العدو الاسرائيلي يوسّع عملياته ويسقط الكلام عن ضمانات أميركية بوقف الغارات على بيروت
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
مضى العدو الإسرائيلي في توسيع عدوانه على لبنان فأغار على مبنى في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت صباح امس ، الأمر الذي اسقط الكلام الذي نقل الى الحكومة عن ضمانات أميركية بوقف الغارات على بيروت ما دفع برئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الإعلان أنه لا يبدو أن هناك جدوى من التوجه إلى الأمم المتحدة لطلب وقف إطلاق النار.
وأعلنت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة جينين هينيس-بلاسخارت أنه "يتعين حماية المدنيين في كل الأوقات". وأفادت في بيان تعليقاً على الهجوم على النبطية أن "انتهاكات القانون الإنساني الدولي غير مقبولة على الإطلاق". وأضافت: "يتعين حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية في الأوقات كافة"، معتبرة أنه "حان الوقت لأن توقف الأطراف المعنية كلها إطلاق النار فوراً وتفتح الباب أمام الحلول الدبلوماسية". وكتبت" الاخبار": لجأ العدو إلى توسيع دائرة الاشتباك هادفاً إلى تشتيت قدرات حزب الله وإشغاله على طول جبهة تمتد على مسافة 100 كيلومتر، مع إدخاله محاور شبعا وكفرشوبا ضمن نطاق عملياته العسكرية، ما يشير إلى نيته لتوسيع رقعة المواجهة بشكل غير مسبوق. وفي إحصائية لضربات المقاومة، فقد أطلقت عشرات الصواريخ على مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية وعلى نقاط تجمع قوات العدو داخل الأراضي اللبنانية، واستهدفت طائرتين مُسيّرتين بصاروخي دفاع جوي، ودمّرت دبابة «ميركافا» قرب رامية. كما تم رصد وصدّ محاولات تسلل إسرائيلية فاشلة في عدة نقاط على طول الحدود. وبحسب السياق العملياتي، بدا واضحاً أن قوات العدو لا تزال متحفّظة في اتخاذ مبادرة عسكرية تتناسب مع حجم الاستعداد الهجومي الذي تمّ حشده. وتشير التقديرات الميدانية إلى أن جهود العدو الرئيسية لا تزال متأثرة بنتائج عمليات الاستطلاع بالنيران ومحاولات تسلل مجموعات النخبة التي نفّذتها قواته لتقييم قوة المقاومة. وقد لجأ العدو إلى فتح جبهة جديدة في مناطق شبعا والعرقوب، بعد مرور 15 يوماً من القتال ساعياً إلى السيطرة على المعابر التي تشكل نقاط وصل حاكمة بين تلال ووديان. وهو هدف له أهمية استراتيجية كبيرة، إذ يمكّنه من التحكم بمسارات التسلل والإمداد المحتملة للمقاومة. كذلك يريد العدو الاستيلاء على المرتفعات المشرفة على مجرى نهر الليطاني بعمق يراوح بين 2 إلى 3 كيلومترات من الحدود. هذه النقطة تمنحه ميزة تكتيكية هامة من حيث المراقبة والسيطرة على المنطقة المحيطة، عدا أن احتلال التلال الحاكمة يوفر ظروف رؤية وإشراف ممتازة على الجبهة، ما يعزّز قدرته على جمع المعلومات الاستخباراتية وتوجيه الضربات بدقة أكبر. هذا تماماً ما يحاول العدو فعله على جبهة القطاع الغربي، حيث قام بتجميد معظم عملياته في محاور اللبونة - المشيرفة - رأس الناقورة. وبدلاً من ذلك، تم الدفع باستعداد كبير من اللواءين 646 والرابع المدرّع، بقوة تعادل كتيبة، لشن هجوم عند مثلث رامية - عيتا الشعب – القوزح، بهدف الوصول إلى تلة القوزح، بعد اختبار الدفاعات حول رامية وعيتا الشعب، وتعرّض قواته لخسائر فادحة خلال 72 ساعة من المعارك المتنقلة على مثلث عيتا الشعب – القوزح – رامية. والتقديرات أن اتجاه الهجوم هو السيطرة على تلة دير الكارمليت في القوزح، والتي يبلغ ارتفاعها حوالي 700 متر. إلا أن استبسال المقاومين في الدفاع والاستخدام المكثف للصواريخ الموجّهة والعبوات والالتحام المباشر من مسافة صفر مع القوات المهاجمة، كل ذلك أجبر العدو على الانكفاء فيما تولت أكثر من 8 مروحيات نقل الاصابات إلى مستشفيات الداخل المحتل. ونصب رجال المقاومة كميناً جديداً للقوات المتراجعة عند نقاط خلفية والتحموا معها وأوقعوا في صفوفها أعداداً إضافية من الإصابات رغم تدخل سلاح الجو ومدفعية العدو التي حاولت تغطية انسحاب القوة بمروحة واسعة من النيران.
وبعد تمكن الفرقة 98 من اختراق ثغرة في المنطقة الواقعة غرب الطيبة (مشروع الطيبة) وشرق مركبا، من أجل الوصول إلى منطقة رب ثلاثين، ومن ثم التقدم نحو بني حيان والقنطرة، وصولاً إلى هدفها الرئيسي المتمثل في السيطرة على العوارض الطبيعية المطلة على وادي الحجير، تؤكد المعطيات أنه تم حصر معظم القوات المتقدمة جنوب شرق رب ثلاثين في منطقة تُعرف باسم خلة الفراشات، حيث دارت مواجهات عنيفة بين رب ثلاثين ومركبا حاول العدو التغطية على عجز قواته فيها، بشن عمليات قصف مدفعي وغارات جوية مكثفة على بلدات عديسة والطيبة ورب ثلاثين ومركبا وحولا.
أما على محاور ميس الجبل ومركبا والعديسة وكفركلا، فيبدو أنها أصبحت ثانوية في استراتيجية العدو، بعد الإعلان عن إنهاء اللواء 228 لمهمته. هذا التطور يشير إلى أن الفرقة 91 قد تم إدخالها لتتحول مهمتها إلى تأمين ودعم عمليات الفرقة 98، بحيث تصبح غالبية عمليات الفرقة 91 ذات طبيعة تأمينية، مع بعض العمليات التعرضية الهجومية باتجاه بليدا وميس الجبل، والتي هدفت بشكل أساسي إلى دعم عمليات الفرقة 98.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
نسرين مالك: المجاعة في غزة جريمة متعمّدة… الأفعال أبلغ من الكلام
قالت الكاتبة والصحفية السودانية البريطانية نسرين مالك، في مقال نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، إن العبارات السياسية المكررة وبضع شاحنات من المساعدات لن تنقذ الأطفال الذين يموتون الآن في غزة، لكنها على الأقل تكشف أن القادة لا يمكنهم تجاهل الرأي العام إلى الأبد.
وأشارت الكاتبة إلى أن الأطفال هم أول من يموت في ظروف المجاعة، نظرا لاحتياجاتهم الغذائية العالية مقارنة بالبالغين، وضعف أجهزتهم المناعية التي لم تكتمل بعد، موضحة أن نوبة إسهال واحدة قد تكون قاتلة، وأن جروحهم لا تلتئم، وأنهم لا يستطيعون حتى الرضاعة لأن أمهاتهم لم يأكلن. وتابعت: "هؤلاء يموتون بمعدل يفوق ضعف معدل وفيات البالغين".
وأضافت أن 21 طفلا في غزة قضوا بسبب الجوع وسوء التغذية خلال 72 ساعة فقط من الأسبوع الماضي، لافتة إلى أن طريق الموت جوعا بطيء ومؤلم، لا سيما في منطقة تعاني من نقص شامل في الغذاء والدواء والماء النظيف والمأوى.
وقد تجاوز عدد الوفيات بسبب الجوع 100 شخص نهاية الأسبوع، 80 منهم أطفال. ونقلت عن عامل إغاثة أن أطفالا في غزة باتوا يقولون لذويهم إنهم يريدون الموت والذهاب إلى الجنة، لأن "الجنة على الأقل فيها طعام".
مجاعة "متوقعة" و"متعمدة"
وأكدت الكاتبة أن كل هذه الوفيات، وتلك التي ستتبعها، "كان من الممكن تفاديها". فبحسب منظمة الصحة العالمية، المجاعة في غزة "من صنع الإنسان"، لكنها، تضيف الكاتبة، أكثر من ذلك: "إنها متوقعة، وبالتالي متعمّدة".
وأوضحت أن الحصار الإسرائيلي حال دون دخول آلاف الأطنان من المساعدات أو توزيعها على المحتاجين، وفق ما أفادت به منظمات إنسانية تعمل في القطاع.
وانتقدت ما يسمى بـ"التوقف التكتيكي" للعملية العسكرية الإسرائيلية لبضع ساعات يوميا في ثلاثة مناطق داخل القطاع، للسماح بدخول جزء من المساعدات، قائلة إن ذلك لا يخفف من أزمة تفاقمت عبر الزمن. ووصفت المجاعة بأنها "المرحلة الأخيرة من حملة امتدت لعامين، وصلت إلى حدّ لا تصفه الكلمات".
وقالت الكاتبة إن ما يحدث في غزة "لا يمكن اختزاله بمجرد مفاهيم كالإبادة الجماعية أو التطهير العرقي أو العقاب الجماعي"، مشيرة إلى أن كل هذه الأوصاف لا تعبّر بشكل كامل عن بشاعة الواقع، حيث يُقتل الفلسطينيون في بيوتهم، وخيامهم، وعلى أسرّة المستشفيات، ويُطلق النار عليهم أثناء انتظارهم للطعام، والآن… يتضوّرون جوعا.
وتابعت: "لم يعد مهما الاسم الذي نُطلقه على ما يجري. يكفي أن ترى عظام طفل بارزة من جلده الرقيق، يُمنع عنه الغذاء من قبل جنود إسرائيليين، لتدرك أن ما يحدث جريمة تتطلب تحركا فوريا".
التنديد اللفظي لا يطعم جائعا
وانتقدت الكاتبة مواقف القادة الغربيين، واصفة إياها بـ"التهويل اللفظي" دون فعل حقيقي. ولفتت إلى منشور لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على منصة "إكس"، قالت فيه إن الصور الواردة من غزة "لا تُطاق"، وإنها دعت الاحتلال الإسرائيلي إلى "الوفاء بتعهداتها". وعلّق أحد مسؤولي منظمة "أوكسفام" على ذلك، واصفًا التصريحات الأوروبية بأنها "جوفاء" و"محيرة".
وأضافت أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثبت مرارا وتكرارا أنه لا يعتزم الالتزام بأي وعود. وذكّرت بتصريحات وزير في حكومته قال فيها: "لا توجد دولة تغذي أعداءها"، و"نحن نندفع نحو إبادة غزة"، وأن سكان القطاع "ربّوا أجيالهم على فكر كتاب كفاحي"، في إشارة إلى أدبيات النازية.
ورأت الكاتبة أن "الحقيقة هي أن الحكومة الإسرائيلية لا تملك هدفا استراتيجيا واضحا لهزيمة حماس، بل تواصل تغيير أهدافها، فيما يربط نتنياهو بقاءه السياسي باستمرار الحرب إلى أجل غير مسمى".
فجوة تتسع بين الشارع والمؤسسات
وفي ظل استمرار القتل والمجاعة، أشارت مالك إلى أن حالة الاستنزاف في غزة أصبحت عاملا مزعزعا للاستقرار الإقليمي والدولي، مضيفة: "كلما انكشف حجم الدعم الغربي الصلب والبارد لأفعال إسرائيل، تراجعت مصداقية هذا الدعم وشرعيته".
ورأت أن هناك مواجهة تتبلور بين المؤسسات السياسية والجمهور، في ظل واقع لم يعد يُحتمل. واعتبرت أن التصريحات الأخيرة لقادة سياسيين كزعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر، التي جاءت في شكل "كلام عاطفي" عن غزة، ليست سوى محاولة لتنفيس الغضب الشعبي، ومنع تحوّل الأزمة إلى مشكلة سياسية داخلية لحكومات محاصَرة شعبيًا.
وقالت الكاتبة إن هذا النوع من الخطاب ليس إلا "جزءًا من لعبة مكشوفة، تهدف إلى الحفاظ على صورة إسرائيل كفاعل أخلاقي مهما بلغت انتهاكاتها، مع الإيهام بأن أي تجاوز ستتم محاسبته". لكنها أوضحت أن اللعبة تقوم على تأجيل المواجهة الحقيقية باستمرار، عبر رسم "خطوط حمراء" جديدة، ونقاط تحول متكررة، مما يجعل "نقطة القطيعة الضرورية" مع الاحتلال الإسرائيلي بعيدة باستمرار.
وأضافت: "في كل مرة تقتل فيها إسرائيل عمال الإغاثة، أو طالبي المساعدات، أو تجوّع أطفالًا حتى الموت، يبدأ الغرب موجة جديدة من التلويح بالأصابع… ثم لا يحدث شيء".
الاحتجاج.. رغم كل شيء
وفي ختام مقالها، شددت نسرين مالك على أن الاحتجاج، رغم ما يبدو عليه من ضعف أو قلة تأثير، يبقى الوسيلة الوحيدة المتاحة للضغط على القوى القادرة على كبح الاحتلال الإسرائيلي، من خلال وقف التعاون العسكري والتجاري معها.
وكتبت: "قد يبدو الاحتجاج كأنه صرخة في الفراغ، لكن التغيير الطفيف الذي حدث – مثل دخول بضع شاحنات مساعدات إلى غزة – تحقق فقط بفضل ضغط الناس في الشوارع".
وأضافت أن من الصعب التنبؤ بكيفية ترجمة هذا الضغط إلى تغيير حقيقي، خاصة بعد سنوات من الرضوخ لأساليب التهدئة الشكلية، والتي تسببت في إنهاك نفسي وذهني جماعي. وقالت: "في كل مرة نُقنع أنفسنا بأن الأمور ستتغير، يمرّ بعض الوقت، ثم نكتشف أنها لم تتغير فقط، بل ساءت".
وختمت مالك بالقول إن الهدف من هذا الخطاب الغربي الزائف هو "إسكات الجماهير بالضجيج الكلامي، وتشتيت انتباهها ببعض الانتصارات الوهمية، مثل الاعتراف بدولة فلسطينية لا تملك أي أدوات سيادية".
وأضافت: "إنها ممارسة للتغطية على الجرائم، وتبييض للسمعة، وإدارة للرأي العام، فيما الأبرياء يموتون جوعًا. وكل ما ليس فعلاً… هو مجرد ضجيج".