دفعت الصراعات والتوترات منذ السابع من أكتوبر 2023 بالولايات المتحدة إلى قلب العديد من الافتراضات الأميركية حول كيفية التعامل مع المخاطر والوضع الجديد في الشرق الأوسط.

وفي الواقع الجديد، دخلت إسرائيل في صراعات عسكرية على جبهات متعددة، لتجد نفسها تعتمد بشكل متزايد على الدعم الأميركي.

وقبل السابع من أكتوبر كانت السياسة الأميركية تهدف إلى تحويل القوات للتعامل مع خطر الصين وروسيا لكنها واجهت رياحا معاكسة في الشرق الأوسط دفعتها لتغيير المسار، بحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.

دانيال ديفيس، كبير الباحثين في مؤسسة أولويات الدفاع في واشنطن، يعتقد أن ما حصل من تغيير في السياسة الأميركية "لم يأت من خطة مدروسة، إذ أن الولايات المتحدة أعطت دعما أعمى لإسرائيل وما تفعله في حروبها، وإسرائيل تتوسع في الحروب لأماكن أخرى، والولايات الأخرى لا تفعل أي شيء".

ويقول في حديث لبرنامج "الحرة الليلة" إنه "بدلا من أن تضع الولايات المتحدة حاملات الطائرات في أماكن أخرى حول العالم للدفاع عن المصالح الأميركية تجد أنها وضعتها في الشرق الأوسط بهدف الدفاع عن إسرائيل إذا توسعت الحرب مع إيران".

ويشرح ديفيس أن استخدامه مصطلح "الدعم الأعمى" لإسرائيل سببه "حملات الاستقطاب التي تحصل في الداخل الأميركي، حيث جماعات الضغط تعاقب سياسيين إذا ما انتقدوا إسرائيل، وهناك مكافآت لمن يدعمونها، وإذا لم تكن "داعما لإسرائيل يتم وصمه بأنه معادي للسامية وداعم لحماس، ولا أحد يريد هذا الأمر".

ويرى ديفيس المشكلة أن الولايات المتحدة "تنفق الكثير على الذخائر في الشرق الأوسط، ونرسل معدات عسكرية لأوكرانيا، وهو ما يتسبب بالضغط على مخازن الأسلحة الأميركية، ويجعل هناك حاجة لنشر القوات الأميركية في أماكن لا يوجد لنا فيها مصالح، ولا تمكننا من الرد إذ هوجمنا في أماكن أخرى".

وقال إن الإدارة الأميركية إن "السياسية أو العسكرية لم تقدم أدلة أنها تتخذ خطوات لتصحيح المسار وإعادة التوازن لحماية المصالح الأميركية طويلة الأمد".

يؤكد ديفيس أن ما يحدث على الصعيد العالمي، "يدفع بتقارب الصين وروسيا ولهم مصالح كبيرة بالشرق الأوسط"، محذرا من التقارب العسكري والاقتصادي الذي يحدث بينهما.

"حارس الازدهار".. كيف تؤمن الولايات المتحدة البحر الأحمر؟ مع ازدياد التهديدات الحوثية في البحر الأحمر، تتحرك السفن الحربية الأميركية لمواجهة الهجمات المتتالية التي أربكت خطوطا حيوية للشحن البحري.

وسرد تقرير تحليلي نشرته شبكة "سي إن إن" الأميركية مؤخرا كيف أصبحت أحداث السابع من أكتوبر العام الماضي نقطة تحول في السياسة الأميركية.

وأشار التقرير إلى أن أحداث السابع من أكتوبر لم تؤد فحسب إلى حدوث تحول في التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط مع مواجهة إسرائيل لحماس، ثم حزب الله، ثم إيران عدوها اللدود، بل أشعلت كذلك سلسلة من الأحداث التي أثرت على حياة عدد لا يحصى من الأشخاص، وأطلقت العنان لاضطرابات سياسية على بعد آلاف الأميال على غرار هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة السابع من أکتوبر فی الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

ملفا غزة وإيران يعقدان حسابات واشنطن في الشرق الأوسط

وفي هذا السياق، يشهد قطاع غزة مستويات غير مسبوقة من الموت والدمار، بينما تواجه المؤسسات الدولية عجزا متزايدا عن تقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

ووفقا لحلقة (2025/7/24) من برنامج "من واشنطن" تصف التقارير الميدانية الوضع في غزة بأنه كارثي على نحو لا مثيل له في التاريخ الحديث، مع تصاعد معدلات الجوع وانتشار المجاعة التي تطرق كل باب.

وتزامنا مع هذه التطورات الإنسانية المأساوية، شهد النظام الإنساني الدولي تراجعا خطيرا في قدرته على العمل، حيث تواجه المؤسسات الإغاثية قيودا شديدة تمنعها من توفير خدماتها وإنقاذ الأرواح.

وقد انعكست هذه الأوضاع المتدهورة على التغطية الإعلامية الأميركية لأحداث غزة، حيث كشفت الحلقة عن تحولات مهمة تشير إلى زيادة ملحوظة في حجم التغطية مقارنة بالأشهر الأولى من الصراع.

ويفسر مراقبون هذا التغيير في المشهد الإعلامي بالضغط الشعبي المتزايد والتحول في آراء المواطنين الأميركيين بخصوص دعم إسرائيل، خاصة مع انتشار الصور والمشاهد المؤثرة على نطاق واسع.

وفي الوقت نفسه، تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" تحديات وجودية، حيث أوقفت عدة دول دعمها للوكالة في أعقاب اتهامات إسرائيلية.

وتشير التقديرات إلى أن الهجمات الأخيرة على دير البلح، التي استهدفت مخازن المنظمات الإغاثية، تمثل الخطوة الأخيرة نحو تحقيق هدف إخراج جميع الفلسطينيين من غزة أو حصرهم في معسكرات جنوبي القطاع.

وفي سياق متصل، يعاني الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من تهميش متزايد لدوره، حيث أصدرت الحكومة الإسرائيلية قرارا باعتباره شخصا غير مرغوب فيه، وهو أمر لم يحدث في تاريخ المنظمة الدولية عبر 8 عقود.

وتؤكد هذه التطورات أن الإستراتيجية الإسرائيلية تهدف إلى إخراج الأمم المتحدة بالكامل من إدارة الملف الفلسطيني والإبقاء على دوامة المفاوضات والوساطات.

إعلان

الملف الإيراني

وعلى صعيد متوازٍ، تشهد المنطقة تطورات جديدة في الملف الإيراني في أعقاب الضربات العسكرية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، حيث يرى المستشار السابق للأمن القومي الأميركي جون بولتون أن الأوضاع لا تزال غير محسومة، مع فرض وقف فعلي لإطلاق النار على كل من إيران وإسرائيل.

واستنادا إلى هذا التحليل، يعتقد بولتون أن هذا الوضع يترك مصير البرنامج النووي الإيراني والنظام نفسه في حالة غموض، مما يشير إلى هدنة مؤقتة وليس حلا مستقرا.

وفي المقابل، تتزايد الأصوات في الأوساط الأميركية التي تدعو لتغيير النظام في إيران، حيث يرى بولتون أن النظام الإيراني يعاني من تراجع في شعبيته لأسباب اقتصادية واجتماعية متعددة.

وتشمل هذه الأسباب الاحتجاجات على أسعار الغذاء وسوء إدارة الاقتصاد وغضب النساء منذ مقتل مهسا أميني قبل عامين، مما يشير إلى نظام فقد جزءا كبيرا من قاعدته الشعبية، حسب ما يرى بولتون.

ومن زاوية أخرى، قدم المفكر الأميركي من أصل إيراني ولي نصر تحليلا بديلا للتحديات الإقليمية، حيث يعتقد أن التحدي القادم في المنطقة ليس إيران بقدر ما هو صعود فكرة توسيع دولة إسرائيل لتشمل أجزاء من عدة دول عربية.

وبناء على هذه الرؤية، يرى نصر أن مشكلة إيران مع العالم العربي ليست كبيرة كالمشكلة التي يمثلها التموضع العسكري الإسرائيلي الواثق بالنسبة للمنطقة.

وتدعم هذا التحليل ديناميكيات الصراع الجديدة في الشرق الأوسط، حيث انهار النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا وضعف في العراق، مما قلل من التهديد الذي تمثله إيران للعالم العربي مقارنة بما تشكله إسرائيل.

وفي هذا الإطار، يؤكد نصر أن الصراع الحالي يدور بين قوتين غير عربيتين، بينما يراقب العرب من بعيد وتحاول كل من إسرائيل وإيران كسب تأييدهم.

24/7/2025-|آخر تحديث: 22:37 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • ماكرون: التزام تاريخي بالسلام العادل والدائم في الشرق الأوسط
  • الأمم المتحدة: غزة تعاني من نفاد الأغذية العلاجية المتخصصة
  • الولايات المتحدة ترفض اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية
  • مهاجما خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين.. روبيو: خدمة لدعاية حماس وصفعة لضحايا 7 أكتوبر
  • نحو مواجهة مع إسرائيل؟.. تركيا تسعى للسيطرة على الشرق الأوسط
  • ماكرون: فرنسا ستعترف بدولة فلسطين وستعلن ذلك في بيان احتفالي بالجمعية العامة للأمم المتحدة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: إعلان ماكرون نيته الاعتراف بالدولة الفلسطينية وصمة عار
  • ماكرون: سأعترف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة سبتمبر المقبل
  • ملفا غزة وإيران يعقدان حسابات واشنطن في الشرق الأوسط
  • خلال مؤتمر تترأسه المملكة وفرنسا.. ماكرون يعلن عزمه الاعتراف بدولة فلسطين