أبوظبي (الاتحاد)
أكد خطباء الجمعة على مستوى الدولة أن الصحة النفسية للأبناء وأفراد العائلة أمانة في أعناق أولياء الأمور وأرباب الأسر، يجب عليهم إيلاؤها غاية عنايتهم واهتمامهم ومتابعتهم، مثلها في ذلك مثل الصحة الجسدية، لتكون البيوت موطن راحة ومصدر سكينة.
يأتي تخصيص خطبة الجمعة في سياق مشاركة الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة في فعاليات البرنامج التمهيدي لمنتدى فاطمة بنت مبارك للأمومة والطفولة حول الصحة النفسية للأم والطفل واليافع والأسرة، الذي ينظمه المجلس الأعلى للأمومة والطفولة تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، وينعقد يوم 10 أكتوبر الجاري في أبوظبي.


ودعا الخطباء، في الخطبة الموحدة التي حملت عنوان "إن لنفسك عليك حقاً"، الآباء والأمهات إلى تجنب نقل مشكلات وإرهاصات العمل والتفاعلات في الحياة اليومية من خارج البيوت إلى داخلها وعدم تحميل الأبناء والبنات والأزواج والزوجات تبعات ما يلقاه الآباء من مشقة ونصب في تفاصيل يومهم، محذرين من أن التعامل مع مثل هذه الأمور من دون وعي وحذر ينعكس سلبا على الصحة النفسية للأبناء والأسرة كلها ويترك آثارا قد تمتد على المدى الطويل على سعادتها واستقرارها ورفاهها الاجتماعي.
وشدد الخطباء على ضرورة أن يترك الآباء كل ضغوط الحياة ومصاعبها وتداعيتها خارج إطار البيت، وأن يقبلوا على أسرهم بالبشر والابتسامة وأن يعاملوهم بمحبة ومودة، ورفق ورحمة، مستشهدين على ذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ ‌بِأَهْلِ ‌بَيْتٍ ‌خَيْرًا، أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ ‌الرِّفْقَ".
كما دعوا الآباء وأولياء الأمور إلى الحرص على اتباع الحكمة في تصرفاتهم والحلم في تعاملهم مع الأبناء والبنات والزوجات، باعتبار أن الحالة النفسية للأب هي مرآة لأهل بيته، تنعكس نتائجها عليهم، مشددين على أهمية أن يحرص أرباب البيوت على أن يكونوا مصدر سعادة وهناء لأسرهم يستمد أفرادها من استقرار نفوسهم، وهدوء طباعهم، ما يعود بالخير عليهم، ويدخل الطمأنينة على نفوسهم، ويكون له أثر في تكوين شخصياتهم، وتعاملهم مع غيرهم.
وناشد خطباء الجمعة الآباء الحرص على صحتهم النفسية والعمل على ترسيخها في بيوتهم وتعزيزها لدى زوجاتهم وأبنائهم خصوصاً وفي المجتمع عموماً، منوّهين في هذا السياق إلى حِلْم نبي الله إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، الَّذِي وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ)، والذي انْعَكَسَ خَيْرًا عَلَى ذُرِّيَّتِهِ، إذ قَالَ تَعَالَى عنه: (فَبَشَّرْنَاهُ ‌بِغُلَامٍ ‌حَلِيمٍ).
ولفت الخطباء إلى أن طِيبَ النَّفْسِ وَصِحَّتَهَا، وَاتِّزَانَهَا وَهُدُوءَهَا، مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ عَلَى الإنسان لقول رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "طِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ"، وأن الدين الحنيف أولى الصِّحةَ النَّفْسِيَّةَ عِنَايَةً بَالِغَةً، فَأَمَرَ بِاتِّخَاذِ أَسْبَابِ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، وَنَهَى عَنْ كُلِّ مَا يُضْعِفُهَا أَوْ يُسَبِّبُ هَشَاشَتَهَا، مذكّرين بقول الله تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ ‌مَنْ ‌زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا".
وقالوا في خطبهم إن النَّفْسَ السَّوِيَّةَ الْمُتَوَازِنَةَ، مَصْدَرُ السَّعَادَةِ لِلْإِنْسَانِ، وَالدَّافِعُ لَهُ نَحْوَ الْإِنْجَازِ وَالنَّجَاحِ، وإن مما يسهم في المحافظة على الصحة النَّفْسِيَّةِ للإنسان التَّقَرُّب إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالْأُنْس بِهِ، وَإِدَامَة طَاعَتِهِ وَذِكْرِهِ لقوله تعالى: "أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ ‌تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، وقول رَسُول اللَّه لِمُؤَذِّنِهِ: "يَا بِلَالُ، أَقِمِ الصَّلَاةَ، ‌أَرِحْنَا ‌بِهَا".
وذكر الخطباء أن من أسباب الراحة النفسية والطمأنينة القلبية، الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، محذرين من أن يكون الأب مِمَّنْ إِذَا نَزَلَتْ بِهِ الشَّدَائِدُ، أَوْ أَظَلَّتْهُ سَحَابَةُ الْهُمُومِ، اسْوَدَّت الدُّنْيَا أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَانْهَارَ وَضَاقَتْ نَفْسُهُ، وَاسْتَسْلَمَ لِلْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ، لأن الله تعالى ذَمَّ هَذَا الصِّنْفَ فِي قَوْلِهِ: "وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُوسٌ قَنُوطٌ".
وعدد الخطباء الأسباب التي تساعد الإنسان على تقوية وتدعيم صحته النفسية ومن بينها التَّفَاؤُلُ وَالْإِيجَابِيَّةُ، وَعَدَمُ الِاسْتِسْلَامِ لِلْوَسَاوِسِ وَالْهَوَاجِسِ السَّلْبِيَّةِ، لافتين إلى أن الاسْتِبْشَار بِالْخَيْرِ يَجْلبُهُ، وَتَوَقُّع الْمَكْرُوهِ يَجْذبُهُ، موضحين في هذا الإطار أن الرَسُول صلى الله عليه وسلم كان ‌يُعْجِبُهُ ‌الْفَأْلُ الْحَسَنُ.
ودعوا الآباء إلى توقع الخير على الدوام، وألا يكون ظنهم بالله تعالى إِلَّا حَسَنًا، مستشهدين بالحديث القدسي: "‌أَنَا ‌عِنْدَ ‌ظَنِّ ‌عَبْدِي بِي"، وتجنب َتَوَهُّم الشَّرّ قَبْلَ حُصُولِهِ، والخوف من الْمَرَض قَبْلَ حُلُولِهِ، وَتَوَقّع الْفَقْر قَبْلَ نُزُولِهِ، لأن َذَلِكَ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ، لقوله تَعَالَى: "الشَّيْطَانُ ‌يَعِدُكُمُ ‌الْفَقْرَ".
كما طالبوا بألا يعيش المرء عَلَى مَا سَلَفَ مِنَ الذِّكْرَيَاتِ الْمُؤْلِمَةِ، لأن ذلك يعيق عَنِ الْعَمَلِ ويرهق النفس، وبَتَجَنَّبِ الْخَوْف مِنَ الْمُسْتَقْبَلِ، وَالْقَلَق مِمَّا هُوَ آتٍ، لأن َذَلِكَ مِنْ نَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ، "‌لِيَحْزُنَ ‌الَّذِينَ آمَنُوا"، محذرين أيضاً من الْمُقَارَنَةِ بِالْآخَرِينَ لأنها منافيةٌ لِلْقَنَاعَةِ، وهو ما يؤكده حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "‌قَدْ ‌أَفْلَحَ ‌مَنْ ‌أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ".

أخبار ذات صلة عمر الدرعي: «اليوم الإماراتي للتعليم» مبادرة عظيمة ورؤية فريدة ومشروع وطني ملهِم 9089 متعاملاً من كبار السن استفادوا من خدمات الصحة النفسية خلال 2023

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة الصحة النفسية خطبة الجمعة صلى الله علیه وسلم للأمومة والطفولة الصحة النفسیة ت ع ال ى

إقرأ أيضاً:

دينا أبو الخير تحذر: عقوق الأبناء أشد من عقوق الآباء.. فيديو

حذرت الداعية الإسلامية د. دينا أبو الخير من تأثير إهمال الأبناء على سلوكهم وأخلاقهم، مؤكدة على ضرورة الاهتمام بتربية الأطفال ورعايتهم، مشيرة إلى أن هذا هو واجب الأب والأم تجاه أبنائهم.

وقالت دينا أبو الخير خلال تقديمها برنامج "وللنساء نصيب"، والمذاع على قناة صدى البلد، إن الله سبحانه وتعالى قد منحنا نعمة عظيمة في هذه الدنيا، وهي مسؤوليتنا تجاه أبنائنا، وأن إهمال هذه المسؤولية يعد تضييعًا للنعمة، مؤكدة أن الآباء سيتحملون مسؤولية كبيرة أمام الله على التقصير في تربية أولادهم.

وتطرقت دينا إلى سؤال شاب شارك تجربته في البرنامج، حيث قال إنه نشأ في بيئة مليئة بالمشاكل العائلية، ما أثر عليه بشكل سلبي في سلوكه وأخلاقه، أنه أصبح شخصًا سيئًا وغير ملتزم بالدين، مشيرًا إلى أنه يشعر بأنه غير مسؤول عن الأخطاء التي ارتكبها في حياته، وتساءل عما إذا كان سيعاقبه الله أم سيحاسب والديه.

ردّت دينا أبو الخير على السؤال قائلةً:  أن المسؤولية في المقام الأول تقع على الأب والأم الذين يُحاسبون أولًا على تربية أبنائهم وتوجيههم، وأنه يجب على الآباء أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم في جميع أمور الحياة، وفي بعض الأحيان نختار الزوجة أو الزوج بعناية، ولكن لا نُعطي نفس الاهتمام عند اختيار الأب أو الأم، فهناك فرق كبير بين أن تكون شخصًا قادرًا على الزواج وبين أن تكون قادرًا على تربية أولادك."

وأوضحت أنه كما يُحاسَب الأبناء على سلوكهم، فإن الآباء سيُسألون أولًا عن كيفية تربيتهم لأولادهم، مشددة على أن عقوق الأبناء في المقام الثاني، لأنه مرتبط مباشرةً بعقوق الآباء.

طباعة شارك دينا أبو الخير إهمال تربية الصغار عقوق الآباء

مقالات مشابهة

  • استشاريون في منازل المرضى.. خدمة جديدة لدعم الصحة النفسية في الأحساء
  • دينا أبو الخير تحذر: عقوق الأبناء أشد من عقوق الآباء.. فيديو
  • فاطمة بنت مبارك: شعب الإمارات أثبت عبر تلاحمه وحكمةِ قيادته قدرةً استثنائيةً على تحويل الطموحات إلى واقع
  • “الشؤون الإسلامية” تفتتح التصفيات النهائية لمسابقة حفظ القرآن الأولى للبنين على مستوى كينيا
  • تعزيز الصحة النفسية ندوة بألسن بني سويف
  • بمناسبة تكليفه حديثًا.. أمير الجوف ونائبه يستقبلان مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة
  • «الشؤون الإسلامية» تنظم الدورة العلمية السابعة لتأهيل الخطباء والدعاة والأئمة في إثيوبيا
  • المجلس الأعلى للأمومة والطفولة ينظم جلسة في حب الوطن لطلبة الدولة في إيطاليا
  • وزير الشؤون الإسلامية يوجّه بتخصيص خطبة الجمعة المقبلة للحديث عن النزاهة ومحاربة الفساد
  • وزير الشؤون الإسلامية ومفتي بوروندي يبحثان التعاون