سودانايل:
2025-10-14@04:38:57 GMT

السودان: حرب على أرض الجراح المفتوحة – بعين مستشرق

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

بقلم: الدكتور عزيز سليمان

منذ سنوات، والسودان يدور في دوامة لا تهدأ من الأزمات المتوالية التي تأتي على مقدراته وشعبه. بدا الأمر وكأن السودان يسير نحو مستقبل أكثر استقراراً بعد الإطاحة بنظام عمر البشير، حيث عانق السودانيون أملاً جديداً بمستقبل خالٍ من الديكتاتورية. لكن الأحداث الجارية على الأرض أظهرت أن هذا الأمل لم يكن إلا سراباً يبتعد مع كل أزمة جديدة تندلع.

والمشهد في السودان اليوم يشبه إلى حد كبير لوحة مؤلمة من فوضى عارمة تملؤها الدماء، والانقسامات، والأزمات المتراكمة.

جذور الأزمة... التاريخ يعيد نفسه

يبدو أن التاريخ في السودان لا ينتهي، بل يعيد نفسه بطرق أكثر تعقيدًا. السودان الذي حُكم لسنوات طويلة بأنظمة ديكتاتورية وجد نفسه محاصراً بصراعات قبلية وعسكرية بعد سقوط البشير. قوات الدعم السريع، تلك الميليشيات المدججة بالسلاح والعتاد، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تقف على رأس مشهد الصراع ضد الجيش النظامي بقيادة عبد الفتاح البرهان. وعلى الرغم من شعارات الحرية والعدالة التي رفعت خلال الثورة، فإن الأمر اليوم تحول إلى حرب نفوذ وصراع سلطة لا يرى فيه المواطن السوداني إلا مزيدًا من المعاناة.

ما وراء القوة والسلاح: من المستفيد؟

من يستفيد من هذه الحرب المدمرة؟ الإجابة تكمن في تفاصيل معقدة من مصالح القوى الإقليمية والدولية. فالسودان، بموارده الغنية وموقعه الاستراتيجي المطل على البحر الأحمر، يظل مطمعًا للدول التي تسعى لمد نفوذها في المنطقة. دول عديدة تتدخل هنا وهناك، بعضها يمد قوات الدعم السريع بالسلاح، والبعض الآخر يدعم الجيش، وأخرى تكتفي بالمراقبة وانتظار لحظة مناسبة للدخول كوسيط، لكن بجدول أعمالها الخاص.

مصالح إقليمية، مثل الطموح الإماراتي لمد نفوذ في شرق إفريقيا عبر حميدتي، والمصالح المصرية الأمنية التي ترى في البرهان شريكاً استراتيجياً، تجسد التعقيد الأكبر في هذا الصراع. وحتى الدول الغربية التي طالما انتقدت نظام البشير بلسان حقوق الإنسان لم تقدم دعماً حقيقياً للسودانيين في مواجهة مصيرهم اليوم.

الشعب السوداني. ضحية جديدة كل يوم

أما الشعب السوداني، فهو الخاسر الأكبر في هذه الحرب. ملايين من الناس في دارفور وكردفان والخرطوم وجدوا أنفسهم بين مطرقة القصف وسندان الجوع. لم تعد الحياة الكريمة حلمًا، بل أصبحت لقمة العيش وأبسط أشكال الأمان أمنيات شبه مستحيلة في ظل حصار الحرب والنزوح. أصبحت المعونات الإنسانية غير كافية، وأصبحت المدارس والمستشفيات هدفاً للقذائف. وحتى الطرقات أصبحت مقابر جماعية لأبرياء خرجوا بحثًا عن الأمان.

الرهان على الحل السياسي.. أمل يزداد بُعدًا

البعض يتحدث عن حلول سياسية، وآخرون يراهنون على حوار بين الأطراف، لكن ما لا يفهمه الجميع هو أن هذه الأطراف قد لا ترغب في الحل. القوى المتصارعة، التي اغتنت وتوسعت عبر الحرب، لا تجد في السلام مصلحةً، بل ترى في استمرار الصراع فرصة لتكديس المزيد من الأموال والنفوذ. الرهان على الحل السياسي يبدو بعيداً في ظل تزايد التحالفات المتناقضة ووجود أطراف لا تهتم إلا بتعزيز نفوذها على حساب الدم السوداني.

مستقبل غامض.. ومسؤولية عربية ودولية

بينما يراقب المجتمع الدولي الوضع في السودان بقلق، يبقى صوت الشعوب العربية خافتًا. فالدول العربية التي تربطها علاقات تاريخية وأمنية وثيقة بالسودان لم تقم بجهود فعلية لوقف هذه الكارثة الإنسانية. وإذا كان هناك تحرك فهو تحرك بطيء ومحدود، فلا جهد عربي حقيقي لحل النزاع، ولا وساطة تُلبي تطلعات السودانيين.

ومع مرور كل يوم، يزداد السؤال إلحاحاً: هل يمكن أن نجد نهاية لهذا الصراع؟ أم أن السودان سيظل ساحة مفتوحة لصراع المصالح والمطامع؟ الأيام ستجيب، ولكن من المؤكد أن الشعب السوداني يحتاج إلى أصوات داعمة تتجاوز شعارات النوايا الطيبة وتقدم مبادرات حقيقية.

وطن يهزمه ابناءه

السودان، وطن يسكن ضمائر أهله ويفيض بكنوز الأرض وأسرارها، لكنه وطنٌ أرهقته خيانات أبنائه المتوالية. بلدٌ طواه جرح التاريخ طويلاً، فظل متماسكاً كالنخيل، شامخاً على ضفاف النيل العظيم، لكنه لم يسلم من أيدي العابثين الذين لطخوا ترابه بمآربهم وأحلامهم الصغيرة. وطنٌ ينادي أبناءه ليبنوا، فيرد عليه بعضهم بآلة الحرب والعنف، متناسين قدسية الأرض التي أنجبتهم.
أبناء السودان، الذين كان يُنتظر منهم أن يكونوا حراس ترابه وناشري الأمل فيه، أصبح بعضهم أدوات لصراعات عبثية، تُسقط هيبة الأرض وتفرّق الصفوف. وكيف لا يخيب الأمل حين يبيع البعض قيم الوفاء لصالح مطامع زائلة، تاركين خلفهم شعباً متألماً بين الحصار والفقر والنزوح؟ السودان، رغم كثرة الجراح، يبقى وفياً لأبنائه، ينتظر منهم العودة إلى حضنه، لعل يوماً يشرق فيه السلام على واديه الخصيب وأهله الطيبين.

 

quincysjones@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الجنيه السوداني يتراجع مجددا أمام العملات الأجنبية

 

لازال الجنيه السوداني يسجل تراجع مقابل العملات الأجنبية، ووصل سعر الدولار في السوق الموازي 3.450 مقابل الجنيه السوداني.

بورتسودان ـــ التغيير

وتشهد أسعار الريال السعودي مقابل الجنيه تذبذب وعدم ثبات حيث يبلغ سعر الريال مقابل الجنيه السوداني
920 في المتوسط و (950) للكميات التي تزيد عن (1000) ريال وسعر الدرهم (958) الإماراتي.

ويتراوح السعر الرسمي للدولار في معظم البنوك مابين (2400_2420) مقابل الجنيه.

وسجل سعر الجنيه المصري زيادة طفيفة ليصل إلى (75) جنيه مقارنة بــ (73) سابقا.

قرارات

وكانت لجنة الطوارئ الاقتصادية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور كامل إدريس، أصدرت قرارات، لضبط الأداء الاقتصادي وتعزيز استقرار سعر صرف العملة الوطنية .

وشملت القرارات التي أصدرتها اللجنة منع استيراد البضائع دون استيفاء الضوابط المصرفية، وتفعيل دور قوات مكافحة التهريب.

كما شملت القرارات متابعة الصادرات تجنبًا لتهريب الذهب، بجانب حصر شراء وتسويق الذهب في جهة حكومية واحدة، وإنشاء منصة رقمية لمتابعة الواردات، ومراجعة سياسات الصادرات والجبايات غير القانونية، في إطار معالجة الاختلالات الاقتصادية واستعادة التوازن،و مراجعة قرار مجلس الوزراء رقم “154” بشأن تنظيم استيراد السيارات وضبط عمليات الاستيراد غير المقنن “عبر الطبالي” في الموانىء والمعابر.

يقول الدكتور مصطفي أحمد أن سعر الجنيه تراجع بنسبة كبيرة من 600 جنيه قبل الحرب إلى أكثر من 3400 .

و يعود الأرتفاع في أنخفاض أسعار الجنيه السوداني مقابل الدولار والعملات الأخري  لإطالة امد الحرب ومايصاحبها من آثار سلبية بتوقف الكثير من الصادرات من انتاج زراعي وثروة حيوانيه ونفط وغيره.

لافتا إلى أن ذلك ادي لترجيح ميزان الواردات على الصادرات (الدولة بتصرف عملة صعبه أكتر من ما بتدخل).

ايضا شح الدولار أو أي عمله صعبه غيره يخلق فراغ في السوق، بالتالي زيادة سعر الصرف ترجع أيضاً إلى (قاعده العرض والطلب).، يقول مصطفي فقدنا الكثير من الأسواق أو بالأحرى توقفت قسرياً بسبب الحرب.

وشدد مصطفي علي أهمية توقف أو إيقاف الحرب كحل نهائي للتدور وقال مهما عملت الحكومة من حلول إسعافية لن تجدي نفعا طالما صوت الرصاص مستمر.

الوسومأسعار العملات الدولار السوق الموازي العرض و الطلب تراجع الجنيه

مقالات مشابهة

  • بين نهاية الحرب وغياب الدولة: تساؤلات مصيرية بعد قمة شرم الشيخ
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • وفاة طفلة دهسها قطار بعين الدفلى
  • طبيب غزاوي للوموند: هذه هي المعركة التي تنتظرنا بعد انتهاء الحرب
  • الجنيه السوداني يتراجع مجددا أمام العملات الأجنبية
  • من ذرائع حرب غزة إلى إشعال الصراع الداخلي.. الحوثي في مهمة إشعال الحروب
  • عالم روسي يحدد عدد المرات التي تسقط فيها النيازك على الأرض
  • أمريكا تدين قصف مستشفى ومسجد في الفاشر وتدعو لوقف الحرب
  • زيلينسكي: وقف الصراع في الشرق الأوسط يؤكد إمكانية إنهاء الحرب الروسية
  • عضو مجلس السيادة السوداني الانتقالي: مطار الخرطوم يعود للخدمة قريبا