بلومبيرغ: هل تجاوزت الصين الأزمة الاقتصادية؟
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
يشهد الاقتصاد الصيني حاليا موجة من التفاؤل، وسط تحسن كبير في أسواق الأسهم مع تحقيق صناديق التحوط أرباحا كبيرة نتيجة لتحفيزات اقتصادية واسعة النطاق أعلن عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ.
ووفقا لتقارير من بلومبيرغ، فإن هذه الإجراءات جاءت في وقت حساس للاقتصاد الصيني الذي عانى من ركود طويل، إذ بدأت الحكومة الصينية أخيرا في معالجة المشاكل الاقتصادية المزمنة التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.
وأطلقت الحكومة الصينية سلسلة من التحفيزات الاقتصادية، بما في ذلك تخفيف السياسات النقدية، التوسع المالي، ودعم مشتري المنازل، بالإضافة إلى ضخ رؤوس أموال كبيرة في المؤسسات المصرفية المحلية.
كما تم إنشاء صندوق لاستقرار السوق بهدف الحفاظ على توازن الأسواق المالية، وهذه الخطوات تأتي في إطار محاولات الحكومة تعزيز الطلب المحلي وإعادة الحيوية إلى الاقتصاد الذي يعتمد بشكل كبير على الإنتاج الصناعي والاستهلاك الداخلي.
وأوضح دانيال موس -وهو أحد المحللين الاقتصاديين في بلومبيرغ- أن الإجراءات الجديدة قد تكون الخطوة الأولى نحو إعادة الاقتصاد الصيني إلى النمو المستدام.
وأضاف "للحفاظ على هذا الزخم يجب على الحكومة الصينية ليس فقط الوفاء بما أعلنته، بل أيضا تحديد أهداف ملموسة تعزز الثقة في الأسواق".
مكاسب كبيرةوقبل بداية عطلة الأسبوع الذهبي الوطني في الصين شهدت الأسواق المالية الصينية ارتفاعا حادا، مما أثار موجة من التفاؤل بين المستثمرين.
وشهد مؤشر بلومبيرغ للأسهم الصينية زيادة كبيرة في قيمته، مما عكس الثقة المتزايدة في قدرة الحكومة على إدارة الأزمة الاقتصادية.
ووفقا للتقارير، سجلت صناديق التحوط التي استثمرت بكثافة في السوق الصينية عوائد تصل إلى 25% في الأشهر الأخيرة، مما يعكس التأثير الإيجابي للإجراءات الحكومية على الأسواق.
وفي السياق نفسه، قال جون أوثيرز المحلل في بلومبيرغ "هذه الزيادة جاءت نتيجة التغييرات الكبيرة التي أدخلتها الحكومة الصينية في سياساتها الاقتصادية، وهناك حماس واضح في السوق، لكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت هذه التحفيزات ستكون كافية لإحداث تغيير دائم".
صداع قطاع العقارات والتوظيفورغم هذه الإيجابيات فإنه لا تزال هناك تحديات كبيرة تعصف بالاقتصاد الصيني، خاصة في قطاع العقارات الذي يواجه أزمة كبيرة وفق بلومبيرغ.
وأثر تراجع أسعار العقارات وزيادة الديون في هذا القطاع بشكل سلبي على استقرار الاقتصاد، وأديا إلى قلق المستثمرين بشأن استمرارية النمو.
كما أن معدل البطالة بين الشباب لا يزال مرتفعا، إذ بلغ نحو 21.3% في الأشهر الأخيرة، وهذا الرقم يعتبر مؤشرا خطيرا على الوضع الاقتصادي العام، ويعكس الصعوبات التي تواجهها الحكومة في خلق فرص عمل جديدة للشباب الصينيين.
وقال شولي رن الكاتب في بلومبيرغ "لقد أصبح التشاؤم تجاه الاقتصاد الصيني واحدا من الاستثمارات الأكثر شيوعا، ولكن التحفيزات الاقتصادية الجديدة قد تغير هذا الاتجاه، على الأقل في المدى القصير".
أثر عالمي لانتعاش الاقتصاد الصينيوبالإضافة إلى تأثير هذه الإجراءات على الاقتصاد المحلي تتوقع بلومبيرغ أن يكون للتحفيزات الصينية تأثير مباشر على الاقتصاد العالمي، إذ يعد الاقتصاد الصيني محوريا بالنسبة للعديد من الدول، خاصة في مجالات الإنتاج الصناعي والطلب على السلع الأساسية، مثل النفط والمواد الخام.
وتعتبر الصين أكبر مصدر ومستهلك للعديد من السلع، مما يجعل أي انتعاش في اقتصادها أمرا بالغ الأهمية للنمو الاقتصادي العالمي.
ووفقا لتقرير بلومبيرغ، أشار المحللون إلى أن نجاح الإجراءات الاقتصادية الصينية سيؤدي إلى انتعاش في الأسواق العالمية.
وقال ماركوس أشفورث -وهو محلل في الوكالة- "الصين تلعب دورا حاسما في الاقتصاد العالمي، وأي تحسن في اقتصادها سيؤدي إلى تعزيز التجارة الدولية ورفع الطلب على السلع".
استدامة النمو في الصين ستعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على معالجة الأزمات المزمنة، مثل أزمة العقارات والبطالة
نظرة متحفظة على المستقبلورغم هذا التفاؤل فإن العديد من الخبراء يظلون حذرين بشأن مدى استدامة هذا الانتعاش الاقتصادي، فالأزمات المستمرة في قطاع العقارات والبطالة المرتفعة بين الشباب قد تعيق الجهود الحكومية لتحقيق نمو مستدام.
وعلقت شولي رن قائلة "لا يزال الاقتصاد الصيني يعتمد بشكل كبير على الإنتاج الصناعي والطلب الاستهلاكي العالمي، مما يجعل الانتعاش الصيني أمرا حاسما للنمو الاقتصادي العالمي".
من جانبه، قال هنينغ غلويستين -وهو محلل في مجموعة أوراسيا- في تقرير آخر نشرته بلومبيرغ "على الرغم من أن الوضع يبدو إيجابيا الآن فإن التحديات الكبيرة لا تزال قائمة ولا يمكن تجاهلها".
وأشار إلى أن استدامة النمو في الصين ستعتمد بشكل كبير على قدرة الحكومة على معالجة الأزمات المزمنة، مثل أزمة العقارات والبطالة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الاقتصاد الصینی الحکومة الصینیة الإنتاج الصناعی بشکل کبیر على
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد يدعو الصين لتسريع الإصلاح ويرفع توقعات النمو
حث صندوق النقد الدولي الأربعاء الصين على تسريع وتيرة الإصلاح الهيكلي، في وقت تتزايد فيه الضغوط العالمية على ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتحول إلى نموذج نمو يقوده الاستهلاك وكبح الاعتماد على الاستثمار والصادرات المدفوعة بالديون.
وحقق الاقتصاد الصيني العملاق فائضا تجاريا بقيمة تريليون دولار للمرة الأولى، ومن المتوقع أن يسهم بما يصل إلى 40 بالمئة من النمو العالمي في عام 2025.
وأثار ذلك انتقادات بأن الاقتصاد الصيني المتباطئ يعتمد على تعزيز حصته من التجارة العالمية وإغراق الأسواق الناشئة بالسلع الرخيصة التي جرى تحويلها من السوق الأميركية بعد الرسو م الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وتتابع بكين عن كثب مراجعة "المادة الرابعة" التي يجريها صندوق النقد الدولي، سعيا للحصول على إقرار لسياساتها الاقتصادية أو تجنب انتقادها، إذ يُنظر إلى تأييد الصندوق على أنه مؤشر مهم وسط تصاعد التوترات مع شركائها التجاريين الرئيسيين.
وقال صندوق النقد الدولي "أظهر الاقتصاد الصيني مرونة ملحوظة رغم الصدمات المتعددة في السنوات الماضية". ولم يشر الصندوق مباشرة إلى ترامب أو حرب الرسوم الجمركية بين الصين والولايات المتحدة.
ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في الصين لعام 2025 إلى 5 بالمئة من 4.8 بالمئة، لكنه حذر من أن الضعف في قطاع العقارات ومديونية الحكومات المحلية وتراجع الطلب المحلي سيواصلون اختبار صانعي السياسات.
ويتوقع الصندوق الآن أن ينمو الاقتصاد الصيني 4.5 بالمئة في عام 2026 مقارنة مع تقدير سابق بلغ 4.2 بالمئة.