الجديد برس:

تحدثت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مخاطر اتساع الحرب في منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للاقتصاد العالمي، موضحةً أن الخطر الأكبر يتمثل في الارتفاع المستمر في أسعار النفط.

ولفتت الصحيفة إلى التحذيرات التي أطلقها الاستراتيجيون المتخصصون في مجال الاستثمار، منذ نحو عام عند بدء الحرب في قطاع غزة، ومفادها أن “حرباً أوسع نطاقاً قد تندلع في الشرق الأوسط، ما يؤدي إلى تقليص إمدادات النفط العالمية، والتسبب بموجات صدمة في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي”.

ومنذ ذلك الحين، “تجاهلت الأسواق بصورة عامة هذا الاحتمال”، بحسب ما أضافته الصحيفة، التي أشارت إلى أن “سعر النفط ظل منخفضاً إلى حد كبير، مع طمأنة التجار إلى وفرة الكميات المتاحة للعرض عالمياً”.

لكن بعد أن شنت إيران عملية “الوعد الصادق 2″، مساء الأول من أكتوبر الحالي، بدأت أسعار النفط في الارتفاع، إذ بدا أن “السوق بدأت تأخذ في الاعتبار خطر الصراع الإقليمي المتنامي”، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”.

وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن تينا فوردهام، وهي المحللة السياسية العالمية السابقة في شركة “Citi” المالية وتدير حالياً شركة استشارية مستقلة، قولها إن “المستثمرين بدؤوا أخيراً ينتبهون إلى الشرق الأوسط، بعد أن قرروا أن الأحداث فيه لن تؤثر في شيء”.

وإذ أشارت فردهام إلى أن الظروف في الشرق الأوسط لم تنضج لتشكل “عاصفةً” ذات مخاطر كبيرة في الاقتصاد في الوقت الحالي، فإنها حذرت من أن “المخاطر تتجمع معاً في وقت لم تشعر خلاله أنظمة السوق بالراحة بعد، لأننا تجنبنا هبوطاً اقتصادياً حاداً”.

كذلك، أكدت “نيويورك تايمز”، أن أسعار النفط “تُعد أكبر عامل خطر اقتصادي عالمي”، مشيرةً إلى أن إيران “تنتج نحو 2% من إمدادات النفط العالمية، التي تبيع معظمها للصين”.

وأضافت أن العبء الأكبر على الاقتصاد العالمي سيكون “إذا منعت طهران الوصول إلى مضيق هرمز”، الذي يربط الخليج ببحر العرب، لأن نحو 20% من نفط العالم يمر من هناك.

وبينما لا تزال أسعار النفط أقل مما كانت عليه قبل عام، وعلى الرغم من وجود الكثير من النفط الذي يمكن عرضه للبيع. فإن حرباً إقليمية ضخمة “قد تؤدي إلى توقف إنتاج النفط”، بحسب ما أكده مات جيرتكين، كبير الاستراتيجيين في “BCA Research”.

في هذا السياق، لفتت “نيويورك تايمز” إلى أن توقف إنتاج النفط “قد يؤدي إلى تأجيج التضخم”، إذ تُعدُّ أسعاره “مكوناً رئيساً لأسعار المواد الغذائية”.

وفي الوقت الذي بدأت فيه أجزاء كبيرة من العالم في السيطرة على التضخم، فإن الزيادة المستدامة في أسعار النفط “قد تؤدي إلى نوبة جديدة من التضخم، وقد تؤثر في أسعار الفائدة”.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: نیویورک تایمز الشرق الأوسط أسعار النفط إلى أن

إقرأ أيضاً:

الشرق الأوسط بين مشاريع التفكيك وإعادة التموضع

25 يوليو، 2025

بغداد/المسلة: ناجي الغزي

يمر الشرق الأوسط اليوم بمرحلة إعادة تشكيل عميقة لا تُشبه أي مرحلة سابقة في تاريخه الحديث. نحن لا نشهد مجرد تنافس نفوذ بين قوى تقليدية وإقليمية، بل عملية إعادة هندسة شاملة للخرائط الجيوسياسية والبنى العسكرية والاصطفافات الاستراتيجية، تقودها الولايات المتحدة بغطاء خليجي وأدوات متعددة الوظائف، وعلى حساب مفاهيم السيادة والدولة الوطنية التي كانت تشكل ركائز النظام العربي لعقود.

أولاً: اختلال التحالفات الكلاسيكية

المؤشر الأبرز في المشهد الإقليمي اليوم يتمثل في اهتزاز التوازن التقليدي الذي حكم العلاقة بين مصر والسعودية لعقود. الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة، والتي وُوجهت باستياء خليجي مبطّن، كشفت عن مفارقة استراتيجية: بينما تحتج الرياض على أي تقارب مصري إيراني، فإنها – في الوقت ذاته – تقود طفرة في العلاقات التجارية والدبلوماسية مع طهران، في مسار تصالحي تتداخل فيه حسابات النفط والأمن والتهدئة اليمنية.
إن ما يبدو من تباعد مصري-خليجي ليس مجرد تباين في التكتيك، بل يعكس تصدعاً في الرؤية الاستراتيجية للمنطقة. القاهرة، التي طالما لعبت دوراً مركزياً في القضايا السورية والليبية والسودانية، تجد نفسها اليوم مُستبعدة من ملفات جوهرية، في الوقت الذي تتقاسم فيه الرياض وأبو ظبي و الدوحة وواشنطن وأنقرة النفوذ الميداني والسياسي في هذه الساحات.

ثانياً: سوريا كنموذج للتفكيك العسكري الممنهج

أخطر ما يُعاد إنتاجه اليوم هو المشروع الأميركي الناشئ في سوريا، والذي يقوده دونالد ترامب من موقعه في الولاية الثانية عبر أدوات جديدة، يتصدرها “الجيش السوري الجديد” بقيادة أحمد الشرع. هذا التكوين العسكري ليس فقط وليد التحالف مع المعارضة المسلحة أو الفصائل المحلية، بل يقوم على دمج مقاتلين أجانب من الشيشان والتركستان والروس والإيغور ضمن هيكل وظيفي عسكري عابر للهوية الوطنية.
إن هذا التحول يشير إلى انتقال المشروع الأميركي في سوريا من منطق “تغيير النظام” إلى “إعادة تشكيل الدولة”، ليس عبر المفاوضات أو إعادة الإعمار، بل من خلال خلق بديل عسكري – مرتزق، يقف على النقيض من الجيش السوري النظامي، ويملك ولاءه لمعادلات الخارج لا الداخل.
ما يثير القلق في هذا النموذج هو التشابه مع تجربة تأسيس إسرائيل وجيشها: الذي أعتمد على تجميع عناصر مهاجرة ومقاتلين متعددي الجنسيات في جيش عقائدي يخدم مشروعاً جيوسياسياً وظيفياً، يُعيد رسم الحدود ويقلب توازنات الردع الإقليمي. وهو ما قد يُمهّد لتعميم النموذج في ساحات هشّة مثل ليبيا أو السودان، حيث تسعى واشنطن وحلفاؤها إلى بناء قوى أمنية موازية للجيوش الرسمية.

ثالثاً: مصر خارج معادلة إنتاج القرار الإقليمي

الرفض المصري المتكرر لمقابلة الرئيس الأميركي، والتصريحات المصرية غير المسبوقة بحق المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، لا يمكن قراءتها إلا في إطار إدراك القاهرة المتزايد بأنها أصبحت خارج معادلة “إنتاج القرار” الإقليمي. فواشنطن تُدير هندسة المنطقة اليوم دون المرور عبر القاهرة، وتُعيد تأهيل معارضة سورية بديلة، وتدعم بنيات عسكرية موازية في دول الطوق، بينما تُفرغ الأمن الإقليمي من مضمونه العربي لصالح تحالفات “متعددة الجنسيات”.
في المقابل، يبدو أن مصر تحاول الآن انتهاج سياسة “التموضع المتقاطع”، عبر فتح خطوط مع طهران وموسكو، ليس بهدف خلق محور بديل، بل لمراكمة أوراق ضغط تسمح لها باستعادة بعض الوزن الاستراتيجي في ملفات كانت تقليدياً من اختصاصها.

رابعاً: الطاقة كسلاح سياسي

في موازاة ذلك، يبدو أن الخليج يتجه نحو عسكرة السوق النفطية، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، من خلال تصعيد إنتاجي يستهدف تقويض قدرة روسيا على تمويل حربها في أوكرانيا. السعودية التي لطالما دعمت توازن أسعار النفط، بدأت تنخرط في لعبة كسر العظم مع موسكو، مستغلة فائضها المالي والسياسي، في إطار صراع موازٍ للصراع العسكري في أوروبا.
هذا التكتيك ليس منعزلاً عن التحركات الأميركية في سوريا، حيث تسعى واشنطن أيضاً لتجفيف منابع النفط التي تموّل المحور الروسي-الإيراني، سواء في الحسكة أو دير الزور. وبينما تحاول موسكو التمسك بموقعها في المعادلة السورية، تدفعها واشنطن نحو إعادة تموضع قسري عبر الخنق الاقتصادي، والتطويق السياسي من الداخل السوري.

خامساً: المآلات الاستراتيجية وخيارات الردع والاحتواء

تُواجه القاهرة اليوم تحدياً وجودياً يتجاوز مسألة التهميش الدبلوماسي، إلى خطر التحول من “فاعل مؤسس” إلى “مراقب قلق”. فكلما توسعت المشاريع العسكرية البديلة – المدعومة من قطر وتركيا وأميركا – تقلّصت المساحة أمام الجيش المصري كمرجعية عربية للأمن. وكلما تطورت ديناميات “البديل الأمني الوظيفي” في سوريا وليبيا، ازدادت احتمالات توسيعه ليطال مناطق جوار مصر، خصوصاً السودان.
في هذا الإطار، يبقى الرد الاستراتيجي المصري مرهوناً بقدرتها على صياغة سياسة خارجية هجومية، لا دفاعية، قادرة على:
1. خلق تحالفات مرنة مع قوى دولية (مثل الصين والهند ) دون الانزلاق إلى محور مضاد.
2. إعادة تفعيل الدور المصري في المسارات السورية والسودانية عبر مبادرات مدنية ومخابراتية تتجاوز البعد التقليدي.
3. تعزيز القوة الناعمة والدبلوماسية الاقتصادية المصرية كمداخل لاستعادة التأثير في المشهد الإقليمي.
4. بناء سردية جديدة للأمن العربي ترتكز على الدولة الوطنية لا التكوينات الميليشياوية العابرة.
ومن الملاحظ أن الشرق الأوسط يُدار اليوم من خارج الخرائط الرسمية، ومن داخل غرف عمليات استراتيجية عابرة للحدود. وتبدو كل دولة في المنطقة أمام اختبار وجودي: إما أن تعيد تموضعها على أسس جديدة تحفظ سيادتها وعمقها الأمني، أو تذوب تدريجياً في لعبة المحاور، كمجرد ورقة في يد الكبار. في هذا السياق، لم يعد التهديد هو الحرب الشاملة، بل التفكيك البطيء الذي يبدأ من الجيش وينتهي بالدولة.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • «معلومات الوزراء» يستعرض آفاق النفط والغاز في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل
  • مئات المتظاهرين في نيويورك يطالبون بوقف “الإبادة والتجويع” في غزة
  • تحذير: الطاعون في منطقتنا
  • “البيت الذي شيده الطفايلة في قلب الوطن”
  • بدأت بالنخبة ووصلت إلى العالمية.. ما هي لعبة البادل؟
  • تصاعد الصراع الحدودي بين تايلاند وكمبوديا يختبر نفوذ واشنطن وبكين في جنوب شرق آسيا
  • وثائق جديدة تنشرها نيويورك تايمز.. هكذا بارك ترامب لإبستين بعيد ميلاده
  • “بوسة الفنان مش جريمة” .. راغب علامة: دي مصر.. هوليود الشرق!
  • “نيويورك تايمز”: انسحاب المفاوضين الإسرائيليين والأمريكيين من الدوحة قد يكون خدعة
  • الشرق الأوسط بين مشاريع التفكيك وإعادة التموضع