيجان منظمة “إيكو”

مقالات مشابهة

  • بدء تجهيز مجمع مواقف مدينة المنيا لخدمة المواطنين وتنظيم الحركة المرورية
  • ترخيص مزدوج ومواقف وكاميرات مراقبة.. 12 اشتراطًا جديدًا تنظم سكن الأفراد
  • عاجل - ترخيص مزدوج ومواقف وكاميرات مراقبة.. 12 اشتراطًا جديدًا تنظم سكن الأفراد
  • ‏وزارة الصحة اللبنانية: قتيل وجريحان إثر استهداف مسيرة إسرائيلية سيارة في بنت جبيل جنوبي لبنان
  • رئيس إيران: دول المنطقة اتخذت مواقف مسؤولة خلال الحرب مع إسرائيل
  • الإقتصاد السياسي للشنقلة والفنقلة
  • تقارير تكشف خطورة الطريق الذي شهد مقتل ديوغو جوتا
  • صور.. أزمة مواقف مجمع الدمام الطبي تعيق وصول المرضى والموظفين
  • مقتل داعية يمني يثير الانتقادات والاستياء على المنصات
  • هدنة الـ60 يومًا في غزة.. مقترح جديد وتباين في مواقف الأطراف