تحت ضربات المقاومة في فلسطين ولبنان.. انهيار نظرية الردع وتغير العقيدة القتالية الإسرائيلية
تاريخ النشر: 21st, October 2024 GMT
الثابت أن العقيدة القتالية للكيان الصهيوني منذ نشأته تقوم على الحرب الخاطفة ونقل الحرب خارج حدوده، واعتماد نظرية الردع كأحد أهم الوسائل للدفاع عن وجوده، وهو ما حدث طوال سنوات الصراع العربي الإسرائيلي، وإن كان الوضع قد مر بمنعطف خطير عندما اندلعت حرب السادس من أكتوبر المجيدة عام 1973، حيث وضعت جيش الاحتلال في مأزق وجودي، ولم ينقذه غير التدخل الأمريكي المباشر في الحرب، وبأكثر من صورة أشهرها الجسر الجوي بالعدة والعتاد والمساعدات العسكرية التي فاقت التصور، بعد انهيار رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير حينذاك وبكائها، وطلب النجدة لإنقاذ الكيان الصهيوني من الانهيار.
ومن الثابت أن ما يحدد العقيدة القتالية لأية دولة هو مجموعة من العوامل منها الموقع الجغرافي، والوضع الديموجرافي، وعدد السكان وأماكن تمركزهم داخل الدولة، ومساحة الأرض وامتدادها وتضاريسها، ومحيطها من حيث التعاون أو الصراع، وقوة اقتصادها، وتماسك جبهتها الداخلية والرضا العام، وكلها عوامل تصيغ العقيدة القتالية للدولة وتحدد حجم قوتها الشاملة واستعدادها للدفاع عن حدودها ووجودها، إلى جانب حجم ونوع قواتها المسلحة وسعيها للحصول على أدوات الردع المناسبة لمواجهة التهديدات المحيطة بها.
ومن هذا المنطلق صاغت إسرائيل عقيدتها العسكرية منذ نشأتها وفق عدد من المحددات منها الردع، والحرب الخاطفة، ونقل المعركة خارج حدودها، والتفوق العسكري المطلق مع السيطرة الجوية الكاملة، وتجنب القتال المباشر أو المواجهة المباشرة في القتال، واستخدام القوة المفرطة وإلى حد الإبادة الجماعية وإثارة الذعر في صفوف المدنيين، على النحو الحاصل فيما تقوم به لإضعاف المقاومة، حاليًا.
ولقد خضعت تلك العقيدة لاختبارات عديدة أثبتت فشلها في أكثر من اختبار كان أهمها على الإطلاق انتصار السادس من أكتوبر عام 1973، والذي أصاب العقيدة القتالية للعدو في مقتل حيث أنهى بلا رجعة نظرية الجيش الذي لا يقهر، وانهارت نظرية الردع الإسرائيلي أمام بسالة الجندي المصري، الذي حطم أسطورة جيش العدو وأرسل عقيدته العسكرية إلى مزبلة التاريخ، وكشف مدى ضحالة وجبن العسكري الإسرائيلي في أية مواجهة مباشرة، وهو الأمر الذي بات يدرس في المحافل الأكاديمية العسكرية العالمية حتى وقتنا الحالي.
ثم جاءت الحرب الحالية لتلقي بظلال من الشك حول جدوى العقيدة القتالية الإسرائيلية، حيث انهارت جميع عناصرها أمام المقاومة الباسلة سواء في غزة أو الضفة الغربية أو في لبنان، وذلك على الرغم من تضرر البنية الداخلية للمقاومة في جبهتي غزة وجنوب لبنان لفقدهم عددًا كبيرًا من قياداتهم في المواجهة إلى جانب الدمار وجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال، إلا أن الصراع ما زال مستمرًا وما تزال المقاومة قادرة على إيلام العدو ووضعه في موقف الضعف، حيث كسرت المقاومة العديد من الخطوط الحمراء في نظرية الأمن الإسرائيلي، وأهمها الوصول لعمق الكيان الصهيوني وتهديد كل شبر في داخله.
ولعل أهم عناصر انهيار العقيدة القتالية الإسرائيلية وانهيار نظرية الردع مؤخرًا تكمن في العديد من النقاط أهمها:
* عنصر المباغتة الذي قامت به المقاومة الفلسطينية في غزة في السابع من أكتوبر من العام الماضي، وضربها لنظرية الأمن الإسرائيلي في مقتل، مما استدعى التدخل الأمريكي المباشر إلى جانب بريطانيا وفرنسا وعدد آخر من الدول لإنقاذ الكيان الصهيوني من الانهيار، وإمداده بالعدة والعتاد والمعلومات وتوفير غطاء الحماية الجوية في بعض المعارك والمشاركة في القتال المباشر أحيانًا.
* امتداد أمد الصراع الذي تجاوز العام وما تبعه من آثار على كافة المستويات السياسة والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، حيث بدا الانهيار داخل المجتمع الإسرائيلي، والذي أصبح يعيش معظم أوقاته داخل الملاجئ، وتصاعد الهجرة الداخلية وهروب سكان الشمال الإسرائيلي وغلاف قطاع غزة من قطعان المستوطنين إلى مدن الداخل، وتصاعد موجات الهجرة العكسية منذ اندلاع المواجهات بوتيرة متصاعدة، والانهيار الاقتصادي والركود الذي تجاوز حد الخطر وضرب الاقتصاد في مقتل، بالإضافة إلى توجه معظم مصادر الدخل القومي إلى تمويل الحرب، وذلك على الرغم من المساعدات الأمريكية والغربية التي تخطت عشرات المليارات من الدولارات، لإبقاء الكيان الصهيوني على قيد الحياة.
* انهيار حائط الحماية الأمنية الإسرائيلية، وتجاوز المقاومة للخطوط الحمر، وتجاهل نظرية الردع الإسرائيلي عبر الوصول إلى داخل الكيان الصهيوني وتهديد كل شبر فيه، وهو ما تجلى في نفاذ المقاومة إلى داخل الكيان المحتل وفي غلاف غزة، وأسر عدد كبير من قوات العدو، وقيام حزب الله في نشر الرعب في شمال الكيان المحتل وتهجير سكانه من قطعان المستوطنين، إلى جانب وصول صواريخ حزب الله وصواريخ المقاومة في غزة والصواريخ والمسيرات الإيرانية إلى كل شبر داخل كيان العدو مع تهديد مباشر للقواعد العسكرية والمطارات الحربية، وهو ما كشف هشاشة إسرائيل من الداخل رغم الحماية الأمريكية- البريطانية- الفرنسية لهذا الكيان اللقيط.
يبقى القول إن صمود المقاومة هو العامل الحاسم في حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة، وذلك على الرغم من الثمن الفادح الذي يدفعه هذا الشعب البطل في قطاع غزة وفي الضفة الغربية، إلى جانب ما يدفعه الشعب اللبناني الشقيق ثمن وقوفه إلى جانب المقاومة في فلسطين، وعبر تلك التضحيات وحدها والثمن الباهظ الذي يدفعه الشعبان الفلسطيني واللبناني وما يتعرضان له من حرب إبادة جماعية ومجازر، إلا أن النصر دائمًا قرين كل مقاومة، والاحتلال إلى زوال وفق معطيات التاريخ.ِ
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل لبنان العدوان الإسرائيلي الوضع في لبنان المقاومة الکیان الصهیونی نظریة الردع إلى جانب
إقرأ أيضاً:
«971» للفنون القتالية المختلطة تجمع نجوم العالم في دبي
دبي (الاتحاد)
تستضيف دبي، الجمعة المقبل، النسخة الثانية من بطولة 971 للفنون القتالية المختلطة، التي تقام في قاعة كوكاكولا أرينا، بالتعاون مع مجلس دبي الرياضي، وبمشاركة نخبة من أبرز المقاتلين المحليين والدوليين.
ويتصدر النزالات القمة التي تجمع بين المقاتل البريطاني من أصول داغستانية محمد مكايف، والمقاتل البرازيلي توماس أسيس، في مواجهة تحظى باهتمام واسع من جمهور اللعبة، نظراً لما يتمتع به الطرفان من سجل احترافي قوي وأداء فني متميز.
وانطلقت فعاليات «أسبوع النزال» في دبي، وبدأ المقاتلون في التوافد إلى الدولة للمشاركة في الأنشطة الرسمية المصاحبة للبطولة، والتي تشمل المؤتمرات الصحفية، والجلسات الإعلامية، وجلسات التصوير، وذلك في إطار التحضيرات النهائية لهذا الحدث الرياضي.
وتعكس البطولة المكانة الرائدة للدولة على خريطة استضافة الفعاليات الرياضية الدولية، ودورها الحيوي في تطوير رياضة الفنون القتالية المختلطة في المنطقة.
وتُعد البطولة من المبادرات الرياضية التي أسسها المقاتل العربي السابق منير لزاز، رئيس اللجنة المنظمة الذي قال: هذه البطولة مشروع رياضي متكامل يهدف إلى تمكين الأجيال القادمة من المقاتلين العرب، ومنحهم الفرصة للظهور على منصات احترافية حقيقية، ونؤمن بأهمية الاستثمار في المواهب المحلية، وتوفير بيئة تنافسية بمعايير عالمية، تساهم في بناء مسيرة رياضية مستدامة لهؤلاء الأبطال، وتحمل نسخة هذا العام طابعاً خاصاً، من حيث جودة التنظيم وتنوع المشاركين، ونأمل أن تكون خطوة جديدة في مسار الارتقاء برياضة الفنون القتالية المختلطة في المنطقة.