تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تزايدت الضغوط الاقتصادية على مصر مع تزايد حدة التوترات السياسية فى منطقة الشرق الأوسط ومع تزايد حدة التصعيد العسكرى نتيجة العدوان الصهيونى على لبنان فى ٢٧ سبتمبر الماضى والذى استهدف الضاحية الجنوبية، وهو ما أكده تحذير البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية منذ أيام من المخاطر الاقتصادية للتصعيد العسكري، وقالت بياتا يافورشيك كبيرة الخبراء الاقتصاديين فى البنك، إن الأزمة المتصاعدة فى منطقة الشرق الأوسط، مع قصف إسرائيل لمواقع حزب الله، من شأنها أن تفاقم الأزمتين السياسية والاقتصادية فى لبنان وتضر بدول مجاورة مثل الأردن ومصر.


كما قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائى أن إيرادات قطاع السياحة وقناة السويس قد تتراجع بنحو ٣.٧ مليار دولار خلال العامين الماليين ٢٠٢٣-٢٠٢٤ و٢٠٢٤-٢٠٢٥. وأشار إلى أنه فى حال تصاعد الصراع أو توسعت الحرب فى المنطقة، قد تصل الخسائر المحتملة إلى ١٣.٧ مليار دولار، مما يعكس التأثير الكبير الذى قد يتعرض له الاقتصاد المصرى نتيجة العدوان الصهيونى على غزة ولبنان . 


تداعيات 

قال مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالمنعم السيد، إن من أبرز هذه التداعيات السلبية، للتوترات السياسية فى المنطقة على الاقتصاد المصرى “ ارتفاع أسعار الطاقة” ، حيث تعتبر مصر من الدول المستوردة للنفط والغاز، فهى تتأثر مباشرة بأى تغيرات فى الأسعار العالمية للطاقة التى ستنعكس سلباً على معدلات التضخم، وتزيد الضغوط على الميزانية المصرية نظراً لاعتمادها على استيراد جزء من احتياجاتها من الطاقة ولم يسلم قطاع "السياحة المصري" الذى يعد من الركائز الأساسية للموارد المصرية من العملة الأجنبية، حيث قد يتردد السياح فى زيارة دول المنطقة ومنها مصر فى ظل تصاعد العمليات العسكرية فى منطقة الشرق الأوسط، وهو ما قد يؤثر سلباً على عائدات السياحة فى البلاد. 

الدكتور عبدالمنعم السيد


وكانت مصر حقّقت أعلى معدل فى أعداد السائحين الوافدين خلال النصف الأول من العام الجارى وبلغ ٧.٠٦٩ مليون سائح، وتحقيق إيرادات قياسية ٦.٦ مليار دولار، وفق بيانات وزارة السياحة المصرية.
ويرى السيد أن التصعيد العسكرى بين إيران وإسرائيل، سيمثل تهديداً لحركة الملاحة فى البحر الأحمر وبالتالى على إيرادات قناة السويس التى تعتبر مصدراً حيوياً للدولار بالنسبة للاقتصاد المصرى موضحا أن جماعة “الحوثى اليمنية ” تعد أهم الأذرع المسلحة فى منطقة الشرق الأوسط التى يتوقع أن تصعد هجماتها على السفن المارة فى البحر الأحمر، مما سيؤدى إلى تراجع عدد السفن التى تعبر القناة ويزيد من خسائرها موضحا أن "مصر“ خسرت نحو ٦ مليارات دولار بسبب الحرب بين إسرائيل وغزة وتداعياتها على دول المنطقة، وفقًا لما أعلنه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى فى تصريحاته منذ أيام خلال احتفالية تخرج دفعة جديدة من ضباط الشرطة. وقال الرئيس السيسي، «قناة السويس» فقدت ما بين ٥٠٪ و٦٠٪ من إيراداتها. أى أكثر من ٦ مليارات دولار، بسبب التوترات فى المنطقة خلال الأشهر الثمانية الماضية» فالإيرادات تراجعت ٢٣.٤٪ إلى ٧.٢ مليارات دولار خلال العام المالى ٢٠٢٣-٢٠٢٤، مقابل ٩.٤ مليار خلال العام المالى ٢٠٢٢-٢٠٢٣ مع تحول بعض شركات الشحن إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب هجمات الحوثيين فى اليمن على السفن المارة فى البحر الأحمر.
وحذر السيد من اتساع نطاق الحرب فى المنطقة، والذى يجعل المستثمرين الأجانب يفكرون كثيرا فى ضخ استثمارات جديدة، لأن عدم استقرار الأوضاع الأمنية غالباً ما يؤثر سلباً على مناخ الاستثمار، وفى حال تصاعد العمليات العسكرية، قد يؤثر ذلك على خطط بعض المستثمرين الذين يفكرون فى دخول السوق المصرية.
وأضاف الدكتور عبد المنعم السيد من ضمن تداعيات اندلاع حرب شاملة فى المنطقة على مصر، هو خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة أو ما يعرف بـ"الأموال الساخنة" التى تستثمر فى أدوات الدين الرسمية، والتى دخلت البلاد منذ قرار تحرير سعر الصرف فى ٦ مارس الماضي، وتقدر بـ ٣٧.٥ مليار دولار.
وشدد السيد فى تصريحاته لـ"البوابة" على أنه يجب على الحكومة المصرية أن تسعى لتنويع شراكاتها التجارية الدولية، لأن تعزيز العلاقات مع دول أخرى خارج منطقة الشرق الأوسط مما قد يساعد فى تقليل الاعتماد على الأسواق المتأثرة بالنزاعات.

الدكتور أشرف غراب


من جانبه، قال الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، إن مصر تضطر إلى اتخاذ إجراءات استثنائية لمواجهة تداعيات الحرب الإسرائيلية فى المنطقة وهو ما يجعلها تضطر إلى اتباع “اقتصاد الحرب” والذى يعنى فرض مجموعة من الإجراءات الاستثنائية فى الاقتصاد المصرى بشكل عام وذلك بتنفيذ مجموعة من الإجراءات الطارئة لتعبئة الاقتصاد خلال فترة الحرب وذلك فى حالة اتساع الحرب الإقليمية بمنطقة الشرق الأوسط والتى ستؤدى لنقص شديد فى سلاسل الإمدادات وتأثير ذلك على نقص السلع وهنا لابد وأن تضع الدولة خطة شاملة لتوفير هذه السلع والاحتياجات الضرورية والأساسية للمواطنين لمواجهة أى تداعيات سلبية لهذه الحرب .
وأكد غراب، أنه منذ الحرب الروسية الأوكرانية وتقوم الحكومة بالفعل بتوفير مخزون احتياطى استراتيجى كبير ليكفى شهورا طويلة وحتى اليوم وذلك استعدادا لأى توترات جيوسياسية أو تصاعد الحرب بمنطقة الشرق الأوسط موضحا أنه فى حالة اتساع دائرة هذه الحرب لابد من وضع العديد من الإجراءات الهامة والضرورية والتى منها ترشيد استهلاك السلع وضبط الإنفاق العام للدولة والتركيز والاهتمام على استيراد السلع الرئيسية الضرورية، إضافة لعدم إنفاق أى عملة صعبة على أى رفاهيات أو سلع غير ضرورية .
تابع غراب، أن اقتصاد الحرب يستلزم ترشيد الإنفاق الاستهلاكى وتقليل الاستيراد والإنفاق العام الحكومى وتوجيه الإنفاق للمجالات الأكثر أهمية ووضع القيود على كثير من الأنشطة غير الضرورية وبعض الأساسية وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة، مع تقليل الهدر مضيفا أن تطبيق اقتصاد الحرب لا يعنى بالضرورة أن تكون مصر طرفا فى هذه الحرب لكن مع اتساع دائرة الصراع فى الدول المحيطة بمصر يؤثر بشدة على الاقتصاد المصري، خاصة وأن الاقتصاد المصرى يعانى من أثار اقتصادية منذ جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية ثم الحرب على غزة ولبنان واتساع دائرة الصراع بالشرق الأوسط وقد تسبب هذا كله فى تراجع إيرادات قناة السويس وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.

sadgsadg

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحرب والاقتصاد ضغوط الاقتصادية التوترات السياسية الاقتصاد المصرى ملیار دولار فى المنطقة

إقرأ أيضاً:

الغاز في تعز.. سلاح بيد متنفذين ومعاناة يدفع ثمنها المواطن

تعيش مدينة تعز أزمة خانقة في توفر مادة الغاز المنزلي، نتيجة تصاعد صراع المصالح بين وكلاء التوزيع الرئيسيين المرتبطين بقيادات نافذة في حزب الإصلاح، في مشهد يعكس كيف تحولت مادة حيوية وأساسية إلى ورقة ابتزاز تجاري وسياسي، يدفع ثمنها المواطنون الذين باتوا يعودون إلى استخدام الحطب في ظل انعدام أبسط مقومات الحياة.

بحسب مصادر محلية قالت إن جذور الأزمة تعود إلى خلاف حاد بين اثنين من أبرز وكلاء الغاز في المحافظة، الأول عبدالكريم، مالك محطة "الأخوين" في الضباب، وهو نجل أحد المسؤولين الأمنيين في تعز، فيما الطرف الثاني هو سنان البعداني، مالك محطتي "الفرشة" و"ساسكو"، ويتمتع بدعم قوي من شخصيات محسوبة على حزب الإصلاح وقيادات في السلطة المحلية.

وتسبب هذا الصراع، الذي يسعى فيه كل طرف إلى احتكار كميات الغاز القادمة من حقول الإنتاج، بشلّ عملية التوزيع داخل مدينة تعز، وسط تجاهل تام من قبل السلطة المحلية، التي تلتزم الصمت نتيجة تورط قياداتها في رعاية أو حماية طرفي النزاع.

الأزمة تفاقمت أكثر بعد أن تعرضت محطة "ساسكو" لهجوم مجهولين مطلع يونيو الجاري، ما تسبب بأضرار مادية وإثارة موجة من الاتهامات المتبادلة بين الطرفين. وفي محاولة لاحتواء التصعيد، رعت الشركة اليمنية للغاز اتفاقًا مؤقتًا ينص على تقسيم المهام بين الوكلاء، بحيث يغطي البعداني كبار المستهلكين، فيما يزوّد عبدالكريم مديريات المدينة الثلاث: القاهرة، المظفر وصالة.

ورغم هذا الاتفاق، عادت التوترات إلى السطح عقب احتجاز نحو 50 مقطورة غاز تتبع الوكيل الجديد في منطقة رأس العارة بمحافظة لحج، بحجة استمرار الخلاف حول حادثة الاعتداء وعدم التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن المسؤوليات.

ردود الأفعال لم تتأخر، حيث نفذ وكلاء توزيع الغاز داخل مدينة تعز، بمشاركة عدد من المواطنين، اعتصامًا مفتوحًا أمام مبنى المحافظة وشركة النفط خلال الأيام القليلة الماضية، احتجاجًا على استمرار احتجاز المقطورات ومنعها من دخول المدينة.

وفي بيان مشترك، اتهم المعتصمون السلطات بالتواطؤ مع أطراف النزاع، وتحديدًا مدير فرع شركة الغاز في تعز، بلال القميري، الذي حمّلوه مسؤولية عرقلة أي جهود للحل، ومنع لجنة الوكلاء من مقابلة المحافظ لمناقشة الأزمة، معتبرين أن ممارساته تعكس انحيازًا صارخًا وتلاعبًا بمصير المدينة.

وأكد المحتجون تمسكهم بعدد من المطالب، أبرزها الإفراج الفوري عن مقطورات الغاز المحتجزة، ومحاسبة الجهات التي تقف خلف عملية العرقلة، بالإضافة إلى تسليم الحصة الكاملة المخصصة لتعز وفق الكشوف الرسمية دون تقليص أو تلاعب. كما دعوا إلى تشكيل لجنة حكومية مستقلة برئاسة المحافظ لمراجعة كشوفات الغاز وتقديم تقرير شفاف للرأي العام.

وحذر المحتجون من تصعيد قادم في حال استمرار التهميش، مشيرين إلى أن الوضع في تعز لم يعد يحتمل المزيد من الأزمات، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة التي ترهق السكان منذ سنوات.

وفي أول رد رسمي على تصاعد الاحتجاجات والضغوط الشعبية، أعلن محافظ تعز، نبيل شمسان، الإفراج عن كافة مقطورات الغاز المنزلي المحتجزة، مؤكدًا أن الأزمة في طريقها إلى الانفراج بعد تدخل شخصيات اجتماعية وقبلية.

وأشاد المحافظ بدور العميد حمدي شكري الصبيحي، قائد الفرقة الثاني عمالقة، قائد اللواء السابع مشاه، الذي ساهم في إنهاء العقبات التي منعت دخول المقطورات. كما ثمّن جهود المدير التنفيذي للشركة اليمنية للغاز، المهندس محسن وهيط، الذي تابع القضية منذ بدايتها، وعمل على توفير الكميات المطلوبة من الغاز لتغطية احتياجات المدينة.

ورغم الإعلان الرسمي عن تجاوز الأزمة، إلا أن مراقبين يرون أن المشكلة أعمق من مجرد أزمة تموين مؤقتة، فهي انعكاس لصراع نفوذ وهيمنة داخل مؤسسات الدولة، يسيطر فيها المتنفذون على مصادر الطاقة، ويستخدمونها كسلاح اقتصادي في معركة السيطرة السياسية داخل المحافظة.

في المقابل، ما تزال مخاوف المواطنين قائمة من عودة الأزمة في أي وقت، في ظل استمرار وجود نفس الأطراف المتصارعة، وغياب أي رؤية واضحة لإصلاح ملف توزيع الغاز وضمان وصوله للمستهلك بعيدًا عن منطق المحاصصة والمصالح الضيقة.

مقالات مشابهة

  • «معلومات الوزراء»: مصر تتصدر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في جذب استثمارات الشركات الناشئة
  • الطالبي العلمي: من يدفع ثمن الأوضاع المتدهورة هي الشعوب ووقف الحرب في غزة أولوية عاجلة
  • ضياء رشوان: الحرب الإيرانية الإسرائيلية أفشلت مخطط نتنياهو للشرق الأوسط
  • الغاز في تعز.. سلاح بيد متنفذين ومعاناة يدفع ثمنها المواطن
  • الذهب يستقر والدولار يكافح مع انحسار التوترات في الشرق الأوسط
  • 60 مليون دولار من الصفقات التجارية فى معرضىن دوليين بمصر
  • الحرب تصيب السياحة والنفط والاستثمار في المنطقة.. ولبنان يدفع أثمانًا باهظة
  • بعد إعلان ترامب نهاية الحرب.. كيف يمكن أن تُغير 14 قنبلة الشرق الأوسط؟
  • الغرب بين الدبلوماسية والتردد.. لماذا يخشى مواجهة جذور الأزمة في الشرق الأوسط؟
  • حين تُقصف العقول: هل نتعلّم من دروس الحرب في الشرق الأوسط؟