خبراء: الاتفاق الدفاعي بين روسيا وكوريا الشمالية لن يؤدي إلى تصعيد عالمي
تاريخ النشر: 26th, October 2024 GMT
نقلت الصحافة الفرنسية عن خبراء أن الاتفاقية الدفاعية بين روسيا وكوريا الشمالية، التي قد تتضمن نشر ما يصل إلى 10 آلاف جندي كوري شمالي في أوكرانيا، من غير المرجح أن تؤدي إلى تصعيد عسكري عالمي. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه "الشراكة الإستراتيجية" قد يهدد الاستقرار الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادي، حيث تظهر مواجهة متزايدة مع الغرب.
وصرح باسكال دايز-بيرغون، المتخصص في شؤون الكوريتين، أنه "لا يرى كيف يمكن أن يؤدي هذا إلى تصعيد الحرب العالمية"، مشيرا إلى أن كوريا الشمالية ليست سوى "دكتاتورية صغيرة لا تمثل تهديدا حقيقيا للسلام العالمي"، خاصة أن ميزانيتها العسكرية أقل بكثير من ميزانية كوريا الجنوبية.
من جهتها، أشارت ماري دومولين من المركز الأوروبي للعلاقات الخارجية إلى أن إرسال جنود كوريين شماليين ذوي خبرة قليلة إلى ساحة معركة أجنبية "لن يحدث فارقا كبيرا من الناحية العملياتية". لكن موسكو قد تستفيد من "بند التضامن" لدعم كوريا الشمالية في حال تصاعد التوترات مع كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة التاريخية.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أعلن -أمس الجمعة- أن القوات الكورية الشمالية قد تبدأ بالانخراط في القتال ضد قواته بدءا من يوم الأحد، مما يثير مخاوف من تصعيد جديد في الحرب. ورغم ذلك، أوضحت كوريا الشمالية أن أي انتشار لقواتها في روسيا سيكون "متوافقا" مع القانون الدولي، لكنها لم تؤكد أو تنفي وجود قواتها على الأراضي الروسية، مما أثار انتقادات من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وكان مجلس النواب الروسي قد صوت يوم الخميس بالإجماع لصالح التصديق على معاهدة شراكة دفاعية إستراتيجية شاملة بين روسيا وكوريا الشمالية تنص على "المساعدة المتبادلة" في حال وقوع عدوان.
دور الصين وإيرانوفي الوقت الذي لا يزال فيه عدد القوات الكورية الشمالية ومهامها في أوكرانيا غير واضح، فإن العديد من الخبراء يشككون في أن القوى العسكرية الكبرى مثل الصين وإيران قد تنخرط في حرب مباشرة على الجبهة الأوكرانية.
ويقول دايز-بيرغون إنه "لا توجد لعبة تحالف بين قوى عظمى كما كان الحال قبل الحرب العالمية الأولى". وأشار إلى أن الصين تركز في الأساس على تايوان وتدعم الحرب في أوكرانيا من منظور إستراتيجي، لكنها لا تعدها أولوية. وبالنسبة لإيران، فإن أولويتها تظل متركزة على الشرق الأوسط.
وترى دارسي دراودت، الباحثة في مركز كارنيغي، أن الاشتباكات التي قد تخوضها القوات الكورية الشمالية في أوكرانيا يمكن أن تكسبها خبرة قتالية وتجربة اختبار لأنظمة أسلحتها المتقدمة، مما قد يؤدي إلى "تحولات جذرية في التوازن الأمني في شبه الجزيرة الكورية".
وقالت إيزابيل فالكون، نائبة مدير مؤسسة الأبحاث الإستراتيجية والمتخصصة في السياسات الأمنية الروسية (إف آر إس)، إن الشراكة بين موسكو وبيونغ يانغ تعتبر وسيلة لإظهار أنهما ليستا معزولتين على الساحة الدولية.
ووفقا لفالكون، هناك احتمال بأن يسعى الثلاثي (روسيا، الصين، وإيران) إلى تعزيز التعاون العسكري التقني بينهم، وهو احتمال مثير للقلق بالنسبة للدول الغربية.
حرب باردة جديدة؟ويعتقد أندرو يو، الباحث في معهد بروكينغز، أن روسيا مستعدة للانخراط في "سياسة الكتل" واستعادة مفهوم "الحرب الباردة الجديدة" عبر تشكيل جبهة من دول غير منحازة أو مناهضة للغرب.
ولا تزال الصين، التي تعتبر الداعم الرئيسي للنظام في كوريا الشمالية، تتبنى موقفا حياديا نسبيا تجاه الشراكة الدفاعية بين روسيا وكوريا الشمالية. وتوضح فالكون أن بكين، رغم حيادها، "ترحب بهذه التطورات" مع فكرة إنشاء "مركز للأمن العسكري" يتركز حولها في آسيا.
ومع ذلك، يعتقد يو أن بكين قد تكون قلقة من أن يضعف التقارب الكوري الشمالي-الروسي نفوذها في بيونغ يانغ، ويمنح الولايات المتحدة سببا إضافيا لتعزيز التحالفات العسكرية في المنطقة، خاصة بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) واليابان وكوريا الجنوبية.
وتثير هذه التطورات تساؤلات عما إذا كان التصعيد العسكري المحتمل في آسيا قد يؤثر على الاستقرار الإقليمي، ويحفز الغرب على تعزيز قواته وتحالفاته في المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بین روسیا وکوریا الشمالیة کوریا الشمالیة کوریا الجنوبیة فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
تحذيرات من انفجار وشيك .. خبراء: وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل ليس نية للسلام
تشهد المنطقة لحظات توتر كبيرة مع تصاعد المواجهة بين إيران وإسرائيل، وسط هدنة أعلنتها الوساطة الأمريكية والقطرية، لكنها لم توقف الصواريخ ولا تصريحات الجانب الإيراني أو الإسرائيلي.
ويؤكد خبراء أن ما يحدث ليس نهاية حرب، بل مجرد توقف مؤقت قبل مرحلة جديدة من التصعيد. وكانت التوقعات بين تهدئة مشروطة، أو استمرار للمواجهة بشكل أقل، أو انفجار كبير قد يجرّ المنطقة إلى حرب.
ونعرض فيما يلي أهم الآراء والتحليلات حول الحرب، وما إذا كان وقف إطلاق النار حقيقيًا أم مجرد هدنة.
أستاذ علوم سياسية: لا سلام حقيقي.. والرابح من يكتب نهاية الحرب
قال الدكتور سعيد الزغبي، أستاذ العلوم السياسية، إن المشهد الراهن في الشرق الأوسط يعجّ بالتوتر، ويشبه إلى حد بعيد رقعة شطرنج دامية، في ظل دخول الحرب الإيرانية الإسرائيلية مرحلة جديدة من التعقيد.
وأضاف: ما نشهده ليس وقفًا للحرب، بل مجرد هدنة معلنة بوساطة أمريكية وقطرية، رافقتها صواريخ حلّقت فوق بئر السبع وطهران، وضربات استباقية أنهكت البنى التحتية، بينما يقف العالم متأهبًا، يعدّ أنفاس اللاعبين.
وأوضح الزغبي أن هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة لما ستؤول إليه الأوضاع:
السيناريو الأول – التهدئة المشروطة:
صفقة مؤقتة لالتقاط الأنفاس، جاءت بعد وساطات ماراثونية وضغوط أمريكية مكثفة، في محاولة لتجنّب انفجار حرب إقليمية موسّعة، لكنها تهدئة تكتيكية لا تعكس نية حقيقية لإنهاء الصراع.
السيناريو الثاني – استمرار المواجهة منخفضة الكثافة:
وهو السيناريو الأكثر ترجيحًا، حيث نشهد ضربات محسوبة، وتبادل رسائل بالنار بدلًا من الكلمات، بأسلحة دقيقة دون مواجهات مفتوحة. في هذا النوع من الحرب لا يوجد منتصر واضح، بل طرف ينجو أكثر من الآخر. إسرائيل تمارس سياسة الردع الذكي، بينما تستخدم إيران وكلاءها لتوسيع رقعة النزاع دون الدخول المباشر والمكلف.
السيناريو الثالث – التصعيد نحو حرب إقليمية شاملة:
لا يمكن استبعاد هذا الخيار كليًا، فحسابات خاطئة أو ضربة غير محسوبة قد تشعل المنطقة بالكامل. استهداف مفاعل أو منشأة حيوية قد يؤدي إلى انفجار لا يمكن احتواؤه. حتى الآن لا أرجّح هذا السيناريو بسبب توازن الردع، لكنه قائم كخيار كارثي يُعرف بـ«اليوم الأسود».
وفيما يخص إعلان وقف إطلاق النار، قال الزغبي: «هل وقف إطلاق النار حقيقي؟ في رأيي هو مجرد رماد دخاني، هدنة إعلامية تُعلَن عبر الميكروفونات وليس على الأرض».
وأشار إلى أن الواقع يكشف استمرار الضربات والصواريخ، وأن تصريحات طهران نفت التوصل لأي اتفاق، بينما رفعت تل أبيب حالة التأهب تحسبًا لـ«خيانة ميدانية»، على حد وصفه.
وحول من يربح في هذه الحرب، قال: «الرصاصة لا تكذب، لكنها أيضًا لا تروي القصة كاملة». وأوضح أن إسرائيل ربحت تكتيكيًا من خلال ضربات موجعة للمواقع النووية وتفوق استخباراتي واضح، إلى جانب تحييد جزئي لوكلاء إيران في سوريا ولبنان. أما إيران فقد ربحت رمزيًا، من خلال الصمود أمام آلة الحرب، وكسب تأييد الشارع الإسلامي، وإظهار قدرتها على تهديد القواعد الأمريكية حتى في قطر.
واختتم الزغبي تصريحاته قائلًا: «الرابح الحقيقي هو من يكتب نهاية الحرب، لا من يبدأها. نحن أمام لحظة حرجة في تاريخ الشرق الأوسط، حيث الكلمة الأخيرة لا تقال في أروقة السياسة، بل تُكتب في سماء طهران وتل أبيب بنيران الغارات. السؤال الآن: هل نحن أمام سلام هش أم أمام انفجار مؤجل؟ قد لا نعرف الإجابة بعد، لكن ما نعرفه هو أن المنطقة على حافة الهاوية؛ فإما أن تخمدها الدبلوماسية أو نسقط فيها جميعًا».
باحث سياسي: واشنطن لا تريد حربًا طويلة.. ووقف إطلاق النار رسالة تهدئة لا نهاية مواجهة
قال محمد فوزي، الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف إطلاق النار يحمل في طياته عدة دلالات مهمة، أولها أن الولايات المتحدة لا ترغب في إطالة أمد النزاع القائم بين إيران وإسرائيل، خشية خروج الاشتباك عن السيطرة، وما يشكّله استمرار الحرب من تكلفة باهظة تمس المصالح الأمريكية في المنطقة.
وأشار فوزي، في تصريحات خاصة لـ«صدى البلد»، إلى أن واشنطن تشعر بقلق متزايد من تداعيات الهجمات الإيرانية المتكررة على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وهو ما دفعها إلى الضغط باتجاه تهدئة المشهد. كما رجّح أن الطرفين الأمريكي والإيراني التزما بقواعد اشتباك ضمنية أفضت إلى الشكل الذي انتهى به التصعيد، ما يدل على وجود قدر من التنسيق غير المباشر بينهما.
وأوضح فوزي أن إيران حاولت من خلال عمليتها الأخيرة داخل بعض مناطق الداخل الإسرائيلي إرسال رسالة سياسية بأنها الطرف الذي اختار إنهاء التصعيد، وأنها لا تزال تملك القدرة على خوض حرب استنزاف إذا تطلب الأمر، سعيًا لتحقيق انتصار سياسي ومعنوي.
وأضاف أن ترامب يسعى إلى تحقيق مكاسب عبر المسار السياسي والدبلوماسي بعد أن ثبت أن الخيار العسكري لن يؤدي إلى نتائج حاسمة، مؤكدًا أن الرهان الأمريكي حاليًا ينصب على إنجاح الحلول غير المسلحة.
ورغم ذلك، نبه فوزي إلى أن هذا الإعلان لا يخلو من تحديات، أبرزها التقلبات المعروفة في سياسات ترامب، والتصرفات المتهورة لليمين المتطرف داخل إسرائيل، وعدم وجود وقف فعلي للحرب في قطاع غزة، الذي يمثل برأيه «جذر الأزمة» في المنطقة.
وأشار إلى أن الاتفاق نفسه قد يكون عرضة للخروقات، كما حدث بالفعل في الساعات الأولى من إعلانه، سواء بفعل أطراف تسعى لإفشاله، أو بسبب قرارات انفعالية من أحد الجانبين دون حساب العواقب.