من داخل القاهرة.. كنت أحب عبد الناصر
تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT
سبق أن مررت على القاهرة عدة مرات.. وفي فترات متباعدة… وكانت كلها خاطفة … إذ لم يسبق لي أن قصدتها… ففي السبعينات كنت في رحلة طلابية قادماً من العراق.. وفي التسعينات كنت قادماً من الولايات المتحدة.. وفي العقد الأول من هذا القرن كنت قادما من الكويت.. وكانت أقصى مدة أمكثها فيها ليلتين بين المطار ووسط المدينة… عليه اعتبر زيارتي الحالية للقاهرة والتي قاربت الآن الثلاثة أشهر هي زيارتي الأولى لها.
وكما غشيت بعض المنتديات الفنية و الثقافية والفكرية السودانية… وبهذة المناسبة تحضرني طرفة الشاعر أبو آمنة حامد مع الفنان صالح الضي… إذ كانا يسكنان معا في القاهرة في السبعينات….فجاء أبو آمنة بعد منتصف الليل فأيقظ الضي فقال الأخير للأول ياخي دا وقت ونسة خلينا ننوم… فرد أبو آمنة ياخي أنا في القاهرة بتونس مع كامل الشناوي وأحمد رامي دايرني أتونس معاك ؟… إنت تقوم تشيل العود وتغني بس… لكن السودانيين اليوم جاءوا القاهرة بشناويهم وراميهم إذ شهدتُ ليلةً شعرية في نادي الفنانين السودانيين في قلب القاهرة أحياها الشاعران الكبيران التيجاني الحاج موسى وعبد القادر الكتيابي…
مصر كانت ومازالت هي كبانية الأدب والفكر والفن في العالم العربي… ونحن في السودان الأكثر نهلاً منها وتأثراً بها في تلك المجالات… ليس بعد انتشار الوسائط الإعلامية الحديثة بل قبل ذلك بكثير… وقد أشار إلى ذلك المؤرخ الانجليزي ب. م. هولت في كتابة تاريخ السودان الحديث Modern History of Sudan.. حيث قال إن السودان دون سائر العرب و الأفارقة محظوظ لقربه من مصر.. لأنها مركز ضغط ثقافي عالي … رغم أن هولت كان من سدنة السياسية الإنجليزية في السودان. والتي جعلت فصل البلدين هدفها الأعلى ونجحت في ذلك..
كنت أظن، وليس كل الظن إثم، أنني لن أجد في القاهرة ما يدهشني أو يعطيني قناعة جديدة بحكَم عوامل موضوعية وذاتية، فمن حيث الموضوع وكما هو حال معظم السودانيين من جيلي فقد كنت ومازلت متابعاً لما تنتجه النخب المصرية ومن أدب وفكر وفن وسياسة أما من ناحية ذاتية فأنا قد تجاوزت الستين ووصلت ما تسمى بالحالة الملوكية Royal level وهي مايقول فيها علماء النفس أنها المرحلة التي تنعدم فيها الدهشة إذ تتساوى فيها المواقف من المفرحات والمبكيات ويقابل هذا في الدوبيت السوداني (الليل والنهار واحد على العميان واللوم والشكر واحد على السجمان)….
منذ أن دخلت القاهرة إلى يوم الناس هذا لم أجلس امام تلفزيون ولم استمع إلى راديو وأم أقرأ أي جريدة ورقية إذ أبحلق في شاشة الهاتف كلما وجدت إلى ذلك سبيلا. كما هو حال الكثيرين… ولم تجمعني أي مناسبة بمسؤول مصري ولا أي شخص من النخب المصرية حتى كتابة هذة السطور… اللهم إلا الأستاذة أسماء الحسيني الصحفية المصرية المعروفة باهتمامها بالشإن السوداني وصداقاتها السودانية .. إذ التقيتها لقاء عابراً بمقر إقامة استاذتنا الغالية بخيتة أمين بمناسبة تدشين كتابها (جرة قلم) ولكنني غشيت الكثير من مقاهي القاهرة الشعبية وتسكعت كثيراً في طرقاتها راجلاً ، وتعاطيت كل وسائل المواصلات فيها من مترو إلى ماكروبص إلى مايكروبص إلى تاكسيهات طلب خاص… وصليت في الكثير من مساجدها بداءً بالحسين والسيدة زينب… كلما ألتقي بأحد الأخوة السودانيين.. الذين حدفت بهم الحرب إلى مصر… كنت حريصا على معرفة انطباعه عن مصر قبل مجئية وبعد مجيئة… أصدقكم القول أني وجدت في القاهرة ما أدهشني وهز بعض قناعاتي القديمة.. وليس من رأى كمن سمع..
أجيكم من الآخر ولكن لاحقاً سأعود بكم إلى كل ماتقدم أعلاه.. فقد كنت من المحبين لعبد الناصر حباً لايضاهيه حب لزعيم سياسي آخر… والحب درجة فوق الاتباع و فوق الإعجاب… و الليحب ما يكرهش كما تقول المسلسلات والأفلام المصرية…. ولكنني أتساءل الآن وبالحاح… رجل في وحدوية و قومية عبد الناصر لماذا قبل باتفاقية الحكم الذاتي للسودان في 12 فبراير 1953..والتي بموجبها تخلت مصر رسميا عن أي شكل من أشكال الوحدة مع السودان؟ هل لأن هذا مطلب السودانيين؟ أم أن في الأمر صفقة ما؟
المعلوم أن اتفاقية الحكم الثنائي الخاصة بالسودان… الموقعة في 19بناير 1899.. وكذا سميت اتفاقية بطرس/كرومر…. اعتبرت مصر شريك أعلى في حكم السودان مع الانجليز (في الورق فقط)… ولكنها عمليا جعلت الانجليز هم حكام السودان الفعليين فالحاكم العام ترشحه بريطانيا ويصدق عليه خديوي مصر…. وهو الكل في الكل في حكم السودان لذلك اعتبرها الوطنيون المصريون.. خاصة قادة الحزب الوطني… أنها خيانة وطنية عظمى لأنها فكت الارتباط نهائيا بين البلدين… وما عبارة إنهاء السيادة المصرية على السودان… إلا لدغدغة المشاعر السودانية… التي كانت نائمة في ذلك الوقت… وقد فطن لذلك حزب الأشقاء السوداني وفيما بعد الحزب الوطني الاتحادي… لذلك كان مصراً على الوحدة مع مصر… ولكنه انقلب على ذلك ولحق بجماعة السودان للسودانيين… وهذة قصة ثالثة.
لقد جئت للقاهرة حالياً وبقلبي تمور كل مآسي وويلات الحرب التي تدور في السودان الآن… وكل الانقسامات الرأسية والأفقية في السودان… هذا في القلب…. أما العين فتقع الآن على مجتمع القاهرة المبهر… فحاصل جمع وطرح المسافة بين القلب والعين تجعلني أقول لو أن السودان ظل كجزء من مصر حتى يوم الناس هذا… لما انفصل الجنوب عن الشمال في 2011… ولما كانت المهددات القبلية والعنصرية بالحدة التي نعانيها الآن… طبعا هذة الفرضية تحتاج إلى إثبات من جانبي…. فخليكم معانا إن شاء الله… ولا تتسرعوا في الحكم فأنا لست من دعاة تفكيك السودان… ووحدته غاية أعمل لها بكل ما أوتيت من أدوات.
عبد اللطيف البوني
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی القاهرة فی السودان
إقرأ أيضاً:
عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025م
متابعات – تاق برس- عناوين الصحف السودانية الصادرة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025م
لجنة إخلاء الخرطوم تعلن حسم أي وجود عسكري داخل العاصمة.
تحالف “تأسيس” يحدد موقفه من التفاوض مع الحركة الإسلامية وواجهاتها.
الإمارات ترد على ما وصفته بـ”الادعاءات الزائفة” بشأن دورها في السودان.
مصر تفرج عن قائد “البراء” المصباح أبو زيد بعد أسبوع من احتجازه.
الحركات المسلحة تبدأ في نقل قواتها خارج ولاية الخرطوم.
برمة ناصر: لا تفاوض مع الإسلاميين والحل يتطلب مسارًا سياسيًا وعسكريًا مشتركًا.
حركة “البراء” تنفي الدعوة إلى وقفة أمام السفارة المصرية في بورتسودان.
الجيش ينفذ سلسلة غارات بطائرات مسيّرة على مدن شمال دارفور.
تصعيد غير مسبوق… الإمارات تبدأ حصارًا لوجستيًا على السودان.
الكتلة الديمقراطية تحذر من خارطة الطريق الدولية وتعتبرها تهديدًا لوحدة البلاد.
قوات الدعم السريع تعلن امتلاك دفاعات جوية متطورة في نيالا وتنفي استهداف المطار.
حزب الأمة القومي يدين هجوم الدعم السريع على قرية في غرب بارا.
برمة ناصر يقيل قيادات مؤيدة للجيش وسط تصاعد الانقسامات داخل حزبه.
زهير السراج يتهم شاحنات مصرية بنهب غابات السودان دون تصريح رسمي.
إقتصادية
أزمة غذاء خانقة في كادقلي… الأسواق فارغة والأسعار تحلق.
الإمارات توقف استيراد الذهب السوداني.
لجنة مناهضة السيانيد تتهم السلطات بمحاولة شرعنة شركات التعدين باستفتاء شعبي.
ركود تجاري بمعبر أدرى بين السودان وتشاد بسبب انهيار الجنيه أمام الفرنك.
إنسانية
السعودية تدرس إلغاء قصر 13 مهنة على مواطنيها بما يفتح المجال للوافدين.
وفاة مواطن سوداني داخل سجن في القاهرة وسط ظروف غامضة.
الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم والخرطوم تحولت إلى “مدينة أشباح”.
تقديم مساعدات لمتضرري السيول في منطقة جبل النوم بالنيل الأزرق.
حكومة غرب كردفان تتابع توزيع الإغاثة على النازحين.
اجتماع تنسيقي لبدء مشاريع تمكين الشباب والمدن الإنتاجية بولاية الخرطوم.
صحية والتعليمية
ترتيبات في القضارف لحملة مكافحة حمى الضنك ونواقل الأمراض.
تزايد إصابات الكوليرا في إقليم دارفور وتجاوزها 6 آلاف حالة.
تكريم أوائل الشهادة السودانية في ولاية سنار.
والي سنار يقرع جرس انطلاق العام الدراسي الجديد.
بدء استخراج شهادات المرحلة المتوسطة في الخرطوم.
الدكتور محمد طه يحصد جائزة محمد الأمين عوض 2025 لتميّزه في طب الكلى.
رياضية
يوفنتوس يهزم بوروسيا دورتموند بثنائية كامبياسو استعدادًا للموسم الجديد.
تشيلسي يكتسح ميلان 4–1 في ختام مبارياته الودية.
كريستال بالاس يهزم ليفربول بركلات الترجيح ويتوج بدرع المجتمع الإنجليزي 2025.
برشلونة يسحق كومو بخماسية في كأس خوان غامبر رغم غياب ليفاندوفسكي.
فالنسيا يضم أرناوت دانجوما بعقد حتى 2028.
مانشستر سيتي يهزم باليرمو بثلاثية وغوارديولا يمتدح الصفقات الجديدة
أخبار السوداناخبار الصحفصحف سودانية