تحرك أفريقي وأميركي لتسريع احتواء الأزمة السودانية
تاريخ النشر: 4th, October 2024 GMT
الخرطوم- في أول زيارة له منذ اندلاع الحرب في السودان، أجرى وفد من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي مشاورات مع المسؤولين السودانيين في بورتسودان، لتفعيل الدور الأفريقي في حل الأزمة السودانية وإنهاء تعليق عضوية البلاد في الاتحاد.
كما ينتظر أن يصل إلى العاصمة الإدارية المؤقتة المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريلو لإنعاش عملية السلام المتعثرة.
وتأتي زيارة وفد الاتحاد الأفريقي، اليوم الخميس، للسودان بعد تولي مصر رئاسة مجلس السلم والأمن في مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ويضم الوفد سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي محمد جاد، ومفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن في الاتحاد أديوي بانكولي، ورئيس الآلية الأفريقية المعنية بالسودان محمد بن شمباس ومسؤولين آخرين بالاتحاد.
وأجرى الوفد الأفريقي مباحثات مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، كما تباحث مع مسؤولين في مجلس الوزراء والنائب العام في حضور عضو مجلس السيادة إبراهيم جابر.
فهم أبعاد الأزمةكشفت مصادر حكومية للجزيرة نت أن الوفد الأفريقي طرح خريطة طريق لاستعادة عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، المعلقة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2012.
تشمل الخريطة إحراز تقدم بشأن المتطلبات التي تم بموجبها تجميد العضوية، كما اقترح الوفد وقف إطلاق النار، وتنفيذ خطوات لمرحلة انتقالية جديدة، وبدء عملية سياسية حتى تعود البلاد لاستعادة الحكم المدني والتحول الديمقراطي.
ويوضح المسؤول الحكومي أن رئيس الوفد الأفريقي أكد رفضهم لأي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في السودان تحت ذريعة حماية المدنيين، بعدما عُرض الأمر على هامش جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، حيث عُقد اجتماع بشأن أزمة السودان وعرض مقترح لنشر قوات أفريقية في السودان، لكن الدول الأفريقية رفضت ذلك بصورة قاطعة.
وبشأن لقاء الوفد الأفريقي، قال إعلام مجلس السيادة أن البرهان أبلغ الوفد أنه يعتبر توصيف الاتحاد الأفريقي لما اتخذه من إجراءات بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أنه انقلاب، "غير دقيق وينافي الحقائق".
وذكر أن ما يتعرض له السودان يمثل استعمارا جديدا، وأن تجاهل الاتحاد الأفريقي للأزمة التي يعيشها شعب السودان ناجم من عدم معرفته بحقيقة هذه الأزمة، مبينا أن البلاد محتلة من "مليشيا متمردة، بمشاركة مرتزقة أجانب، وتعاون دول يعرفها الجميع"، حسب قوله.
وأكد البرهان رفضه للسيطرة على السودان بواسطة جهات أجنبية، "تستخدم المليشيا في حربها ضد البلاد"، وقال إن "هناك قوة سياسية تريد أن تعود للحكم بأي طريقة قبل أن يعود المواطنون لمنازلهم ومناطقهم المحتلة بواسطة هذه المليشيا المتمردة".
من جهته، قال رئيس الوفد الأفريقي في تصريح صحفي إن الإيضاحات التي قدمها رئيس مجلس السيادة للوفد ساعدت في تفهم أبعاد الأزمة السودانية، موضحا أن اللقاء تطرق إلى ضرورة إيجاد البيئة اللازمة لاستعادة السودان لعضويته في الاتحاد الأفريقي، وأضاف "لا يمكن أن يمر السودان بمثل هكذا أزمة وتكون عضويته مجمدة في الاتحاد الأفريقي".
كما أكد السفير محمد جاد أن مجلس السلم والأمن الأفريقي سيسعى لإحلال السلام في السودان ووقف إطلاق النار، ودعم تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للشعب السوداني.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعات السودانية الدكتور الرشيد إبراهيم أن دور الاتحاد الأفريقي تراجع في لعب دور محوري لحل الأزمة السودانية بسبب تعجله في تعليق عضوية البلاد، "بعد استجابته لمؤثرات خارجية وتحوله لساحة للتنافس والصراع"، مضيفا أنه "لن يكون له دور فاعل في إسكات البنادق وترسيخ الحلول الأفريقية ما لم يصحح مواقفه".
وفي حديثه للجزيرة نت يعتقد أستاذ العلاقات الدولية أن تقدم الجيش والقوة المشتركة في ولاية الخرطوم وإقليم دارفور ومحاولة تنفيذ "إعلان جدة" لإخراج قوات الدعم السريع من منازل المواطنين والمناطق المدنية بالقوة، سيؤدي لتراجع الدور الخارجي في هذه المرحلة، ما لم يحدث تفاهم بين الحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي لاستعادة عضويتها فيه.
زيارة أميركيةوفي محور التحرك الأميركي، بدأ المبعوث الخاص للسودان توم بيرييلو زيارة إلى نيروبي وأديس أبابا لمواصلة الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع في السودان، والاجتماع باللاجئين والقادة المدنيين السودانيين، للحديث عن استعادة مسار شامل نحو مستقبل ديمقراطي، حسب الخارجية الأميركية.
وسبق أن تعثرت الجهود الأميركية عبر منبر جنيف في أغسطس/آب الماضي، بعد أن غابت الحكومة السودانية، وانتهى الاجتماع بالاتفاق على تسهيل توصيل المساعدات الإنسانية.
وخلال لقاء مجموعة من ممثلين عن المجتمع المدني في العاصمة الكينية نيروبي، الأربعاء، قال بيريلو "فتحنا قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان".
ويرى الباحث والمحلل السياسي فيصل عبد الكريم أن بيريلو ومديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية سامانثا باور علقا زيارة إلى بورتسودان في يوليو/تموز الماضي بعدما طلبا لقاء المسؤولين في مطار المدينة، وهو الأمر الذي رفضته القيادة السودانية، ثم التقيا رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان خلال زيارته نيويورك مؤخرا.
وحسب حديث الباحث للجزيرة نت فإن زيارة بيريلو وباور ستحمل آفاقا جديدة، لأنها تأتي بعد 10 أيام من لقاء البرهان، مما يشي بأن تفاهما قد وقع بين الجانيين في نيويورك، ويريدان استكماله في بورتسودان، خصوصا أن إدارة الرئيس جو بايدن تريد تحقيق اختراق في جدار الأزمة السودانية قبل موعد الانتخابات، في ظل خيباتها المتكررة في الشرق الأوسط بعد حرب غزة والتصعيد في لبنان وقصف إيران لإسرائيل.
ويرهن المتحدث ذاته تحقيق زيارة بيريلو تقدما بالوصول إلى مقاربة بشأن تنفيذ "إعلان جدة" الموقع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ورفض إشراك جهات تعتبرها القيادة السودانية مساندة للدعم السريع، وذلك ضمن فريق مراقبة للمفاوضات، من أجل تبديد المخاوف الأميركية بتوجه السودان شرقا وتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والعسكري مع روسيا والصين وإيران.
غير أن أستاذ العلاقات الدولية الرشيد إبراهيم يستبعد تحقيق اختراق في زيارة بيريلو في هذه المرحلة، ويتوقع أن يدير السودان علاقته مع واشنطن بطريقة لا تضعه في مواجهة معها، قبل ترتيب أوراقه وترسيخ تعاونه مع المحور الشرقي.
وبرأيه فإن الحكومة السودانية تنظر بعين الشك للمواقف الأميركية المتماهية مع قوى تساند قوات الدعم السريع، ولا تفرض عليها ضغوطا للكف عن وقف دعمها، كما يرى أن الجيش السوداني في حالة تقدم، ولكن هناك ما يدفع الحكومة لتقديم تنازلات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاتحاد الأفریقی الأزمة السودانیة الوفد الأفریقی مجلس السیادة فی الاتحاد فی السودان
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـالدعم السريع
رفض الاتحاد الإفريقي الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرا من خطر تقسيم البلاد وتداعيات ذلك على جهود السلام، وداعيا المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع الكيان الجديد. اعلان
دعا الاتحاد الإفريقي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرًا من تداعيات هذه الخطوة على وحدة البلاد وجهود السلام الجارية، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
تحذير من تقسيم السودانوفي بيان له، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي "جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يُسمى الحكومة الموازية" التي شكلتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو "حميدتي".
وأكد البيان أن هذه الخطوة "ستكون لها عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان"، منددا مجددا بـ"جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع السوداني، في انتهاك صارخ" لقرارات الأمم المتحدة.
حكومة موازية وسط رفض محلي ودوليوأعلنت قوات الدعم السريع يوم السبت 26 تموز/يوليو تشكيل حكومة موازية تتألف من 15 عضوا، يرأسها حميدتي، ويتولى عبد العزيز الحلو، زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي. كما تم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، والإعلان عن حكام للأقاليم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور.
وكان حميدتي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الثانية للحرب الأهلية، نيته تشكيل "حكومة السلام والوحدة"، مؤكدا أن التحالف الجديد يمثل "الوجه الحقيقي للسودان"، مع وعود بإصدار عملة ووثائق هوية جديدة، واستعادة الحياة الاقتصادية.
وقد أعربت الأمم المتحدة في حينه عن قلقها العميق من خطر "تفكك السودان"، محذّرة من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع وترسيخ الأزمة.
Related 30 قتيلاً بينهم نساء وأطفال.. اتهامات لقوات الدعم السريع بتنفيذ هجوم على مدنيين في السودان11 قتيلًا في هجوم دموي لقوات الدعم السريع بشمال كردفانعبر تذاكر مجانية.. مبادرة مصرية لإعادة اللاجئين السودانيين من القاهرة إلى الخرطوم اتهامات لـ"الدعم السريع" باستهداف المدنيينوقبل أيام، اتهمت مجموعة "محامو الطوارئ" السودانية، المعنية بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب المستعرة في البلاد، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 30 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، خلال هجوم استمر يومين على قرية بريما رشيد بولاية غرب كردفان.
وذكرت المجموعة، في بيان صدر الجمعة 25 تموز/يوليو، أن الهجوم وقع يومي الأربعاء والخميس واستهدف القرية الواقعة قرب مدينة النهود، وهي منطقة استراتيجية لطالما شكلت نقطة عبور للجيش السوداني في إرسال التعزيزات نحو الغرب. وأسفر اليوم الأول من الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينما ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي إلى 27.
وأكد البيان أن "من بين القتلى نساء وأطفال، ما يجعل من الهجوم جريمة ترقى إلى انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي، لاسيما من حيث الاستهداف المتعمد والعشوائي للمدنيين".
وفي تطور خطير، اتهمت المجموعة قوات الدعم السريع باقتحام عدد من المنشآت الطبية في النهود، بينها مستشفى البشير والمستشفى التعليمي ومركز الدكتور سليمان الطبي، ووصفت ذلك بأنه "انتهاك صارخ لحرمة المرافق الطبية".
ولم تصدر قوات الدعم السريع حتى الآن أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات.
انقسام ميداني يعمق الأزمة الإنسانيةوتخوض قوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل 2023 حربا دامية ضد الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسفرت عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة. وتسيطر قوات الجيش على مناطق الشمال والشرق والوسط، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.
في ظل هذا الانقسام، تعاني البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليون نسمة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم مع انتشار المجاعة وصعوبة وصول المساعدات.
13 وفاة بسبب الجوع في دارفوروفي مؤشر على عمق الكارثة الإنسانية، أعلنت مجموعة "شبكة أطباء السودان" أمس الثلاثاء عن وفاة 13 طفلا في مخيم لقاوة بشرق دارفور خلال الشهر الماضي بسبب سوء التغذية. ويأوي المخيم أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني من نقص حاد في الغذاء.
ودعت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الدعم الإنساني العاجل، محذرة من تفاقم الوضع في ظل تزايد معدلات الجوع بين الأطفال. كما ناشدت منظمات الإغاثة الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق النزاع.
أزمة إنسانية خطيرةوبحسب تقييمات الأمم المتحدة، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تحول دون الوصول الآمن للمساعدات. ومع تزايد المبادرات المنفردة لتقاسم السلطة، تبدو البلاد مهددة بتفكك فعلي، في غياب تسوية شاملة للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
من جهة أخرى، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه "رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا".
وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن "أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، والخرطوم بنسبة 8%".
وتوقع بلبيسي عودة "نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة