أطباء بلا حدود تدعو لوقف قتل المدنيين في غزة بشكل عشوائي
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
شمسان بوست / متابعات:
اتهمت منظمة “أطباء بلا حدود” يوم الثلاثاء إسرائيل بارتكاب مجازر شاملة في قطاع غزة داعية إلى الضغط على تل أبيب لوقف قتل المدنيين العشوائي وتسهيل إيصال المساعدات.
وقال رئيسة المكتب الإعلامي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إيناس أبو خلف خلال مؤتمر صحفي في عمان بمناسبة مرور عام على حرب غزة: “على إسرائيل أن تتوقف فورا عن قتل المدنيين العشوائي في غزة، وأن تسارع في تسهيل إيصال المساعدات لتخفيف المعاناة داخل القطاع، بما في ذلك فتح المعابر الحدودية الحيوية”.
وانتقدت أبو خلف تقاعس المجتمع الدولي المخزي قائلة إن “حلفاء إسرائيل استمروا على مدار عام كامل بتقديم دعم عسكري وغطاء قانوني لها، بينما يقتل الأطفال بشكل جماعي، وتطلق دبابات إسرائيلية النار على ملاجئ في مناطق عدم الاشتباك، وتقصف طائرات إسرائيلية مقاتلة مناطق إنسانية”.
وصرحت أبو خلف بأن 17 مستشفى فقط تعمل اليوم وبشكل جزئي في القطاع من أصل 36 مستشفى نتيجة تفكيك إسرائيل الممنهج للنظام الصحي.
وأضافت: “إسرائيل أطلقت النار على مرافق صحية وطواقم طبية بشكل مباشر وقتلت الكثير منهم.. كما داهمت مرافق وشرعت في اعتقال طواقم طبية بشكل تعسفي، وقُتِل ستة من زملائنا في أطباء بلا حدود أثناء تأديتهم لمهامهم الطبية والإنسانية”.
وطالبت المنظمة بتنفيذ وقف فوري ومستدام لإطلاق النار،ووقف قتل المدنيين الجماعي فورا ووقف تدمير نظام الرعاية الصحية والبنى التحتية المدنية، وإنهاء حصار غزة.
تواصل إسرائيل حملة القتل والتدمير في غزة منذ عام كامل وتخطط للمزيد، كما تستمر في حربها على القطاع متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: قتل المدنیین
إقرأ أيضاً:
حرب بلا حدود وقطاع بلا مأوى.. إسرائيل ترسم خريطة جديدة لغزة
وسط كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة ضمن ما يسمى "عملية عربات جدعون"، التي اتخذت منحى خطيرًا منذ انتهاك وقف إطلاق النار في مارس 2025. فقد حوّلت هذه العمليات المتصاعدة القطاع المحاصر منذ سنوات إلى أرض محروقة، تقترن فيها آلة الحرب بالتجويع والتدمير والتهجير، في محاولة لفرض واقع جديد بالقوة على أكثر بقاع الأرض اكتظاظًا بالسكان. هذا التقرير يوثّق تطورات الوضع الميداني والإنساني في غزة في ظل العملية الجارية، مستندًا إلى معطيات أممية وتقارير ميدانية.
قبل الحرب الأخيرة، كانت غزة توصف بأنها "سجن مفتوح" وفقًا لمسؤولي الأمم المتحدة. أما اليوم، فالوضع أشدّ قتامة، حيث تُجبر العمليات العسكرية الإسرائيلية السكان على التكدس في رقعة تتقلص يومًا بعد يوم. منذ 18 مارس 2025، صنفت إسرائيل نحو 80% من القطاع كمناطق عسكرية أو خاضعة لأوامر إخلاء، مدفوعة بدعم أمريكي واضح، وتشجع ضمنيًا على إعادة توطين السكان. في هذا السياق، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نيته تهجير سكان غزة إلى الجنوب بالكامل، فيما صرّح وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش أن إسرائيل تسعى للسيطرة التامة على القطاع.
بالتوازي، شُرعت إسرائيل في إنشاء ممرات عسكرية مثل "ممر موراغ" في رفح، وهو جزء من أربعة ممرات على الأقل تهدف إلى تقطيع أوصال القطاع وفرض هيمنة أمنية شاملة. ومنذ منتصف مارس، أُصدر ما لا يقل عن 31 أمر إخلاء، مما أدى إلى نزوح ما لا يقل عن 600 ألف شخص. السكان يفرون إلى الساحل أو يتكدسون في خيام وسط الأنقاض، فيما تفرض إسرائيل مناطق عازلة على طول الحدود البرية ومنعًا تامًا للوصول إلى البحر.
دمار ممنهج ومعاناة إنسانية متعددة الأوجهعلى الأرض، باتت غزة شبه مدمرة: أكثر من 60% من المباني سويت بالأرض، وفقًا لتقييم أكاديمي أمريكي، فيما تشير بيانات "الأونروا" إلى أن 92% من منازل القطاع تعرضت للدمار أو الضرر. الطرق الرئيسية تضررت بنسبة 68%، مما يعيق توصيل المساعدات، كما دُمرت قرابة 80% من المحاصيل الزراعية و65% من البيوت البلاستيكية، مما عمق أزمة الأمن الغذائي.
في منطقة المواصي، وهي شريط ساحلي ضيق في جنوب غزة، تم حشد آلاف النازحين في ظل ظروف غير إنسانية. وبحسب الأمم المتحدة، أصبح 116 ألف شخص يعيشون في هذه الرقعة الصغيرة، وهي المنطقة الأكثر اكتظاظًا في القطاع الآن. وتحدث عاملون إغاثيون عن نفاد الخيام وغياب المساحات الكافية لإيواء الفارين، وسط إرهاق شديد ونقص فادح في الموارد الأساسية.
المرافق الطبية تنهار هي الأخرى، حيث تعاني من نقص شبه كامل في الأدوية والمستلزمات، في وقت تتزايد فيه أعداد المصابين والنازحين. أما المياه، فقد حذرت الأمم المتحدة من انقطاعها في المواصي، إذ لم يصل الوقود اللازم لضخ المياه، فيما مئات الشاحنات المحملة بالإمدادات الحيوية لا تزال عالقة عند المعابر.
ردود دولية متأخرة.. وشعب غزة يصر على البقاءأمام هذا الواقع، أعربت عواصم غربية عن قلقها، وهدد قادة بريطانيا وفرنسا وكندا بفرض "إجراءات ملموسة" إذا واصلت إسرائيل تهجير السكان ومنع المساعدات. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد المضي قدمًا في عملياته قائلاً إن كل مناطق القطاع ستكون تحت "السيطرة الأمنية" لإسرائيل في نهاية الحملة.
ورغم كل شيء، لا يزال كثير من سكان غزة متمسكين بأرضهم، رافضين الانصياع لأوامر الإخلاء. يقول عبدالناصر صيام، أحد السكان في شمال غزة: "هذه أرضنا، ولن نتركها. سنقاوم، وسنعيش على أرضنا". موقف يعكس إرادة شعب يواجه حربًا إباديّة يومية، لكنه يتمسك بأرضه رغم التهجير، القصف، والجوع.
تعيش غزة اليوم لحظة مفصلية تُختبر فيها مبادئ القانون الدولي وضمير العالم بأسره. التهجير القسري، التدمير الواسع للبنية التحتية، ومنع المساعدات الإنسانية، كلها مؤشرات على جرائم واسعة النطاق ترتكب أمام أعين المجتمع الدولي. وإذا استمر الصمت العالمي، فإن ما يجري لن يبقى مجرد مأساة فلسطينية، بل سيكون انهيارًا أخلاقيًا عالميًا سيسجله التاريخ بحروف من دم.
موقف مصري ثابتوفي هذا السياق، قال الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، إن البيان المصري الذي أدان قرار الاحتلال بإنشاء 22 مستوطنة جديدة يمثل صفعة قانونية قوية للكيان الصهيوني، مطالبًا المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوقف الجرائم المستمرة. وأكد أن ما يحدث ليس مجرد انتهاك للقانون الدولي، بل استخفاف فاضح بمنظومة العدالة الدولية، مشيرًا إلى أن إسرائيل تتحدى قرارات مجلس الأمن وأحكام محكمة العدل الدولية بوقاحة غير مسبوقة.
وأضاف مهران في تصريحات لـ "صدى البلد"، منتقدًا صمت المجتمع الدولي والعربي، متسائلًا عن غياب العقوبات والضغوط رغم وضوح الجرائم، واعتبر أن الاكتفاء بالبيانات الرسمية والإنشائية تواطؤ مخزٍ يلطخ جبين الحضارة الإنسانية، مشددًا على أن بناء المستوطنات يُعد جريمة حرب موثقة وفق اتفاقية جنيف الرابعة، مؤكدًا أن نقل السكان المدنيين إلى أراضٍ محتلة جريمة واضحة ترتكبها إسرائيل علنًا دون محاسبة.
ودعا الدكتور مهران إلى تجاوز مرحلة الإدانات والانتقال إلى إجراءات عملية، مثل المقاطعة الاقتصادية والدبلوماسية ووقف كل أشكال التطبيع مع إسرائيل، واختتم بالقول إن استمرار الصمت الدولي يُسهم في ترسيخ الجريمة، مشددًا على أن كل تأخير في وقف العدوان شراكة في الجريمة، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية تمثل اختبارًا أخلاقيًا لإنسانية هذا العصر.