الحرب الإسرائيلية على لبنان.. ما الدور الأمريكي في حسم الصراع؟
تاريخ النشر: 11th, October 2024 GMT
في ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان، يفتتح الجيش الإسرائيلي جبهة جديدة في القطاع الغربي، بعد أسبوع من بدء العمليات البرية في القطاعين الشرقي والأوسط. ورغم الحملة المكثفة التي تشهدها المنطقة، لم تحقق القوات الإسرائيلية تقدمًا استراتيجيًا يُذكر، وذلك وفقًا لمصادر أمنية. يأتي هذا في وقت أصبحت فيه المنطقة خالية من السكان، حيث تحولت إلى منطقة عسكرية تتعرض لقصف مدفعي وجوي متواصل.
على الرغم من توقعات المحللين بأن القوات الإسرائيلية ستتمكن من اختراق خط الدفاع الأول خلال أسبوع، إلا أن تلك القوات لم تحرز تقدمًا استراتيجيًا ملحوظًا داخل الأراضي اللبنانية. شهدت مناطق العديسة وكفركلا محاولات توغل إسرائيلية، إضافة إلى محور يارون ومارون الراس. ورغم ذلك، تمكنت القوات الإسرائيلية من تحقيق "اختراق محدود" فقط على أطراف تلك المناطق، حيث تم نشر صور للقوات الإسرائيلية في أحياء لبنانية قريبة من الحدود، ولكن دون السيطرة الكاملة.
وتمكن مقاتلو "حزب الله" من السيطرة على المرتفعات الحدودية، ما أتاح لهم مراقبة التحركات الإسرائيلية ورصدها بدقة. هذه السيطرة منحتهم القدرة على استهداف التحركات الإسرائيلية بالصواريخ الموجهة خلال الأشهر الخمسة الأولى من الحرب، مما صعّب المهمة الإسرائيلية في تحقيق اختراقات جوهرية في المنطقة.
ويتركز الغرض من العمليات الإسرائيلية في هذه المناطق، كما توضح المصادر، على السيطرة على مرتفعات حيوية ذات أهمية استراتيجية. فمثلاً، تقع يارون ومارون الراس على حافة الحدود، وتتميزان بموقع مرتفع يطل على المناطق السهلية في الجانب الإسرائيلي. كذلك، تقع العديسة على مرتفع يكشف البساتين الإسرائيلية، فيما تطل كفركلا على مستعمرة المطلة في إصبع الجليل. وتُعتبر هذه المرتفعات "مقتلاً" للقوات الإسرائيلية، حيث تعرضت تحركاتها المتكررة للاستهداف على مدار فترة الحرب، مما يفسر تركيز العمليات في تلك المناطق.
من جانبه، أوضح الدكتور عبدالله نعمة، المحلل السياسي اللبناني، أن الاعتداءات المستمرة التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على لبنان، وتحديدًا مع توسع الهجمات لتشمل مناطق خارج نهر الليطاني ووصولها إلى بيروت والضاحية الجنوبية، تعد دليلًا قاطعًا على أن الأهداف الإسرائيلية تتجاوز مجرد حماية الحدود. وأكد أن هذه الهجمات تهدف إلى فرض السيطرة على أراضٍ لبنانية، مستغلين ذريعة منع صواريخ حزب الله من استهداف شمال إسرائيل.
وأضاف نعمة في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى إلى التوسع وضم مناطق من جنوب لبنان تحت غطاء عسكري وسياسي، مدعيًا أن هذه الخطوات تهدف إلى منع هجمات حزب الله الصاروخية. ورغم التزام لبنان بقرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يقضي بانسحاب حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، فإن إسرائيل لم تلتزم به. على العكس، يفضل نتنياهو التمسك بالقرار 1559 الذي يدعو إلى نزع سلاح حزب الله وحصره بيد الجيش اللبناني.
وفيما يتعلق بالوضع العسكري في القطاع الغربي من لبنان، المعروف بالبقاع الغربي، أشار نعمة إلى أن هذه المنطقة تعد معقلًا رئيسيًا لحزب الله. وتشهد المنطقة غارات يومية مكثفة من قبل جيش الاحتلال، تجاوزت 100 غارة يوميًا، مستهدفة في المقام الأول منازل المدنيين، ما أدى إلى وقوع عدد كبير من الشهداء والجرحى منذ بداية الحرب.
واختتم نعمة حديثه بأن حل هذا الصراع قد يتأجل حتى تتضح نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة، مشيرًا إلى أن الموقف الأمريكي تجاه إيران سيؤثر بشكل مباشر على الساحة اللبنانية ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لبنان جنوب لبنان إسرائيل القطاع الغربي الحرب الإسرائيلية الإسرائیلیة فی حزب الله
إقرأ أيضاً:
البخيتي يطرح .. رؤية واقعية «لطبيعة الصراع في اليمن ومسارات الحلول الممكنة»
هذه الرؤية الواقعية سبق أن طرحناها خلال مؤتمر الحوار الوطني، وقدّمناها مكتوبة لكل شركاء الحوار، ثم عملنا على ترجمتها إلى واقع عملي بعد انتصار ثورة 2014، من خلال تحويلها إلى مشروع سياسي تمثّل في اتفاق السلم والشراكة الوطنية، الذي وقّعت عليه جميع الأطراف السياسية دون استثناء.
ورغم أن أنصار الله كانوا الطرف المنتصر، إلا أن الاتفاق لم يمنحهم أي امتيازات خاصة، التزامًا بمبدأ الشراكة الوطنية والتوافق السياسي.
تكمن المشكلة في أن الطرف المهزوم ظلّ مصرًّا على الانفراد بالقرار السياسي، ولعجزه عن تحقيق ذلك بإمكاناته الذاتية، لجأ إلى الاستقواء بالخارج الذي كان يسعى لإبقاء اليمن تحت الوصاية الدولية وفقًا للمبادرة الخليجية.
ومنذ ذلك الحين، عملوا على تعطيل تنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية القائم على مبدأ الشراكة والتوافق، مطالبين بانسحابنا من مناطق سيطرتنا وتسليم سلاحنا، تمهيدًا لعودة السفير الأمريكي ليمارس حكم اليمن عبر واجهته المتمثلة في عبدربه منصور هادي.
اليوم، وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على العدوان على اليمن، ومع ما كشفته معركة طوفان الأقصى من حقائق ومعادلات جديدة في المنطقة، نعيد طرح السؤال مجددًا: ما هو الحل المنطقي والمفترض لليمن في هذه المرحلة؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال الجوهري والمصيري، لا بد من التوقف عند جملة من الحقائق الأساسية التالية:
الحقيقة الأولى:
لم تعد المشكلة في اليمن تعبّر عن صراع داخلي على السلطة، بل تحوّلت إلى صراع إقليمي ودولي يهدف إلى إبقاء اليمن تحت الوصاية الخارجية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وهذا ما يؤكده سلوك عملاء الداخل وأعداء الخارج الذين ما زالوا يصرّون على تبنّي عملية سياسية تقوم على أساس المبادرة الخليجية التي كرّست الوصاية الدولية، وعلى قرارات مجلس الأمن التي وضعت اليمن تحت طائلة العقوبات الدولية. ويكفي للدلالة على حجم الارتهان أن عبدربه منصور هادي اعترف بأنه لم يكن على علم بعملية عاصفة الحزم إلا في صباح اليوم التالي لبدء العدوان، وهو ما يثبت أن دول العدوان لم تكلف نفسها حتى عناء إبلاغ عملائها في الداخل، فضلًا عن استشارتهم أو إشراكهم في قرار العدوان.
اعتراف رشاد العليمي بأن التدخل العسكري السعودي–الإماراتي هو الذي حال دون سيطرة أنصار الله على كامل الأراضي اليمنية، يؤكد أن الصراع المسلح في اليمن كان قد حُسم فعليًا لصالح طرف داخلي يؤمن بمبدأ الشراكة ولا يسعى للانفراد بالقرار السياسي.
وهذا بدوره يشير إلى أن اليمن كان مهيّأً آنذاك لبناء عملية سياسية مستقرة تقوم على مبدأ الشراكة لا على منطق الغلبة والقوة. ولولا ذلك التدخل الخارجي، لكانت اليمن اليوم دولة مستقلة، مستقرة، وذات سيادة كاملة.
اعتاد معظم قادة المرتزقة على تحريض الدول الإقليمية والقوى الكبرى على التدخل العسكري في اليمن، بزعم أن خطر أنصار الله لا يقتصر على الداخل، بل يمتد ليشمل الإقليم والعالم بأسره.
وهذا في جوهره اعتراف ضمني بأن اليمن، بقيادة أنصار الله، سيكون مؤهَّلًا للعب دور إقليمي ودولي فاعل، ولن يظل مجرد حديقة خلفية للسعودية كما يريد الأمريكيون وأدواتهم في المنطقة، وهو ما أقرّ به صراحةً سلطان البركاني في احد تصريحاته.
كل ذلك يؤكد أن الحرب في اليمن لم تعد تعبّر عن صراع داخلي، بل حربًا استباقية شنّتها الولايات المتحدة وبريطانيا عبر أدواتهما في المنطقة، بعد أن استنفدت أدواتهما في الداخل قدرتها على تحقيق أهدافهما.
الحقيقة الثانية:
أي حل سياسي في أي دولة لا يمكن أن يتحقق إلا بين أطراف الصراع في الداخل، الذين يمتلكون مناطق سيطرة فعلية على الأرض ولديهم القدرة على اتخاذ القرار.
أما في اليمن، فقد فقد المرتزقة تلك القدرة، إذ لم يعد لديهم مناطق سيطرة حقيقية، ولم يعد القرار بيدهم، بل أصبح خاضعًا لإشراف الضباط السعوديين والإماراتيين، مما أفقدهم أي تأثير فعلي على القرار السياسي.
ويكفي في هذا السياق أن بن سلمان جمع جميع المرتزقة في الرياض وأجبرهم على التوقيع على مشروع حل قضى بعزل هادي، وتنصيب رشاد العليمي، وتشكيل مجلس قيادة من ثمانية أعضاء، بالإضافة إلى اعتماد لائحة تنظيمية بديلة عن دستور الجمهورية اليمنية.
الحقيقة الثالثة:
يفتقر المرتزقة إلى لغة المنطق، مما جعل التوصل إلى حل معهم أمرًا مستحيلاً، حتى وإن تعاملنا معهم كأطراف صراع حقيقيين.
فهم لا يزالون يطالبوننا بإعلان الاستسلام، لتتاح لهم الفرصة للانفراد بالقرار السياسي، على الرغم من أن حلفاءهم قد فشلوا في تحقيق اهداف المعركة الإقليمية والدولية، كما انهم أنفسهم قد خسروا المعركة الداخلية.
وهذا يؤكد ما نكرره دائمًا: أنهم فقدوا القدرة على استشعار الواقع من حولهم، وينتقلون للعيش في عالم متخيل، بعيد عن مجريات الأحداث وقوانين المنطق.
بعد استعراض هذه الحقائق، يمكن الآن الإجابة على السؤال الجوهري والمصيري: ما هو الحل المفترض في اليمن؟
وفي سياق ذلك، سُئل محمد حسنين هيكل في بداية العدوان على اليمن عن توقعاته لنتائج عملية عاصفة الحزم، فأوضح أن اليمن يمثل حالة استثنائية.
وأشار إلى أن السعودية كانت مضطرة لدفع أموال طائلة لشراء ولاء المشايخ بهدف احتواء اليمن وتحييده، محذرًا من أن اليمن يشبه البركان النائم، وإذا ما أيقظه التدخل الخارجي، فسينفجر ويجتاح المنطقة بأسرها.
إنّ صمود اليمن الأسطوري أمام العدوان ونجاحه في إسناد غزة في مواجهة مباشرة مع امريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني يؤكِّدان صدق تحذيرات محمد حسنين هيكل.
ونظرًا لأن الحل في اليمن لم يعد ممكنا عبر الاتفاقات السياسية، ولا مفضلا عبر الحسم العسكري, فإن الخيار الثوري القائم على صحوة الشعب اليمني من صعدة إلى المهرة للمشاركة في شرف تحرير الوطن وانتزاع حقوقه واستعادة عمقه الجغرافي والديموغرافي في جزيرة العرب يعد هو الخيار الافضل والانسب.
خصوصا بعد ان ادرك الشعب اليمني حقيقة اهداف دول العدوان وارتباط مرتزقتهم بالمشروع الصهيوني في المنطقة.