أكد خبيران سياسيان أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أتم الاستعداد لمواصلة عملها المقاوم وملء الفراغ القيادي الناجم عن استشهاد رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة يحيى السنوار.

ووفق قراءة سياسية للوضع الراهن، يقول الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني ساري عرابي "من الواضح أن حركة حماس كانت متوقعة مثل هذا السيناريو، وقد رتبت أمورها وبنت تنظيمها على أساس وجود بدائل قيادية جاهزة للعمل في أي لحظة".

ويضيف عرابي أن استشهاد السنوار بهذه الطريقة يحمل عدة دلالات مهمة، تتمثل في تفوق السنوار على الاحتلال الإسرائيلي أمنيا واستخباراتيا على مدى أكثر من عام، رغم الادعاءات الإسرائيلية المتكررة عن محاصرته.

كما أشار عرابي إلى قدرة السنوار على مواصلة عمله وقيادته للحركة حتى اللحظات الأخيرة، رغم كل الظروف الصعبة والمعقدة، "حيث كان يعقد اجتماعات، ويصدر تعليمات من فوق الأرض -وليس مختبئا في الأنفاق، كما روجت إسرائيل- ومستعدا للقتال والمواجهة المباشرة، كما تظهر الصورة التي انتشرت له وهو يحمل سلاحه حتى لفظه آخر أنفاسه".

قيادة جاهزة

وبشأن استعداد حماس لمرحلة ما بعد السنوار، يؤكد عرابي أن "حماس -في قطاع غزة على وجه الخصوص- ولكونها في حالة مواجهة مستمرة مع الاحتلال الإسرائيلي منذ الانتفاضة الفلسطينية الثانية، قد رتبت أمورها بحيث يكون هناك دائما بدائل قيادية جاهزة".

ومن جانبه، يصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى الطريقة التي استشهد بها السنوار بأنها تمثل "ثباتا أسطوريا لم نشهد له مثيلا في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

وأضاف أن "استطاعة السنوار البقاء في تلك المنطقة، وأن يقاتل مع المقاتلين، وأن يقود حماس من تلك المنطقة، وأن يقود المفاوضات من تلك المنطقة هذا بحد ذاته ثبات غير طبيعي وغير منطقي وأسطوري لم يسبق لها مثيل".

وفيما يتعلق بتأثير استشهاد السنوار على مستقبل الحركة، لا ينكر مصطفى أن "هذه الضربة ثقيلة بطبيعة الحال، خاصة أنها جاءت بعد اغتيال قيادات من الوزن الثقيل في الحركة، موضحا أنها ستترك فراغا ليس بالهين في منظومة حماس القيادية".

حرب الاستنزاف

ومع ذلك، يؤكد مصطفى أن "هذه الهزة لن تصبح خللا حقيقيا في منظومة العمليات ومنظومة القتال ومنظومة الدفاع والمنظومة الصاروخية عند المقاومة في غزة".

وعن مستقبل المقاومة، يشير مصطفى إلى أن "القتال تحول من نمط القتال بجيش شبه نظامي إلى نظام عصابات ومجموعات متفرقة، حيث يقاتل كل منها لوحده بدون قيادة عملياتية مركزية"، موضحا أن "هذا من شأنه أن يمنح التنظيم تفوقا في حرب الاستنزاف، ولا يضفي عليه ضعفا".

وفيما يخص تأثير هذا الحدث على مسار المفاوضات، توقع مصطفى أن يتأثر هذا المسار بشكل كبير بعد استشهاد السنوار، وغير مستبعد أن يكون "التأثير سلبيا وليس إيجابيا"، وقال إن من  يتوقع أن موقف حماس أو المقامة سيهتز أو يتراجع ويصبح أكثر لينا أو أكثر تنازلا بعد غياب السنوار "فهو واهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات استشهاد السنوار

إقرأ أيضاً:

الجدل حول هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر.. وحسم الجدل قانونيًا

السفير د. عبدالله الأشعل

في صباح السابع من أكتوبر 2023 شنت قوات حماس هجومًا شاملًا وكاسحًا على منطقة غلاف غزة، وهي منطقة تابعة لغزة احتلها المستوطنون الذين رحلوا عن غزة عام 2005 تحت ضربات المقاومة. وكان هجوم حماس على القواعد والقوات الإسرائيلية برًا وبحرًا وجوًا. ولم تُفاجأ إسرائيل بالهجوم، ولكن فُوجئت بحجم الهجوم الذي لم تكن مستعدة له أمنيًا وعسكريًا. وأخذت المقاومة معها عددًا من المدنيين والعسكريين رهائن. وقد انقسم الموقف من الأطراف المختلفة من هذا الهجوم وتشعّب المواقف إلى ثلاثة:

الموقف الأول: منطق حماس من الهجوم.. الموقف الثاني: موقف إسرائيل وأمريكا ومعظم الدول العربية وأولها السلطة.. الموقف الثالث: موقفنا من الحادث ووضعه في القانون الدولي.

أولًا: دوافع حماس ومنطقها في الهجوم

تسوق حماس سبعة دوافع لهجومها على القوات المعادية:

الأول: إن إسرائيل تعمدت إهانة الفلسطينيين منذ قيامها. الثاني: إن صبر حماس على جرائم إسرائيل خلال نحو سبعة عقود قد نُقِض، وتأكدت حماس أن السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ليست مؤقتة وعابرة، بل هي أساس المشروع الصهيوني. الثالث: تأكد لحماس أن إسرائيل خارج حدودها ليست مجرد سلطة احتلال وإنما تريد الأرض ولا تريد السكان.

الرابع: لاحظت حماس أن إسرائيل تقوم على الغضب والقوة، وأن المقاومة المسلحة هي أنسب رد على إسرائيل. الخامس: لاحظت حماس أن آليات النظام الدولي تحتال عليها إسرائيل، وأنها تفلت من العقاب، ولذلك توحشت. ورأت المقاومة أن الحلول عن طريق التفاوض غير مجدية. السادس: إن إسرائيل مصرّة على تفريغ فلسطين من أهلها.

وقدّرت حماس أن الجمهور الذي تُسيئ إسرائيل إليه سوف يعتبر المقاومة غير ذات جدوى، خاصةً وأن السلطة تعاديها وتعتبرها ذراع إيران في المنطقة قبل طوفان الأقصى، كما أن هجمات المستوطنين على المرابطين في المسجد الأقصى لا تتوقف. وسابعًا: تعتقد حماس أن من حقها الدفاع عن الشعب الفلسطيني، خاصة أن السلطة لا تحمي الفلسطينيين وليس لها جيش.

ثانيًا: موقف إسرائيل وأمريكا ومعظم الدول العربية

 موقف إسرائيل: فوجئت إسرائيل بحجم وخطورة العملية، وشمولها البر والبحر والجو، وفوجئت بجرأة المقاومة وعدم خوفها من إسرائيل، ولأول مرة تأخذ رهائن، وهي محقة في ذلك بموجب المادة 12 من اتفاقية نيويورك لأخذ الرهائن عام 1979، وتعتبر إسرائيل أن المقاومة وسّعت هدفها من مجرد مقاومة الاحتلال إلى هدف تحرير فلسطين من النهر إلى البحر. وهذه فرضية لاحظناها في رد إسرائيل، ولذلك بدأت إسرائيل حرب إبادة منظمة ضد غزة، مقدّمة لإبادة الشعب كلما حانت الفرصة.

ولما كانت المقاومة تمثّل الحق، وإسرائيل تمثل الباطل، فقد أظهرت إسرائيل بإبادتها للشعب بكافة الطرق غلًا وعقدًا وانتقامًا من تجرؤ غزة على توحش إسرائيل. وكلما نجحت المقاومة في كسر شوكة الجيش الصهيوني، ازداد حقده على المدنيين، أي كلما نجحت المقاومة في ساحات القتال، توحشت إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

 موقف أمريكا والاتحاد الأوروبي: نفس وجهة النظر الإسرائيلية تبنّتها أمريكا ومعظم الحلفاء الأوروبيين.

 

 موقف معظم الدول العربية: تابعت بألم البيانات الرسمية التي أصدرتها وزارات الخارجية العربية في معظم الدول، وتتضمن أمرين، الأول: إدانة هجوم حماس باعتباره عدوانًا على إسرائيل، ومبررًا لدفاع إسرائيل عن نفسها، على أساس أن الفعل مستحدث ورد الفعل مستحدث أيضًا، والثاني: إن بيانات الخارجية العربية أدانت هجمات حماس على المستوطنين، على أساس أن المستوطنين مدنيون كالفلسطينيين، ودعت هذه البيانات إلى المساواة بين المدنيين الفلسطينيين والمدنيين المستوطنين.

لعل هذه المقالة تبدّد الجهل بهذه الحقائق لدى من أصدر بيانات بهذا المعنى. أما من أصدر بيانات الإدانة على أساس التحالف مع أمريكا وإسرائيل، فقد ضلّ ضلالًا بعيدًا.

رأينا في وضع الحادث في القانون الدولي الحق أن الاحتلال طويل الأجل، خاصة إذا كان يستخدم الاحتلال ستارًا لإفراغ فلسطين من أهلها بل وإبادتهم، ليس له حقوق في القانون الدولي، بل للمقاومة أن تستخدم كل الوسائل، بما فيها أخذ الرهائن، أما الموقف الأمريكي، فقد تماهى مع الموقف الإسرائيلي، واقتربت منهما مواقف معظم الدول العربية، خاصة وأن الدول العربية اتخذت موقفًا معاديًا للمقاومة قبل الحادث بعام تقريبًا، عندما قررت الجامعة العربية أن المقاومة العربية بكل أجنحتها من قبيل "الإرهاب"، وهو موقف إسرائيل وأمريكا ومعظم الدول الغربية،
ولاحظنا أن الحكومات العربية وحدها تعادي المقاومة بسبب الضغوط الأمريكية، أما الشعوب العربية فكلها مجمعة على مساندة المقاومة ومساندة إيران ضد إسرائيل.

الخلاصة أن ضربة المقاومة ليست منقطعة الصلة عمّا قبلها من جرائم إسرائيل، ويكفي أن محكمة العدل الدولية أكدت في آرائها الاستشارية منذ عام 2004، وآخرها عام 2024، أن علاقة إسرائيل بأرض فلسطين خارج قرار التقسيم هي مجرد علاقة احتلال ويجب أن تنتهي، وأما ما تدّعيه إسرائيل بأن المقاومة اعتدت عليها مما أعطاها الحق في "الدفاع الشرعي"، وما ترتب على هذا الهجوم تتحمل مسؤوليته المقاومة، فذلك اتهام سياسي لا يسنده القانون، وكان يمكن للمقاومة أن تُنقذ غزة لو اعتذرت لإسرائيل! ثم إن إسرائيل، بمجاهرَتها بهدف القضاء على المقاومة، تُخالف القانون الدولي، وقد فصّلنا ذلك في مقال سابق.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • تدريب قوات فلسطينية وفق خطة أمنية مصرية.. ماذا تُعد القاهرة وشركاؤها لغزة؟
  • فصائل فلسطينية: وقف الإبادة والتجويع واجب فوري لا يُساوَم عليه وسلاح المقاومة مرتبط بالتحرير
  • حماس ردًا على "إعلان نيويورك": المقاومة وسلاحها استحقاق وطني
  • “حماس” في الذكرى الأولى لاغتيال هنية: استشهاد القادة يزيدنا تمسكًا بالحقوق والثوابت
  • خبراء للجزيرة نت عن زلزال روسيا التاريخي: أدركنا همسات الأرض بأثر رجعي
  • "حماس" في الذكرى الأولى لاغتيال هنية: استشهاد القادة يزيدنا تمسكًا بالحقوق والثوابت
  • حماس تحيي الذكرى الأولى لاغتيال إسماعيل هنية
  • في ذكرى استشهاده.. حماس تُحيي إرث هنية.. ارتقى قائدًا كما عاش مقاومًا
  • الجدل حول هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر.. وحسم الجدل قانونيًا
  • "حماس": تصريحات سموتريتش تكشف الطبيعة الاستيطانية لحكومة الاحتلال