"محطة الثقافة" أحدث إصدارات دار "الشواهين" للكاتبة هدى توفيق
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
صدر حديثا للكاتبة هدى توفيق، رواية "محطة الثقافة"، عن دار نشر "الشواهين" وتُحكى الرواية بلسان المتكلم من خلال البطل بهلول الفقير، والمهمش من إحدى قرى الصعيد في محافظة سوهاج، واسمه الحقيقي جميل.
وكان أبرز ما يوجد عنده بروز في ظهره بأتب واضح، ولكنه شخص طيب وجميل الملامح والقلب؛ وهو في المرحلة الابتدائية أعطى شحاذ في الطريق فردة حذاءه؛ لأن لم يكن معه شئ يعطيه له؛ فأطلقت عليه أمه بهلول لأنه عبيط من وجهة نظرها، ولأنه أيضا من كفر يُسمى البهاليل، وشخص عفوي، ويستمر في الحكي عن حياته الأولى إلى أن أصبح موظف في الشؤون الاجتماعية؛ لكنه كان شاعرا ويحب الفن، ويتمنى أن يكون شاعر غنائي، ويُلحن للمطربين الكبار.
لكن بالطبع لم يتحقق شئ من أمنياته حتى الفتاتين اللتين أحبهما لم يستطع أن يرتبط بهما؛ لأن واحدة تركته مع العائلة التي نزحت إلى أسيوط، وقد أحبها في طفولته في كفر البهاليل قبل أن تنتقل عائلته إلى المنيا ثم بني سويف، والأخرى بنت الست كوكب هربت مع من تحب وتركته، ترك عمله كموظف، وانتدب جميل أو بهلول للعمل في مركز ثقافي في بندر محافظة بني سويف، وقد أصبح مسمى قططي هذا أخر لقب أطلقوه عليه؛ لأنه يجيد الحديث ويفلسف الأمور بطريقة مثيرة للجدل، وأطلق بفذلكة في مقر عمله الجديد على الفنانين(مطاريد الفن).
وكان مكان هذا القصر يطلق عليه كاملاً(محطة الثقافة)؛ لأنه مكان حيوي ومهم، وبجانب القصر كان يوجد منزل الست كوكب الأنس تاجرة شنطة، ودلالة ولديها ابنتين: الصغرى واسمها مريم التي أحبها جميل (بهلول أو قططي)، لكنها أحبت شخص آخر، والثانية الكبرى كانت معاقة ويرعاها في مقابل أن أعطته الست كوكب شقة صغيرة في الدور الأرضي بدون إيجار، وكانت فرصة لأنها قريبة من عمله في قصر الثقافة، وبدون مقابل مادي.
انحصر عالم قططي في خدمة مطاريد الفن، وخدمة الست كوكب وبنتيها حيث كان يعمل هناك رئيس الحراسة، وأمن المكان؛ لكن لحبه الشديد للفن ومطاريد الفن كان يشاركهم في كل شئ يحتاجوه، وهكذا بالنسبة لمنزل الست كوكب؛ لأنه كان يحبكلتيهما سواء السليمة أو المعاقة؛ ويخدمهما بكل إخلاص وحب.
يحكي البطل جميل كل هذا بفلسفة وسرد أقرب إلى النزعة الواقعية النفسية الذاتية في عدة فصول تشبه الفواصل المسرحية مثال: الفاصل الأول / بهلول / الفاصل الثاني / مطاريد الفن / الفاصل الثالث / كوكب الأنس / وهكذا حتى نصل إلى الفاصل الأخير/ انهاء مسرحي .حيث نصل أيضاً لنهاية الرواية.
وقد كان حريق القصر في حادثة مشهورة عام 2005؛ وأغلق القصر بسببه عدة سنوات حتى تم افتتاحه مرة أخرى في عام 2009م ، وأيضا ماتت الابنة المعاقة ابنة الست كوكب داخله مع صديقه في العمل ظريف أثناء احتفالات كانت تعرض في تلك الحادثة، وهربت الابنة الأخرى مع حبيبها، ومرضت الست كوكب جراء ما حدث لهما، ومات العديد من الفنانين في هذه الحادثة الكبيرة المؤسفة عام 2005م.
وبين قراءة الفاصل الأول / بهلول ، والفاصل الأخير/ انهاء مسرحي. نشعر بالشخصية الروائية، والكثير عن تحديد رؤية لشخصية جميل أو بهلول أو قططي، لكن عنوان الرواية ( محطة الثقافة ) كان له وظيفة إبداعية في بناء العالم السردي. وتصميم الغلاف، نسبة لوجود قصر الثقافة المركزي؛ فسميت بذلك الاسم؛ الذي أطلق عليه البطل أيضا الكائن العملاق، ثم سماه المارد العملاق بعد حريقه، وأيضا شخصية الست كوكب التي كانت تسكن بجواره ويعيش البطل عندها العالم الآخر في السرد الروائي. وكل الرواية تدور في هذين العالمين بالنسبة للبطل حتى يفقد الجميع، ويتمنى الموت، وقد أصبح وحيدًا بدونهم؛ بسبب الحادثة المشؤومة أي الحريق الهائل لقصرالثقافة في مهرجان كبير أقيم في تلك الفترة من زمن الرواية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: صدر حديثا
إقرأ أيضاً:
شخصيات « خيالية» في كوكب آخر!
لعبت وسائل الإعلام دورًا بارزًا في تسليط الضوء على بعض الأشخاص، وصورتهم على أنهم نوابغ عصرهم، ليس في مجالات تخصصاتهم الحقيقية فحسب، بل امتد تأثيرهم إلى إصدار الفتاوى والرأي في ميادين متعددة تتجاوز خبراتهم الحقيقية.
كما دفعت وسائل التواصل الاجتماعي هذه الشخصيات إلى الادعاء بـ«المعرفة والنبوغ في كل المجالات»، ولذا أصبح يتهافت الناس على الاستماع إليهم ومتابعة ما يهرفون به من جميع الاتجاهات.
فتكثر المحاضرات والندوات والمداخلات، ويصدقون أنفسهم بأنهم يمتلكون كل المعلومات التي يريد المتابع لهم معرفتها، يرفعون رايات الفخر والاعتزاز عندما يلتف حولهم البسطاء، ويتذمرون عندما ينتقدهم شخص مطّلع، ولا يترددون في مهاجمته في محاضراتهم ولقاءاتهم. وعندما يتيقن الشخص منهم بأنه قد أخطأ، وبأن كل ما أورده في حديثه هو مجرد «خزعبلات وخرافات»، يسعى إلى التنصل مما أورده، مدّعيًا أنها كبوة، وأنه بريء مما قاله كـ«براءة الذئب من دم ابن يعقوب»!
على مدار الأيام والشهور، تظهر لنا شخصيات تثير الجدل في بعض المجتمعات، تحمل خلفيات علمية متواضعة، لكنها تنطلق في رحلة البحث عن مكانة مرموقة في المجتمع، حتى وإن كان ذلك على حساب مبادئ وقيم كثيرة.
هدفها الأساسي هو توسيع دائرة تأثيرها وانتشارها، فتتنقل من قناة تلفزيونية إلى أخرى، ومن برنامج إلى آخر، إلى أن تُحاصر فكريًا وعلميًا، فتجدها تتملص وتدور في فلك بعيد عن الحقيقة.
مثل هؤلاء لديهم حسابات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تُدار من قِبل مجموعة من الأشخاص، يعملون ليل نهار على استقطاب ملايين المشاهدات والاشتراكات من أجل تحقيق مبالغ مالية ضخمة.
أغلبهم إن لم يكن جميعهم، ينتقون حديثهم من خلال ملامسة جراح الناس ويبدون تضامنهم معهم، يسوقون أنفسهم على أن كل علوم الدنيا بين أيديهم، بينما يقول المولى عز وجل: «وفوق كل ذي علم عليم»، أي فوق كل عالم من هو أعلم منه، حتى ينتهي ذلك إلى الله.
ادعاء المعرفة والريادة في كل المجالات أمر مرفوض عقليًا، لكنه أصبح شيئًا واردًا ودارجًا بين فئة من الناس التي تدعي المعرفة والدراية. وهذا التداخل في مجالات العلم والتخصصات أحدث نوعًا من «الجدل والجدال معًا»، فالإنسان مهما حاول التقاط خيوط العنكبوت، فإنه لن يستطيع جمعها، لكن هؤلاء المدّعين يعرفون كيف تؤكل الكتف، وكيف يحصلون على الأموال، حتى وإن أصبح «المحظور متاحًا، والجهل معرفة».
لن نذهب مباشرة إلى شخصية جدلية بعينها بقدر ما سنتحدث بشكل عام، فهناك خط فاصل ما بين تخصص معين والتخصصات الأخرى. فمثلًا، رجل الدين أرى بأنه منوط به وعظ الناس وإظهار الجوانب الإيمانية وإبراز أهميتها، بالمقابل عليه أن يُبعد نفسه عن الأمور الأخرى مثل الإفتاء في الأمور الطبية، والنزاعات السياسية، والتأثيرات الاقتصادية؛ لأن لكل مجال قادته وخبراؤه الذين يمتلكون مفاتيح فهم أسراره، ولا ينبغي الخلط بين التخصصات أو تجاوز حدودها..
إذن، لا يناط به الحديث الإنشائي الذي يجذب الناس إليه وينسبون ما يقوله إليه بفخر واعتزاز. فلكل مهنة إنسانية مكانتها وخصوصيتها التي يجب احترامها، ولا ينبغي خلط الأمور أو تحويل هذه المهن إلى مجرد أدوات للبحث عن المال والشهرة!
أيضًا، من الملاحظ في وقتنا الراهن، كثرة الأشخاص الذين يقتحمون مجال الإعلام من نافذة وسائل التواصل الاجتماعي، ويُطلقون قنواتهم وصفحاتهم الإلكترونية عبر الإنترنت، ويُعرّفون أنفسهم بأنهم إعلاميون مخضرمون في كل المجالات!
إذًا أصبح من الضروري أن يكون هناك تنظيم وترتيب، وفصل الأشياء عن بعضها البعض، وعندما تكتمل الصورة في هذا الشأن، سيصبح كل مجال أو تخصص له إطاره المحدد. ففي غياب هذا الفصل الواضح، وتداخل الأدوار بين «الغرباء والمتطفلين» على مجالات العمل، لن تُحقّق الجهود إسهامات علمية حقيقية، بل ستسود حالة من الارتباك وظهور مفاهيم مغلوطة ومشوّشة، ولن يكون هناك إسهام حقيقي منشود، بقدر ما سيحدث بلبلة وظهور مفاهيم مغلوطة وخاطئة، فالنوايا الحسنة ليست كفيلة بوصول الشخص إلى الأهداف أو النتائج الصائبة بل لابد من العلم والاختصاص والالتزام بالمجال المناسب لضمان تقدُّم حقيقي ومستدام.