سودانايل:
2025-08-01@07:42:13 GMT

قضيتان سياسيتان خارج السياق التاريخي

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

عندما تكون أي بلد في أزمة أو حرب كما هو في السودان تنشط العقول لتقدم أفكارا بهدف وضع حل للأزمة أو كيفية إنهاء الحرب بما يضمن وحدة البلاد و إستقلالها و إمتلاك قرارها، و في جانب أخر تحاول بعض النخب البحث عن أفكار لكي تخلق بها واقعا جديدا بعد الخروج من الأزمة السياسية أو وقف الحرب.

. بالأمس كان هناك حدثان يتعلقان بمستقبل العملية السياية في البلاد. الأول صدور قرار من رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بتعين ثلاثة نواب له هم " عبد الله محمد عثمان الميرغني و ميرغني عبد الرحمن و البرفيسور البخاري الجعلي" و علل التعين بأنه يهدف إلي اضطلاع الحزب بمسئوليته الوطنية التاريخية، و تعزيزا لمجهودات الحزب في مواجهة الأزمة السياسية في البلاد و أثار حرب ميليشيا الدعم المتمردة على الدولة..
من المسائل الغريبة جدا أن حزب تاريخي مثل الاتحادي الديمقراطي، وقع على قيادته المؤسسة له عبء أن تخوض النضال الوطني من أجل الاستقلال، و الذي تحقق على يديها، أن تجهل قيادته أن تضع المصطلحات في موضعها الصحيح.. هل قبل تعين هؤلاء الثلاثة مع أحترامنا لهم، أن الحزب لم يكن يضطلع بمسؤوليته التاريخية الوطنية، هل كان غائبا و الآن فجأة استيقظ من غفوته، و عين هؤلاء الثلاثة لكي يضطلع بهذه المسؤولية التاريخية.. الأفضل كان أن تستقيل كل القيادة التي كانت قبل تعين هؤلاء حتى الذي عينهم لأنهم من خلال هذا البيان الصادر، قد عجزوا أن يضطلعوا بمسؤوليتهم الوطنية و التاريخية.. و هذا أعتراف من الناطق الرسمي بأسم الحزب، و لا اعتقد أن الناطق يصيغ بيانا و لا يعرضه على الذي أوكل إليه مهمة صياغة البيان.. أن كبر سن السيد محمد عثمان الميرغني و حالته الصحية لا تمكنه أن يتابع أعمال الحزب و يعين نواب له.. يبقى السؤال: من هي الجهة التي تستخدم أسم الميرغني و تعين و تصدر بيانات بإسمه؟
أن زمن السكوت و الهروب من المواجهة بهدف تحقيق مصالح شخصية لنخب سياسية ليس لها أي أجندة غير أجندتها الشخصية قد انتهى، و أن محاولة استخدام الحزب للمصالح الخاصة تحت شعارات الوطنية و المسؤولايات التاريخة أيضا قد ولى و انتهى تماما.. أن مقدرات السيد محمد عثمان الميرغني الآن بحكم كبر السن لا تؤهله أن يلعب أي دور سياسي و لا يستطيع أن يصدر أي قرار.. و هذا ليست إساءة للرجل لكنها سنة الحياة.. يقول القرآن الكريم ( و الله خلقكم ثم يتوفاكم و منكم من يرد إلي أرزل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا أن الله عليم قدير) و هناك الذين يحاولون استخدام أسم الرجل من أجل فرض سيادتهم على الحزب لتحقيق أجندة خاصة.. أن هذه السياسة قد جعلت الحزب الاتحادى على هامش الأحداث و ليس له أي دور مؤثر في العملية السياسية الجارية في البلاد.. أن الحزب الاتحادي لكي يلعب دورا وطنية مرة أخرى و تاريخي لابد من إحداث تغيير يطال أغلبية قياداته ذات المصالح الخاصة فقط ...
القضية الأخرى التي أريد تناولها، أقام مركز "آفاق جديدة للحوار الفكري" الذي يهتم بالقضايا الفكرية، و الذي يشرفي عليه الدكتور صديق الزيلعي جلسة حوار فكري بعنوان " رؤية ماركسية حول الديمقراطية" قدمتها الأستاذة رانية عبيد على خدمة " Zoom" و حضرها جمع من الزملاء في الحزب الشيوعي و المهتمين بقضية الماركسية و الديمقراطية. و بالفعل كان العنوان جاذبا جدا، الأمر الذي جعلني أحرص على حضور الحوار الفكري، و استمع للأستاذة رانيا كيف تربط بين الماركسية التي تؤسس فلسفتها التاريخية على الصراع الطبقي، الذي تقوده قوى البوليتاريا ضد مالكي وسائل الإنتاج، ثم تؤسس البوليتاريا ديكتاتوريتها كمرحلة من مراحل الوصول للمجتمع الشيوعي.. بدأت رانيا محاضرتها بنقد الليبرالية و الرأسمالية حيث استهلكت أكثر من 80% من الزمن المخصص لها في هذا المحور، ثم أنتقلت إلي الديمقراطية التي أطلقت عليها الديمقراطية الشعبية، و لم تخرج من دائرة فلسفة الماركسية، و نظرتها للصراع الطبقي..
قالت رانية: و هي تعلق على موقف الحزب الشيوعي من الديمقراطية، و تبنيه لها في مؤتمره الخامس.. قالت أن أحداث التغيير للوصول إلي الديمقراطية الشعبية مرتبط بالثورة التي يجب أن تقتلع كل المعوقات التي تعترض طريق التغيير، يبقي السؤال ما هي علاقة الثورية بالديمقراطية؟ الثورة أداة هدم و ليست بناء، و الديمقراطية تؤسس على أدوات البناء حتى على مستوى العلاقات الاجتماعية و الاقتصادية لأنها تؤسس على رضى المجتمع.. التاريخ القديم و المعاصر بين أن الثورات لا تؤسس ديمقراطية، لآن الثورة تحاول أن تفرض شروطها على الآخرين بالقوة، و تجعلهم تحت طاعتها فهي تؤدي إلي الشمولية.. لذلك استخدام المصطلح " الثورة البوليتاريا" في الفلسفة الماركسي صحيح لأنه يؤدي إلي الديكتاتورية.. و يعلم الزملاء أن الأحزاب الشيوعية في أوروبا عندما قبلت الديمقراطية اسقطت " ثورة البوليتاريا" و قبلت التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، و أن تسعى للاشتراكية من خلال تدخل الدولة في الاقتصاد حماية للطبقات الدنيا..
الملاحظ في اجتهاد الزملاء لمسألة التوافق بين الماركسية و الديمقراطية، أنهم يصطدمون بأن الفلسفتين متوازيتين و لا تلتقيان، لكنهم يتعللون بالاجتهاد، و في النهاية تصبح قضية الديمقراطية شعار معلق في الهواء.. و هم يعلمون أن الاجتهاد للمقاربة سوف يجعلهم يبتعدون عن الماركسية.. و هم لا يريدون أن يغضبوا القيادات الاستالينية في الحزب.. واجهت رانيا نقدا من عدد من الماركسيين في ندوة.. و يبقى أنه اجتهادا مقدرا و تثاب عليه.. أن شغل الذهن مسألة ضرورية للعملية السياسية.. نسأل الله حسن البصيرة..

[email protected]  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الكونغو الديمقراطية على مشارف تشكيل حكومة جديدة

تستعد جمهورية الكونغو الديمقراطية لتشكيل حكومة جديدة، في ظل حالة من الترقب الشعبي والسياسي المتزايد، فقد أثار الرئيس فيليكس تشيسيكيدي التكهنات بإعلانه قرب صدور "بلاغ مهم" خلال اجتماع حكومي وصفه بأنه الأخير لبعض الوزراء.

ويأتي هذا الحراك بعد نحو 5 أشهر من التعهد بإجراء تعديل وزاري، وفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية، في حين يترقب الشارع الكونغولي ملامح التشكيلة المقبلة واتجاهاتها السياسية.

وتشير تسريبات إلى أن الحكومة المرتقبة -التي وصفت بـ"حكومة سومينوا الثانية"- ستكون أقل عددا من سابقتها، مع انفتاح أكبر على قوى سياسية جديدة.

وترجح مصادر مطلعة أن تواصل رئيسة الوزراء جوديث سومينوا تولي مهامها في الحكومة الجديدة، في خطوة يعتبرها البعض استمرارا لنهج إصلاحي يهدف إلى إعادة التوازن السياسي بالبلاد.

مقالات مشابهة

  • الأدوار التاريخية مجهدة.. عمرو مهدي: بحب أجسد الشخصيات المفعمة بالتحدي
  • مي حلمي: دعم المصنعين المحليين وراء القفزة التاريخية في الصناعات الهندسية
  • كامل إدريس وعبد الله حمدوك: تشابه الملامح واختلاف السياق
  • الألكسو تُدرج صهاريج عدن التاريخية ضمن قائمة التراث العربي المعماري
  • بعد تحذير كامشاتكا.. كيف ينشأ تسونامي وما أبرز خسائره التاريخية؟
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • مبادرة "منافذ البيع".. جدة التاريخية تحتضن 20 أسرة منتجة
  • الكونغو الديمقراطية على مشارف تشكيل حكومة جديدة
  • جيرمي كوربن يعود من بوابة الشباب.. هل يهدد الحزب الذي أخرجه؟
  • نيجيرفان بارزاني: إقليم كوردستان ينظر بعين الأهمية إلى علاقاته التاريخية مع إيران