قرر رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر التخلي عن سيادة بلاده على جزر شاغوس لصالح جمهورية موريشيوس، منهيا بذلك 200 عام من الحكم البريطاني على الأرخبيل الواقع وسط المحيط الهندي.

وقالت صحيفة تايمز إن ستارمر أعلن عن قراره رغم التحذيرات الخاصة من الولايات المتحدة وقلق المسؤولين البريطانيين من أن ذلك قد يمنح الصين موقعًا استراتيجيا للتجسس.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل تتحقق توقعات جيرينوفسكي باندلاع حرب عالمية ثالثة من الشرق الأوسط؟list 2 of 2مقال بهآرتس يحذر من حرب أهلية في إسرائيلend of list

لكن الصحيفة أوردت أيضا أن مطلعين آخرين داخل الحكومة البريطانية نفوا أن تكون الولايات المتحدة قد حذرت سراً من الصفقة.

ورغم أن وزراء بريطانيين ومسؤولين أميركيين رحبوا علنا بالصفقة، إلا أن الصحيفة ذكرت أنها علمت من بعض الأوساط أن الأميركيين أعربوا سرا عن مخاوفهم بشأنها، و"حذروا بشدة" من هذه الخطوة خشية أن تنشئ الصين مراكز تنصت على الجزر المجاورة.

وقد سُلِّمت الجزر، التي كانت تحت الاستعمار البريطاني منذ عام 1814، إلى موريشيوس في صفقة ادعت الحكومة أنها ستحمي مستقبل قاعدة جوية أمريكية كانت مهددة بسبب الطعون القانونية.

وتقع شاغوس في نقطة استراتيجية وسط المحيط الهندي، وهي موطن لقاعدة دييغو غارسيا الجوية، والتي تعد من الأصول العسكرية الرئيسية لكل من بريطانيا والولايات المتحدة في المنطقة.

مجموعة من سكان تشاغوس الذين رحلتهم بريطانيا عن الجزيرة بشكل دائم (وكالة الأنباء الأوروبية)

وهناك مخاوف من أن تقوم موريشيوس بتأجير بعض الجزر للصين، "التي تحاول إقامة علاقات أوثق" معها، بحسب التايمز، التي تفيد بأن هناك 47 مبادرة صينية لتمويل التنمية في الدولة الأفريقية المكونة من جزر وسط المحيط الهندي، كما أن التجارة بين البلدين آخذة في النمو.

وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن الاتفاق الذي أُعلن عنه يوم الخميس سيؤمن "قاعدة عسكرية حيوية للمستقبل" من خلال اتفاق يسمح لبريطانيا بممارسة السيادة على دييغو غارسيا لمدة 99 عاما قادمة.

وستدفع بريطانيا لموريشيوس نظير ذلك رسوما بموجب الاتفاق، وهو مبلغ يتعرض الوزراء لضغوط للكشف عنه. وتصر الحكومة على أن هناك ضمانات في الاتفاق لمنع الصين من الحصول على موطئ قدم في جزر شاغوس، بحجة أن موريشيوس ليست قريبة من بكين.

ورحب الرئيس الأميركي جو بايدن علنا بالاتفاقية قائلا إنها "تؤمِّن التشغيل الفعال للمنشأة المشتركة في دييغو غارسيا حتى القرن المقبل".

أما صحيفة تلغراف فقد نشرت تقريرين في ذات السياق، ونقلت عن زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج وصفه لقرار منح الأرخبيل لموريشيوس بأنه "كارثة استراتيجية"، زاعما أن "حلفاءنا الأميركيين سيغضبون وبكين ستشعر بالسعادة".

وقال إن حزب العمال الحاكم يجعل العالم، بعد هذه الخطوة، "مكانا أشد خطورة".

وعلقت الصحيفة، المعروفة بميلها لحزب المحافظين المعارض، على القرار قائلة إنه اتُّخذ على عجل على ما يبدو،  وكان بالتالي بمثابة صدمة للكثير من دول العالم، التي لم تكن تتوقع أن تتوصل حكومة حزب العمال الجديدة إلى اتفاق بهذه السرعة.

ونقلت عن وزير الدفاع البريطاني تأكيده بأن قرار التخلي عن الأرخبيل "سيعزز دورنا في حماية الأمن العالمي، وسيغلق أي احتمال استخدام المحيط الهندي كطريق هجرة غير شرعية خطيرة إلى المملكة المتحدة، بالإضافة إلى ضمان علاقتنا طويلة الأمد مع موريشيوس، الشريك الوثيق في الكومنولث".

أرخبيل تشاغوس (الجزيرة)

ومع ذلك، فقد اتضح في الحال إن الحكومة قد توقعت بالفعل -طبقا لتلغراف- رد الفعل العنيف الكبير الذي سيثيره القرار، وأرسلت وزارة خارجيتها، بعد 40 دقيقة بقليل، رسالة بالبريد الإلكتروني إلى الصحفيين تحيلهم فيها إلى بيان الرئيس الأميركي، الذي رفض على الفور التكهنات بأن عملية التسليم ستثير حفيظة الولايات المتحدة.

ولفتت تلغراف إلى أنها أجرت مقابلة مع رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون وصف فيها القرار بــ"الضعيف"، قائلا إنه سيضعف مكانة بريطانيا في العالم.

وأضاف أن جزر شاغوس "ثروة وطنية حيوية"، واصفا القرار بأنه "سخيف للغاية".

مباني في إقليم جبل طارق التابع لبريطانيا (غيتي إيميجز)

وفي تقرير آخر، أوضحت تلغراف أن ستارمر أثار المخاوف بشأن مستقبل جبل طارق التي تتمتع بحكم ذاتي وتتبع للتاج البريطاني، وجزر فوكلاند المستعمرة البريطانية، بعد التخلي عن جزر شاغوس.

ووفقا للصحيفة، فإن الأرخبيل سيخضع للولاية القضائية لموريشيوس على الرغم من المخاوف بشأن تقاربها من الصين، التي وقعت معها اتفاقا تجاريا غير مسبوق في عام 2021.

وقد أثارت هذه الخطوة -برأي تلغراف- مخاوف بشأن نهج السير كير تجاه أقاليم ما وراء البحار البريطانية الأخرى، بما في ذلك من وزيري دفاع سابقين.

فقد صرح وزير الدفاع البريطاني السابق غرانت شابس بأن القرار يدل على أن رئيس الوزراء لا يمكن الوثوق به. وبدورها وصفت وزيرة شؤون الدفاع السابقة، بيني مورداونت، التخلي عن الجزر بأنه "يلحق ضررا كبيرا بمصالح المملكة المتحدة".

العلم البريطاني يرفرف في جزر الفوكلاند (الفرنسية) جزر فوكلاند

في الأثناء، تعهدت الأرجنتين، مساء الخميس، باستعادة "السيادة الكاملة" على جزر فوكلاند بعد القرار المتعلق بشاغوس. ورحبت وزيرة خارجيتها، ديانا موندينو، بالقرار واعتبرته خطوة نحو إنهاء "الممارسات التي عفا عليها الزمن".

ووعدت الوزيرة باتخاذ إجراءات ملموسة" لضمان تسليم جزر فوكلاند – الأرخبيل الذي تسيطر عليه بريطانيا وتطلق عليه الأرجنتين اسم مالفيناس وتطالب باستعادته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات المحیط الهندی جزر فوکلاند التخلی عن

إقرأ أيضاً:

بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع

فرضت بريطانيا عقوبات على كبار قادة قوات الدعم السريع السودانية، متهمة إياهم بالتورط في عمليات قتل جماعي وعنف جنسي بشكل ممنهج وهجمات متعمدة على المدنيين في السودان، وطالت العقوبات "نائب قائد قوات الدعم عبد الرحيم دقلو، قائد قطاع شمال دارفور اللواء جدو حمدان، القائد تيجاني إبراهيم موسى، والفاتح عبدالله إدريس المعروف بـ(أبو لولو)".

Britain sanctioned senior commanders of Sudan's paramilitary Rapid Support Forces on Friday, over what it said were their links to mass killings, systematic sexual violence and deliberate attacks on civilians in the African country. https://t.co/qLl1LxAIYV — Reuters Africa (@ReutersAfrica) December 12, 2025
وقالت الحكومة البريطانية إن هؤلاء القاعدة يُشتبه في تورطهم بهذه الجرائم، باتوا يواجهون تجميد أصول وحظر سفر، وقالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر في بيان "الفظائع المرتكبة في السودان مروعة إلى حد أنها تترك ندبة في ضمير العالم... والعقوبات التي نعلنها اليوم ضد قادة قوات الدعم السريع تشكل ضربة مباشرة لأولئك الذين تلطخت أيديهم بالدماء".

وتأتي هذه العقوبات بعد أن اقترحت الولايات المتحدة والإمارات ومصر والسعودية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي خطة لهدنة لمدة ثلاثة أشهر تليها محادثات سلام، وردت قوات الدعم السريع بقبول الخطة، لكنها سرعان ما شنت غارات جوية مكثفة بطائرات مسيرة على مناطق تابعة للجيش.

معاقبة شبكة تجند مقاتلين من كولومبيا
وفرضت الولايات المتحدة، الثلاثاء عقوبات على شبكة عابرة للحدود تُجند عسكريين كولومبيين سابقين وتدرب جنودًا بينهم أطفال للقتال في صفوف قوات الدعم السريع، وذكرت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان، أنها فرضت عقوبات على 4 أفراد و 4 كيانات ضمن الشبكة، التي قالت إنها تتألف في معظمها من مواطنين وشركات كولومبية.

BREAKING: The US government has imposed sanctions on a network that is fueling the conflict by recruiting former Colombian military personnel to train soldiers—including children—to fight for the Rapid Support Forces, a Sudanese paramilitary group.

"The Rapid Support Forces have… — Harun Maruf (@HarunMaruf) December 9, 2025
وأفادت بأن العقوبات على الشبكة تُعطل مصدرًا مهمًا للدعم الخارجي لقوات الدعم، ما يُضعف قدرتها على استخدام مقاتلين كولومبيين مهرة ضد المدنيين. واتُهمت قوات الدعم السريع باستهداف المدنيين وقتل الرجال وحتى الرضع، كما استهدفت النساء والفتيات عمدًا ومارست بحقهن الاغتصاب. وأكدت الوزارة في بيانها أنها ستعمل بالتنسيق مع دول المنطقة لإنهاء هذه الفظائع وتحقيق الاستقرار في السودان.

دعوة لقبول الهدنة
من جانبه، أكد مبعوث الرئيس الأمريكي إلى أفريقيا مسعد بولس، أن واشنطن تحاسب مرتكبي الفظائع بالسودان، داعياً الأطراف السودانية إلى قبول الهدنة لوقف العنف في البلاد، وكتب عبر حسابه على منصة "إكس": " تُحمّل الولايات المتحدة المسؤولية لأولئك الذين يرتكبون الفظائع في السودان".

Today, the United States is holding accountable those who commit atrocities in Sudan. The parties must accept a humanitarian truce to halt the violence and end external military support from transnational networks of murderers like the Colombians we sanctioned today. These… — U.S. Senior Advisor for Arab and African Affairs (@US_SrAdvisorAF) December 9, 2025
وأضاف "يجب على الأطراف القبول بهدنة إنسانية لوقف العنف وإنهاء الدعم العسكري الخارجي من الشبكات العابرة للحدود التي تضم قتلة، مثل الكولومبيين الذين فُرضت عليهم العقوبات"، مضيفًا "تعكس هذه الإجراءات التزامنا بدعم السلام ومساندة الشعب السوداني".

الملايين يواجهون انعدام الغذاء
من جانبه، أعلن مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود كينيث لافيل، انهيار كل الأنظمة التي تحفظ الحياة في السودان، محذرًا من أن نحو 9 ملايين يواجهون انعدام الأمن الغذائي في السودان، يأتي هذا في وقت أكد فيه وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبر اهيم، أن السودان يسجل أكثر من 3 ملايين إصابة سنويًا بالملاريا مع معدلات وفيات عالية، وفقًا للإحصاءات الرسمية المسجلة في المستشفيات.

الأمم المتحدة تحذر من أن المدنيين في منطقتي #دارفور و #كردفان لا يزالون يواجهون عنفا متصاعدا وعشوائيا،

وتجدد الدعوة لكافة أطراف النزاع في #السودان إلى وقف الهجمات على المدنيين فورا، والالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي الإنساني.https://t.co/B8ikEvX8gk — أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) December 11, 2025
وأفاد شهود عيان بأن ولاية شمال كردفان باتت تحتضن العدد الأكبر من النازحين، وتؤوي حاليًا نحو 864 ألف شخص، ووفق مفوضية العون الإنساني في الولاية فإن قرابة 82 ألف نازح يقيمون داخل مراكز الإيواء، بينما تتوزع البقية بين مجتمعات مضيفة والأقارب.

مقالات مشابهة

  • ترحيب فلسطيني بالإجماع الدولي على تنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية بشأن "أونروا"
  • بشأن الأونروا.. فلسطين ترحب بالإجماع الدولي على فتوى "العدل الدولية"
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • سفير السودان: القرار البريطاني ضد الدعم السريع خطوة سياسية مهمة
  • بسبب القتل في الفاشر.. بريطانيا تفرض عقوبات على قادة في الدعم السريع
  • مخاوف فرنسية بشأن لبنان: التصعيد الاسرائيلي ليس مستبعدا
  • ما الدول التي يفضل «ترامب» استقبال المهاجرين منها؟
  • موسم بمليون و800 ألف دولار.. طارق يحيى يفجر مفاجأة بشأن أفشة
  • تلغراف: هل يتحرك الغرب ضد الإمارات بعد مجزرة الفاشر؟
  • المستشار الألماني: أوكرانيا وحدها من تقرر شكل التسوية الإقليمية التي تقبل بها