علي بن تميم: نتّجه لتعزيز مكانة اللغة العربيّة والتعريف بمُنجزها الحضاري بفرنسا وأوروبا
تاريخ النشر: 22nd, October 2024 GMT
توجّه الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، بخالص التهنئة والتقدير لمعهد العالم العربي في باريس، وذلك بمناسبة فوزه المُستحق بجائزة الشيخ محمد بن راشد للغة العربية في فئة مُبادرة تعليم اللغة العربية كلغة أجنبية، ومنح المعهد "شهادة سمة" للناطقين بغير العربية، والتي تُعتبر أكبر اختبار وشهادة دولية في مجال إتقان لغة الضّاد للأجانب.
وقال بن تميم، خلال اللقاء الذي جمعه أمس، الاثنين، في العاصمة الفرنسية، مع حشد من المُثقفين والإعلاميين العرب والفرنسيين والأجانب وعدد من طلبة جامعة السوربون ومعهد العالم العربي وخبراء وباحثين في شئون لغة الضّاد ومن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، إنّه "وبلا شك فإنّ حصول (سمة) على هذه الجائزة المتميزة تأكيدٌ على أنّ المعهد استطاع تحقيق أهدافه في دعم القراءة والكتابة باللغة العربية في أوساط غير الناطقين بها، بوصفها لغة عالمية للثقافة والاتصال والعلم والإبداع".
مركز أبوظبي للغة العربية، شريك وداعم
وأعرب بن تميم عن سعادته بأن يكون مركز أبوظبي للغة العربية شريكاً وداعماً لهذا الاختبار المُهم "سمة"، الذي يُعدّ أول شهادة لقياس كفاءة الأفراد باللغة العربية الحديثة، تُمنح لهم بعد الخضوع لاختبار علمي لتقييم كفاءتهم في الفهم والتعبير باللغة العربية.
وذكر أنّ الشراكة بين مركز أبوظبي للغة العربية، ومعهد العالم العربي انطلقت في أكتوبر 2021، وبدأت هذه الشراكة منذ انطلاقتها تتكلّل بالنجاح.
وأضاف: "إننا نتّجه معاً نحو تعزيز مكانة اللغة العربيّة عالمياً، ونحو سُبِل أوسع للتعريف بالعربية وثقافتها وفنونها ومُنجزها الحضاري، في فرنسا وأوروبا".
وتابع: "إننا نؤمن أنّ هذه المَهمَّة يضعها معهد العالم العربي نصب عينيه ويسعى إلى تنفيذها بكفاءة واقتدار، وليس هذا اللقاء الذي نحن فيه إلا إشارة دالّة في هذه الطريق التي تقودنا إلى الاحتفاء باللغة العربيّة "كنز فرنسا"، كما أحبَّ "جاك لانغ" أنْ يصفَها بحقّ. وقد جمعتنا بمعهد العالم العربيّ شراكة قويّة، أفضت إلى توقيع اتّفاقيّة كانت تنفيذاً لتوجيهات القيادة الحكيمة لدولة الإمارات في يناير (كانون الثاني) 2021، بتخصيص منحة لدعم معهد العالم العربي في باريس، تحفيزاً للجهود العالمية المُشتركة لنشر اللغة العربية وتعزيز مكانتها العالمية".
أكثر من 400 شخص تقدّموا لامتحان "سمة" في الإمارات
وأوضح علي بن تميم، أنّه، وفي هذه السبيل كانت شهادة الكفاءة الدولية في إتقان اللغة العربية (سِمة)، التي أطلقها معهد العالم العربي عام 2018، مشروعاً كبيراً ومُهمّاً يُحقّق للغة العربيّة سمعة عالميّة لأنّه وُضِع في إطار معايير وسياسات لغوية مدروسة، ونُفِّذ بجهود علمية لمسناها في السنة الأولى من إجراء الاختبار في دولة الإمارات العربيّة المتحدة.
وسعى مركز أبو ظبي للغة العربيّة، بالتعاون مع الرابطة الفرنسيّة بأبوظبي (مركز تقديم الاختبار في دولة الإمارات)، إلى الترويج للاختبار، والتنسيق مع جميع المؤسسات والمراكز للتعريف به وحثّهم على التقدّم له، وسهّل السبيل إلى ذلك من خلال الدعم الماديّ للامتحان. وفي أكتوبر 2022 تمّ الاحتفاء بهذه الجهود في مقرّ الرابطة بحضور مسؤولين كِبار في الدولة والسلك الدبلوماسيّ، وقد كرَّم المركز المُمْتَحَنين الذين حازوا أعلى التقديرات في الاختبار.
وكشف بن تميم أنّه قد تقدّم لاختبار "سمة" في دولة الإمارات في السنة الأولى (عام 2022م) 146 مُشاركاً ومُشاركة، وازداد العدد في السنة التالية إلى 192، وبلغ العدد الإجمالي حتى نهاية أكتوبر من السنة الثالثة 417 مُشاركاً ومُشاركة.
نحو عالميّة اللغة العربيّة
وأكد رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، أنّ اهتمام المركز بامتحان “سمة” جاء في إطار اهتماماته الحضاريّة باللغة العربيّة في آفاقها وفضاءاتها التي يحرص المركز على دعمها، واليوم بعد فوز معهد العالم العربي في باريس عبر شهادة “سمة” بهذا التقدير المُهم من جائزة محمد بن راشد للغة العربية، كلنا يقين بأنّ هذه الجائزة، ستكون دافعاً كبيراً لزيادة عدد المبادرات، الساعية إلى دعم تعليم اللغة العربية والعمل على زيادة انتشارها وتوسعها.
واختتم علي بن تميم حديثه مع المُثقفين والإعلاميين في معهد العالم العربي بباريس، بالتأكيد على أنّ اللغة العربية بوصفها لغة للمعرفة والعلم والثقافة والإبداع، تتطلّب منا أنْ نبذل مزيداً من العطاء، لتحقيق نتائج ملموسة تعود على العربيّة وثقافتها بالنفع الكبير. لذا، فإنّ مركز أبو ظبي للغة العربية يطمح أن تتضافر الجهود، وفق منهجيّة مدروسة، من أجل الوصول إلى عالميّة اللغة العربيّة في هذه المجالات الأربعة: المعرفة، والتواصل، والثقافة، والإبداع؛ فالمعرفة قوّة، والتواصل انفتاح، والثقافة أصالة وحداثة، والإبداع عطاء.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مركز ابوظبي للغة العربية العاصمة الفرنسية اللغة العربية الحديثة العالم العربى مرکز أبوظبی للغة العربیة معهد العالم العربی ة اللغة العربی ة اللغة العربیة باللغة العربی للغة العربی ة علی بن تمیم
إقرأ أيضاً:
آفة العطش تهدد المجتمعات العربية
تُعتبر قضية المياه، من القضايا المزمنة والمتجذرة في النظر السياسي العربي. فمنذ أكثر من ثلاث وعشرين سنة (17-20 شباط/ فبراير 1986) عُقدت في الكويت ندوة مهمة قاربت "مصادر المياه واستخداماتها في الوطن العربي"، أشرف على رعاية أشغالها كل من "المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة"، و"الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي"، و"الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية"، وقد صدر في أعقاب ذلك "بيان الكويت حول الأمن المائي العربي".
ففي الواقع جاءت الندوة أعلاه في سياق تنامي الوعي الدولي بخطورة الوضع المائي العالمي عموما، ودقته المحرجة في بعض المناطق من العالم، وفي صدارتها البلاد العربية. يذكر أنه في عام 1977 عُقد في "ماردل بباتا" (Mar del Plata) في الأرجنتين مؤتمر دولي للمياه، كما تبنت الأمم المتحدة في ثمانينيات القرن الماضي عهدا دوليا لتوفير مياه الشرب والصرف الصحي، وفي سنة 1984 أعطى المؤتمر الجيولوجي السابع والعشرون، المنعقد في موسكو، الأولوية لمسألة المياه على مشكلات الطاقة والمواد الأولية.
تبدو صورة الوضع العربي في مرآة الأمن المائي العالمي أكثر إثارة للقلق والحيرة، والإحساس بالخطورة الراهنة والمستفحلة، لا محالة، في القادم من السنين
ومن اللافت أنه بعد مرور قرابة خمسة عقود على دخول قضية المياه الأجندة السياسية لمؤسسات التنظيم الدولي، ما زال الماء، الذي جعله الخالق مصدر الحياة، في قلب الحوارات والمفاوضات الدولية، ونميل إلى الظن أنه سيبقى على رأس الانشغالات العالية الكبرى خلال الألفية الجديدة، لاعتبارات موضوعية خاصة بتراجع منسوب المياه في اليابسة وازدياد الطلب على الموجود منها، وبسبب التغيرات المناخية النوعية المتعاظمة التي شهدها كوكب الأرض نتيجة فعل الإنسان وسوء تدبيره لهذه الثروة الاستراتيجية في حياة البشر.
تبدو صورة الوضع العربي في مرآة الأمن المائي العالمي أكثر إثارة للقلق والحيرة، والإحساس بالخطورة الراهنة والمستفحلة، لا محالة، في القادم من السنين. فمن هذه الزاوية بالذات، لعبت المكانة الجيوسياسية للعالم العربي دورا مقررا في رسم قسمات هذه الصورة، وترجيح احتمالات تأكيد تحققها في الزمن المقبل، دليلنا في ذلك الإحالة على المتوفر من الإحصائيات، المعترف بصدقيتها من قبل الدول العربية ومنظمات المجتمع الدولي ذات الاختصاص..
فبحسب المنظمة العربية للتنمية الزراعية، تعتمد 80 في المائة من المساحات المزروعة على الأمطار، ويمثل الباقي الزراعات المسقية أو المروية، مما يعني الارتباط الوثيق بين التساقطات المطرية وتطور الزراعة، أو بالعكس. ثم إن نصيب العالم العربي من الموارد المائية المتجددة يشكل حوالي 0.74 في المائة من الموارد المتجددة في العالم، ولو احتسبنا كمية هذه الموارد بالنسبة إلى كل سكان البلاد العربية، لوجدنا أن نصيب الفرد من الاستهلاك السنوي للماء لا يتجاوز 1744 مترا مكعبا، في الوقت الذي يصل فيه استهلاك نظيره في أمريكا 350 لتر ماء في اليوم، وهي مقارنة تبدو بسيطة، غير أنها تعطي دلالات عن واقع الاختلال الحاصل في توزيع الثروة المائية في العالم.
إلى جانب ما سبق، يقدم الموقع الجيوسياسي للبلاد العربية، وعلى وجه التحديد منطقة الشرق الأوسط، عناصر مهمة لتفسير مصادر التهديد التي تواجه الأمن المائي العربي، وفي النتيجة الأمن الغذائي عامة. فمن المعروف أن 60 في المائة من مصادر المياه مشتركة بين البلاد العربية وغيرها من دول الجوار (تركيا وإسرائيل تحديدا)، كما أن نصيب الفرد العربي من استهلاك المياه ضعيف ومحدود، مقارنة مع نظرائه من المواطنين في العالم، الأمر الذي يدفع، وقد دفع النخب السياسية العربية منذ عقود، إلى جعل الماء قضية ذات الصدارة في أجندتها السياسية، لاعتبارات خاصة بالقيمة الاستراتيجية لمادة الماء، التي لا تقل أهمية عن النفط ومشتقاته، ولتحولها إلى أداة ضغط في الصراعات الإقليمية العربية، ووسيلة ناجعة للتأثير في الأمن القومي العربي، وفي مقدمته الأمن الغذائي.
على الرغم من الوعي المتنامي بخطورة هده القضية، والمجهودات الجارية لوضع وتنفيذ سياسات عمومية فعالة وناجعة، تبقى قضية الماء من الأوليات الواجب العناية بها بقدر عال من الوعي والمسؤولية، كي تتجنب المجتمعات العربية آفة العطش الحاد والمزمن، وكي تضمن للأجيال القادمة استدامة هذه الثروة
فمن المعروف أن 70 في المائة من استهلاك الماء يوجه إلى الزراعة، و20 في المائة للصناعة، وما تبقى للاستهلاك (10 في المائة)، وهو ما يعني أن الزراعة العربية ستبقى رهينة هذا الواقع الموسوم بالشح وارتباط منابع المياه بالمحيط الإقليمي، وهو ما يبدو معقدا ودقيقا في المثال العربي، حيث يوجد كيان مستنبت بالقوة، أي إسرائيل، لم يلتهم الأرض فحسب، بل استولى على مصادرها المائية، وأسس كيانا قائما أصلا على جيوبوليتيك رسمت الحدود على خلفية التحكم في منابعها المائية، حتى قبل إصدار قرا التقسيم الأممي عام 1948. فهكذا، وضعت الحركة الصهيونية، منذ مؤتمر بازل سنة 1898، خريطتها لدولة إسرائيل على أساس التحكم في مجمل المصادر الطبيعية للمياه، بل خططت لتغيير خريطتها الطبيعية في مجاريها ومصباتها لمصلحتها، ليس بالنسبة إلى مجرى نهر الأردن الرئيس فقط، بل أيضا لمنابعه وروافده العليا (دان، بانياس، والحصباني)، والوسطى (اليرموك). وشملت خريطتها المائية الليطاني في لبنان، والنيل في مصر، فأرض "الميعاد" لدى الإسرائيليين تمتد في مخططهم من النيل إلى الفرات..
كما تعد تركيا جارا على درجة بالغة الأهمية والخطورة بالنسبة لموضوع الماء ومكانته الاستراتيجية في الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط. فتركيا تسيطر على مياه دجلة والفرات وتستهلك قدرا أكبر من حصتها من خلال تنفيذ خطة جنوب شرق الأناضول، التي تتضمن بناء 21 سدا لتخزين 186 مليون متر مكعب من المياه، وذلك على حساب سوريا والعراق منها.
لكل ما سبق بيانه، تبدو المنطقة العربية في ميزان الأمن المائي العالمي في وضع حساس ودقيق بالنسبة لتطور إشكالية الماء في الألفية الجديدة. فعلى الرغم من الوعي المتنامي بخطورة هده القضية، والمجهودات الجارية لوضع وتنفيذ سياسات عمومية فعالة وناجعة، تبقى قضية الماء من الأوليات الواجب العناية بها بقدر عال من الوعي والمسؤولية، كي تتجنب المجتمعات العربية آفة العطش الحاد والمزمن، وكي تضمن للأجيال القادمة استدامة هذه الثروة، وعدم تعرضها للتبديد والضياع والتفريط في الحقوق التاريخية القانونية للبلدان العربية منها.