تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في ظل الصراع المستمر في اليمن، والذي يمتد منذ عدة سنوات، تتزايد التقارير حول الأنشطة العسكرية لجماعة الحوثي، حيث كشف تقرير حديث عن بناء مدن عسكرية تحت الأرض، مما يشير إلى استعداد الحوثيين لمواجهة طويلة الأمد.
التقرير يبرز كيف استغل الحوثيون فترة الهدنة التي أُعلنت في أبريل ٢٠٢٢ لتوسيع عملياتهم في بناء القواعد العسكرية تحت الأرض، في خطوة تعكس استراتيجيتهم للدفاع والبقاء في ساحة المعركة.


وأفاد التقرير بأن منشآت القيادة والسيطرة التابعة للحوثيين موزعة في عدة مناطق، بما في ذلك العاصمة صنعاء، ومبنية على أعماق تصل إلى ٧-١٠ طوابق تحت الأرض، متخذة من هناغر كبيرة للمؤسسات التجارية غطاءً لهذه المنشآت.
لقد أسس الحوثيون شبكة معقدة من الأنفاق والملاجئ تحت الأرض، والتي تطورت مع مرور الوقت إلى مدن عسكرية متكاملة.
وتعتبر هذه الأنفاق ليست مجرد مخابئ، بل تم تجهيزها لتلبية احتياجات عسكرية متنوعة، بما في ذلك تخزين الأسلحة، والتخطيط للعمليات، وحتى كقاعدة للجنود.
ويرى القادة الحوثيون أن الاختراقات الاستخباراتية، خصوصًا التي حدثت لحزب الله، تشكل هاجسًا كبيرًا.
بحسب مصادر حوثية، قامت الميليشيا بتجديد وتوسيع منشآت تحت الأرض كانت قد أُنشئت في عهد الرئيس اليمنى السابق على عبدالله صالح، الذى قتله الحوثيون فى ٢٠١٧.
هذه المنشآت تستخدم الآن لأغراض عدة تشمل تركيب وتصنيع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، تصنيع المتفجرات، وتجهيز الألغام البحرية والقوارب المسيّرة.
ويعتبر عمق المنشآت العسكرية أحد ركائز الحماية التي يعتمد عليها الحوثيون للحفاظ على سرية نشاطاتهم.
وتفيد تقارير استخباراتية بأن الحوثيين قاموا ببناء بعض هذه المنشآت على عمق يصل إلى ٥٠ قدمًا تحت الأرض، بمساعدة خبراء من حزب الله والحرس الثوري الإيراني.
وفي ظل الظروف القاسية التي تعيشها اليمن، توفر هذه المنشآت الحماية ضد الغارات الجوية التي تتعرض لها مواقع الحوثيين، مما يمنحهم ميزة استراتيجية في الصراع.
ويبدو أن الجماعة تدرك تمامًا الأبعاد العسكرية لهذا النوع من البناء، حيث يتيح لهم القدرة على التحرك والتخطيط بحرية أكبر دون الخوف من الاستهداف المباشر.
كما تشير المعلومات الواردة في التقرير إلى أن الحوثيين لم يتوقفوا عند بناء هذه القواعد، بل قاموا أيضًا بتطوير أسلحة جديدة وتعزيز قدراتهم العسكرية.
وخلال فترة الهدنة، تمكن الحوثيون من زيادة تسليحهم، بما في ذلك تطوير صواريخ ذات قوة تدميرية أعلى، وبناء منشآت جديدة للتجارب العسكرية. 
ويظهر هذا التوجه نحو تطوير قدرات عسكرية متقدمة أن الحوثيين ليسوا فقط في موقف دفاعي، بل يسعون أيضًا لتعزيز قدرتهم على الهجوم والتأثير في مجريات الحرب.
ويبدو أن الجماعة تحاول خلق توازن قوي جديد في ساحة المعركة، حيث تسعى إلى تعزيز موقفها أمام الخصوم، سواء كانوا القوات الحكومية أو التحالف العربي.
ولا تتعلق استراتيجيات الحوثيين فقط بالنمو العسكري، بل تمتد إلى العمل على استغلال كل فرصة تتاح لهم، فقد أظهرت الجماعة قدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة في اليمن، بما في ذلك العلاقات الدولية الإقليمية.
ويتلقى الحوثيون دعمًا خارجيًا، خاصة من إيران، مما يعزز من موقفهم في الصراع. 
وقد يتضمن هذا الدعم أسلحة وتقنيات حديثة، مما يزيد من تعقيد المشهد العسكري ويجعل الحوثيين خصمًا أكثر صعوبة.
في الوقت نفسه؛ فإن هذه الأنشطة العسكرية تأتى بتكلفة إنسانية باهظة، حيث أن الشعب اليمنى يعاني من تبعات الصراع المستمر، حيث يعيش الملايين في ظروف قاسية نتيجة النزاع.
الحصار الاقتصادي، ونقص الإمدادات الغذائية، وتدهور الخدمات الصحية، كلها عوامل تجعل الحياة اليومية للمواطنين أكثر صعوبة.
يُضاف إلى ذلك أن استمرار النزاع يؤدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، حيث لا يمكن تجاهل الآثار المترتبة على استمرار التحركات العسكرية للحوثيين.
وفي ظل هذه الظروف، يتضح أن هناك حاجة ملحة للتوصل إلى حلول سلمية تساهم في إنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار في اليمن.
وتظل الجهود الدولية لتحقيق السلام ضرورية، حيث يتطلب الوضع الحالي استجابة شاملة من المجتمع يجب على الأطراف المختلفة العمل الدولي لمواجهة التحديات الإنسانية والعسكرية. نحو إيجاد تسوية سياسية تسهم في بناء مستقبل أفضل للمدنيين الذين يعيشون في ظروف صعبة.
وقد يؤدى الفشل في التوصل إلى اتفاق إلى تصعيد الصراع، مما يعكس أهمية اتخاذ خطوات جادة نحو السلام.
ويتعين على المجتمع الدولي أن يتعامل مع الوضع فى اليمن كأولوية، خاصةً فى ظل ما تعانيه البلاد من أزمات إنسانية متتالية.
ويتطلب التوصل إلى اتفاق مشاركة فعّالة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحوثيين، لتحقيق استقرار دائم، كما أن فتح قنوات الحوار وتقديم الدعم اللازم للشعب اليمني من قبل المجتمع الدولي قد يكون له تأثير إيجابي في التخفيف من المعاناة الإنسانية وخلق بيئة أكثر استقرارًا.
ويرى مراقبون أن تقرير "العالم المخفي للحوثيين" يبرز أهمية مراقبة الأنشطة العسكرية التى تقوم بها الجماعة في ظل الظروف الحالية؛ مشيرين إلى أن استراتيجياتهم في بناء المدن العسكرية تحت الأرض وزيادة قدراتهم العسكرية تعكس تصميمهم على الاستمرار في الصراع.
وفي الوقت نفسه فإن التحديات الإنسانية تظل بارزة، مما يتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لضمان حقوق المدنيين وسلامتهم. 
ويروا أن الحرب ليست خيارًا، بل إن السلام هو الطريق الوحيد لضمان مستقبل أفضل للشعب اليمني.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: لجماعة الحوثي عسکریة تحت الأرض هذه المنشآت بما فی ذلک فی الیمن

إقرأ أيضاً:

حوار الحضارات في ظل الصراع

في عام 2024 تقدمت جمهورية الصين الشعبية بطلب إلى الأمم المتحدة بشأن اعتماد العاشر من يونيو من كل عام يوما دوليا للحوار بين الحضارات، بتأييد من أكثر من ثمانين دولة مثَّلت أعضاء المنظمة؛ لما للحوار من أهمية قصوى في ظل الصراعات التي يشهدها العالم اليوم، وحالات عدم الاستقرار التي أصبحت تتعاظم في زمن حلَّت فيه القوة محلَّ الحوار والسلام والتفاهم.

إن هذه الدعوة إلى تخصيص يوم للحوار بين شعوب العالم وأُمَمه تؤكد أهمية حماية كرامة الإنسان وحقوقه؛ فالحوار يعزِّز قيمة التنوُّع الثقافي، وقدرته على بناء مجتمعات يسودها الاحترام والتفاهم، وتقدير مفاهيم الأديان والمعتقدات والفكر الإنساني وقيمه؛ لأنه ينبني على التشاور المشترك، والتفاعل الثقافي، والقدرة على التكيُّف مع الآخر باعتباره فكرا له إنسانيته، واستقلاليته المعرفية.

ولهذا؛ فإن حوار الحضارات يقدِّم نفسه باعتباره مجالا للتكيُّف مع الأفكار المخالفة، والتعامل مع التنوُّع الثقافي والديني وحتى السياسي؛ فالتنوُّع إحدى النعم التي تعبِر عن أهمية التواصل الحضاري بين الشعوب والمجتمعات، والتبادل المعرفي على كافة المستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية. إن الحوار يشكل بنية أساسية لمواجهة التحديات خاصة في العصر الحالي الذي تزداد فيه الصراعات سيما على المستوى السياسي والاقتصادي. وبالتالي؛ فإن بناء جسور من العلاقات الإنسانية الدولية، وترسيخها بالانسجام والترابط سيولِّدان وعيا على المستوى المحلي والدولي بالقيمة المرجعية للحوار في ظل تلك الأزمات.

يؤسِّس الحوار بيئة تنموية قادرة على تحسين العيش في المجتمعات، وتنمية الابتكار من خلال التبادلات التقنية، والاستثمار الدولي المشترك، والاستفادة من الموارد الطبيعية، والخبرات البشرية المهارة، الأمر الذي يُسهم مباشرة في تطوير آفاق التنمية المجتمعية، ويساعد على تحقيق الأهداف الوطنية للبلدان؛ فالحوار يتجلى في العديد من التبادلات والتعاونات التعليمية، والثقافية، والاقتصادية، وغيرها من المجالات التي تدعم الانسجام بين شعوب العالم، ومجالات الترابط والتواصل.

وعلى الرغم من أهمية الحوار في ظل الانفتاح، والتسارع المعرفي؛ إلاَّ أن العالم يعيش مجموعة من المفارقات على المستوى العالمي من حيث التطورات الهائلة المرتبطة بالثورة التقنية والمعلوماتية، والتطورات في اقتصاديات المعرفة، والطاقات البديلة والدعوات الدولية إلى الحفاظ على البيئة وحمايتها، وتوحيد الأسواق العالمية، وتجاوز الحدود وغيرها. ومن جهة أخرى سنجد ذلك التصدُّع الفكري المتطرِّف، وصراعات القوى العسكرية والاقتصادية التي تزداد تفاقما كلما تعاظمت المصالح المتضادة، وتوحدَّت القوى الكبرى الغاشمة ضد القوى المستضعفة.

فهذه التناقضات على المستوى العالمي - أو فلنقل: الاتجاهات المتقابلة في الرؤى - تقدِّم تبريرا أساسيا لأهمية الحوار، والدعوة إلى السلام والتفاهم والنقاش؛ لإيجاد حلول تحمي حقوق الإنسانية، وتدعم تنمية المجتمعات ورفاهها. فالحوار يربط بين شعوب العالم، ويُسهم في تحقيق الأهداف التنموية الوطنية والعالمية، ويجسِّد منهج التوسط، والتوازن، والاعتراف بالمجتمع الدولي القائم على العدالة.

إن الصراعات السياسية والاقتصادية التي يعيشها العالم اليوم لا تكشف عن وعي المجتمعات والأمم بأهمية الحوار الحضاري، ولا تنم عن العقلانية التي يفترض أن يتحلى بها عالم القرن الحادي والعشرين في ظل التطورات التقنية والإمكانات المعرفية التي يتميَّز بها، وقدرة دول العالم على تبني مفاهيم تطويرية لمجتمعاتها قائمة على التبادل والتفاهم، وتجاوز آثار الإيديولوجيات المتطرِّفة، إلاَّ أنه في الواقع أن العالم بدأ يعج بالتحديات الناشئة عن التطرُّف الديني والسياسي والاقتصادي الذي يجب على المجتمعات مواجهته من خلال ترسيخ مبادئ الحوار، وقيم المساواة والعدالة لأفراد المجتمع.

ولقد رسَّخت عُمان مبادئ الحوار منذ قديم الأزل وها هي اليوم تسعى جاهدة من خلال العديد من المبادرات والمواقف الإنسانية الراسخة القائمة على الدعوة إلى الحوار والتفاهم والسلام ومبادئ التعايش؛ إذ حرصت على بناء جسور من علاقات الأخوة والصداقة بينها وبين دول العالم، وعزَّزت التعاونات الدولية من خلال مذكرات التفاهم، والاتفاقيات الدولية، والزيارات السلطانية التي تمثِّل نموذجا أصيلا من نماذج ذلك الحوار الذي يكشف الوعي الحكيم بأهمية تأصيل الحوار، وترسيخ التبادلات المشتركة القائمة على الاحترام، والدعوة إلى الاستقرار العالمي الداعم لتنمية المجتمعات ورفاه الشعوب.

إن عُمان من بين تلك الدول التي عُرفت بحكمتها، ودعوتها إلى السلام والإخاء، وما تقدمه من جهود سواء على مستوى معرض رسالة الإسلام الذي ينشر الوعي بالقيم الإنسانية، أو المعارض الثقافية والسياحية ، أو ما تقوم به سفينة شباب عمان باعتبارها رمزا إنسانيا داعيا إلى الحوار والسلام والتعايش، أو تلك المشاركات الفاعلة في المنظمات والمؤتمرات الإقليمية والعالمية ، أو ما يقوم به الإعلام العماني من برامج وثائقيات متنوِّعة متخصصة في الحوار الثقافي، والتعايش الفكري والحضاري، إضافة إلى جهود الدبلوماسيات الخارجية، وما تقدمه في سبيل تعزيز آفاق التعاون، والتبادل المشترك، والتأكيد على مبادئ الحوار والتفاهم بما يخدم الشعوب.

ولعل ما تبديه عُمان من مواقف راسخة ومبادئ ثابتة إزاء القضايا الإقليمية والدولية، والتأكيد على أهمية حماية كرامة الإنسان وحماية حقوقه المشروعة، واحدة من الأُسس التي تتبناها في ظل تباين العديد من المواقف القائمة على المصالح، خاصة والعالم يمر بحالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي جعلت الكثير من دول العالم من حالة من الارتباك، غير أن عُمان لم تحد عن مبادئها الراسخة التي استمدتها من يقينها الحضاري القائم على الفكر الثاقب، والثقة، والحكمة المستلهمة من هُويتها الوطنية الضاربة في القِدم.

فالحوار يُعدُّ أرضية مشتركة للعالم يتصدى من خلاله للكثير من التحديات العصيِّة الملحة، فمتى وِجد الحوار والنقاش انفتحت أبواب من التفاهم والتعايش والعدالة؛ إذ يُعزِّز السلم الذي ينشده العالم سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي. فهناك صراعات وحروب عسكرية واقتصادية وتقنية، وتوترات قائمة على الانغلاق والتطرُّف أبادت شعوبا، ودمَّرت مجتمعات، وأخرى تعج بالمجاعات والأوبئة والفقر. إنها حروب وصراعات لا منتصر فيها سوى الدمار والخراب، وتشرُّد الشعوب، وهذا ما نجده بوضوح في فلسطين، وسوريا، والسودان، حتى في أوكرانيا، ودول إفريقيا، وغيرها من دول العالم الواقعة تحت وطأة الصراعات والحروب.

فما أحوجنا اليوم للحوار الحضاري بين شعوب العالم، الحوار الذي تدعو إليه عُمان وغيرها من الدول الحكيمة التي تقدِّم المصلحة الإنسانية فوق المصالح كلها، وتجعل من حماية كرامة الإنسان وجوهره أصلا وغاية لا تحيد عنها. فكيف احتفل العالم احتفاله الأول باليوم العالمي للحوار الحضاري بينما هناك شعوب تُقتل، وأخرى تُشرَّد، وثالثة تفتك بها الأوبئة؟!

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تشن هجوما على اليمن وتعلن اغتيال رئيس أركان الحوثيين
  • محاولة اغتيال إسرائيلية لرئيس أركان الحوثيين في اليمن.. من هو محمد الغماري؟
  • بهجوم على اليمن.. الجيش الإسرائيلي يحاول اغتيال رئيس أركان الحوثيين
  • أكسيوس: إسرائيل حاولت تصفية رئيس أركان الحوثيين في اليمن
  • حوار الحضارات في ظل الصراع
  • سماء اليمن تزدان بالضياء احتفاءً بولاية الحق
  • دبلوماسي أمريكي: الحوثيون سيظلون قوة فاعلة ولاعبًا أساسيًا في أي خيارات تُرسم لمستقبل اليمن (ترجمة خاصة)
  • اليمن تطالب بوقف التدخلات الإيرانية وتفعيل حظر الأسلحة على الحوثيين
  • الحوثيون يرفعون جهزيتهم العسكرية للقتال مع إيران ويتوعدون بجر المنطقة إلى هاوية الحرب
  • مهمة مستحيلة.. لماذا لا يمكن هزيمة الحوثيين في اليمن؟ (ترجمة خاصة)