انطلاقة حافلة لبرنامج القيادات الدبلوماسية العربية الشابة في مجالات العمل الإنساني
تاريخ النشر: 15th, October 2024 GMT
شهدت انطلاقة النسخة الثالثة لبرنامج القيادات الدبلوماسية العربية الشابة، والتي عقدت تحت رعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، وينظمه مركز الشباب العربي، عدداً من ورش العمل التفاعلية والجلسات النقاشية، بالشراكة مع أكاديمية أنور قرقاش وبالتعاون مع وزارة الخارجية، والمؤسسات الدبلوماسية الأخرى (هارفارد – معهد الأمم المتحدة للبحوث والتدريب UNITAR – المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية في جنيف– منظمة ديبلو فاونديشن “Diplo Foundation”).
ويشارك في النسخة الثالثة من البرنامج، نخبة من الدبلوماسيين العرب من فئة الشباب العاملين في مؤسسات دبلوماسية في 9 دول عربية هي: السعودية، العراق، مصر، المغرب الأردن، عُمان، البحرين، الإمارات، تونس.
وتضمنت الجلسات التي عقدت عبر تطبيق “زووم”، وقدمها نخبة من الخبراء والمتخصصين البارزين في مجال الدبلوماسية، أساسيات التفاوض الدبلوماسي، وصنع السياسات في النظام الدولي الإنساني، وتحقيق السلام في النظام الدولي، ودور السياسة في تشكيل العمل الإنساني الدولي، وأزمة الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، ودبلوماسية الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي والتفاوض.
أساسيات التفاوض الدبلوماسي – كلية هارفارد كينيدي
وناقشت ورشة عمل بعنوان “أساسيات التفاوض الدبلوماسي”، قدمها كل من مونيكا جيانوني، مديرة قسم التفاوض وحل النزاعات في مركز القيادة العامة في كلية هارفارد كينيدي، وأنسيلم دانيكر، زميل أول في قسم التفاوض وحل النزاعات في مركز القيادة العامة في كلية هارفارد كينيدي، فنون التفاوض من خلال الجمع بين المعرفة النظرية والمهارات العملية التطبيقية، وأساليب تمكين الشباب من التنقل بثقة ضمن سيناريوهات التفاوض المختلفة.
وتعرف خلالها القادة الدبلوماسيين على أمثلة متنوعة لأساليب التفاوض، من الحملات التاريخية إلى المفاوضات الحديثة في أماكن العمل وقطاع النشر وغيرها، إلى جانب قيامهم بأنشطة عملية تطبيقية لمهارات التفاوض في المجال الدبلوماسي، وقد ساهمت الورشة في تمكين وصقل مهارات القادة الشباب، وإعدادهم لاستخدام أساسيات التفاوض بشكل فعال في كل من البيئات الشخصية والمهنية.
تحقيق السلام
وناقشت جلسة بعنوان “تحقيق السلام في نظام دولي جديد”، وقدمها البروفيسور آخيم فينمان، مدير الشراكات الاستراتيجية، وأستاذ مشارك في مركز الصراع والتنمية وبناء السلام في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية، التحديات والفرص التي توفرها الوساطة من أجل السلام، والتعقيدات التي تساعد بحل النزاعات في عصر الأزمات العالمية المتداخلة، مثل تغير المناخ والنزوح، كما تفاعل الدبلوماسيون الشباب مع الجانب المعني بأهمية الحوار والتعاطف في حل النزاعات، وأهمية تكييف استراتيجيات الوساطة مع الديناميكيات الجيوسياسية الحالية.
دبلوماسية الذكاء الاصطناعي
وتعرف الدبلوماسيون الشباب على الدور المتطور للذكاء الاصطناعي في الدبلوماسية خلال جلسة تفاعلية قدمها جيروم دوبيري، المدير الإداري، مركز التكنولوجيا في كلية هارفارد كينيدي، حيث سلط فيها الضوء على كيفية مساهمة الذكاء الاصطناعي في الجهود الدبلوماسية، من معالجة مجموعات البيانات الكبيرة وتلخيص النصوص إلى رسم خرائط لأصحاب المصلحة وتعزيز المفاوضات، وتم تناول التحديات الرئيسية بما في ذلك التحيز في أنظمة الذكاء الاصطناعي والحاجة إلى الحوكمة، إلى جانب أهمية معرفة الذكاء الاصطناعي للدبلوماسيين.
العمل السياسي الإنساني
وناقشت جلسة بعنوان “دور السياسة في تشكيل العمل السياسي الإنساني”، التي قدمتها كلوديا سيمور، رئيسة مشاريع البحوث التطبيقية والممارسة في كلية هارفارد كينيدي، كيفية تشكل سياسة العمل الإنساني في ظل استمرار الأزمات العالمية على الرغم من وجود المساعدات، وتمكنوا من فهم تأثير القرارات السياسية على المواقع الجغرافية وكيفية تقديم المساعدات الإنسانية، وأهمية القدرة على الثبات والصمود خلال الأزمات، والحاجة إلى نهج أكثر مصداقيةً وتركيزًا على المجتمع.
صنع السياسات في النظام الدولي
في حين ناقشت جلسة بعنوان “صنع السياسات في النظام الدولي”، التي قدمها فينسينت زوبيلر، مسؤول تنفيذي عن الفعاليات التعليمية، أهمية التمييز بين مفهوم المناصرة ومفهوم الدبلوماسية، لافتاً إلى أن عملية الترويج للأفكار أو القضايا أو المشاريع للتأثير على أصحاب المصلحة الرئيسيين، تختلف عن الدبلوماسية مع الاعتراف بوظائفهما المتداخلة، وساهمت الجلسة في تمكين الدبلوماسيين الشباب من التعرف على أهمية الوصول والتأثير في صنع السياسات، إلى جانب أدوار المجتمع المدني والمنظمات والقطاع الخاص في الحوكمة العالمية.
أزمة الهجرة
واستعرضت ورشة عمل بالتعاون مع كلية هارفارد كينيدي، وقدمها سهيل بلحاج كلاز، باحث وأستاذ زائر في ماجستير الدراسات الدولية والتنمية (معهد الدراسات العليا MINT)، ورقة بحثية حول أزمة الهجرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، والتي ناقش فيها تحديات التغيرات الديموغرافية والتنمية الاقتصادية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مع التمييز بين مفهومي الهجرة والتنقل.
واستعرض خلال الجلسة مقاييس حوكمة الهجرة، مشيراً إلى أن منطقة البحر الأبيض المتوسط واحدة من أكبر مناطق الهجرة، حيث أنه بلغ عدد المواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي لعام 2023، 27.3 مليون مواطناً، وأن منطقة البحر الأبيض المتوسط تواجه ثلاثة طرق رئيسية للهجرة غير النظامية: من تونس إلى إيطاليا، والجزائر والمغرب إلى إسبانيا، وتركيا إلى اليونان. وعلى الرغم من انخفاض أعداد الوافدين غير النظاميين منذ عام 2015، تظل ضغوط الهجرة مرتفعة بسبب الصراعات والتفاوتات الاقتصادية والحاجة إلى العمالة الشابة في المجتمعات الأوروبية المتقدمة في السن، مما يجعل الحوكمة المنسقة ضرورية”.
الذكاء الاصطناعي والتفاوض
واختتمت فعاليات انطلاقة البرنامج، بورشة تفاعلية بعنوان الذكاء الاصطناعي والتفاوض، قدمها جيروم دوبيري، المدير الإداري، مركز التكنولوجيا في كلية هارفارد كينيدي، حيث تمكن الدبلوماسيون الشباب خلال هذه الجلسة من اكتساب فهم أعمق لكيفية تعزيز استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالمفاوضات، كما تعرفوا على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في التدريب، بهدف تمكينهم من تجربة استراتيجيات تفاوض مختلفة وتسريع عملية التعلم التطبيقي. كما سلط دوبيري خلال الجلسة الضوء على تعقيدات حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، وأهمية توعية الشباب بتحيز الذكاء الاصطناعي والتقنيات، خاصةً أن الذكاء الاصطناعي أداة داعمة، ولا يمكنها أن تحل محل الثقة البشرية وبناء العلاقات الدبلوماسية.
وتركز النسخة الثالثة من البرنامج الذي ينطلق بسلسلة من الجلسات التدريبية اليومية عبر تقنيات التواصل المرئي، وتستمر حتى 23 أكتوبر الجاري، على المهارات الأساسية في الدبلوماسية الإنسانية والعمل الإنساني الدولي لجعل التنمية الإنسانية محوراً أساسياً للعلاقات الدولية.
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
المملكة المتحدة ترسخ ريادتها في الذكاء الاصطناعي
تواصل المملكة المتحدة تعزيز موقعها الريادي في مجال الذكاء الاصطناعي، متفوقة على نظرائها الأوروبيين في عدد الشركات الناشئة التي تحصل على تمويل جديد، وفي حجم الاستثمارات الخاصة الإجمالية خلال عام 2024. ومنذ عام 2013، نجحت مشاريع الذكاء الاصطناعي البريطانية في جذب تمويل خاص يقدر بنحو 22 مليار جنيه إسترليني، في مؤشر واضح على استمرار ثقة المستثمرين في بيئة الابتكار البريطانية، موطن شركات كبرى مثل DeepMind وStability AI وWayve.
وخلال فعاليات «أسبوع لندن للتقنية»، كشفت دراسة بحثية أعدتها مؤسسة Public First عن علاقة وثيقة بين البنية التحتية المتقدمة للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، والنمو الاقتصادي الشامل. وأشارت التحليلات إلى أن التوسع المتواضع في قدرة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف قرابة 5 مليارات جنيه سنويا للاقتصاد البريطاني، بينما قد يسفر توسيع هذه القدرة إلى الضعف عن تحقيق مكاسب اقتصادية سنوية تصل إلى 36.5 مليار جنيه.
وفي السياق نفسه، أعلنت شركة خدمات الحوسبة السحابية Nscale خلال أسبوع لندن للتقنية عزمها نشر 10,000 وحدة معالجة من طراز NVIDIA Blackwell في المملكة المتحدة بحلول أواخر عام 2026. من جانبها، كشفت شركة Nebius عن خطط لإقامة أول مصنع للذكاء الاصطناعي في البلاد، يضيف 4,000 وحدة معالجة أخرى، لتوفير قوة حوسبية عالية مطلوبة بشدة من قبل مؤسسات البحث والجامعات والخدمات العامة، بما في ذلك هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) التي تعاني من نقص دائم في التمويل.
مبادرة لتأهيل المهارات
رغم أهمية البنية التحتية، إلا أن توفر الأجهزة لا يكفي وحده. فهناك تحد بارز يتمثل في نقص الكفاءات القادرة على الاستفادة من هذه القدرات. وللتعامل مع هذه الفجوة، أعلنت شركة NVIDIA عن دعمها للمبادرة الوطنية البريطانية لتأهيل المهارات، من خلال إنشاء مركز تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في بريطانيا، يهدف إلى تقديم تدريب عملي في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات والحوسبة المتقدمة.
وأوضح بيان صادر عن الشركة أن المركز سيركز على تدريب متخصصين في نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية، والذكاء الاصطناعي المجسّد، وعلوم المواد، ونمذجة النظم البيئية والجيولوجية.
وفي القطاع المالي، الذي يُعد أحد أبرز مصادر القوة الاقتصادية للمملكة المتحدة، تستعد هيئة الرقابة المالية لإطلاق بيئة اختبار افتراضية «sandbox» مدعومة بالذكاء الاصطناعي، تسمح بتجريب الحلول الجديدة في مجال المصارف والتمويل ضمن بيئة آمنة. وستوفر NayaOne البنية التحتية، بينما تتولى NVIDIA دعم هذا النظام تكنولوجيا.
وقال سومانث كومار، كبير مسؤولي التكنولوجيا للقطاع المصرفي والمالي في NTT DATA المملكة المتحدة وأيرلندا: «كل إجراء في بيئة الـsandbox يترك أثرًا، وهو ما يفرض على البنوك الالتزام بإطار تنظيمي صارم حتى خلال المراحل التجريبية. يتعين على المؤسسات توثيق كيفية بناء النماذج، وتفسير نتائجها، وضمان إمكانية تتبع مصادر البيانات».
وأضاف كومار: «هذه المبادرة تمثل فرصة حقيقية للمؤسسات لتطوير قدراتها الداخلية على استخدام الذكاء الاصطناعي بمسؤولية. ومن جهة أخرى، تمكّن الحكومة من الحفاظ على التنافسية البريطانية وتعزيز الابتكار ضمن إطار تنظيمي متوازن يحمي المستهلك».
الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي
أعلنت Barclays Eagle Labs عن إنشاء مركز ابتكار جديد في لندن، سيكون بمثابة منصة انطلاق للشركات الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات العميقة. وستحظى المشاريع الواعدة بفرصة الانضمام إلى برنامج NVIDIA Inception، مما يفتح لها أبواب الوصول إلى أدوات متقدمة وبرامج تدريبية نوعية كانت لتظل بعيدة المنال لولا ذلك.
وفي تعليق له، قال مارك بوست، الرئيس التنفيذي لشركة Civo: «لطالما تحدثنا عن ريادة المملكة المتحدة في الذكاء الاصطناعي، لكن ما نراه الآن هو خطوات فعلية: استثمارات في البنية التحتية، وتدريب للمطورين، وأبحاث وتطوير جادة».
وتابع بوست: «مركز NVIDIA الجديد مبادرة مهمة لسد فجوة المهارات، وإعداد الجيل المقبل من المواهب المحلية في مجال الحوسبة المعجلة وهندسة الذكاء الاصطناعي وتطوير النماذج».
وتطرق بوست إلى قضية بدأت تحظى باهتمام متزايد في دوائر صنع القرار: السيادة التقنية.
وقال: «إذا أردنا بناء قدرة وطنية طويلة المدى، فعلينا تقليل اعتمادنا على الحوسبة الخارجية. ينبغي للمملكة المتحدة أن توازن بين الشراكات العالمية والاستثمار في البنية التحتية المحلية والمعايير المفتوحة والتقنيات التي يمكننا تطويرها بأنفسنا. هذا هو مفتاح الحفاظ على مرونتنا وتنافسيتنا».
تنسيق بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص
وبخلاف ما اعتدنا عليه من مبادرات حكومية أو حملات علاقات عامة من الشركات، يبدو أن هذه الشراكة بين المملكة المتحدة وNVIDIA تنطوي على تنسيق حقيقي بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والجامعات، مع تركيز واضح على تلبية الاحتياجات الآنية وبناء أسس مستقبلية صلبة.
ورغم أن النتائج الاقتصادية المتوقعة لا تزال في طور التحقق، فإن المملكة المتحدة تبدو، لأول مرة منذ سنوات، وكأنها تلعب على نقاط قوتها بذكاء: مؤسسات بحثية من الطراز العالمي، قطاع مالي نابض، تنظيم براغماتي، وقدرات حوسبية ومهارية تتنامى بسرعة — وهي جميعها عناصر قد تجعل من الطموح في أن تصبح قوة عالمية في الذكاء الاصطناعي حقيقة ملموسة.
أسامة عثمان (أبوظبي)