كشفت الحكومة اليابانية عن استراتيجية عمل تتبعها منذ فترة وهي تصريف المياه عبر "نظام معالجة السوائل المتقدم ALPS"، مؤكدة أنها لن تقوم مطلقًا بتصريف "المياه الملوثة" التي تتجاوز المعايير التنظيمية في البحر كما يُشاع أحيانًا.

وأكدت الحكومة في تقرير لها أن المياه المراد تصريفها هي المياه المعالجة "نظام معالجة السوائل المتقدمALPS" والتي تمت تنقيتها بشكل كافٍ حتى يصبح تركيز المواد المشعة بخلاف التريتيوم أقل من المعيار التنظيمي، وسيتم تخفيفه بشكل أكبر.

وأوضحت أنه وبعد التخفيف، سيكون تركيز التريتيوم 1/40 من المعيار التنظيمي و1/7 من معيار مياه الشرب الخاص بمنظمة الصحة العالمية، وسيكون تركيز المواد المشعة بخلاف التريتيوم أقل من 1/100 من المعيار التنظيمي.

وكشفت الحكومة أنها تُجري تقييم الآثار البيئية الإشعاعية بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية الدولية، مع مراعاة تأثير التراكم الأحيائي والتراكم على المدى الطويل. ذلك يوضح أن التأثير على البشر والبيئة سيكون ضئيلًا، مع الأخذ في الاعتبار التركيز البيولوجي والتراكم على المدى الطويل. يبلغ التأثير على البشر حوالي واحد في الألف من جرعة الإشعاع التي يمكن تلقيها من أشعة سينية واحدة على الأسنان. 

وحول مزيد من التفاصيل عن هذا النظام، فإن اليابان تُدير حجم التفريغ السنوي للتريتيوم بحيث لا يتجاوز 22 تريليون بكريل، وهو ما يعادل قيمة إدارة التفريغ المستهدفة لمحطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية قبل وقوع الحادث. بينما تقوم دول أخرى أيضًا بتصريف التريتيوم في البحر وفقًا للقوانين واللوائح المحلية الخاصة بها، فإن كمية التريتيوم في المياه المعالجة في"نظام معالجة السوائل المتقدمALPS " أقل من كمية التريتيوم التي يتم تفريغها من العديد من محطات الطاقة النووية ومنشآت أخرى في بلدان أخرى.

واستكمالًا لذلك فإنه يوجد نوعان مختلفان من المياه في موقع فوكوشيما دايتشي، ولا ينبغي الخلط بينهما. أحدهما هو "المياه الملوثة" التي تنتج من العمل في الموقع، والآخر هو "المياه المعالجة ALPS" والتي تمت إزالة جميع المواد المشعة منها تقريبًا باستثناء التريتيوم. ما تخطط اليابان لتصريفه في البحر هو "المياه المعالجة ALPS " وليس "المياه الملوثة". لتجنب الخلط العام بين النوعان، من المهم فهم المصطلحات جيدا. كما أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى التمييز بين هذين المصطلحين.

وتُظهر محاكاة انتشار "المياه المعالجة ALPS" التي يتم تصريفها في البحر أن تركيز التريتيوم أعلى من تركيز مياه البحر في المنطقة الواقعة في حدود 3 كيلومترات من محطة الطاقة.

وتؤكد الحكومة اليابانية إن شركة طوكيو للطاقة الكهربائية (تيبكو) ستقوم بقياس كل المياه قبل التخفيف وتضمن أن المياه التي يتم تصريفها في البحر تفي بالمعايير التنظيمية قبل التصريف.

وفي 4 يوليو 2023، نشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التقرير الشامل حول مراجعة سلامة "المياه المعالجة ALPS" في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية التابعة لشركة تيبكو. ويخلص التقرير إلى ما يلي: 1) النهج المتبع في تصريف "المياه المعالجة ALPS" في البحر، والأنشطة المرتبطة بها من قبل شركة تيبكو وهيئة الرقابة النووية وحكومة اليابان، متوافقة مع معايير السلامة الدولية ذات الصلة؛ 2) سيكون لتصريف "المياه المعالجة ALPS”، كما هو مخطط حاليًا من قبل شركة TEPCO، تأثير إشعاعي ضئيل على الناس والبيئة.

 وستواصل حكومة اليابان تقديم المعلومات الضرورية وستظل ملتزمة ببذل الجهود لتعزيز التفاهم الأفضل في المجتمع الدولي فيما يتعلق بــ "المياه المعالجة ALPS".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الحكومة اليابانية التريتيوم اليابان اخبار اليابان فی البحر

إقرأ أيضاً:

سلاح المياه: لماذا يعتبر تعليق الهند لمعاهدة مياه السند تهديدا خطيرا؟

تجد معاهدة مياه السند (IWT)، وهي اتفاقية مرنة بشكل ملحوظ نجت من الحروب والتوترات الثنائية المستمرة بين الهند وباكستان لأكثر من ستة عقود، نفسها مرة أخرى تحت التدقيق. ففكرة تعليق هذه المعاهدة المصاغة بعناية أو إلغاؤها من جانب واحد، والتي غالبا ما يتم طرحها في لحظات الاحتكاك السياسي المتزايد، تمثل إغراء خطيرا. وفي حين أن الدافع إلى الاستفادة من المياه كأداة استراتيجية قد يبدو جذابا في الأمد القريب، فإن التحليل غير المتحيز يكشف أن استخدام معاهدة مياه نهر السند كسلاح ليس غير عملي فحسب، بل إنه يحمل عواقب دبلوماسية وسياسية طويلة الأجل وعميقة وضارة لجميع أصحاب المصلحة المعنيين.

وتنظم المعاهدة، التي تم التوصل إليها بوساطة البنك الدولي ووُقعت في عام 1960، تقاسم مياه نظام نهر السند، الذي يشمل أنهار السند، وجيلوم، وتشيناب. وقد خصصت الاتفاقية مياه الأنهار الشرقية (رافي، وبياس، وسوتليج) بالكامل تقريبا للهند، في حين حصلت باكستان على حقوق حصرية في الأنهار الغربية (إندوس، وجيلوم، وتشيناب). كما أنشأت المعاهدة لجنة دائمة لنهر السند لمعالجة أي نزاعات وتوفير آليات لحل الخلافات من خلال المفاوضات الثنائية والمصالحة، وفي نهاية المطاف التحكيم من قبل البنك الدولي.

ويكمن النجاح الدائم لمعاهدة مياه السند في نهجها العملي تجاه مورد حيوي ومثير للجدل في كثير من الأحيان، وقد أدركت هذه المعاهدة الحقائق الجغرافية والاعتماد التاريخي لكلا البلدين على حوض نهر السند. فمن خلال تحديد تقاسم المياه بوضوح وإنشاء آلية قوية لتسوية النزاعات وفّرت المعاهدة إطارا للتعاون، حتى في خضم فترات من العداء السياسي الشديد. وبالتالي، فإن تعليق هذه المعاهدة لن يؤدي إلى كشف هذا الإطار الذي تم إنشاؤه بعناية فحسب، بل سيطلق أيضا سلسلة من التداعيات السلبية.

إن إحدى الحجج الأساسية ضد تعليق معاهدة مياه نهر السند ترتكز على عدم جدواها كأداة للإكراه، فتدفقات المياه تخضع للجغرافيا والمناخ، وليس للإملاءات السياسية. وفي حين أن الهند لديها القدرة على بناء البنية التحتية لزيادة تخزينها واستخدامها للأنهار الغربية، فإن أي محاولة لإعاقة التدفق الطبيعي لهذه الأنهار إلى باكستان بشكل كبير ستكون مهمة معقدة للغاية ومكلفة وتستغرق وقتا طويلا، فتصميم البنية التحتية الحالية إلى حد كبير لتوليد الطاقة والري المحدود، وليس للتحويل على نطاق واسع. وعلاوة على ذلك، فإن أي إجراء أحادي الجانب من هذا القبيل من المرجح أن يواجه إدانة دولية شديدة وعواقب محتملة.

وعلاوة على ذلك، فإن التبعات القانونية المترتبة على تعليق المعاهدة كبيرة، فمعاهدة مياه نهر السند هي اتفاقية دولية ملزمة قانونا، ويضمنها البنك الدولي، وإلغاء أو تعليق المعاهدة من جانب واحد سيكون انتهاكا للقانون الدولي، وسيضر بمكانة الهند كجهة فاعلة عالمية مسؤولة، ويشكل سابقة خطيرة للمعاهدات الدولية الأخرى. ومن شأن أيضا ذلك أن يؤدي إلى تآكل الثقة وتقويض مصداقية الهند الدبلوماسية، مما يجعل من الصعب تأمين التعاون بشأن قضايا حاسمة أخرى.

وإلى جانب التحديات العملية والقانونية، فإن العواقب الدبلوماسية والسياسية المترتبة على استخدام معاهدة مياه السند كسلاح بعيدة المدى ومحفوفة بالمخاطر:

أولا، من شأنه أن تلحق ضررا كارثيا بالعلاقات الثنائية بين الهند وباكستان، وتدفعهما إلى مسار انعدام الثقة والعداء. فحوض نهر السند يعد شريان الحياة للاقتصاد الزراعي في باكستان ومصدرا حيويا للمياه لسكانها، وأي تهديد متصور لهذا الأمن المائي سوف يُنظر إليه باعتباره تهديدا وجوديا، مما يؤدي إلى تفاقم المشاعر المعادية للهند مع احتمال خطير لتأجيج الاضطرابات الداخلية. وقد يؤدي هذا إلى تقويض أي احتمالات للحوار والتعاون في المستقبل بشأن قضايا ملحة أخرى، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي.

ثانيا، فإن تعليق معاهدة مياه نهر السند من شأنه أن يخلف عواقب إقليمية خطيرة. فأفغانستان، وهي دولة أخرى على ضفاف في حوض السند، لديها مخاوف خاصة بها بشأن حقوق المياه. إن الخطوة الأحادية التي تتخذها الهند لتجاهل معاهدة المياه طويلة الأمد من شأنها أن تشجع الدول الأخرى على اتخاذ إجراءات مماثلة، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار ترتيبات تقاسم المياه في جميع أنحاء المنطقة وخلق نقاط اشتعال جديدة، وهذا من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي ويعيق الجهود الرامية إلى زيادة الترابط والتكامل الاقتصادي.

ثالثا، من المرجح أن ينظر المجتمع الدولي إلى مثل هذه الخطوة بقلق بالغ، فكثيرا ما يشار إلى معاهدة مياه نهر السند باعتبارها نموذجا للتعاون الناجح في مجال المياه في ظل مشهد جيوسياسي معقد، وسينظر إلى تعليقها على أنها انتكاسة للقانون الدولي للمياه وسابقة خطيرة لحل النزاعات المائية العابرة للحدود. ومن المرجح أن تعرب القوى العالمية الكبرى والمؤسسات الدولية، بما في ذلك البنك الدولي، عن رفضها الشديد، مما قد يؤدي إلى عزلة دبلوماسية وضغوط اقتصادية.

رابعا، إن استخدام المياه كسلاح قد يؤدي إلى عواقب داخلية غير مقصودة ومزعزعة للاستقرار في كلا البلدين. ففي الهند، قد يؤدي أي تلاعب محتمل بتدفقات المياه إلى إثارة المخاوف والاستياء في الولايات الشرقية التي تعتمد على الأنهار المخصصة. وفي باكستان، قد تؤدي ندرة المياه، التي تتفاقم بسبب أي عمل هندي متصور، إلى اضطرابات اجتماعية، وصعوبات اقتصادية، وعدم استقرار سياسي داخلي، مما يزيد من تعقيد الأمن الإقليمي.

أخيرا، من الأهمية بمكان أن ندرك أن المياه مورد مشترك يتطلب إدارة تعاونية، وليس سيطرة أحادية الجانب. إن تحديات تغير المناخ والنمو السكاني وزيادة الطلب على المياه تتطلب تعاونا أكبر بين الهند وباكستان في مجال إدارة المياه، وتعليق معاهدة مياه نهر السند لن يحل هذه التحديات؛ بل إنه بدلا من ذلك من شأنه أن يقوض الإطار الذي يسمح بالحوار وتبادل البيانات والجهود المشتركة لمعالجة هذه القضايا الملحة.

مقالات مشابهة

  • سقوط أمطار على هذه المناطق.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الساعات القادمة
  • لتعزيز الانتماء في المحافظات الحدودية.. الشباب والرياضة تطلق مشروع أندية النشء بالبحر الأحمر
  • ضمن فعاليات معرض وتريكس.. جلسة حوارية مهمة حول ملف المياه بمصر
  • مؤسسة مياه الجنوب تطلق تحولاً نوعياً في معالجة الصرف الصحي
  • سلاح المياه: لماذا يعتبر تعليق الهند لمعاهدة مياه السند تهديدا خطيرا؟
  • الإسكان: نتطلع للتعاون مع اليابان لتوطين التقنيات الحديثة في مجال المياه والصرف
  • افتتاح مكتب توثيق وزارة الخارجية بالبحر الأحمر
  • رئيس مياه الشرب والصرف الصحي سوهاج يستقبل مسئولى الجهاز التنظيمي وحماية المستهلك بسوهاج
  • في ذكرى غرق سفينة أوكورينراكو.. تعرف على الكارثة التي هزّت اليابان 1955
  • محطة مفصلية.. ديانا كرزون تكشف كواليس غنائها في اليابان