رامي بن سالم البوسعيدي

 

سُعدنا كثيرًا بالمُشاركة في افتتاح النسخة الأولى من مُنتدى شباب عُمان الذي تنظمه جريدة الرؤية وشركاؤها تحت رعاية صاحب السُّمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد، والتي تضمنت في جلستها الأولى "الذكاء الاصطناعي ومستقبل العالم الجديد"، ومثّلت فرصة ثمينة لكل المُهتمين بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتناولها مجموعة من المواضيع الحيوية المُتعلقة بالذكاء الاصطناعي وتأثيره على مختلف القطاعات؛ منها: صناعة التأثير في الرأي العام والإنتاج الافتراضي والخوارزميات والمحتوى الإخباري الجديد، والاستخدامات التنموية للذكاء الاصطناعي.

وهذا المُنتدى الفريد من نوعه، يترجم اهتمام جريدة الرؤية بالشباب العُماني وصقل مهاراتهم في عالم التطبيقات الحديثة للذكاء الاصطناعي.

ما لفت انتباهي في هذه الجلسة المُتقدمة تركيزها على كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوجيه الرأي العام والتأثير عليه، لا سيما من خلال الخوارزميات التي تُحدد ما يُشاهده الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، وقدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات ضخمة من البيانات لفهم ميول الأفراد وتفضيلاتهم، مما يسمح بتخصيص المحتوى بشكل دقيق، وبالتالي التأثير على كيفية تلقي النَّاس للأخبار والمعلومات، والقدرة الهائلة للذكاء الاصطناعي على إنشاء وترويج المعلومات التي قد تؤدي إلى تشكيل تصورات جديدة لدى الجمهور، وقدرة الخوارزميات الحديثة على تقوية الرسائل الموجهة وتقليص الأصوات المعارضة، مما يجعل من الضروري تعزيز الوعي المجتمعي تجاه هذا التأثير، والحاجة إلى مراقبة وضبط استخدامات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق.

التقنيات الافتراضية أصبحت اليوم أداة أساسية في إنتاج المحتوى الرقمي، بفضل الذكاء الاصطناعي، وفي هذا الجانب تناولت أوراق العمل في الجلسة الأولى للمنتدى مفهوم الإنتاج الافتراضي وكيفية توظيف الخوارزميات الذكية في تحسين عمليات الإنتاج الفني والإبداعي، واستعراض كيفية استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء مقاطع الفيديو والرسومات والأفلام بدون الحاجة لتدخل بشري كبير، كما أنَّ خوارزميات الذكاء الاصطناعي تساهم بشكل كبير في توفير الوقت والجهد وتحسين جودة المحتوى من خلال عمليات التنبؤ والتصحيح التلقائي؛ حيث يمكنها تعلم الأنماط الفنية والجمالية المفضلة لدى الجمهور وتطبيقها في إنتاج المحتوى.

ومع تطور الذكاء الاصطناعي أصبح من الممكن توليد محتوى إخباري آلي يعتمد على تحليل البيانات ومعالجتها بشكل فوري، ويمكن استفادة المؤسسات الإعلامية من هذه التقنيات لتسريع عملية إعداد الأخبار وتقديمها بطرق مبتكرة، ومن خلال تقنيات مثل معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، ويمكن للأنظمة الذكية كتابة الأخبار تلقائياً بناءً على بيانات حية، وتحليل الاتجاهات الإعلامية بشكل أسرع وأكثر دقة من الإنسان، كما أن هذه التقنيات تسهم في تخصيص الأخبار للجمهور، حيث يتم تحليل تفضيلات المتابعين لتقديم المحتوى الذي يناسب احتياجاتهم الفردية، وهو ما يجعلنا نسلط الضوء في المرحلة القادمة على أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التحقق من الأخبار وتقليل انتشار المعلومات المضللة، وهي قضية باتت تشكل تحدياً كبيراً أمام وسائل الإعلام التقليدية والجديدة.

أحد المحاور الأكثر أهمية التي تم مناقشتها في منتدى شباب عُمان هو كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تعزيز التنمية البشرية والاقتصادية، لذا ومن خلال متابعتنا نؤكد بأن الذكاء الاصطناعي يستطيع تقديم إمكانيات هائلة في مجالات مثل التعليم والصحة والزراعة والطاقة؛ حيث يمكن استغلاله لتحسين الكفاءة وتطوير حلول مبتكرة للتحديات التنموية، على سبيل المثال في قطاع التعليم يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُسهم في تطوير أدوات تعليمية ذكية تتكيف مع احتياجات كل طالب على حدة، مما يُعزز من فرص التعلم الشخصي والفعال، أما في المجال الصحي فالتطبيقات تشمل تحليل البيانات الطبية وتشخيص الأمراض وحتى تطوير الأدوية بشكل أسرع وأكثر دقة.

نستطيع القول إنَّنا اليوم أمام فرصة لاستشراف المُستقبل والتفكير في كيفية الاستفادة المثلى من تقنيات الذكاء الاصطناعي في سلطنة عُمان لتحسين مختلف جوانب الحياة، فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو محرك رئيسي للتحول الرقمي في العالم، مع توفر إمكانيات لا حصر لها لتحقيق التنمية المستدامة وتطوير الصناعات، لكنه يأتي أيضاً بتحديات أخلاقية وقانونية يجب معالجتها لضمان استخدامه بشكل مسؤول وآمن، ويُمثل منتدى شباب عُمان منصة مُهمة أمام الشباب العُماني والمهتمين لتعزيز مهاراتهم وتطوير قدراتهم ومواكبة التطور الكبير لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، مما ينعكس على إنتاجيتهم في العمل وجودة ما يقدموه في مؤسساتهم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم

دبي (الاتحاد)
يجمع المسافرون الإماراتيون بين التكنولوجيا الذكية وتطلعاتهم نحو تجارب أكثر عمقاً وإنسانية أثناء التخطيط لعطلاتهم الصيفية، فقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «تولونا» العالمية المتخصّصة في أبحاث ودراسات المستهلكين أن 89% من المواطنين الإماراتيين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل «ChatGPT» و«Gemini» للمساعدة في تنظيم رحلاتهم.
وأظهرت الدراسة أن استخدام الذكاء الاصطناعي بين عموم سكان الدولة لا يقل قوة، حيث أشار 87% من المقيمين في الإمارات إلى اعتمادهم على هذه الأدوات عند التخطيط للسفر، ما يؤكد تحولها إلى عنصر أساسي ضمن تجربة السفر الحديثة.

أخبار ذات صلة «المركزي» يلغي رخصة شركة النهدي للصرافة ماكرون يعلّق على الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وأميركا

ويستخدم سكان الإمارات هذه الأدوات الذكية لأغراض متنوعة تشمل اقتراح الأنشطة «46%»، الترجمة «42%»، البحث عن أفضل العروض «41%»، استكشاف أماكن محلية مخفية «38%»، الحصول على توصيات لمطاعم «37%»، وتنظيم الجداول الزمنية للرحلات «31%»، وهو ما يعكس مدى مركزية الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل تجربة السفر.
وفي تعليقه على نتائج الدراسة، قال داني مندونكا، المدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في تولونا: يبدو أن الذكاء الاصطناعي أصبح المساعد الذكي الذي لا غنى عنه للمسافر الإماراتي اليوم، فهو يرافقه في كل تفاصيل الرحلة، من اكتشاف الجواهر المحلية إلى تنظيم الخطط اليومية والتعامل مع تحديات اللغة اللافت، أن هذا الاعتماد لا يقتصر على الجيل الرقمي فقط، بل يشمل أيضاً الفئات الأكبر سناً، حيث يستخدم نحو 40% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 عاماً أدوات الذكاء الاصطناعي للبحث عن عروض وأنشطة وخدمات ترجمة. هذا التحول الذي نرصده اليوم ليس توجهاً مستقبلياً، بل هو واقع ملموس يُعيد صياغة سلوك السفر عبر مختلف الفئات العمرية.
أما فيما يتعلق باختيار الوجهات السياحية، تُعد السلامة والأمن وجمال الطبيعة في مقدمة الأولويات لدى جميع المسافرين ومع ذلك، تظهر اختلافات واضحة بين الفئات، إذ يولي المواطنون الإماراتيون اهتماماً خاصاً بالتسوق «35%» والطعام «34%»، فيما يذكر 22% فقط زيارة العائلة أو الأصدقاء كدافع أساسي للسفر، وعلى النقيض، يشير 43% من المقيمين إلى أن قضاء الوقت مع العائلة هو السبب الرئيسي للسفر، ما يعكس تقليداً شائعاً بين العديد من الوافدين بالعودة إلى أوطانهم خلال العطل. هذه الاتجاهات تُظهر أن السفر من دولة الإمارات يجمع بين الرغبة في الاستكشاف والحاجة لإعادة التواصل العائلي.

 

مقالات مشابهة

  • ابتكار جهاز جديد يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • 89% من الإماراتيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في التخطيط لعطلاتهم
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • ربنا يستر.. خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي بيجاوب بفهلوة في المسائل الدينية
  • توجه لتحويل فحص القيادة العملي للسائقين ليعتمد على الذكاء الاصطناعي
  • الضريبة توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في اختيار عينة الاقرارات الضريبية المقبولة
  • حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟