9 نوفمبر|الآثاريين العرب يعلن انطلاق فعاليات مؤتمره السابع والعشرين وأسماء الفائزين بالجوائز
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
أعلن الدكتور محمد الكحلاوى رئيس المجلس العربى للاتحاد العام للآثاريين العرب باتحاد الجامعات العربية عن موعد مؤتمره السنوي السابع والعشرين يومي 9-10 نوفمبر الجارى بمقر المجلس العربي بمدينة الشيخ زايد وسيناقش المؤتمر واقع الآثار في وطننا العربي وما يتعرض له من مخاطر جسيمة أفقدته الكثير من مقدراته الأثرية بهدف طمس هويته العربية وتشهد بذلك غزة ولبنان والسودان.
كما سيعرض المؤتمر ضمن قضاياه الآثرية "مخاطر ادعاءات (الأفروسنتريك) على الحضارة المصرية" ومن السودان تحاضر الدكتورة إخلاص عبداللطيف إدريس رئيس وحدة متابعة الآثار المسروقة بمكتب الطوارئ بالمجلس العربي للآثاريين العرب حول ما آلت إليه حالة الآثار والمتاحف بالسودان من جرّاء الصراعات المسلحة وأعمال النهب والسرقة، ومن غزة يحاضر الدكتور أحمد محمد البرش مدير الآثار بقطاع غزة بوزارة السياحة والآثار عن آخر الإحصائيات التى توضح حالة التدمير الشامل لآثار مدينة غزة، ومن لبنان تعرض الدكتورة مهى محمود المصري رئيس قسم الفنون والآثار بالجامعة اللبنانية إحصائية للمواقع التى دمرت جرًاء العدوان الإسرائيلى على جنوب لبنان.
وصرح الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير المكتب الإعلامى لمجلس الآثاريين العرب بأن المؤتمر يناقش أكثر من ثمانين ورقة بحثية في مجالات علوم الآثار والمتاحف والتاريخ والحضارة وأعمال الترميم والصيانة، كما سيعلن المؤتمر عن استضافة مكاتب طوارئ لهيئات الآثار فى البلدان التي تعرضت آثارها لمخاطر الاعتداءات والصراعات المسلحة كغزة ولبنان والسودان، وستشهد فعاليات المؤتمر فى اليوم الأول ورشة عمل حول "حقوق حضارة" برئاسة الدكتور أحمد راشد والدكتور حسام لطفى، ويقام فى اليوم الثالث من أعمال المؤتمر ورشتين متخصصتين فى مجال التدريب والتأهيل: الأولى عن ترميم المباني الطينية التراثية والثانية عن ترميم الأخشاب التراثية.
وأضاف الدكتور ريحان بأن المؤتمر سيكرم عددًا من الشخصيات العامة التي ساهمت في الحفاظ على ذاكرة الأمة المصرية و تراثها المعماري، وسيُمنح الدكتور عاصم الجزار وزير الإسكان والمرافق السابق الدرع الفخري للآثاريين العرب لدوره الكبير في تحويل العشوائيات إلى تراث معماري يستقى تصميمه من طرز عمارة القاهرة الإسلامية، والدكتور محمد صالح لجهوده الكبيرة في توثيق التراث المصرى في فترة ترأسه للمتحف المصرى وما قدمه من أعمال قيمة أهمها الكتالوج الكبير للمتحف المصرى.
كما سيكرم المؤتمر الفائزين بجوائز هذا العام، وقد فاز بالجائزة التقديرية كلاً من الأديب والإعلامى الكبير الدكتور جمال محمد عبد الفتاح الشاعر لدوره الرائد في مجال الإعلام ومساهمته في نشر الوعى بالتراث الحضارى المصرى والدكتور منصور النوبى منصور لجهوده المتميزة وما قدمه من بحوث قيمة في مجال علوم المصريات
وفاز بجائزة الجدارة العلمية كلًا من الدكتور فاروق عباس إسماعيل بجامعة حلب والدكتور حسن أحمد حسن سليم بجامعة عين شمس، وفاز بجائزة التميز الأكاديمي كلًا من الدكتور يحى فضل طاهر بجامعة الخرطوم والدكتور سلمان أحمد المحاري مدير عام الآثار بهيئة البحرين للثقافة والآثار، وفاز بجائزة الريادة الدكتور إبرهيم درويش كرائد مؤسس لإدارة الآثار الغارقة، وبجائزة النشر الهادف فاز الكاتب الصحفي إيهاب الحضري عن كتابه "اغتصاب الذاكرة" الاستراتيجيات الإسرائيلية لتهويد التاريخ" و بجائزة المجلس التشجيعية فاز الأثرى والإعلامى الدكتور عبد الرحيم ريحان لدوره الفاعل في حماية التراث المصرى والدفاع عنه والتصدى لكافة محاولات النيل منه وتأسيسه لحملة الدفاع عن الحضارة المصرية.
وفاز بجائزة التفوق العلمى لشباب الآثاريين كلًا من الدكتور أحمد محمد مكاوى أستاذ بقسم الآثار المصرية بكلية الآثار جامعة القاهرة والدكتور محمد عبد الرحمن عنب أستاذ الآثار والعمارة الإسلامية المساعد كلية الآثار جامعة الفيوم، وقد استحدث المجلس جائزة جديدة وهى جائزة الآثاريين العرب للإبداع للأعمال الفنية التاريخية والتى أبدع فيها الفنان القدير المبدع الأستاذ أحمد ماهر.
وتابع الدكتور ريحان بأن جوائز مجلس الآثاريين العرب ذات المردود المادى وهى جائزة الشيخة اليازية بنت نهيان آل نهيان لهذا العام فى فروعها الثلاث، ففى مجال تحفيز الوعى المجتمعى بأهمية التراث فاز المهندس الاستشاري محمد أبو سعدة لدوره الرائد في نشر الوعى بالتراث الحضارى المصري من خلال مشروعات تهدف للحفاظ على الذاكرة والهوية المصرية، كما فازت جمعية بورسعيد التاريخية برئاسة اللواء أيمن جبر لجهودها المحمودة في حماية التراث الحضاري المعمارى لمدينة بورسعيد والتصدي بحزم لكل المحاولات الرامية للنيل من تراث المدينة الخالدة كما فاز فى الفرع الثانى فى مجال تأهيل المواقع والمبانى التراثية مؤسسة راكوتة للفن والتراث بالإسكندرية وذلك لدورها فى إنقاذ تراث المكس البحرى وتوثيقه، كما فاز بالفرع الثالث فى مجال استخدام التطبيقات الحديثة الأستاذة نعمة البرنس عبد العزيز مسؤل التوثيق الأثرى بمنطقة آثار الداخلة.
جائزة المجلس باسم المرحومة ابتهال جمال عبد الرؤوف وفازت بها الطالبة سماح طه محمد حسن الأولى على شعبة الآثار الإسلامية قسم الآثار كلية الآداب جامعة المنيا وجائزة المجلس باسم الدكتور محمد صالح شعيب وتمنح لكل من تفانوا في خدمه التراث وتعرضوا لمخاطر أثناء تأدية أعمالهم وفاز بها الأستاذ صلاح فهيم عبيد عامل هندسة الكرنك بقطاع المشروعات بالمجلس الأعلى للآثار وجائزة نشر الوعي الأثري وحماية التراث ولها عائد مادى مقدم من الدكتورة راندا بليغ وفاز بها الأستاذ صبحي هاني بدر الحداد طالب دراسات عليا بكلية الآداب جامعة المنصورة لدوره في نشر الوعى الأثرى بالتراث المصرى من خلال مبادرة "حضارتك هتجيلك مدرستك"، وجائزة المجلس باسم الدكتور يوسف الأمين تمنح لأفضل بحث علمى في مجال آثار وحضارات السودان القديم وفاز بها الدكتور أحمد حامد نصر من السودان ويعمل أستاذ مشارك بقسم السياحة والآثار جامعة حائل بالمملكة العربية السعودية لما قدمه من بحوث علمية قيمة حول الآثار والتراث الحضارى بالسودان، وجائزة المجلس باسم الدكتور جاب الله على جاب الله وتمنح لأفضل بحث علمى يمثل دراسة جادة تقدم رؤية جديدة لآثار وتاريخ الدولة الحديثة وعلاقات مصر الخارجية خلال هذه الفترة وفاز بها الدكتور أحمد عبدالحفيظ أحمد مصر مدرس الآثار المصرية القديمة بكلية الآثار جامعة دمياط والدكتور محمد رأفت عباس مدير عام آثار الإسكندرية بقطاع الآثار المصرية عن مجمل انتاجهما العلمى في مجال الآثار والحضارة المصرية القديمة.
وبخصوص جائزة المجلس باسم الدكتور عبد الرحمن الطيب الأنصارى وهى مقسمة على جائزتين متساويتين وتمنح لأفضل عمل علمي يتناول علاقة الوطن العربى بشبه الجزيرة العربية فى مجال الآثار والحضارة، القسم الأول الآثار والحضارات القديمة وفاز بها الدكتور علي مبارك طعيمان من اليمن ويعمل أستاذ مشارك بجامعة حائل بالسعودية عن كتابه "مدن ومعالم مملكة سبأ القديمة المسجلة على قائمة التراث العالمي باليونسكو"، والقسم الثانى من الجائزة والخاص بالحضارة الإسلامية فازت بها الدكتورة سارة محمد الشماس من وزارة السياحة والآثار الفلسطينية عن كتابها "معاصر السمسم بين الماضي والحاضر"
وفاز بجائزة المجلس المقدمة من الدكتور أحمد بن عمر الزيلعى، الدكتور عبدالقادر دحدوح أستاذ بالمركز الجامعي تيبازة بالجزائر عن كتابه "سكة الأمير عبد القادر الجزائرى وبناء السلطة الوطنية"
وبخصوص جائزة المجلس باسم الشيخ جميل عبد الرحمن خوقير مقسمة إلى قسمين القسم الأول التراث والحضارة الإسلامية بمكة المكرمة "أم القرى" وفازت بها الدكتورة سهام عبدالله جاد أستاذ مساعد بكلية الآداب بجامعة المنيا عن بحثها " نقشين شاهديين من مقبرة المعلاة لشريفتين من أشراف الأمراء الهواشم بمكة المكرمة القرن السادس الهجري/12م "دراسة آثارية فنية"، والقسم الثانى أثر الحضارة الإسلامية في أوروبا وآسيا وفاز بها الأستاذ محمد ناصر أبوالخير مدرس الكتابات العربية والآثار الإسلامية المساعد بكلية الآثار جامعة الفيوم عن بحثه "اسهامات الثقافة الإسلامية والعربية ونموها الحضاري ببلاد القوقاز وأثرها على شرق أوروبا وشمال الإمبراطورية الروسية"
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الآثاریین العرب الآثار جامعة الدکتور أحمد قصور الثقافة الدکتور محمد وفاز بجائزة بها الدکتور من الدکتور وفاز بها فى مجال أهل مصر فی مجال
إقرأ أيضاً:
محمد في مكة
قبل أكثر من مائة وأربعين عاماً لاحظ المستعمرون الهولنديون أن الحجاج الأندونيسيين يعودون بعد رحلة الحج إلى بلادهم، متحفزين للثورة ضد الاستعمار الهولندي. أراد الهولنديون معرفة السر وراء روح «التضحية» والمقاومة التي يمتلئ بها الحجاج بعد أداء المناسك، فتقرر إرسال مستشار الحكومة، المستشرق «كريستيان سنوك هرخرونيه» عام 1884، إلى مكة التي دخلها على أساس أنه حاج مسلم، وطُلب منه تقديم تفسير لهذه المعضلة الكبيرة التي واجهها الهولنديون، وهو ما فعله هرخرونيه في بحث قدمه لنيل درجة الدكتوراه، بعنوان: «الاحتفالات والمراسم في مكة».
وقبل ذلك بكثير نكلت «مملكة أورشليم» الصليبية بالحجاج المسلمين، وأمعنت فيهم قتلاً ونهباً وتشريداً، لمنعهم من الذهاب من بلاد الشام إلى مكة، لأسباب منها أن آثار الحج على هؤلاء الحجاج كانت مزعجة للصليبيين الذين اضطروا فيما بعد لمغادرة الأراضي التي احتلوها في الشام، تحت ضربات المسلمين.
ما الحكاية؟
في القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام، في بيئة عربية لم يكن للدين تأثير عميق فيها على حياة الناس، وعلى الرغم من ضعف التأثير الديني على حياة العرب، إلا أن ذلك التأثير كان أكثر ضعفاً لدى الرعاة، سكان البوادي، منه لدى المزارعين والتجار في حواضر الجزيرة العربية قبل الإسلام، حسبما يرى المستشرق البريطاني، مونتغمري وات، في كتابه «محمد في مكة».
كان العربي القديم – إذن – يعطي القيم الأخلاقية أهمية أكبر من الأهمية التي يعطيها للقيم الدينية التي كانت مجرد تقاليد موروثة، ليس لها أبعاد روحية أو اجتماعية قوية. وقد بدا ذلك جلياً في تغني العرب بمكارم الأخلاق من كرم وشجاعة ومروءة ونجدة ونصرة، وغيرها من الخصال التي نجدها طاغية الحضور في الشعر العربي، وبشكل لا يمكن مقارنته بحضور مفردات الدين في هذا الشعر.
ولعل الضعف الذي اعترى «عبادة الأصنام» كان أحد أسباب تحول العرب عنها إلى «عبادة الله» الديانة التي أصبح اسمها «الإسلام». ومن الفرائض التي جاء الإسلام لإحيائها، وإعادة تعريفها أو ضبطها فريضة الحج الذي ينظر إليه في زمن التفسير المادي للمعتقدات والأفكار والتاريخ على أساس أنه يحوي بقايا من الديانات الوثنية، قبل الإسلام، وهي الديانات التي لم يكن لها تأثير كبير على جوانب الحياة العربية، حيث لم يكن العربي يذكر آلهته إلا في بعض المناسبات مثل الذهاب للحرب، التي تُحمل إليها الآلهة، طلباً للنصر.
ومع التسليم بأن الحج كان معروفاً لدى العرب قبل الإسلام، إلا أن سردية أن بعض شعائر الحج تعود لجذوره الوثنية عند العرب، لا تعدو كونها ضرباً من التهويم، حيث يعود الحج إلى ما هو أبعد من زمن وثنية قريش، وهو موجود لدى معظم الديانات التي سبقت الإسلام، ومنها اليهودية والمسيحية، وما مظاهره المادية إلا ترجمة فعلية لطريقة الأديان في تخطي الماديات – والوصول عبرها – إلى المرامي الروحية البعيدة.
هناك سورة في القرآن الكريم باسم «سورة الحج»، جاء فيها أمر الله لإبراهيم عليه السلام بأداء هذه الفريضة: «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق، ليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم.»…
«تلبية» الأذان هو الهدف، و«الإتيان» هو الغاية، وهو هنا إتيان لمنافع مادية «منافع لهم»، وأخرى روحية «يذكرون اسم الله»، الذي تمتلئ بذكره الأرواح والعقول بمشاعر وأفكار لا يمكن وصفها، وهي حالة روحية لا يمكن لمحدودي الخيال من «الماديين» فهمها، حيث تتحول الماديات بالمفهوم الديني إلى رموز إشارية، تنفتح على دلالات روحية، ذات أهداف اجتماعية غير خافية، تجلى بعضها في ما لمسه الهولنديون من بعث روح «التضحية» ضد الاستعمار لدى الحجاج الأندونيسيين، بعد عودتهم من مكة.
«خلال جميع رحلاتي في الشرق لم أتمتع براحة كالتي عشتُها في مكة»
إنها رحلة روحية من طراز فريد يحتشد فيها التاريخ والجغرافيا والمعاني والدلالات، ويستحضر من خلالها الحاج شخصيات إبراهيم وإسماعيل، ورمزيات انبعاث الحياة، مع تفجر ماء زمزم، والرحلة من «واد غير ذي زرع» إلى مدينة عامرة: «أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف»، ناهيك عن مناسك السعي بين الصفا والمروة، بحثاً عن ماء الحكمة وينبوع الحياة، والطواف بالبيت العتيق الذي يمثل طبيعة الرحلة إلى الله، عدا عن «رمي الجمرات»، وهي العملية التي تنفتح على دلالات ضرب الشر، ورمي المجرمين، حيث يحسن أحياناً تجسيد الشر، ومن ثم التعامل معه مادياً، تمهيداً للتخلص منه، وهي طريقة مجدية في علم النفس للتخلص من شرور النفس وآثامها.
يشير المستشرق البريطاني المختص بشؤون أفريقيا، إيوان ميردين لويس وهو عميد المستشرقين البريطانيين في الشأن الإفريقي، إلى دور الحج العميق في صياغة «الهوية المشتركة» التي تجمع مختلف الانتماءات العرقية والسياسية والجهوية، وإلى كونه مناسبة للتبادل الثقافي والنفعي بين شعوب مختلفة، الأمر الذي يكرس وحدتها.
ختاماً، سجل الرحالة السويسري جون لويس بيركهات أو (إبراهيم بن عبدالله) انطباعاته عن مكة التي زارها سنة 1814 في كتابه «رحلات العرب» الذي جاء فيه: «خلال جميع رحلاتي في الشرق لم أتمتع براحة كالتي عشتُها في مكة»، المدينة الرمز التي تشهد رحلة تبدأ وتنتهي بالطواف حول «البيت العتيق»، في مسار دائري رمزي إشاري، يشبه المسارات المعراجية التي تتصاعد في حركات دائرية إلى السماء، مع ما يكتنف الرحلة من متاعب وصعاب.
القدس العربي