"حصار داخلي غير معلن وصعوبة في وصول الغذاء" الأوضاع اليوم في غزة
تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT
وسط أصوات الطائرات وانفجارات القذائف، تعيش غزة اليوم واحدة من أصعب مراحلها الإنسانية منذ سنوات. فقد خلف التصعيد العسكري دمارًا واسعًا في المنازل والبنى التحتية، وأدى إلى نزوح عشرات الآلاف من الأسر. يعاني السكان يوميًا من ظروف معيشية تكاد تكون مستحيلة، حيث يكافحون للبقاء على قيد الحياة وسط انعدام تام للموارد الأساسية التي يحتاجونها في حياتهم اليومية.
أزمة إنسانية متفاقمة في غزة
أحد أكبر التحديات التي تواجهها غزة حاليًا هو نقص الرعاية الصحية. المستشفيات والمراكز الصحية تعمل بطاقتها القصوى، لكن شحّ الأدوية والمعدات الطبية، الناتج عن إغلاق المعابر ونقص الإمدادات، يجعل توفير الرعاية اللازمة للمصابين والمرضى أمرًا بالغ الصعوبة. ويصف الأطباء الوضع بالكارثي، إذ إنهم عاجزون عن تقديم العلاجات الضرورية، ويشاهدون يوميًا حالات حرجة لا تستطيع تلقي الرعاية المطلوبة. وقد أكدت تقارير منظمات دولية أن غزة في حاجة ماسة إلى ممرات إنسانية آمنة لإيصال الإمدادات الطبية الضرورية، وخاصة الأدوية الأساسية كالمضادات الحيوية والأدوية المنقذة للحياة.
على صعيد آخر، فإن الحياة في مراكز الإيواء التي لجأت إليها الأسر النازحة بعيدة كل البعد عن الحياة الكريمة. يعيش هؤلاء في مدارس ومبانٍ عامة تم تحويلها لمراكز إيواء، حيث يفتقرون إلى الحد الأدنى من وسائل الراحة، لا مياه شرب نظيفة، ولا كهرباء مستمرة، ولا دورات مياه مجهزة. تتحدث العائلات عن أيام قاسية يقضونها في أماكن مكتظة، وسط أجواء من الخوف والقلق على مصيرهم ومصير أطفالهم. ينام الأطفال بين جدران غير مألوفة، وقد تحول الضحك الذي كان يملأ حياتهم في وقت سابق إلى صمت ثقيل. بينما تتفشى بينهم الأمراض بسبب غياب الظروف الصحية المناسبة، إذ لا تتوفر مستلزمات النظافة، ولا توجد مياه كافية للاستحمام أو غسل اليدين.
أملٌ مفقود بين الحصار والدمار
وما يزيد من وطأة هذا الوضع هو صدمة الأطفال الذين يعيشون تحت هذا الضغط النفسي. إنهم يواجهون مشاهد يومية من العنف والدمار، وقد فقدوا شعور الأمان الذي يعدّ ضرورة أساسية لتطورهم النفسي. يعمل العديد من الأخصائيين النفسيين والمستشارين، بالتعاون مع منظمات إغاثية، على تقديم الدعم النفسي للأطفال، لكن الجهود محدودة ولا تلبي سوى جزء بسيط من الاحتياجات. إن مشاهد البيوت المهدمة وصرخات الفقد التي يسمعونها قد تترك أثرًا طويل الأمد في قلوبهم الصغيرة.
وعلى صعيد الغذاء، تعاني غزة من أزمة غذائية خانقة، حيث لم يتمكن العديد من السكان من الحصول على قوت يومهم. فقد توقف توزيع المواد الغذائية بسبب الوضع الأمني المتدهور، وبدأت العديد من الأسر تعتمد على توزيع الطحين فقط. ومع انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، يصبح من الصعب تخزين الطعام، ما يزيد من سوء الأزمة. يعتمد الكثيرون الآن على المساعدات الإنسانية التي تصل بشكل محدود، ويعيشون على أمل تحسن الوضع أو دخول المزيد من الإمدادات.
يبدو أن غزة تعيش في حالة حصار داخلي غير معلن؛ المعابر مغلقة، والمساعدات الدولية تواجه صعوبات في الوصول، والوضع الأمني يمنع السكان من الحركة أو التنقل. وكل هذا يزيد من عزلتهم ويزيد من يأسهم، حيث باتت الحياة اليومية معركة من أجل البقاء في ظل ظروفٍ لا يمكن وصفها إلا بأنها غير إنسانية.
تتطلب هذه الأزمة استجابة دولية عاجلة لإغاثة السكان، فهم يحتاجون إلى إمدادات إنسانية مستدامة تشمل المواد الغذائية والأدوية، وإلى ممرات آمنة تضمن وصول هذه المساعدات وتخفيف معاناتهم اليومية. الأمل الوحيد الذي يبقى لغزة اليوم هو أن تجد هذه الأصوات الإنسانية صدى في العالم، وأن تحرك المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات ملموسة لإنقاذ حياة الملايين من الأبرياء الذين يعانون بصمت، بينما يحلمون بغد أفضل وأقل معاناة.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أزمة إنسانية الرعاية الصحية المعدات الطبية مساعدات الدول مياه شرب نظيفة أزمة غزة الاوضاع في غزة
إقرأ أيضاً:
قراءة في ،،،، خطّة المليشيا للسيطرة على العاصمة
*قراءة في ،،،، خطّة المليشيا للسيطرة على العاصمة*
( ١_ ٢ )
ضمن الوثائق والمقتنيات ومخازن الأسلحة والذخائر ومنظومات التشويش والطيران المسيّر والوقود التي غنمتها القوّات المسلّحة في معركة الصالحة ( *أم معارك الخرطوم* ) وجدت وثيقة الموقف العام والخطّة المُجازة للسيطرة على عاصمة البلاد، وتنفيذها على وجه الدقّة يضع حدًا حرجًا لحقيقة بقاء السودان على ما كان عليه؛ لأنها جمعت فأوعت من القوّات، والتجهيزات، والإحاطة والإنفتاح على مستوى الخرطوم الولاية، والمواقع العسكرية والقيادة العامة، ومراكز القيادات والأسلحة والمعاهد والمناطق العسكرية، كلّها تحت الرصد والحصار، والقصف ومحاولات الهجوم المتكرّر بغرض السيطرة عليها واحدًا تلو الآخر.
وبإستعراضٍ سريعٍ لقوّات الدعم السريع الموجودة في العاصمة في شهر أغسطس من العام ٢٠٢٣م بعد أربعة أشهر من بداية الحرب كانت كالآتي :
قطاع أم درمان عدد ٨ ألـويـة.
• حصار المهندسين – ٣ ألويـة.
• حصار وادي سيدنا – ٣ ألويـة.
• حصار القوّات الخاصّة – ١ لواء.
• إحـتياطي – ١ لواء
قطاع الخرطوم عدد ١٠ ألويـة + كتيبتين.
• حصار القيادة – ١ لواء
• حصار المدرعات والذخيرة – ٢ لواء.
• حصار جبل أولياء – ٢ لواء
• قوات مقاتلة – ١ لواء.
• مراقبة الطرق – ٢ لواء .
• وسط وشرق الخرطوم – ٢ لواء.
• حماية الكباري ٢ كتيبة .
قطاع بحري عدد ٩ ألوية.
• حصار الإشارة وجهاز المخابرات – ٢ لواء.
• حصار سلاح الاسلحة – ٢ لواء.
• حصار العليفون – ١ لواء.
• قوات مقاتلة طريق الكدرو – ١ لواء.
• الطريق الدائري – ١ لواء.
• تأمين الكباري – ١ لواء.
• المناطق المبنية – ١ لواء.
القوات الأخرى المخصصة للهجوم:
• عدد ١٨٠٠٠ مقاتل للهجوم على القيادة العامّة وحدها.
• قطاع بحري عدد ٨٠٠٠ مقاتل.
• قطاع أم درمان عدد ٩٠٠٠ مقاتل.
• للواجبات الأخرى عدد ١٧٠٠٠ مقاتل.
هذه الأرقام مستقاة من وثيقة الخطّة المُجازة على مستوى قيادة الدعم السريع وبتوقيع اللواء عبد الله أبكر محمد باشا.
لمزيدٍ من الشرح حتى يسهل الإحصاء والتدقيق في العدد الكُلي لقوّات المليشيا في الخرطوم ساعتئذٍ علينا أن نراجع ( *نظام المعركة* ) للدعم السريع، وهو التنظيم والتسليح بالشدّة الكاملة للمستويات القيادية المختلفة، لنجد أنَّ المليشيا تعتمد نظام القطاعات وهو المسمى ( *لواء* ) الوارد في الخطة، حيثُ يتكوّن كل لواء من ٤ مجموعات وهي تعادل مُسمى ( *كتيبة* )
تتكون كل مجموعة كالآتي :
• ٥٠ عربة قتالية
على كُل عربة ١٠ أفراد
تسليحهم كلاش أو m16
قرنوف + آر بي جي
ومدفعية مكونة من:
• ٢ كاتيوشا .
• ٦ مدافع ٢٣ ملم .
• ٦ مدافع ١٤،٥ ملم .
• ٢ مدفع م/د
أي عربة مكتفية من التعيينات، والوقود، ومرتّب الذخائر لمدة إسبوع.
لكل قطاع ( *لواء* ) الآتي :
• منظومة تشويش .
• طيران مسيّر.
• مدفعية إسناد راجمات ١٢٢ ملم – ١٥٥ ملم – مدافع هاوتزر ١٣٠ ملم – هاونات مختلفة من كلينكيت وإلى ١٢٠ ملم.
هذا إجمال لنظام المعركة للدعم السريع، وبتوقيعه على محتويات الخطّة نخلص لإجمالي القوة المحتفزة في ذلك التاريخ للإنقضاض على عاصمة البلاد التي لم تكٌن فيها القوّات المسلّحة في تمام قوّتها، ولا إستعدادها.
لتكون الإحصائية كالآتي :
• قطاع الخرطوم ٢٠٠٠ عربة عليها ٢٠٠٠٠ رجل.
• قطاع أم درمان ١٦٠٠ عربة عليها ١٦٠٠٠ رجل.
• قطاع بحري ١٨٠٠ عربة عليها ١٨٠٠٠ رجل.
وعدد المُشاة المقاتلة المحمولة على عربات نقلٍ عادية، وعربات مواطنين مدنية مشفشفة، والمواتر.
• الخرطوم ١٨٠٠٠.
• بحري ٨٠٠٠.
• أم درمان ٩٠٠٠.
• مهام أخرى ١٧٠٠٠.
المجموع ٥٢٠٠٠ مقاتل، لتكون الحصيلة الكلية كالآتي :
العربات القتالية المتنوّعة ( *٥٤٠٠* ) عربة قتالية.
عدد المقاتلين ( *١٠٦٠٠٠* ) مقاتل.
ومن هُنا يُمكن لأي أحد أن يتصوّر مآلات القتال بين هذه القوّة الهائلة الجبّارة وما تهيأت به من تربّصٍ وترصّد، وما إنطوت عليه من حقدٍ لتجتاح العاصمة وتطويها تحت سنابك التاتشرات، وتحقّق الصدمة والمفاجأة في قيادات الجيش ومعسكراته التي تقطّعت بها السُبل، وتمّ عزلها عن بعضٍ بالسيطرة على الطُرق والكباري مما يؤثر على قُدرتها على الصمود، وإزدياد حاجتها للإمداد، خاصّةً الذخائر، والإخلاء للجرحى.
نعم قد يبدو الأمر في ظاهره قد قُضي تمامًا وما هي إلّا أيام أو أسابيع بالكثير لتقتحم المليشيا مقار الجيش، وترفع رايات الدعم السريع ( *الصفراء* ) في سارية القيادة العامة، كما ذكر ذلك ( *حميدتي البعاتي* ) لوفدٍ من جنوب السودان.
تحرّكت كُل هذه القوّات بكُل حماسة المليشيا في أيامها الأوائل، وأفرغت أطنان الذخائر المتنوّعة على أهدافها وقصفت بكل عنفوان المدافع والراجمات، وهجمت مئات المرات بحشودٍ كالجراد المنتشر، ولكن صخرة الصمود لمواجهات الجيش لم تلين، وعزم الرجال الماضي لا تثلمه صروف الغدر، وثبات الجبال الراسيات لا تهزه الرياح، والنصل بالغًا ما بلغ في عمق الجرح لن ينتزع
التنازل عن شرف الجندية الموروث.
كأني بالجنجويد وقد طال بهم الأمد، وإمتدت أيام الوعد بإستلام العاصمة، أصابهم اليأس، وتساءلوا عن حقيقة هؤلاء ( *الأبلداي* ) كما يسمونهم، من أين يستمدون هذا الصمود؟
من أين لهم الأكل والشُرب والذخائر، ونحنُ نحيط بهم من كل جهة؟
فالجنجويد معذورون لأنَّ نصيبهم من معارف القتال هو قتال اللحظة، بالهجوم الأحمق على الأهداف التي غالبًا ما تكون قُرى غافلة في دارفور، أو جماعات من المشتركة وتكتيكاتها السيالة المتحركة، ولذلك أصابتهم الصدمة من قُدرات القوّات المسلّحة وهي تُطور مراحل القتال من الدفاع الصرف للدفاع العدائي، والعمليات النوعية، ثم الهجوم على أهداف مختارة لإستنزاف قُدرات العدو، ثم حرمان العدو من أهم موارده، وعزل تجمعاته ثم التقدم للقتال بصورةٍ واسعة في المناطق المبنية في آخر ما شهدته العاصمة من عملياتٍ ناجحة.
وهذا الذي أفقد الجنجويد صوابهم، وأربك حساباتهم، وأجبرهم على التراجع المستمر تحت الضغط حتى وصلت شراذمهم ديار المسيرية بعدما وصل الجيش ديار الحوازمة، وما بقي غير ديرة الرزيقات التي تضطرب بها الأحوال الآن، إضطراب الغصون اللينة تحت وطأة العواصف الهوجاء.
والسؤال في خواتيم هذه المقالة الأولى من قراءة في خطّة الدعم السريع للسيطرة على العاصمة الخرطوم:
أين ذهبت كل هذه القوات ؟؟
مالذي حدث لها ؟؟
*بارك الله فيكم ناس الجيش*
*لكم الفضل بعد الله تعالى في انقاذ الوطن التهلكة*
*{قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ}*
لـواء رُكن ( م ) د. يونس محمود محمد