Five Wheels Drive
د. شهاب طه
البرهان أصبح كالذي يغسل ملابسه داخل شنطته. أمنيتي أن أعرف كيف يقضي هذا الرجل تلك اللحظات التي لا يمارس فيها الفشل. هذا ليس له علاقة بالجيش، وكل الدعم لجيش بلادنا. رجائي القرآءة بتمعن للتأكد من مصداقية القول، وأنشر بكثافة. إنها الحقيقة ولا شيء غيرها. حربنا لم يشهد لها التاريخ مثيل في العالم أجمع.
المحرك الأول:
هو الأقوى والأخطر وهو العداء السافر من قبل الكيزان للشعب الذي لم يتواقف على شيء مطلقاً سوى تحجيمهم وإزاحتهم من المشهد السياسي، لا لشيء إلا لأنهم ألدّ عداء للوطن ولثورة ديسمبر ٢٠١٨ المجيدة ويصرّون على إختزالها كلياً في نخبة سياسية ثورية، هي قوى الحرية والتغيير "قحت". وحتى يدارون على سوئهم بصناعة مليشيا الجنجويد، يقسمون قسماً غليظاً مفخخاً بأن الشعب الثائر كله ينزوي تحت عباءة "قحت" ليشكل الحاضنة السياسية للجنجويد. كذب بواح وخبث ذميم ومحاولات فاشلة تهدف لتضليل الشعب بأن قوى الثورة حادت عن مبادئها ومطلبها وأهمها "العسكر للثكنات والجنجويد ينحل". وهذا الكيد الباطل أصبح ضاغطاً لكثير من الناس لتغيير رؤيتهم تجاه الجنجويد والإنطلاق لدعمهم، وقد حدث، فقد ناقشت الكثير من المستنيرين السودانيين العاديين الغير مسيسين، وخاصة من أبناء الشمال والوسط، وأكدوا أنهم يدعمون الجنجويد ومهما كانت جرائمهم، كراهية ونكاية في الكيزان ويختمون بمقولة: "الشيطان ولا الكيزان".
المحرك الثاني:
التصنيف الأرعن، من قبل الجنجويد وداعميهم، لقبائل الشمال النيلي على وجه الخصوص، وبقية شعوب الوسط والشرق على وجه العموم، بأنهم كلهم فلول، أي أعضاء مسجلون في تنظيم الحركة الإسلامية، مباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم. ذلك أضافة لعداء الجنجويد السافر لأهل دارفور الأصليين "الزرقة" ومن ثم أهل النوبة والأنقسنا
المحرك الثالث:
الكثير من أهل السودان أصبحوا يعتقدون إعتقاداً لا يتزحزح أن أفراد قبيلتي الرزيقات والمسيرية كلهم جنجويد دون فرز، وهو تعميم خطير يسهم في إذكاء نار العنصرية ويزيد من احتمالية نشوب الحروب الأهلية
المحرك الرابع:
هي القناعة التامة لجماهير عريضة أن الجيش السوداني هو مليشيا كيزانية خالصة وبذلك التعميم يجارون الكيزان فيي إتهامهم الخبيث التعميمي لقوى الثورة، تحت مسمى قحت، بأنها كلها حاضنة سياسية داعمة للجنجويد. ذلك يضعف همة الجيش ويطيل زمان المعركة
المحرك الخامس:
هو البرهان نفسه وقد أصبح كالذي يغسل ملابسه داخل شنطته. صاحب وخادم الفشلين المخيفين في المجالين السياسي والعسكري. عديم البصيرة وتحسس المخاطر والرؤية المستقبلة. الداعم الأكبر للجنجويد وحاميهم ومُعظّم جبروتهم ومثبت أقدامهم في العاصمة وكل مفاصل الدولة. رضخ لحميدتي وهو يهين ويذل ويطرد الكثير من قادة القوات المسلحة والأجهزة النظامية. البرهان دكتاتور أهوج تقليدي، من النوعية التي عفى عنها الزمان، وآهِمٌ يتخيل أن هناك حكومة فاعلة تحت كنفه تدير البلاد. منذ انقلابه على الديمقراطية الوليدة في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، تسبب في فراغ دستوري مهول، ولم ينجح مطلقاً في تشكيل حكومة شرعية مسؤولة، بل احتكر واختزل كل السلطات في شخصه. ينصب نفسه مدعياً عاماً يتهم معارضيه بالخيانة الكبرى ثم يكون هو القاضي الذي يصدر الأحكام الجزافية بحرمانهم من حقوقهم الدستورية وإلغاء هوياتهم الوطنية ويؤكد منعهم من أي مناصب دستورية في المستقبل القريب والبعيد. يصّور للشعب أنه البطل الذي سيسحق المارد الذي صنعه بيده، متجاهلاً أن ثورة ديسمبر ما قامت إلا لمنع هذه الحرب مسبقاً. بانقلابه على الثورة أطلق صفارة البدء لهذه الحرب وأصبح المسؤول الأول عنها. لا زال مذعناً لسدنة النظام البائد ويُصرّ على إعادة تمكينهم. ينفي من لا يرتاح لهم من النخب ويصطفي من هم في مزاجه. لا يزال أصنجاً لا يستمع للنصح لينشئ مجلساً استشارياً يضم مائة عضو من النخبة الوطنية الخالصة المخلصة والمستقلة، علّه ينجح في بناء المسار السياسي المطلوب والمفترض إيجاده كمسار موازٍ للمسار العسكري في الوضع الكارثي الراهن.
الحل الأوحد: هو التدخل الأممي. بالنظر لكل هذه المعطيات الكارثية وجب اللجؤ للتدخل الأممي بقبول من كل حكماء السودان وساسته ونخبه وشعبه، دون تعنت. وجب التدخل الخارجي على طريقة لجان تحكيم أممية أجنبية، تماماً كالحكم الأجنبي لمباراة هلال مريخ. لجان برعاية مجلس الأمن وتكون قرارتها ملزمة لكل الأطراف وأولها وقف العدائيات وأن يعود كل فرد لموطنه الأصل. وجب التدخل الأممي لأن ليس هناك أي إمكانية للحول الوطنية مهما تصور الناس وأبدع في إختراعها فهي لن تنجح لإنعدام الثقة التام والعجز الرهيب في التوافق على شخصية أو نخبة سياسية تكون محل ثقة وهي تلك الثقة التي حرص الكيزان على إبادتها بطبع وشم التخوين كل جبهة كل وطني غيور.
يا عبدالفتاح البرهان، لطالما نصحتك بالاستعانة بالأمم المتحدة. وفقاً للمادة ٢٠ من ميثاق الأمم المتحدة والتي تكفل لك الحق بطلب عقد جلسة طارئة استثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة، وتلك تعني مخاطبة مندوبي كل دول العالم، لمناقشة تداعيات الحرب الإستنزافية الكارثية التي تشارك فيها دول وجهات عديدة لتنفيذ التصفية العرقية والابادة الجماعية بواسطة مليشيا الجنجويد وهي تنتشر على مساحات شاسعة وقُرى متناثرة وتتخذ المدنين كرهائن لتُصعب مهمة الجيش في القضاء عليها في المستقبل القريب وتظل الناس تشاهد أبشع المجازر تُرتكب ضد الأبرياء من ذويهم وجيرانهم ومواطنيهم، كفريسة سهلة في أيدي الجنجويد. ومع ذلك يفضل الغشماء من الناس إستمرار هذه المآسي بديل تدخل الأمم المتحدة ولذلك لإعتقادهم الراسخ أنها ما خلقت إلا من أجل إفناء السودان بنزع إسلامه وتفتيته وتهجير شعبه لكي لا يصبح دولة عظمى تشكل تهديداً رهيباً للعالم الغربي. وذلك إعتقاد لا يمت للواقع بصلة لأن هذا الدفع الخماسي الغاشم هو وحده الذي سيفني سوداننا في ظل تعقيد الأزمات والغباء المطلق في التعصب الدينيي والعرقيي والسياسي وإحتكار القرار حصرياً للجهلاء.
التدخل الأممي حق قانوني ينتزعه السودان من خلال الأمين العام للأمم المتحدة لإعادة الأمن وحفظ الأرواح ويطالب بتشكيل لجان أممية لتقصي الحقائق والأوضاع الإنسانية والأمنية وإعداد مذكرة عاجلة لمجلس الأمن لإصدار القرارات الملزمة لجميع الأطراف السودانية. بالرغم من أن القرار النهائي بشأن تشكيل تلك اللجان الأممية يتم عبر إجراءات خاصة بالأمم المتحدة، ولكن، حتى ندحض نظريات المؤامرة حول نوايا الغرب، الذي يزعم البعض أنه يهيمن على الأمم المتحدة، نؤكد حق السودان في التدخل لتحديد معايير الخبراء أو المتخصصين المطلوبين في اللجان المكلفة. الحراك الإيجابي الاستباقي بتكليف الأمم المتحدة أفضل من أن تتدخل قسرياً بموجب البند السابع. ولائك للوطن لا يحتاجك أن تظهره بصخب وضجيج أهوج بل بصبر وحكمة بالغة لتقدم ما يفيد، ولا يحتاج لتخوين الآخرين، بل بإيجاد العذر لضحالة فهمهم.
sfmtaha@msn.com
٩ نوڤمبر ٢٠٢٤
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب بين الغموض والتأرجح ومعضلة تكلفة مهاجمة إيران
واشنطن- شهدت الساعات الـ24 الماضية تحولا حادا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى نهج أكثر تشددا تجاه إيران، إذ أشارت تقارير إلى موافقته على خطط تنفيذ هجوم عليها، لكنه لم يتخذ قرارا نهائيا بعد.
وأكدت تقارير أنه وافق على هذه الخطط ليلة الثلاثاء الماضي، لكنه لم يتخذ قرارا نهائيا بشأن ما إذا كان سيضرب إيران وينضم رسميا إلى الهجمات الإسرائيلية، انتظارا -ربما- لموافقة طهران على التخلي عن برنامجها النووي.
ودرس ترامب توجيه ضربة على منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض على بعد 150 كيلومترا جنوب غرب العاصمة طهران، ولم تشن إسرائيل أي ضربات عليها منذ أن بدأت قصف أهداف نووية وعسكرية إيرانية يوم الجمعة الماضي.
تحوّل دراماتيكيغير أن الرئيس الأميركي يريد التأكد من أن الهجوم المحتمل ضروري، ولن يجر بلاده إلى حرب طويلة الأمد في الشرق الأوسط، ومن أنه سيحقق بالفعل هدف تدمير برنامج إيران النووي.
ومثّل موقفه تحولا دراماتيكيا، حيث أشار أمس الأول إلى ضرورة "الاستسلام غير المشروط" من إيران، وهو ما قابله المرشد الأعلى علي خامنئي بالرفض الصارم، وقال إن "الشعب الإيراني لن يستسلم".
وتؤكد تصريحات ترامب الأخيرة والمتقلبة تحوله بعيدا عن العناصر الانعزالية الممثلة لتيار حركة "ماغا" في الحزب الجمهوري التي هيمنت على إدارته منذ تخلصه من الجمهوريين التقليديين في مجلس الأمن القومي قبل شهرين.
كما أنه في الوقت ذاته يدرك عدم دعم غالبية الأميركيين للتدخل العسكري في المواجهة الجارية بين إسرائيل وإيران. وكشف استطلاع رأي أجرته مؤسسة "يو غوف" (YouGov) موافقة 16% فقط من الأميركيين على التدخل العسكري، ورفض 60%، في حين عبر 24% عن عدم تأكدهم.
واجتمع ترامب 3 مرات بأكبر مساعديه للتشاور حول الخطوات التالية في إطار المواجهة مع طهران. وتضم هذه الدائرة المقربة منه، التي تتداول بشأن السياسة الإيرانية، عددا صغير جدا من المسؤولين جمع بينهم التشدد باستثناء نائبه جيه دي فانس.
إعلانمن أعضاء المجموعة تبرز أسماء مثل كبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف. في حين أن مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، التي تشارك دائما في دائرة صنع القرار المقربة من ترامب، غابت عن الاجتماعات الأخيرة حول إسرائيل وإيران.
نهج متغيروبعدما بدأ ترامب متحفظا على فكرة التدخل العسكري، أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى كيفية تغير نهجه تجاه الحرب الإسرائيلية الإيرانية مع اندلاعها. وقالت "عندما استيقظ صباح الجمعة، كانت قناته التلفزيونية المفضلة، فوكس نيوز، تبث صورا للقصف الإسرائيلي، وهو ما صورته على أنه عبقرية عسكرية إسرائيلية. ولم يستطع ترامب مقاومة المطالبة بإرجاع بعض الفضل له في هذا النجاح المبدئي".
وأضافت الصحيفة "وفي تصريحات صحفية، بدأ ترامب في التلميح إلى أنه لعب دورا وراء الكواليس في الحرب أكبر مما يدركه الناس. ثم تطور موقفه ليقول لمقربين منه إنه يميل الآن نحو تصعيد موقف واشنطن بما يتماشى مع طلب إسرائيل السابق بأن تقدم الولايات المتحدة قنابل قوية لكسر التحصينات لتدمير منشأة فوردو النووية".
في الوقت ذاته، يستمر الانقسام بين الجمهوريين في الكونغرس حول مستوى المشاركة التي يجب أن تتبعها الولايات المتحدة في الصراع، من العمل جنبا إلى جنب مع إسرائيل لتدمير منشأة فوردو، إلى إجبار إيران على المشاركة في المفاوضات الدبلوماسية. لكن هناك إجماع جمهوري إلى حد كبير على ضرورة دعم واشنطن لإسرائيل فيما يعتبرونه "حقها في الدفاع عن نفسها".
جادل بعض الجمهوريين في مجلس الشيوخ بأن الولايات المتحدة يجب أن تنضم إلى الضربات الإسرائيلية على إيران لمساعدتها على تدمير المواقع النووية المحصنة وخاصة منشأة فوردو، بحجة أن إسرائيل تفتقر إلى القدرة على القيام بذلك بمفردها.
ومع ذلك، جادل آخرون بأن تل أبيب قد يكون لديها خطط بديلة لمهاجمة فوردو، بينما اقترح آخرون أن واشنطن يجب أن تتراجع وتركز على الدبلوماسية ما لم يتعرض مواطنون أميركيون أو مصالح واشنطن لهجوم مباشر.
تكلفة باهظةأشارت تقارير إلى أن رد الفعل الإيراني على أي هجمات أميركية سيكون كبيرا، وقد يؤدي لمواجهة بحرية ضخمة بينهما وإغلاق مضيق هرمز. في الوقت ذاته، ترى الدوائر الجمهورية المرتبطة بتيار "ماغا"، أن تكلفة خوض معارك خارجية لا يوجد لها ما يبررها في الحالة الإيرانية.
وفقا لدراسة أجراها مشروع تكلفة الحرب بجامعة براون عام 2021، كلّفت حربا أفغانستان والعراق الخزينة الأميركية نحو 3 تريليونات دولار، كما أن لها تكلفة بشرية أميركية مرتفعة، فقد انتحر أكثر من 30 ألف عسكري أثناء خدمتهم، أو بعد تقاعدهم في حروب ما بعد 11 سبتمبر اعتبارا من يونيو/حزيران 2021، وهو ما يزيد بكثير على 7057 عسكريا لقوا حتفهم في الفترة نفسها.
في حديث للجزيرة نت، قال بيتر روف، المحلل السياسي الجمهوري، والمحرر المساهم في مجلة نيوزويك، "إن التحالف الذي أوصل ترامب إلى منصبه هو الذي يعارض إلى حد كبير التدخل العسكري للولايات المتحدة في الخارج. إنهم يعتقدون، مع بعض المبررات، أن تكاليف الحروب المطولة في أفغانستان والعراق تفوق بكثير أي فوائد حققتها".
إعلانوأضاف أنهم يعارضون التدخل العسكري ضد إيران لهذه الأسباب نفسها، وهي أن التدخل سيكون مكلفا، وسوف يصرف الانتباه عن التهديد الذي تشكله الصين. كما يعتقدون أنه "لا ينبغي أن يموت أي صبي أو فتاة أميركية في حرب ليست معركتنا".
غير أن روف عاد وقال "في الوقت نفسه، ترى تيارات أخرى من تحالف ترامب أن العلاقة الخاصة القائمة بين الولايات المتحدة وإسرائيل تجعل معركتهم معركتنا وحمايتهم التزاما أميركيا. ليس من الواضح إلى أي جانب سينحاز الرئيس. وليس من الواضح على الإطلاق إلى أي اتجاه سيميل ترامب إذا حان الوقت الذي يجب عليه فيه أن يقرر ويختار بين الاثنين".