موقع النيلين:
2025-07-31@16:17:08 GMT

قمر المحاق وحصاد الحصرم (الحلقة الثانية)

تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT

قمر المحاق وحصاد الحصرم (الحلقة الثانية)
أسامة عيدروس
26 أكتوبر 2024م
حقل التدفق وموجات الانفجار:
في كل مرة تقوم مليشيا الدعم السريع بارتكاب المجازر تحدث صدمة لا متناهية في وجدان وشعور شعوب السودان المسالمة. تكرر الأمر منذ أحداث الجنينة الدامية واغتيال الوالي خميس أبكر والتمثيل بجثته ثم الأمير طارق بحر الدين الدين الذي تركت جثته ملقاة في الشارع ومنع دفنها بأمر المليشيا.

حدث الأمر مرة أخرى في قرية ود النورة بالجزيرة وبعدها في قرية فنقوقة في شمال كردفان ثم في قرية جلنقي بولاية سنار ثم مرة أخرى في قرية أم شوكة بولاية سنار. ومنذ الحرب ظلت قوات الدعم السريع ومرتزقتها يوجهون بنادقهم ومدافعهم مباشرة نحو المدنيين وطال القصف العشوائي الأسواق وبيوت المواطنين والمستشفيات ومعسكرات النازحين.

مباشرة بعد انتشار الجيش وسيطرته على جبل موية وإعلان أبو عاقلة كيكل استسلامه للجيش السوداني في منطقة جبل اللبيتور بسهول البطانة وسط البلاد تحركت قوات كبيرة من مليشيا الدعم السريع وبدأت في ارتكاب جرائم ضد المدنيين في تمبول ورفاعة والبويضاء والجنيد وقرية العك والعزيبة”، بالإضافة إلى عدد من القرى الأخرى بوسط وشرق ولاية الجزيرة. ولم تكن هذه مجرد حملة محدودة انتقاما من كيكل ومواطني شرق النيل بل توسعت عمليات الدعم السريع بالمنطقة لتقوم بارتكاب مجزرة جديدة بشعة في قرية السريحة وأزرق بشمال الجزيرة ذكرت الناس بمذبحة ود النورة ومذابح الجنجويد الأخرى في طول البلاد وعرضها.
حدوث هذه المجازر والقتل الممنهج للمدنيين والتهجير القسري للسكان جاء على غير المتوقع بعد انضمام أبوعاقلة كيكل للقوات المسلحة. فعمليا فقد الدعم السريع خطوط إمداد مهمة ممتدة بامتداد سهول البطانة خصوصا امدادات الوقود في معارك تعتمد على حركة السيارات. لذلك استغرب الناس وتساءلوا عن الجدوى من استسلام كيكل من الأساس كما تناولوا بغضب الاحتفالات التي صاحبت استسلامه.

لنفهم سر الحملات المسعورة للجنجويد في شمال ووسط وشرق الجزيرة ينبغي لنا أن نعيد النظر في مسرح العمليات ككل. فاستراتيجية الدعم السريع منذ توقف عملياتها في الخرطوم وتحولها للدفاع بالقناصة في العمارات والأبنية الشاهقة، تحولت إلى استراتيجية انتشار واسع باندفاع سريع هدفه اسقاط الفاشر وبابنوسة والأبيض والزحف نحو الشمالية وتطويق بورتسودان بالزحف من سنار وسنجة شرقا إلى القضارف وكسلا. هذه الاستراتيجية أكسبت الدعم مساحات واسعة من الانتشار ولكنها أجبرته في المقابل على إعادة تموضعه في جبل موية كقاعدة انطلاق جديدة قامت الدولة الراعية للتمرد بحشدها بالعتاد والمرتزقة من أجل الوثبة الأخيرة في خطة الدعم السريع.

تحرير جبل موية لم يشكل فقط قاصمة الظهر للمليشيا ولكنه أيضا أربك الحسابات لمن وضع خطتها العسكرية فأصبح محتاجا لبدائل سريعة حتى لا يقع في شرك الجيش الذي نجح في تحويل جيوش الدعم إلى مجموعات معزولة بلا إمداد فتحررت الدندر والسوكي بلا عناء وأصبحت سنجة قاب قوسين من التسليم. ومن الواضح أن خطة الجيش ستستمر في تقطيع أوصالهم في كل مسرح العمليات حتى يسهل استسلامهم دون خسائر كبيرة في الجنود او العتاد. ما حدث في جبل موية يشابه بالضبط عندما تم تفجير كبري شمبات في بحري واغلقت موجات تدفق المليشيا من امدرمان فكان ان تحول ضغطها وسقطت على الفور منطقة جبل اولياء العسكرية.

ما يحدث في شمال ووسط وشرق الجزيرة ليس انتقاما من كيكل فقط، ولا استمرار لنفس منهج الانتهاكات المنظمة ضد المدنيين بقصد خلق هالة من الفزع والرعب من جيوش المليشيا تسهل على المرتزقة النهب والسلب فقط. في الواقع أن سهل البطانة ومناطق شمال ووسط وشرق الجزيرة هو منطقة انفتاح جديد لقوات المليشيا استمرارا في خطتها القاضية بالوصول إلى بورتسودان بأي ثمن. سهل البطانة ينفتح على حلفا وشندي وشمال الخرطوم ومعسكرات المليشيا قرب المصفاة. هذه الفظائع مقدمة تهدف لتهجير سكان شمال ووسط وشرق الجزيرة واشغال الناس للقيام بفتح خطوط الحشد والامداد من جبل أولياء عبر الكاملين وكبري رفاعة والاندفاع شرقا وشمالا بنفس استراتيجية الانتشار السابقة. مما يلقي بعبء كبير على الجيش والمشتركة وقوات مكافحة الإرهاب والمقاومة الشعبية بالعمل على نظافة كل مناطق شمال ووسط وشرق الجزيرة قبل حدوث عمليات الحشد وبدء الانتشار الجديد.
ونواصل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع جبل مویة فی قریة

إقرأ أيضاً:

شبكات الكبتاغون تنتقل من سوريا إلى السودان.. مصنع ضخم داخل حقل ألغام للدعم السريع

في عمق منطقة صناعية مهجورة على الضفة الشرقية لنهر النيل، تقبع ثلاثة مبانٍ غير مكتملة، يحيط بها حقل ألغام. لعدة أشهر ظلّ مقاتلو مليشيا الدعم السريع العسكرية يحذّرون السكان المحليين من الاقتراب من هذا المجمع المسوّر. 

ولم يكن ذلك عبثاً؛ إذ كشف تفتيش ميداني للمكان عن مصنع سرّي لإنتاج حبوب الكبتاغون، قادر على تصنيع نحو ألف قرص في الساعة، بحسب ما أفادت به السلطات السودانية.

يعد الكبتاغون، الذي بات شائعاً بين المقاتلين ورواد السهرات في الشرق الأوسط خلال العقد الماضي، هو نوع رخيص من الأمفيتامين، يزيد التركيز، ويمنح شعوراً بالنشوة، ويعزز القدرة البدنية. هذا المخدر المحظور أضحى صداعاً مزمناً للحكومات العربية، من الخليج إلى شمال أفريقيا.

ووفقاً لمصادر أمنية تحدثت لموقع  "ميدل إيست آي"، فإن قوات الدعم السريع توزّع الكبتاغون على مقاتليها لتحسين اليقظة وكبح الشعور بالجوع، كما تقوم ببيعه للمدنيين كوسيلة للتمويل الذاتي.

من سوريا إلى السودان
حتى كانون الأول/ديسمبر الماضي، كانت سوريا تمثل مركز الإنتاج والتصدير الأبرز للكبتاغون في المنطقة، بغطاء وحماية من نظام المخلوع بشار الأسد. 

لكن مع انهيار النظام، جرى تفكيك عشرات المختبرات ومسارات التهريب التي لطالما ازدهرت تحت مظلته. ومع تراجع الإنتاج في سوريا، بدا أن أنظار شبكات تصنيع الكبتاغون تتجه إلى جنوب شرقها، حيث يشتعل صراع دموي آخر.

في شباط/فبراير الماضي، وبينما كانت القوات المسلحة السودانية تواصل هجومها ضد قوات الدعم السريع، سيطرت على منطقة مصفاة الجيلي شمالي الخرطوم بحري، لتكتشف داخلها مصنعاً متكاملاً لإنتاج الكبتاغون.

يضم المصنع خمس آلات، بينها ضاغطة أقراص وخلاط صناعي كانا قيد التشغيل عند فرار القائمين على الموقع. يقول اللواء جلال الدين حمزة، من شرطة مكافحة المخدرات، لموقع "ميدل إيست آي" إن "بقايا بيضاء دقيقة كانت تغطي أجزاء من الآلات، وقد عُثر على أقراص داخل الماكينة، تحمل علامة الهلالين، المعروفة بأنها شعار غير رسمي لإنتاج الكبتاغون غير المشروع".

خيوط تربط بالإمارات وسوريا
بجانب إحدى الآلات، وُجدت صناديق خشبية لم تُستخدم بعد، وعليها ملصقات شحن تشير إلى شركة "Amass Middle East Shipping Services"، وهي شركة شحن مقرها دبي. لكن عند محاولة تتبّع الشحنة باستخدام الرقم المُرفق، لم تُظهر نتائج. الشركة لم ترد على استفسارات "ميدل إيست آي"، كما تجاهلت قوات الدعم السريع بدورها طلبات التعليق.

يُذكر أن الإمارات، رغم نفيها الرسمي، تواجه اتهامات متزايدة بدعم قوات الدعم السريع بالسلاح والتمويل. كما أن دبي تُعدّ نقطة محورية في مسارات الشحن عبر البحر الأحمر.

وبعد عرض صور المعدات على الباحثة كارولين روز، الخبيرة في ملف الكبتاغون لدى معهد "نيو لاينز" بواشنطن، أكدت أن "الآلات تشبه كثيراً تلك التي صُودرت من مختبرات سورية خلال العام الماضي".


مسحوق غامض وآثار مثيرة للريبة
داخل غرفة مظلمة في المجمع، تناثرت مئات الأكياس من مسحوق أبيض، بعضها موسوم بأنه مكملات غذائية بيطرية، وأخرى كمحلول إلكتروليتي للحيوانات. اللافت أن جميع الأكياس كُتب عليها أنها "صُنعت في سوريا" و"غير مخصصة للاستهلاك البشري".

أسماء الشركات المُصنّعة، مثل "Hi Pharm" و"PropioTech"، لم تُعثر لها على أثر في السجلات التجارية السورية، وبعضها يستخدم بريدًا إلكترونيًا على منصة "Yahoo"، وقد عادت الرسائل المُرسلة إليه. ويقع عنوان إحداها في ضاحية برزة قرب مركز البحوث العلمية في دمشق.

التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كانت مكونات هذه الأكياس تُستخدم في صناعة الكبتاغون، رغم أن تحاليل "ميدل إيست آي" لم تعثر على مواد معروفة تدخل في تصنيع المادة، مثل الأمفيتامين أو الثيوفيلين.

لكن روز تعتقد أن تلك الأكياس قد تكون وسيلة لتهريب المواد الأولية (Precursor materials) اللازمة للتصنيع، مموهة في شكل مكملات بيطرية. وتضيف: "من المحتمل أنهم أفرغوا المواد في الأكياس وقالوا: ما دامت تُضغط على شكل أقراص، فلا مشكلة".

وتُصنّع أقراص الكبتاغون غالباً بمزيج غير دقيق من مواد مثل الكافيين والزنك والنحاس، ما يعكس طابعها غير المُراقب. وتوضح روز: "هؤلاء لا يهتمون بسلامة الخليط الكيميائي، هم يريدون فقط سحق أي مادة وتحويلها إلى أقراص".

وفي واقعة لافتة، ذكر مصدر عسكري أن أحد أفراد الأمن خلط ملعقتين من المسحوق في كوب ماء، ثم شربه، وبقي مستيقظاً ليومين كاملين وهو في حالة من النشاط الحاد. وقال المصدر: "كان يقفز طوال الوقت، لم يغفُ لحظة واحدة".

سوق الخليج في مرمى التهريب
تشير التحقيقات إلى أن تعاطي الكبتاغون لم يكن منتشراً في السودان قبل الحرب، لكن الوضع تغيّر مع اشتداد القتال. فبحسب اللواء حمزة، سُجل أول مصنع في 2015 بمنطقة جبل أولياء، بقدرة إنتاجية وصلت إلى 5000 قرص في الساعة. ثم اكتُشف مصنع ضخم آخر في ولاية النيل الأزرق مطلع 2023، قبل اندلاع الحرب بثلاثة أشهر.

ويُعد مصنع الجيلي المكتشف مؤخراً الأكبر منذ بدء الصراع في نيسان/ أبريل 2023، وجاء بعد العثور على منشأة أخرى شمال الخرطوم قبل ذلك بستة أشهر.

وبين أركان المصنع، حفرت قوات الدعم السريع فجوة ضخمة بعمق عدة أمتار، لم تكن موجودة بحسب صور الأقمار الصناعية المؤرخة بيوم 14 نيسان/أبريل 2023. يشتبه المحققون بأن الحفرة كانت معدّة لتخزين كميات هائلة من الأقراص.

وعند سؤاله عمّا إذا كانت تلك الحبوب مُعدة للتصدير، رفض اللواء حمزة التعليق، قائلاً إن "المعلومات حساسة" والتحقيق لا يزال جارياً. لكن الخبراء يرجحون أن السوق الخليجي، الذي يُعد أحد أكثر الأسواق ربحية لهذه الحبوب، هو الوجهة المحتملة، خاصة مع توقف شبكات الأسد عن العمل.

تقديرات الأمم المتحدة والجهات الأمنية أشارت إلى تدمير أكثر من 200 مليون قرص كبتاغون في سوريا منذ سقوط النظام. لكن تقريراً حديثاً لمعهد "نيو لاينز" حذّر من أن "الخبرات التقنية لصناعة الكبتاغون ما تزال موجودة، ويمكن نقلها إلى أماكن جديدة".

وتقول روز إن معامل جديدة تُكتشف في السودان سنوياً منذ 2022، وهو ما لا يُلاحظ في دول الجوار. وتتابع: "كان يُعتقد أن هذه مختبرات فردية أو نتيجة انتقال محدود من سوريا، لكن وجود مواد تغليف سورية يُرجّح وجود صلة مباشرة مع شبكات النظام السوري السابق وحتى شبكات الجريمة العابرة للحدود".


مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • حاكم غرب بحر الغزال: عبور عناصر من الدعم السريع إلى جنوب السودان دون إذن رسمي أثار الذعر ونزوح السكان
  • ماذا تعني تلميحات مناوي بإمكانية تواصله مع الدعم السريع؟
  • تحتجزهم ميليشيا الدعم السريع في نيالا،، الأسرى،، صـرخة لاستعادة الإنسانية
  • السلالية في تركيبة الدعم السريع: رسالتي دي شيروها تصل نائب القائد وحميدتي ذاتو
  • “الدعم السريع” تنهب قافلة مساعدات “أممية” خاصة بدارفور
  • انتحار 135 امرأة تعرّضن للاغتصاب من عناصر “الدعم السريع”
  • شبكات الكبتاغون تنتقل من سوريا إلى السودان.. مصنع ضخم داخل حقل ألغام للدعم السريع
  • مناوي: مستعدون للتواصل مع “الدعم السريع” في هذه الحالة…