موقع النيلين:
2025-10-14@06:09:15 GMT

من داخل القاهرة.. كنت أحب عبد الناصر

تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT

سبق أن مررت على القاهرة عدة مرات.. وفي فترات متباعدة… وكانت كلها خاطفة … إذ لم يسبق لي أن قصدتها… ففي السبعينات كنت في رحلة طلابية قادماً من العراق.. وفي التسعينات كنت قادماً من الولايات المتحدة.. وفي العقد الأول من هذا القرن كنت قادما من الكويت.. وكانت أقصى مدة أمكثها فيها ليلتين بين المطار ووسط المدينة… عليه اعتبر زيارتي الحالية للقاهرة والتي قاربت الآن الثلاثة أشهر هي زيارتي الأولى لها.

. ومنذ أن دخلتها لم أخرج منها…. ولكنني تحاومت في معظم أحيائها…. إذ أن المناسبات الاجتماعية السودانية في القاهرة من وفيات وأعراس وسمايات وزيارة مستشفيات وسلامة الوصول… لاتقل عن تلك التي كنا نغشاها في السودان… فيخيل إليك أن كل السودان هنا..

وكما غشيت بعض المنتديات الفنية و الثقافية والفكرية السودانية… وبهذة المناسبة تحضرني طرفة الشاعر أبو آمنة حامد مع الفنان صالح الضي… إذ كانا يسكنان معا في القاهرة في السبعينات….فجاء أبو آمنة بعد منتصف الليل فأيقظ الضي فقال الأخير للأول ياخي دا وقت ونسة خلينا ننوم… فرد أبو آمنة ياخي أنا في القاهرة بتونس مع كامل الشناوي وأحمد رامي دايرني أتونس معاك ؟… إنت تقوم تشيل العود وتغني بس… لكن السودانيين اليوم جاءوا القاهرة بشناويهم وراميهم إذ شهدتُ ليلةً شعرية في نادي الفنانين السودانيين في قلب القاهرة أحياها الشاعران الكبيران التيجاني الحاج موسى وعبد القادر الكتيابي…

مصر كانت ومازالت هي كبانية الأدب والفكر والفن في العالم العربي… ونحن في السودان الأكثر نهلاً منها وتأثراً بها في تلك المجالات… ليس بعد انتشار الوسائط الإعلامية الحديثة بل قبل ذلك بكثير… وقد أشار إلى ذلك المؤرخ الانجليزي ب. م. هولت في كتابة تاريخ السودان الحديث Modern History of Sudan.. حيث قال إن السودان دون سائر العرب و الأفارقة محظوظ لقربه من مصر.. لأنها مركز ضغط ثقافي عالي … رغم أن هولت كان من سدنة السياسية الإنجليزية في السودان. والتي جعلت فصل البلدين هدفها الأعلى ونجحت في ذلك..

كنت أظن، وليس كل الظن إثم، أنني لن أجد في القاهرة ما يدهشني أو يعطيني قناعة جديدة بحكَم عوامل موضوعية وذاتية، فمن حيث الموضوع وكما هو حال معظم السودانيين من جيلي فقد كنت ومازلت متابعاً لما تنتجه النخب المصرية ومن أدب وفكر وفن وسياسة أما من ناحية ذاتية فأنا قد تجاوزت الستين ووصلت ما تسمى بالحالة الملوكية Royal level وهي مايقول فيها علماء النفس أنها المرحلة التي تنعدم فيها الدهشة إذ تتساوى فيها المواقف من المفرحات والمبكيات ويقابل هذا في الدوبيت السوداني (الليل والنهار واحد على العميان واللوم والشكر واحد على السجمان)….

منذ أن دخلت القاهرة إلى يوم الناس هذا لم أجلس امام تلفزيون ولم استمع إلى راديو وأم أقرأ أي جريدة ورقية إذ أبحلق في شاشة الهاتف كلما وجدت إلى ذلك سبيلا. كما هو حال الكثيرين… ولم تجمعني أي مناسبة بمسؤول مصري ولا أي شخص من النخب المصرية حتى كتابة هذة السطور… اللهم إلا الأستاذة أسماء الحسيني الصحفية المصرية المعروفة باهتمامها بالشإن السوداني وصداقاتها السودانية .. إذ التقيتها لقاء عابراً بمقر إقامة استاذتنا الغالية بخيتة أمين بمناسبة تدشين كتابها (جرة قلم) ولكنني غشيت الكثير من مقاهي القاهرة الشعبية وتسكعت كثيراً في طرقاتها راجلاً ، وتعاطيت كل وسائل المواصلات فيها من مترو إلى ماكروبص إلى مايكروبص إلى تاكسيهات طلب خاص… وصليت في الكثير من مساجدها بداءً بالحسين والسيدة زينب… كلما ألتقي بأحد الأخوة السودانيين.. الذين حدفت بهم الحرب إلى مصر… كنت حريصا على معرفة انطباعه عن مصر قبل مجئية وبعد مجيئة… أصدقكم القول أني وجدت في القاهرة ما أدهشني وهز بعض قناعاتي القديمة.. وليس من رأى كمن سمع..

أجيكم من الآخر ولكن لاحقاً سأعود بكم إلى كل ماتقدم أعلاه.. فقد كنت من المحبين لعبد الناصر حباً لايضاهيه حب لزعيم سياسي آخر… والحب درجة فوق الاتباع و فوق الإعجاب… و الليحب ما يكرهش كما تقول المسلسلات والأفلام المصرية…. ولكنني أتساءل الآن وبالحاح… رجل في وحدوية و قومية عبد الناصر لماذا قبل باتفاقية الحكم الذاتي للسودان في 12 فبراير 1953..والتي بموجبها تخلت مصر رسميا عن أي شكل من أشكال الوحدة مع السودان؟ هل لأن هذا مطلب السودانيين؟ أم أن في الأمر صفقة ما؟
المعلوم أن اتفاقية الحكم الثنائي الخاصة بالسودان… الموقعة في 19بناير 1899.. وكذا سميت اتفاقية بطرس/كرومر…. اعتبرت مصر شريك أعلى في حكم السودان مع الانجليز (في الورق فقط)… ولكنها عمليا جعلت الانجليز هم حكام السودان الفعليين فالحاكم العام ترشحه بريطانيا ويصدق عليه خديوي مصر…. وهو الكل في الكل في حكم السودان لذلك اعتبرها الوطنيون المصريون.. خاصة قادة الحزب الوطني… أنها خيانة وطنية عظمى لأنها فكت الارتباط نهائيا بين البلدين… وما عبارة إنهاء السيادة المصرية على السودان… إلا لدغدغة المشاعر السودانية… التي كانت نائمة في ذلك الوقت… وقد فطن لذلك حزب الأشقاء السوداني وفيما بعد الحزب الوطني الاتحادي… لذلك كان مصراً على الوحدة مع مصر… ولكنه انقلب على ذلك ولحق بجماعة السودان للسودانيين… وهذة قصة ثالثة.

لقد جئت للقاهرة حالياً وبقلبي تمور كل مآسي وويلات الحرب التي تدور في السودان الآن… وكل الانقسامات الرأسية والأفقية في السودان… هذا في القلب…. أما العين فتقع الآن على مجتمع القاهرة المبهر… فحاصل جمع وطرح المسافة بين القلب والعين تجعلني أقول لو أن السودان ظل كجزء من مصر حتى يوم الناس هذا… لما انفصل الجنوب عن الشمال في 2011… ولما كانت المهددات القبلية والعنصرية بالحدة التي نعانيها الآن… طبعا هذة الفرضية تحتاج إلى إثبات من جانبي…. فخليكم معانا إن شاء الله… ولا تتسرعوا في الحكم فأنا لست من دعاة تفكيك السودان… ووحدته غاية أعمل لها بكل ما أوتيت من أدوات.

عبد اللطيف البوني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی القاهرة فی السودان

إقرأ أيضاً:

جون إدوارد وعبد الناصر محمد وعمر جابر يزورون حسن شحاتة للاطمئنان على صحته

حرص كل من جون إدوارد المدير الرياضي لنادي الزمالك وعبد الناصر محمد مدير الكرة وعمر جابر قائد الفريق الأول لكرة القدم، على زيارة حسن شحاتة نجم القلعة البيضاء والمدير الفني الأسبق للزمالك وللمنتخب المصري للاطمئنان على صحته.

واطمأن الثلاثي على حالة حسن شحاتة وتمنوا له الشفاء العاجل.

وكان السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجه بتوفير الرعاية الصحية اللازمة والاهتمام الطبي الفوري لحسن شحاتة، المدير الفني الأسبق للمنتخب الوطني، وذلك على خلفية الوعكة الصحية التي تعرض لها مؤخرًا.

وتأتي توجيهات السيد الرئيس، حرصًا على تقديم الدعم الكامل للمعلم، تقديرًا لما قدمه من إنجازات تاريخية للرياضة المصرية، ولما يحظى به من مكانة خاصة في قلوب المصريين، وفي إطار النهج الذي تتبعه الدولة المصرية في الاهتمام برموزها الوطنية.

مقالات مشابهة

  • رئيس أرامكو: نعمل على ترسيخ حضورنا بعناية بقطاع مصادر الطاقات الجديدة
  • الناصر صلاح الدين.. ملحمة البطولة وفخر الأمة
  • "ألوية الناصر": أفرجنا عن الأسير الصهيوني "أرييل كونيو" ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل
  • جون إدوارد وعبد الناصر محمد وعمر جابر يزورون حسن شحاتة للاطمئنان على صحته
  • جون إدوارد يصطحب عمر جابر وعبد الناصر محمد لزيارة حسن شحاتة
  • محافظ بنك السودان برعي الصديق غادر قاعة الاجتماعات مغاضباً
  • سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025.. آخر تحديث في البنوك
  • سقوط قذائف داخل أحياء الدلنج إثر قصف لقوات الدعم السريع أمس
  • الأخضر بكام؟.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 12 أكتوبر 2025
  • AFB: وقوع 30 قتيلا في هجوم بمسيرة على الفاشر غرب السودان