أفلامى نافذة يطل منها العالم على ما يحدث فى فلسطين نعطى للقضية الفلسطينية بعدًا إنسانيًّا يتجاوز السياسة

يولد الابداع من رحم المعاناة، عندما نشاهد اعمالا فنية فلسطينية ملهمة تعبر عن الوطن المكلوم والمحاصر لا بد أن نقدر تلك التجارب كقيمة وطنية وإنسانية راقية يتمتع بها المجتمع الفلسطينى عن سواه، حيث هذه التجارب شكلت على الدوام عنواناً بارزاً لقصص نجاح فى مواجهة التحديات وقدرة الإنسان الفلسطينى على تحويل التحديات إلى فرص عمل وكفاح وانجازات على الأرض يعيشها ويشاهد فصولها العالم.

إن التلاحم والتكاتف اللذين تعيشهما الساحة الفلسطينية رغم الظروف الصعبة التى فرضها الحصار والحرب يعبران بجلاء عن وعى وثقافة وحس وطنى عالى المسئولية وقدرة على الصمود ومواجهة الظروف بإرادة وعزيمة قوية، وما تقدمه الساحة الفلسطينية من نجاح فنى معبر عن واقعهم المعيشى هو ثمرة رؤى وجهود صادقة وتصميم على عبور هذه المحطة والوصول لموانئ التاريخ بسلام، لتوثيق كل ما يحدث فى هذا الوطن.

ويأتى المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوي، ليجوب العالم رافعا شعار « توصيل رسالة وطني للعالم من خلال الكاميرا» حيث يسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والإنسانية عبر قصص ملهمة، تعبر عن أحلام وآمال الشعب الفلسطينى رغم الظروف الصعبة، من خلال أحدث إنتاجاته فيلم «أحلام عابرة»، الذى اختير ليكون فيلم افتتاح فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته الـ 45، ما يعكس تقديرًا لأعماله وتأثيره فى السينما العربية والدولية، ويستكمل هذا النجاح بمشروع المسافة صفر الذى يعرض 22 تجربة سينمائية، تكشف الواقع الفلسطينى بعيون ابنائه.

المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوي، الذى يعد من أبرز الأسماء فى السينما الفلسطينية، اعتبر أن عرض فيلمه فى افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى ال45،  يمثل علامة فارقة فى علاقته بمصر والسينما المصرية، إذ يقول: «معظم أفلامى عرضت فى القاهرة، ومنذ عام 1994 حصلت على جائزة الهرم الذهبى عن فيلم «حتى إشعار آخر»، وأعود هذا العام إلى القاهرة بفيلم «أحلام عابرة»، وهو فيلم سفر، يحكى عن رحلة طفل يبحث عن حمامة طائرة، وخلال تلك الرحلة نكتشف جمال فلسطين وقسوتها، ونستكشف عبرها رحلة بحث عن الذات والمكان والبشر».

وعبّر مشهراوى عن فخره الكبير بتواجد اسمه فى افتتاح مهرجان القاهرة السينمائى الدولى لهذا العام، مشيرا الى أن تناول الفيلم للواقع الفلسطينى جاء بعيدا عن استدراج التعاطف حول القضية فالافلام الفلسطينية التى تحاول تمرير حياة البشر من ارض الواقع الى الشاشة هى المفتاح وراء ما يحدث الآن فى غزة، لأن القضية الفلسطينية لم تبدأ يوم 7 اكتوبر، ولكنه صراع وجودى له عشرات السنوات من الظلم والقهر والتضييق وهذا الفيلم وغيره من الاعمال التى تتشابك مع الحياة هى ترجمة للوضع الراهن قبل وبعد الحرب وتفسير بالغ الوضوح للارداة التى يتمتع بها ابناء الشعب الأبى.

يرى المخرج الفلسطينى أن دور المهرجانات السينمائية لا يقتصر على الترفيه، بل يتفاعل مع الإنسان ويحمل رسائل عميقة، خاصة فى ظل الأوضاع الحالية فى فلسطين، ويؤكد: «أنا لا أؤيد تأجيل أى نشاط فنى أو سينمائى بسبب الأزمات، بل أؤمن بأن المهرجانات يجب أن تستمر فى موعدها، لتكون مساحة للتفاعل الثقافى والإنساني».

ويؤكد مشهراوى أنه يرفع لواء القضية فى اعماله الفنية، ويؤكد أن الفيلم هو بمثابة بحث موسع عن فلسطين نفسها داخل البلد، واقامة مهرجان دولى بهذه القيمة سيجعل الفيلم محاولة لاكتشاف ما اصبحنا عليه الآن، واستعراض لبشاعة الواقع انسانيا وجغرافيا وهذه النزاعات المختلفة داخليا وما يتضمنه الشريط السينمائى من مشاهد للجدار العازل فى القدس وكثير من الاماكن، اجتهاد وتحر عن حالنا فى رحلة الاحداث عبر شخصياتى الرئيسية الطفل والخال والبنت وعلاقتهم المرتبكة بالاسرة والمجتم ، وهو فيلم ينقل الواقع ببساطة بعيدا عن واقع الاحداث المرتبكة. 

وفى رسالته لمن يوجهون الانتقادات حول إقامة المهرجانات فى ظل الحروب، يقول «مشهراوي»: «كل إنسان له دور فى موقعه، وهناك حرب على الصورة، الثقافة، والهوية، لذلك السينما وطن لا يمكن لأحد احتلاله».

صعوبات تصوير فيلم سينمائى داخل فلسطين ونقله للعالم أمر فى غاية الصعوبة والحساسية، وهنا يحكى رشيد عن صعوبة نقل الواقع بالتصوير فى الاراضى الفلسطينية ويقول لا احصل على تصاريح من الاحتلال للتصوير او غيره ايمانا منى انها ارضى والتحرك فيها بالطريقة التى تروقنى وتناسبنى ولم اعط لهذا الكيان الغاصب هذه الشرعية المتعلقة بالمنح او المنع وهذه التفاصيل اعتدنا عليها ونعلم جيدا كيف نتعامل معها سواء صناع الفيلم خلف او امام الكاميرات ومنذ ان عملت فى السينما فى التسعينيات وانا اعلم جيدا ان حرية التنقل ليست مكفولة لنا وعلينا ان نبتكر طرقا مختلفة فى كل مرة، ونضع خططا بديلة لضمان انجاز العمل.

وواصل القول: «لقد شهدنا صعوبات فى تصوير الفيلم، بأحياء القدس القديمة، والمُخيمات، مثل حيفا، ولكن عرفنا كيف نتعامل مع الصعوبات جيدًا، سعيد بأننى أنجزت الفيلم، وأُشاهده يتم عرضه بمهرجان القاهرة السينمائي، مع احتفاء الجمهور المصرى الكبير بالقضية الفلسطينية وأفلامها السينمائية».

وأعلن مهرجان القاهرة عن قائمة أفلام من المسافة صفر للاحتفاء بالسينما الفلسطينية وحول ذلك يقول «مشهراوي»: «فى الوقت الذى يسعى فيه الاحتلال إلى تزييف الصورة وتقديم روايات مشوهة، تأتى المسافة صفر كمبادرة لعرض القصص الفلسطينية الحقيقية للعالم، وتقديم هذه القصص من زاوية فنية راقية تعكس الحقيقة وتبرز الهوية الفلسطينية، وأؤمن بأن السينما تحمل رسالة وطنية قوية لا يمكن لأى قوة أن تمحوها، وهى سلاح ثقافى لا يقل أهمية عن أى وسيلة أخرى للدفاع عن قضايانا».

وختم مشهراوى حديثه مؤكدًا أهمية استمرار الإنتاجات الفنية والسينمائية حتى فى أصعب الأوقات، قائلًا: «السينما هى وسيلة للتعبير والمقاومة، وهى نافذة يطل منها العالم على ما يحدث فى فلسطين».

وتابع: «المهرجانات ليست مجرد مناسبات للاحتفال، بل هى فضاء يعزز التواصل بين الشعوب، ويعطى للقضية الفلسطينية بعدًا إنسانيًا يتجاوز السياسة، لذلك، علينا أن نستمر وأن نتمسك بتراثنا وثقافتنا، وأن نروى قصصنا بأصواتنا الحقيقية».

وعلى الرغم من أن المشهراوى يشعر بقلق عميق إزاء غزة – فقد أنتج فى وقت سابق من هذا العام فيلم «من الأرض إلى الصفر»، وهو مختارات من الأفلام القصيرة التى تم تصويرها خلال الصراع الدائر – إلا أنه يصر على دوره كمخرج أولا وقبل كل شيء. وبصفته مخرجا حققت أفلامه عروضا فى مجموعة من المهرجانات بما فى ذلك البندقية وكان ولاؤه لأفلامه، وليس لأى نقطة سياسية. «أنا لا أبحث عن أى تضامن بسبب الوضع السياسي: أريد أن يتعامل الجميع معنا كصناع أفلام. قبل أن أكون عربيا أو فلسطينيا أو من غزة، أحب السينما».

ولد المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى فى قطاع غزة عام 1962، وله دور كبير فى تقديم معاناة الشعب الفلسطينى من خلال أفلامه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: رحم المعاناة الساحة الفلسطينية الظروف الصعبة مهرجان القاهرة ما یحدث

إقرأ أيضاً:

الخارجية الفلسطينية: إعلان مؤتمر نيويورك لحظة تاريخية فارقة للاعتراف بـ دولة فلسطين

أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، أن إعلان مؤتمر نيويورك، بشأن التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، يشكل لحظة تاريخية فارقة للاعتراف بدولة فلسطين واحترام حقوق الشعب الفلسطيني وصولاً للسلام والأمن والاستقرار، وإنهاء العدوان عدوان الاحتلال الإسرائيلي.

ورحبت الخارجية الفلسطينية، في بيان اليوم الأربعاء، بإعلان نيويورك الذي اعتمدته الرئاسة المشتركة السعودية وفرنسا للمؤتمر الدولي، ورؤساء مجموعات العمل، مثمنة التزام الدول باتخاذ خطوات ملموسة ومحددة زمنيا ولا رجعة فيها وفي أسرع وقت ممكن، لتجسيد دولة فلسطين المستقلة، ذات السيادة، والقابلة للحياة وتقديم الدعم السياسي والاقتصادي لها، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، والقائم على إنهاء الاحتلال، وحل جميع القضايا العالقة وقضايا الوضع النهائي، وإنهاء جميع المطالبات، وتحقيق سلام عادل ودائم، وضمان الأمن والسيادة لجميع دول المنطقة.

كما ثمنت الوزارة الدعم الدولي غير المسبوق الذي عبر عنه المؤتمر لتمكين دولة فلسطين من ممارسة ولايتها السياسية والقانونية على كامل أرض دولة فلسطين بما فيها قطاع غزة.

كما شكرت الدول التي عبرت عن مواقفها الواضحة بشأن الاعتراف بدولة فلسطين باعتباره مساهمة في السلام وفي الحفاظ على الحل الوحيد، حل الدولتين، مشددة على ضرورة أن تتحمل دول العالم مسؤولياتها في وقف العدوان ضد شعبنا وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة ومنع المجاعة، ووقف إطلاق النار في سائر الأرض الفلسطينية المحتلة، ومنع التهجير القسري.

كما أشادت بالتزام الدول في حشد الدعم السياسي والمالي لتحمل حكومة دولة فلسطين مسؤولياتها في قطاع غزة، وفي سائر الأرض الفلسطينية المحتلة، ودعمهم للخطة العربية الإسلامية في التعافي وإعادة الأعمار لقطاع غزة.

وأوضحت الخارجية الفلسطينية أن هذا الإعلان وما يرافقه من مخرجات لعمل لجان العمل الثمان يشكل خطة عملية فعالة على المستوى السياسي، والاقتصادي، والقانوني، والأمني، وتنفيذها الجدي ضمن جدول زمني واضح سيدعم أسس السلام، والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

ودعت الدول المشاركة في المؤتمر وجميع الدول للانضمام إلى الإعلان باعتباره الأداة العملية لبناء زخم دولي لتنفيذ حل الدولتين وبناء مستقبل أفضل من خلال اتخاذ خطوات عملية وفعالة لتحويل الخطابات، والبيانات إلى أفعال والتزامات من الدول، وتحويل هذه الأفعال إلى عدالة تطبق على حقوق الشعب الفلسطيني وبما يقدم ضمانات دولية قوية حاسمة نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.

اقرأ أيضاًالخارجية الفلسطينية تدين «مجزرة المجوعين» في رفح.. وتطالب بوقف فوري للإبادة

الخارجية الفلسطينية تُحذر من تداعيات فرض السيطرة الإسرائيلية على الحرم الإبراهيمي بالخليل

الخارجية الفلسطينية تدين تخريب مستوطنين إسرائيليين آبار مياه في رام الله

مقالات مشابهة

  • وزيرة الخارجية الفلسطينية تدعو 3 دول للاعتراف بـ فلسطين ودعم حل الدولتين
  • وزيرة الخارجية الفلسطينية تدعو إستونيا وليتوانيا وكرواتيا للاعتراف بدولة فلسطين
  • مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ينعي الفنان الكبير لطفي لبيب
  • رئيس الوزراء: كلمة الرئيس حول الأوضاع فى غزة تؤكد ثوابت الدولة المصرية فى تعاملها مع القضية الفلسطينية
  • تميز بالموهبة الفريدة.. مهرجان القاهرة السينمائي ينعي الفنان لطفي لبيب
  • الخارجية الفلسطينية: إعلان مؤتمر نيويورك لحظة تاريخية فارقة للاعتراف بـ دولة فلسطين
  • ملفات كوردستان والانتخابات على طاولة رشيد والسوداني
  • بدعم من استوديوهات كتارا.. فيلم «فلسطين 36» يخرج للعالمية عبر مهرجان تورونتو في سبتمبر
  • سحر البحر وجوهر السينما.. طالب بالفنون الجميلة مصمما لبوستر مهرجان الغردقة لسينما الشباب
  • عرض فيلم فلسطين 36 للمخرجة آن ماري بمهرجان تورونتو السينمائي الدولي