جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-12@15:39:32 GMT

استشهاد "جيفارا العرب"

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

استشهاد 'جيفارا العرب'

 

جمال بن ماجد الكندي

ربما تختلف الشخصيات النضالية التحررية من حيث ما تحمله من عقيدة وفكر ديني يتعبد به، ولكنها لا تختلف فيما تحمله من أيديولوجية تحررية تقاتل العدو بها، فهي تتقاطع مع من يحمل هذا اللواء، ولو اختلفت التوجهات الدينية فيما بينهم، فهم يلتقون في بوصلة مؤشرها حركة النضال من أجل التحرر.

من هنا ذكرت في عنوان المقال "استشهاد جيفارا العرب"، وأقصد به استشهاد القائد المجاهد الكبير يحيى السنوار، الذي استشهد وهو يُقاتل الصهاينة مقبلًا غير مدبر، فنال الشهادة التي يتمناها، كما نالها إخوته من قبل في المقاومة اللبنانية والفلسطينية.

الشهيد المجاهد يحيى السنوار من القادة السياسيين البارزين في حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقد انخرط منذ شبابه في مقاومة العدو الصهيوني. في عام 1989م، تم اعتقاله من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهم تتعلق بمقاومة الاحتلال، وقضى في سجون الاحتلال 22 سنة حتى تم الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011م (صفقة شاليط). في عام 2017م، تم انتخابه قائدًا لحركة حماس في قطاع غزة، وأصبح مسؤولًا عن إدارة العمليات العسكرية والتفاوضية. وبعد اغتيال إسماعيل هنية تم انتخابه ليكون رئيسًا لحركة حماس.

يُعرف السنوار بشخصيته القوية وقدرته على اتخاذ القرارات في الأوقات الحرجة، ما أكسبه سمعة القائد الحازم. السنوار هو مهندس ومخطط معركة طوفان الأقصى، إلى جانب القائد العسكري "محمد الضيف" وآخرين. هذه المعركة كسرت أنف المحتل الصهيوني، وفعلت ما لم تفعله الجيوش العربية في كل حروبها مع إسرائيل، فقد كانت خسائر العدو الصهيوني في هذه المعركة أكثر من 1500 قتيل، وغيرت هذه المعركة معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني، خاصة بعد أسر إسرائيليين في معركة طوفان الأقصى.

أوجه الشبه بين الشهيد السنوار وجيفارا، أن كليهما قاتل إلى الرمق الأخير ممتشقين أسلحتهم في وجه أعدائهم. وجيفارا هو إرنستو تشي جيفارا، من مواليد الأرجنتين، وكان ثوريًا ماركسيًا وأحد القادة البارزين في الثورة الكوبية. تميز جيفارا بتفكيره الثوري المناهض للاستعمار والإمبريالية، وكان من الداعمين لثورات التحرير في أمريكا اللاتينية والعالم الثالث. لذلك أصبح بعد إعدامه رمزًا عالميًا للنضال ضد الإمبريالية والظلم الاجتماعي، ورمزًا للحركات الثورية حول العالم، حيث يستمر تأثيره حتى اليوم.

الشهيد الكبير يحيى السنوار هو قائد من طراز جيفارا، فقد كان يحمل فكر التحرر الوطني من أجل القدس والقضية الفلسطينية، ونقاط التقاطع بينه وبين جيفارا هي أنهما يحاربان نفس العدو الذي يدعم الدكتاتوريات في المنطقة، مع مراعاة اختلاف الزمان والمكان. فأمريكا هي الداعم الأول للعدو الصهيوني، وكانت كذلك الداعم الأول للدكتاتوريات في أمريكا اللاتينية، حديقتها الخلفية. وهي لا تريد أن ترى قائدًا نضاليًا شعبويًا من طراز "جيفارا" في شخص السنوار أو السيد حسن نصر الله في المنطقة، وتعتقد أن بزوالهم تزول القضية. لذلك تم اغتيالهم.

هنا نحن أمام سؤال كبير: ماذا بعد استشهاد السنوار؟

وقبل الإجابة عن هذا السؤال، نقول: ماذا حصل بعد اغتيال السيد حسن نصر الله؟ العدو الصهيوني ومن ورائه أمريكا وصهاينة المنطقة هللوا فرحًا باغتيال السيد حسن نصر الله. فهل تراجعت المقاومة في لبنان؟ العكس يُثبته الميدان، بصواريخ المقاومة اللبنانية التي تضرب عمق فلسطين المحتلة بكثافة أكبر وباستراتيجية جديدة لا تُميِّز بين المواقع العسكرية والمدنية، فكلها بعد استشهاد السيد نصر الله في مرمى صواريخ المقاومة، والعملية البرية في جنوب لبنان لم تحقق هدفها الاستراتيجي في إبعاد المقاومة اللبنانية إلى ما وراء نهر الليطاني؛ فالقوات الإسرائيلية ما زالت تراوح مكانها بعد 14 يومًا من بدء العملية البرية التي أعلن عنها العدو الصهيوني.

أما بعد استشهاد القائد يحيى السنوار، فكانت ردود الأفعال من حلفاء إسرائيل، أمريكا وبريطانيا، واضحة عبر تصريحات نائبة الرئيس الأمريكي، ووزير الخارجية البريطاني؛ حيث قالا إن الوقت قد حان لوقف إطلاق النَّار لضمان حماية إسرائيل، وبعدها يأتي فك الحصار النسبي عن غزة، والتحدث عن اليوم التالي دون وجود حماس في السُلطة.

يُخيل لمن يسمع هذا الكلام بأنَّ القائد الشهيد السنوار كان هو العائق الأكبر في إتمام أي صفقة تُعيد الأسرى الإسرائيليين وتُوقِف الحرب. والحقيقة التي يعلمها الجميع، بمن فيهم الأمريكي، أن من كان يقف ضد كل الصفقات السابقة لوقف الحرب وإعادة الأسرى هو نتنياهو، بتدخله المباشر لعرقلة أي اتفاق لوقف إطلاق النَّار، حتى إنه عارض مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف إطلاق النار والتي أُيِّدَت بقرار أممي.

رحيل السنوار عن الساحة النضالية في فلسطين لن يُغيِّر من الأمر شيئًا، وذلك لسبب واضح، وهو أنَّ الأسرى الإسرائيليين ما زالوا في خانة المجهول، ولا يعرف مكانهم إلّا قيادات المقاومة، والاتصالات الهستيرية التي تقوم بها إسرائيل وأمريكا لمعرفة مكانهم لن تنفعهم، فهم في قبضة رجال السنوار في غزة، والشروط للإفراج عنهم هي ذاتها لم تتغير، وقد ذكر القيادي في حركة حماس خليل الحية بعد استشهاد السنوار أن شروط الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لن تتغير بعد استشهاد السنوار.

الشهيد البطل يحيى السنوار ومن قبله السيد حسن نصر الله أصبحا أيقونة للنضال من أجل التحرر الوطني في فلسطين ولبنان، ضد العدو الصهيوني؛ فدماؤهم وقود ومدد لمن يأتي بعدهم من قادة سياسيين وعسكريين، والمجاهدون على الأرض يستمدون طاقتهم من خطبهم النضالية؛ فهي مشاعل توقد لهم درب النضال المقدس. والعدو الصهيوني ارتكب خطأ فادحًا سيندم عليه بتسريبه المقطع المصور للشهيد السنوار وهو يقاتل ويرمي الطائرة التي تصوره؛ فهذا المشهد يدحض كل مزاعم الصهاينة بأنَّ الرجل يتحصن في الأنفاق ويجعل من الأسرى الصهاينة دروعًا بشرية، فسوف تبقى هذه الصورة للسنوار وهو يُقاتل حتى الرمق الأخير، لتكون الصورة الحقيقية لهذا القائد الفذ الذي استُشهد من أجل القُدس وفلسطين، وهي التي ستكون وقودًا للمقاتلين، ولمن يأتي بعده لتكملة مسيرة النضال في قيادة حركة المقاومة الفلسطينية "حماس".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الحيّة يعلن رسمياً التوصل لاتفاق إنهاء العدوان على غزة ويوضح بعض بنوده

الثورة نت/..

أعلن رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، رئيس الوفد المفاوض، الدكتور خليل الحية، مساء اليوم الخميس، رسميًا “التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب والعدوان على شعبنا الفلسطيني، والبدء بتنفيذ وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب قوات الاحتلال ودخول المساعدات وفتح معبر رفح في الاتجاهين، وتبادل الأسرى”.

وقال في كلمة متلفزة: “سوف يطلق سراح 250 من أسرى المؤبدات و1700 من الأسرى من أبناء قطاع غزة الذين تم اعتقالهم بعد السابع من أكتوبر فضلا عن إطلاق سراح الأطفال والنساء جميعا”.

وأضاف: “تسلمنا ضمانات من الإخوة الوسطاء ومن الإدارة الأمريكية مؤكدين جميعًا أن الحرب انتهت بشكل تام، وسنواصل العمل مع القوى الوطنية والإسلامية استكمال باقي الخطوات والعمل على تحقيق مصالح شعبنا الفلسطيني وتقرير مصيره بنفسه وإنجاز حقوقه إلى حين إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس”.

وأكدَّ تعامل الوفد الفلسطيني بمسؤولية عالية مع خطة الرئيس الأمريكي، وتقديم رد “يحقق مصلحة وحقوق شعبنا وحقن دمائه” ، موضحا أن “الرد يتضمن رؤيتنا لوقف الحرب”.

وحيّا الحية “الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، في الضفة والـ 48 والشتات بالتقدير العظيم، معربًا عن “التقدير العميق من الإخوة الوسطاء في جمهورية مصر العربية ودولة قطر والجمهورية التركية، ومن شاركنا الدم والمعركة من أمتنا في اليمن ولبنان والعراق والجمهورية الإسلامية في إيران”.

كما حيّا “كل من تضامن معنا في كل أنحاء المعمورة من أحرار العالم الذين خرجوا في مسيرات بمئات الآلاف بل بالملايين في الساحات يصدحون بالحق، ونخص أيضا المتضامنين في قوافل الإسناد والحرية برا وبحرا وكل من ساهم معنا بكلمة حق أمام طغيان جائر متجبر في هذه الأرض”.

وقال رئيس حركة حماس في غزة: “عامان وغزة تصنع المعجزات وحيدة وتداوي الجراح، عامان وغزة تدافع عن القدس والأقصى وتقاتل هذا العدو بكل بسالة وبجرأة منقطعة النظير”، مؤكدا “أن غزة محرمة على أعدائها، ورجالها لا ينكسرون ولا يضرهم من خذلهم”.

وأضاف خليل الحيّة: “ونحن نعيش الذكرى الثانية لمعركة السابع من أكتوبر المجيدة نقف أمام عهدة الشهداء الأبرار من القادة مفجري الطوفان الشهيد القائد إسماعيل هنية رئيس الحركة ونائبه الشهيد القائد صالح العاروري والشهيد القائد يحيى السنوار والقائد الشهيد أبو خالد الضيف ورفاقه من قادة المقاومة الذين اصطفاهم الله فصدقوا ما عاهدوا الله عليه”.

وأردف: “نقف أمام بطولات رجال المقاومة وأبطالها الذين قاتلوا من نقطة صفر وكانوا كالطود العظيم أمام دبابات الاحتلال وآلياته وجنوده، وأفشلوا مخططات العدو واحدا تلو الآخر من مخططات التهجير والتجويع وصناعة الفوضى وغيرها من محاولات تحطمت أمام وعيكم وإرادتكم.

وأشار إلى استمرارهم “في التفاوض غير المباشر والذي أخذ فترات طويلة من المماطلة والتراجع والإفشال في كل محاولة لكننا لم نوقف بذل كل جهد ممكن لوقف العدوان وإنهاء حرب الإبادة”.

وكانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أعلنت فجر اليوم الخميس، التوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب على غزة، وانسحاب الاحتلال منها، ودخول المساعدات وتبادل الأسرى.

مقالات مشابهة

  • مقطع مصور يوثق تنكيل قوات العدو الصهيوني بأسرى فلسطينيين قبيل تحررهم
  • ناشط مغربي: اتفاق غزة ثمرة صمود المقاومة والجبهة اليمنية التي أربكت العدو الصهيوني
  • حماس تكشف مصير البرغوثي وسعدات وهل جرى التفاوض على جثـ.ـمان السنوار؟
  • هآرتس: حماس خرجت من الحرب متماسكة وتحققت أهداف السنوار
  • قيادي في حركة “الجهاد”:المقاومة انتصرت العدو الصهيوني فشل في تحقيق أهدافه
  • الحيّة يعلن رسمياً التوصل لاتفاق إنهاء العدوان على غزة ويوضح بعض بنوده
  • الحية يعلن التوصل لاتفاق إنهاء الحرب بغزة
  • الأنظمة العربية التي استخدمها العدو الصهيوني كأدوات لتنفيذ جرائمه في غزة وهذا ما كشفه السيد القائد
  • السيد القائد يكشف الاخطر في المخطط الصهيوني اشراك انظمة عربية
  • السيد القائد: الإجرام الصهيوني الرهيب في غزة يستحق أن يوصف بأنه جريمة القرن